المؤتمر الشعبي العام ..السقوط التلقائي أم البيروسترويكا
بقلم/ الحاج معروف الوصابي
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 3 أيام
الجمعة 24 أغسطس-آب 2007 12:53 ص

مأرب برس - خاص

وختاما لا بد من تجديد هيكلي مؤسسي ..والا فالأيام بيننا وستعلمون يومها أينا اصدق مقالا ونصحا الحاج معروف المغمور في بساطته أم عجوز السياسة الذي تولى كبرها في مختلف المراحل.

ربما يكون النظام السياسي اليمني أكثر ذكاء وحذاقة عن غيره في المنطقة ، حيث لم يتجمد عند موقف ولحظة بعينها ، إذ يسابق دوما إلى ركوب الموجة التي تهب من حين لآخر ويطوعها فيفوت بالتالي على الآخر الذي في الداخل فرصة المزاحمة فان ضج هذا بالصراخ حول موضوع ما كالديمقراطية مثلا يكون قد سبقه ضجيج الخطاب والإعلام الرسمي بمسافات وأصم كل الفضاءات وأسمع كل ذي حواس أن الديمقراطية هي خيارنا الأوحد وهي الرئة التي يتنفس منها اليمن مواطن وحكومة ، وان تلك الأصوات المحتدة والمنابزة لا تعدو إلا مقياس حقيقي وأهم مظاهر هذه الديمقراطية .

ثم تطوع –الديمقراطية- -كورقة لابتزاز الخارج مواقف ومعونات ومناورة ، وللمزايدة على محيط الجوار في التسويق السياسي العالمي ، وفي النهاية إلى كتم الأنفاس للشعب في النفق الديمقراطي.

وكلما مر النظام بضائقة واشتد الضغط على رئتيه من الداخل فان تجاربه ومستشاريه يمدونه في هذا السبيل بقفشات مماثلة على تلك ، ومن استغلال الفرص التي تهبها وفورات الداخل والخارج ، ولكن بنفس تلك الآلية والاسطوانة التي لم تتجدد.

العجيب أن ما يعتبره النظام حقل تجارب قد تجدد هو في أدواته ومنظومته الفكرية وفي معطياته الراهنة ، حيث استفاد تماما واستوعب ايجابيا من تلك العملية التي ظلت عليه فترة من الحين تغشاه بالدوار ، فهو اليوم يدرك ماذ ..؟متى ...؟وكيف ينفذ ؟..

وان البيئة الخارجية بشقيها الرسمي والنخبوي قد تقززت من هكذا آلية ومنظر وتكرار رغم كل الذي استفادته وابتزته لها وخدمها في المجموع المشهد .

وجاءت الانتخابات الأخيرة للرئاسية والمحليات ..رغم كل الذي انتزعه إليه النظام من مساحات وفرص ونفوذ إلا انه أحس بحالة خطرة من الاختناق واحتباس النفس ، وزاد الحال الآن أكثر مع كل تلك المحاولات والإلحاح المستمر في التماهي والتدرع بقيم الأرض والسماء وثوابت الوطن والدين .

في السابق كان النظام ومع حصول شيء من القلق يسارع إلى القيام بعمليات تجميلية بسيطة تذهب ببعض الأورام في الوزارات أو الوجوه القيادية في الشعبي العام وتصويرها في المشهد العام على أنها أساطين الفساد ومكمن العلل وأنها إنما فرضت على القرار في حينها لحسابات دولية ولدواعي المصلحة العليا ..

اليوم اتسع الرقع على الراقع ومع زيادة المطبات والحفر ارتخت الصواميل وزادت درجات الاستشعار بالخطر،فظهرت منذ فترة تسريبات من عمق النظام لدوائر تعتبر نفسها هي المعنية أولا وأخيرا بهذا الوطن وأنها هي الأم الرءوم للشعب ، مفادها أن الشعبي العام امتلأ بالفاسدين والمفسدين، استدعت المصلحة والظرف التاريخي يومها استيعابهم حتى أصبح المؤتمر برمته عبئا على الرئيس وان الحرس القديم والمتنفذين التقليدين حول القرار من العسكر والمشائخ المتنفذين هم وراء كل هذا الركود والانحباس ، ومن ثم فلا أمل بحصول التغير الا بعملية إحلال بجيل جديد ..

وقد كانت هناك محاولات لاستيلاد تيار المستقبل يومها على غرار تجربة كاديما ، غير أن المخضرمين في دائرة القرار توقعوا بحصول تداعيات خطيرة على مستقبل النظام بتبني مخاطرة غير محسوبة،فتجمد تيار المستقبل كحزب معلن في بوتقته .

