بيت الأحمر والسنحانيون في القصر وجها لوجه
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 17 سنة
الإثنين 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 04:50 م

مأرب برس – خاص

الراصد للحراك القبلي الذي يقوده الشيخ حسين الأحمر أحد الشخصيات التي زاحمت وبقوة في الظهور على مسرح الواقع اليمني وفي فترة زمنية وجيزة يكشف مدى الإصرار الذي يكنه الشاب الصغير عمرا والكبير " قبليا " والمدعوم بأجندة قبلية واسعة .

 موقف الشيخ حمود عاطف يوم مؤتمر خمر الذي عقد مطلع الأسبوع الماضي ودعوته إلى إعلان الشيخ حسين شيخا لمشائخ حاشد إشارة تكفي لمعرفة الشعبية الجارفة التي أستطاع الرجل إن يعزز مكانته في فترة زمنية وجيزة .

وهو أحد الشخصيات المؤتمرية التي كانت تعتلي مناصب قيادية رفيعة , والباحث عن تاريخ الرجل يجد ولاءَ كبيرا للمؤتمر ولرئيسة على عبد الله صالح خلال الفترة الماضية , لكن ثمة توجهات خاصة تحاك في الغرف المظلمة كما أطلق عليها ناطق المشترك يوما ما سعت وبطرق ديمقراطية في إقصاء متعمد للشيخ حسين الأحمر من أي مناصب قيادية في الحزب الحاكم في اليمن وتمثل ذلك في صفقة " بين قيادات في " المؤتمر السابع للمؤتمر الشعبي العام الذي عقد في ديسمبر 2005م بمحافظة عدن .

ذالك الإقصاء الذي مثل صفعةَ نفسيةَ عنيفة للشيخ الأحمر الصغير , الذي لم يكن حينها يتصور أن يعامل بذلك الأسلوب المستفز والبغيض إلى نفسه , كونه يعتبر الوحيد من أسرة الشيخ عبد الله الذي يدين بالولاء للمؤتمر الشعبي العام وللرئيس بالطاعة , وقد منح الرجل المؤتمر يومها الكثير من وقته وجهده ووقف أكثر من مرة في ميادين الصراع السياسي في وجه والده و أخيه حميد الأحمر في محافظة عمران، ودعم وساهم في نجاح نفوذ المؤتمر , لكن كل ذلك الماضي لم يجدي نفعا لدى " أجندة خاصة " في الدولة أو قيادة المؤتمر أو مقربين من القصر الرئاسي .

توجه جديد قد تكون أيادي سنحانية خاصة من الجيل الثاني تحاول أن تلعب " بأوراق الخريف " وهي لعبة خطرة قد أثمرت نتائجها مرا على الرئيس شخصيا وعلى قيادات المؤتمر الشعبي العام .

الجميع يعلم مدى النفوذ الموجود حاليا من داخل القصر الرئاسي سواء من الشخصيات المقربة أسريا من الرئيس , أو من شخصيات دخلت " الزفة " بقصد أو غير قصد في اللعب بتلك الأوراق .

الجيل الثاني من أسرتي الشيخ عبد الله الأحمر وأسره الرئيس صالح بالتحديد يدور بينهما صراع خفي غير معلن , لكن نتائج تلك الصراعات بدأت تفوح روائحها .

المتابع للمسيرة التاريخية التي جمعت كل من الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والرئيس علي عبد الله صالح طيلة العقود الثلاثة يجد مدى العلاقة الحميمية التي جمعت بين الرجلين فالرئيس ينظر إلى الشيخ عبد الله نظرة الوالد ويكبر فيه مواقفه المسؤولة ورصيده النضالي , ويبادله الشيخ عبد الله الاحترام كرمز وطني من خلال موقعه كرئيس للدولة يجب أن يحترم مهما كانت التباينات , الكثير من الأزمات في البلد تكشف وتؤكد مدى قوة العلاقة بين الرجلين , وما موقف الشيخ عبد الله من الرئيس في ألانتخابات الرئاسية الأخيرة إلا امتدادا لتلك العلاقة , ويكشف العديد من المقربين من الشيخ أن تصرفات صالح في الغالب لا تنال رضا الشيخ , لكن نظرية المصالح والتوازن أجبرت الشيخ عبدالله الأحمر مسايرة ألأخير وغض الطرف عن الكثير منها. .

لقد استطاعت الرابطة القبلية بين أسرتي الرئيس والشيخ الأحمر أن تجمع بينها أكثر مما جمعتها السياسة سواء على الصعيد الشخصي أو الرسمي , ومهما كابرنا في قضية القبيلة ودروها في اليمن فستظل القبلية عنصر هام وحاسم في صناعة التوازنات السياسية في اليمن وتبادل الأدوار في صناعة القرار .

