عاجل :رئيس الوزراء ينهي عقود محطات الطاقة المستأجرة بمحافظة عدن ويوجه بإلغائها فورا ويبشر بدخول محطة بترومسيلة الغازية ومحطة الطاقة الشمسية
حركة أحفاد القردعي تنظم حفلا فنياً وخطابياً بمناسبة الذكرى الـ 77 لثورة الدستور
تبلغ من العمر 9 سنوات تمتلك أكثر من 5 مليار دولار.. تعرف على أغنى طفلة في العالم «الأميرة شارلوت»
CNN: جهود و مساع سعودية للتوسط بين ترامب وإيران
تهديد قاتل من الحكم الرياضي مونتيرو بعد إشهاره البطاقة الحمراء في الدوري الإسباني
قائد جيش السودان يعلن: الشعب السوداني يرفض أي حلول خارجية ومن أراد أن يحكم السودان فليأت وليقاتل مع السودانيين
الجيش السوداني يواصل الانتصارات في العاصمة الخرطوم وبقية المدن السودانية وقوات الدعم السريع تتعرض لهزائم موجعة
بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم ..ترقب لجولة الحسم بالملحق المؤهل لدور الـ16
القيادي البارز في حزب الإصلاح الهجري ينتقد أداء مجلس القيادة الرئاسي ويكشف أبرز أسباب الفشل
العليمي من ميونيخ: ''إنهاء التهديد الحوثي لن يتم إلا عبر تعرض الجماعة لهزيمة إستراتيجية تجردها من موارد قوتها المال والأرض والسلاح''
على الرغم من أن البرتغاليين جاؤوا محتلين لليمن، وعبر الصدفة التي سيقوا بها إلى اليمن كشفوا للعالم عن أهم سلعة تجارية ستعمم عالمياً لاحقاً، وهي قهوة البن، وبعد ذلك صارت مطلوبة لكل العالم، فصارت بعد ذلك مشروب الملوك، وعرفها العالم أجمع، فلا يستطيع صغير أو كبير اليوم تجاوز هذا المشروب دون أن يرتشف منه.
وقياساً على هذا الأمر، من يدرِ فقد ربما يأتي يوم ويكون القات عقاراً طبياً لبعض الأمراض تكتشفه الصدفة كما اكتشفت البن اليمني؟! فإذا ما ظل اليمن متعافياً من هذا الوباء -إن شاء الله- فسيدفع العلماء العالميين والباحثين لمعرفة هذا السبب، وقد ينتج عنه علاقة بالقات بتناول القات ذات يوم.
يذكر الدكتور عدنان ترسيسي في كتابه الشهير، والمجلد الضخم عن اليمن "بلاد سبأ وحضارات العرب الأولى" أنه وعلى الرغم من أن القات غير مرحب به حالياً (كان ذلك في ثلاثينيات القرن الماضي) لكن من يدرِ ربما يصبح عقاراً طبياً يعالج بعض الأمراض وقد يحتاجه العالم ذات يوم كما احتاج للبن ويصير السلعة الأولى عالمياً التي من خلالها اشتهر ميناء المخاء عالمياً.
حين ظهر البن في اليمن، وصار الناس يشربونه، وخاصة في اليمن الأسفل، وانتقل اليمن الأعلى خفية وتعاطيه كان يعتبر جريمة هناك وكان في عهد الإمام شرف الدين في القرن العاشر الهجري، كانوا يحرمونه ويسمونه المسكر، حتى أن الإمام شرف الدين جلد بعض متعاطيه حداً (من الحدود) حتى فشى في عموم اليمن وصار الناس يتناولونه علناً وصار شيئاً طبيعاً.
حينما ظهر القات أيضاً كان الناس يتناولونه بقلة قليلة وخفية، وأعتقد أن الإمام المتوكل إسماعيل جلد بعض متعاطيه وحرّموه، في الوقت الذي كان يتعاطى الأئمة وأتباعهم الشمة (البردقان) الذي يزيغ العقل أحيانًا ويغيب بعض مداركه، وبعد فترة صار حتى الأئمة يتعاطون القات علناً في مجالسهم حتى عمم في كل المناطق.
الشمة والبردقان التي يتعاطاها الأئمة اليوم وكثير من أبناء المناطق الشمالية، وصارت فرض عين على كل عناصر الحوثي في معاركهم، هي نوع من المخدر ولا شك، ويصرون على تلقيمها لأتباعهم بالقوة، ولا ندري السر من وراء ذلك إلا من خلال بعض الأسرى الذين يقعون في أيدي الجيش فيعترفون أنها تذهب بالعقل والوعي، وتجعل منهم مقدامين غير متهيبين والدفع بهم إلى المحارق، فهي شيء أساسي ورديف إلى جانب السلاح والذخيرة والمأكل والمشرب في المتارس، وتصنع الشمة في صعدة وتعطى لهؤلاء، وهي مخلوطة بالحشيش من قبل صانعيها من المستشارين الإيرانيين على طريقة الحشاشين الأوائل في أصفهان إيران ساكني قلعة ألمونت الشهيرة وأحداثهم مشهورة في التاريخ، وذلك قبل قرون من الزمن، وحينما تنقطع عليهم يعودون لعقولهم.
هذا الشمة والبردقان فعل قديم جديد، حتى الأئمة الأوائل استخدموها في حروبهم السابقة على اليمنيين منذ شرف الدين وابنه المطهر وحتى اليوم، وقد صور ذلك ابن الأمير الصنعاني في قصيدة شعرية يذم بها الإماميين وأفعالهم، فقال:
وياعُصبةً من هاشمٍ قاسميةٍ إلى كم ترون الجور إحدى المفاخر
أتيتم بأصنافِ الضلالات كلِها وجئتم بأنواع الأمور المناكر
ففي بردقانٍ أنفقت وحشيشةٍ وخمرٍ لخمارٍ ولهوٍ لسامرٍ
ملأتم بلاد الله جوراً وجئتم بما سودت منه وجوه الدفاتر
بالعودة إلى القات..كان صديق لي طبيب وباحث وهو اليوم بدرجة بروفسور في إحدى الدول العظمى، ولعله يقرأ مقالي هذا الآن، قد أعطاني أبحاثاً كثيرة حول رسائل دكتوراه وماجستير لأطباء أجانب أوروبيين وأمريكيين حضروها في القات، كنا نلتقي سوياً وهو يعالج سنه وينتقد القات رغم تعاطيه، وقال لي: "تصدق أنني دائماً أشكو وأعالج سنوني التي لا أخزن فيها بينما الجهة التي لا أخزن فيها هي التي أعالجها بشكل مستمر وتؤذيني"؟!!
بعض هذه الأبحاث ذكرت جوانبه السلبية ونصحت بالابتعاد عنه، والبعض الآخر ذكرت فيه جوانبه الإيجابية أكثر من السلبية، وصديقي يواصل "تخزينه"، وربما اليوم يتغير رأيه خاصة وهو في بعيد عنه.
لا يفهم القارئ أنني هنا أروج للقات، بل ألفت الإنتباه من خلاله إلى أن ربما صدفة قد تجعل منه شيئاً طبيعياً كما جعلت من البن السلعة الرائجة التي عرفت بها اليمن خلال القرون الماضية.