الآن ربما عاودت الكرة ، ولكن بشبه رؤية محسوبة يقولون أنها صنعت على عين عجوز السياسة اليمنية ،تتبلور في هدم الشعبي العام والبناء من جديد على أنقاضه بكوادر تستوعبها المرحلة والتحديات ، بحيث يكون المؤتمر كبش فداء ، والقيام بما يشبه ثورة تصحيح والبناء من الداخل كحالة استباقية وإجراء وقائي مبكر لنذير يلوح في الأفق قد يسقط الحزب والنظام معه تباعا .

المؤشرات

-
 يساعدنا هنا في استجلاء ما وراء الكواليس تلك اللغة والرسائل التي دبجها وبعثها الرئيس الصالح لأكثر من طرف في حواره مع صحيفة الوسط 

- ثم في الخطاب الذي عد غير تقليدي والذي دشنه ياسر العواضي القيادي البارز في الشعبي العام والقريب جدا وجدا من مركز القرار .

- رغم ما قيل أنها مفاجآت عواضية ..وأهمها تصوير الرئيس –وحرسه القديم والقريب-بمثابة العبء والثقل على ديناميكية المؤتمر والحياة السياسية والذي يوشك أن يردي المؤتمر ومعه البلاد في اتجاه معاكس تماما للخطاب التقليدي للدوائر الخفية والقريبة من أن المؤتمر أصبح مثقلا على الرئيس، إلا أن القاريء الملامس والفطن لا يمكنه أن يقرا خطاب العواضي في السياق الانقلابي على مركز القرار ، إنما في السياق التكتيكي الذي يبلعه العوام لاستراتيجيا تعد في أعلى الدوائر تهيئ لعهد جديد شعاره التجديد في التشبيب باستدعاء صراع وهمي وقد يكون حقيقي البطولة فيه للنخبة الناشئة على حساب من يسمى الحرس القديم .

ياسر العواضي الشاب الوسيم الذي يسحب معه دماثة ، والمثقف، والحاصل على التأهيل العلمي وقاعدة انطلاق قبلية يعتد بها ،يعد اليوم من أهم المقربين لنجل الرئيس الصالح الذي يوشك أن يزف إلى قصر الرئاسة لا يمكن أن تقرا تصريحاته إلا في إطار تلك الخطة التي يتولى كبرها عجوز السياسة المعتق وفي السياق نفسه الذي تفسر فيه تصريحات سيف الإسلام القذافي وهو ينتقد سياسات المقدس أبيه وحرسه القديم ..

--ولعل موقف وتصريحات الحضرمي رئيس تحرير صحيفة المؤتمر وفي سابقة يأتي كحلقة ودور مكمل .

--المفاجأة القريبة والحلقة الأخرى ستكون في قناة السعيدة والتي من المتوقع أن نطل من خلالها على ضربات موجعه وقد تكون من تحت الحزام يوجهها رموز المستقبل لنماذج سيقولون عنها عتيقة وموغلة في الفساد لن تسلم منها ماركات سنحانية وقريبة ، أو في وجوه وصلعات من مثل البركاني والراعي والمخضرم باجمال.

لعل النظام يحتاج لمثل هذه الاثارات لنقل الانتباه من سوق الحوثية وتاج اليوم ولسحب البساط من المشترك في حربه مع الفساد واستهدافه السلطة بحزمة من الاستحقاقات.

أما بشان الشعبي العام، فلحصول اليقين أن صلاحيته ومهمته انتهت وانه لا يرجى عليه أي نقلة جديدة إلا مزيدا من العبء والثقل، والمصلحة في التخلص منه وتحميله التبعة وللانطلاقة بأدوات وادوار جديدة تساعد.

في كل الأحوال فان السوء سيزيد والفساد سيتضخم أكثر فأورامه بالأمس سينتقلون إلى الشقة الجديدة بنفس العقليات والآليات ، أما وان ابقوا عليه بهيكليته الآن لكن بعد إضعافه بمجسم آخر يشبهه وبنفس النكهة فان النهب سيتضاعف .

ثم ماذا بعد

انصح الرئيس الصالح بان ينتبه ويتهيأ فالفرصة ما زالت تسمح والوضع لم يصل إلى مراحله المتأخرة ، إذ لا بد وعلى عجل بعملية تجديد حقيقية ولو بنسبة ولسنا نرغب هنا بالتغير الكامل إنما بنسبة من التجديد والإصلاح ترفع هذا الاختناق وتحول دون السقوط المدوي .

لترفع نسبة الهامش إلى 40% وليأخذ على يد الفساد والذي وجد المسئول نفسه واقعا فيه بعملية محسوبة كأهم أدوات الإسقاط التي تتبعها السلطة في مواجهة التغيير والإصلاحات .

لا بد من تجديد هيكلي مؤسسي ..والا فالأيام بيننا وستعلمون يومها أينا اصدق مقالا ونصحا الحاج معروف المغمور في بساطته أم عجوز السياسة الذي تولى كبرها في مختلف المراحل .