لقد مرت عقود من علاقة الرئيس والأحمر الكبير دون أي خلافات كبيرة باستثناء مواقف كان يتم تلافيها سريعا بين الطرفين, وهي علاقة ممكن أن نصنفها بأن حكمة الرجلين وخبرتهما الطويلة جعلت كل منهما يجامل الأخر وهو ما يجري حتى اللحظة.

لم يتقبل أبناء الجيل الثاني " من سنحان " وأطراف موالية في الحزب الحاكم أن تكون أسرة الأحمر شريكا لها في التواجد السياسي عبر الحزب الحاكم في اليمن, بل عمدوا جاهدين إلى إقصاء هذه الأسرة والعمل على تصنيفها ضمن الإطار العام للمعارضة .

ولقد مثلت انتخابات المؤتمر السابع للمؤتمر الشعبي العام الطريق الأنسب لإقصاء حسين الأحمر بأسلوب مغلف بالديمقراطية تدريجيا من أي مناصب قيادية في الحزب الحاكم بهدف إقصاءه مستقبلا من أي منصب ذات صلة بالمؤتمر الشعبي العام باعتبار أن التنظيم هو الطريق إلى تعزيز نفوذ أي طرف داخل مؤسسات الدولة وهو ما لن يرضاه أبناء الجيل الثاني من سنحان كونهم ينظرون إلى الدولة أنها مملكة خاصة بهم ولن يقبلوا بأي شريك قبلي بحجم قوة ونفوذ بيت الأحمر , ولن يجدوا مانعا من مشاركة أي طرف أخر بشرط أن يكون خارج نطاق تلك الأسرة ..أضف الى ذلك الدور الذي يمارس حاليا على حمير عبد الله الأحمر" من أصغر الأبناء " – وهو أحد المقربين حاليا من القصر الرئاسي وأحد مرافقي الرئيس – حيث يعتبر مشهدا صغيرا ربما يُعلن المخرج انتهاءه سريعا أو ربما يدرج ذلك ضمن لعبة الكروت التي أطلقها الأب الكبير لقبيلة سنحان يوما ما .

حسين الأحمر - سليل أسرة عُرفت عبر تاريخها الطويل بإجادة فن الصراع السياسي والقبلي طويلا - لن يقبل بهزيمة في باحة الصراع السياسي الدائر حاليا بل قد يلجا إلى عدة خيارات في المواجهة المستمرة مع من يعرفهم شخصيا من أطراف النزاع في تلك اللعبة .

كانت فكرة تأسيس حزب سياسي جديد بوادر منطلق ذلك النزاع, لكن تلك الفكرة وان لم تعلن بعد , بسبب معارضة الشيخ عبد الله الذي وقف شخصيا ضد فكرة إنشاء حزب خاصة بعد اتهامات نجله بتلقي الدعم من الرئيس الليبي معمر القذافي حسب معلومات رشحت حول ذلك , وحفاظا على علاقات خاصة بين أسرة آل سعود وآل الأحمر , ومهما كان السبب , فان الشيخ حسين تحول إلى الطريق القبلي الذي سلكه والده يوما وأستطاع من خلاله أن يحدث ثقلا سياسيا مؤثرا للوصول إلى النفوذ السياسي الذي يتربع على عرشه حتى اليوم .

فكرة مجلس التضامن الوطني هي فكرة أستطاع من خلالها حسين الأحمر أن يحقق نتائج ومكاسب أولية في الحرب الدائرة بين تلك الأجندة, أضف إلى أن مجلسة وحسب بعض المعلومات التي تتردد قد لقي الترحيب " وربما الدعم " من عدد من دول الجوار خاصة التي تبارك أدوار المشيخة والملك.

ولقد كان حسين الأحمر ذكيا حين أمتطى صهوة ذلك الطريق عبر مجلس التضامن الوطني الذي يسعى حاليا لمد نفوذه في معظم المحافظات التي تحضي بتواجد قبلي كبير , كما عمد إلى العمل عبر طرق منظمة وحديثة تتمثل في عقد لقاءات دورية وعبر أطرٍِ قانونية تنظم عمل المجلس الذي جاء بطرق ديمقراطية فهو - مجلس قبلي - لكنة يدار بعقلية حزب منظم , ولقد مثلت اللقاءات والانتخابات التي تم عقدها في أرقى فنادق العاصمة وأكثرها فخامة رسالة أخري لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا .

حسين الأحمر ورغم النتائج التي أستطاع أن يحققها سريعا خاصة ضد خصومة يعتبر نفسه أنه ما يزال في بداية الطريق لكي يستكمل مشواره وخطاة , في حين يظهر أن خصومة يتابعون من بعد وبصمت مريب ،في انتظار نتائج كل قادم , كون تحركاته بدأت تتسارع , وميادين الصراع تتسع , والتسابق على الشخصيات القبلية وخاصة أبناء الجيل الثاني بدا ظاهرا للعيان .

ولقد مثل كرم الشيخ حسين الأحمر لكل من يتعامل معه رافدا قويا في إبقاء العديد من أتباعة ثابتين معه خاصة بعد توجهات القصر الرئاسي في قطع أرزاق المشائخ ومنعهم من مستحقاتهم المالية من شئون القبائل إلا بعد تقديم استقالاتهم من مجلسه القبلي.

وعند خضوع عدد من تلك الشخصيات إلى ضغوط القصر الرئاسي عمد الشيخ حسين وسريعا إلى إعلان ميزانية المجلس الوطني الضخمة التي سال لها لعاب الكثيرين.

حسين الأحمر يعلم أن المواجهات قد بدت للعيان ويسشعر أن "القصر الرئاسي " قد منح العديد من الفرص لتأديبه عبر عدد من الإجراءات والتي تمثلت في قضايا منع السلاح وما شابهها أو بعض المضايقات التي يتعرض لها بيت الأحمر بين الفينة والأخرى .

مما حدي به أن ينقل المواجهة صراحة ومن خلال مؤتمر خمر إلى مواجهه الرئيس شخصيا حيث أعلن وأمام عشرات الألوف من قبائل حاشد بكل أطيافها أن الرئيس لا ينتمي إلى قبيلة حاشد .

وهي رسالة قوية وعنيفة يشعر بها كل من يعرف معني – الاعتزاز بالقبيلة – مهما كانت مكانته العلمية أو الرسمية .

حسين الأحمر يخالف والدة كثيرا في موضوع خاصة في التسرع وهي صفة قد تكون ملازمة لأبناء الشيخ بشكل عام , فوالدهم عرف بصبره وتحمله إثناء إدارة الصراع خلال الثلاثة العقود المنصرمة بحلم كبير وحكمة بالغة وكان دائما في الكثير منها هو من يجني ثمارها .

قد يكون لأبناء الشيخ مبرراتهم في تصرفاهم, وإعلان مواقفهم , باعتبار أننا نعيش في زمن التحولات السريعة, والبحث عن نتائج متعجلة أو هكذا قد يكون.

إن الراصد للصراع بين أباطرة آل ألأحمر وأباطرة سنحان في القصر الرئاسي يجد أن ثمة أشياء وتداعيات خطرة قد تبرز على السطح في أقرب فرصة , ما لم يبادر السنحانيون لإعادة المياه لمجاريها وفتح قنوات الحوار - التي قد تكون عصية عليهم - في محاولة ثني حسين الأحمر والعودة به إلى ألأحضان الأولي .

مشهد من مشاهد الصراع القلبي والمطعم بدهاء السياسة ونكهة تبادل الأدوار تعيشه اليمن , نتيجة لغياب دولة المؤسسات , واستشراء الفوضى التي لم يجد أحد في ميادينها سوى اللجوء إلى طرقة الخاصة والتي تعبر عن ثقافة الواقع للحصول على الحقوق أو السيطرة على مواقع النفوذ في البلد .

ورغم كل ما يجري فان اللاعب الوحيد في هذا الشوط من الصراع القائم بين الطرفين هو فرد من بيت الأحمر فيما يبقى الآخرون في محل الفرجة لبقية المشهد , وهنا ُيطرح التساؤل التالي: هل يمكن لهؤلاء الذين فضلوا موقف المتابع مد يد العون للتدخل اذا ما اقتضت الضرورة؟ ثم ما هي التداعيات التي يمكن حدوثها لدخول لاعبين جدد في ميدان الصراع؟! أظن أن اللعبة كبيرة وكبيرة جدا أتمنى أن تبقي كذلك خوفا من تداعيات جسام .

ودعوة ملحة نبعثها لحكيمي الأسرتين على عبد الله صالح والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في منح أبنائهم دروسا في الحكمة والتعقل , ما لم فإن مشاهد من العنف قد تنتظر الطرفين ومشاهد لا أرى الله شرها لهم ولا لنا ....

وللمشهد فصل أخر.

Mareb2009@hotmail.com

  • رئيس تحرير موقع مأرب برس