آخر الاخبار
القبائل عندما يفضلوا الانتحار السياسي .
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 14 يوماً
الثلاثاء 12 أكتوبر-تشرين الأول 2010 07:30 م
  • وزارة الخارجية الأمريكية تهدف إلى صناعة سياسية أمريكية تجاه اليمن خاصة في ظل " سلطة حاكمة " تتلاعب بقيم الاتفاقيات وتلتوي على مضامين النصوص .
  • سياسة اليوم قادت اليمن إلى حضيض هاوية ومستنقع صراع وساحة لتصفية حسابات بدأت فصول عقمها في الجنوب والشمال .
  • لن تمر ليالي القبيلة الطويلة وسهرات السلطة القصيرة " إلا وسنسمع عن وافدين جدد يولون قبلتهم عبد الملك الحوثي أو غيرة .
  • الإسلاف والأعراف " التي تخرج من أبواب رئاسة الجمهورية هي التي قمعت خلافات وخصومات السياسة وعن طريقها حلت أخطاء رجال الأمن و زلات المؤسسة العسكرية .
  • بنادق التحكيم القبلي يصنعان في المجتمع القبلي في اليمن وبين قيادته السياسة ورجال الدولة وعسكر النظام وحملة الشهادات العليا مالا يمكن أن يصنعه القضاء الأعلى أو حكما معمدا من محكمة العدل الدولية .
  • ساسية أن تأخذ ما لا تستحق من معطي لا يملك سياسة ستصنع التمرد وتنشر الفوضى وتقود المتضرر إلى خيارات " موجعة .
  • سياسة الإقصاء والتهميش تولد ثورة داخلية تتحدث عن قيم العدل وجبروت الظلم
  •  كل من أحرق كرته سيبحث عن جهة لتقوم بشحن رصيده ولو من زعيم تمرد أو حاكم بلد عربي .
  • حزبية اليوم وسياسات البيع والشراء في قيم الناس ستحطم الكثير من القيم التي يعتز بها أبناء القبيلة وسيقودهم حب الانتقام لمن أساء إليهم إلى خيارات شرسة .

سأبدأ من حيث أنتهي من لا يتقنون فن " الإسلاف والأعراف القبلية " لكنهم يتقنون فن النظام والقانون واحترام العلم ونتائجه ..
وهي دراسة أمريكية تخصصت في مجال " ا لسوسيولوجيا " وهوعلم يهتم بدراسة قوانين تطور الأنظمة الاجتماعية، وذلك اعتمادا على مناهج البحث ولقد كانت اليمن وتقلباتها موضوع تلك الدراسة التي يبدو أنها مولت من قبل وزارة الخارجية الأمريكية وتهدف إلى صناعة سياسية أمريكية تجاه اليمن , خاصة في ظل " سلطة حاكمة " تتلاعب بقيم الاتفاقيات وتلتوي على مضامين النصوص بشتى الصور وتحت مبررات رسمية أربكت صناع القرار في واشنطن " كيف يتم التعامل مع اليمن " .

حيث خلصت تلك الدراسة الأمريكية إلى التقليل من خطورة تداعيات فشل الدولة اليمنية على الأمن القومي الأمريكي , وأكدت تلك الدراسة " الخطيرة " إلى أن اليمن يتمتع ببنية اجتماعية عصبوية – قبلية - قادرة على إنتاج قانونها الخاص وإدارة شؤونها بمعزل عن الدولة المركزية.

وهي دراسة ربما تنعكس نتائجها تجاه اليمن وتحديدا تجاه " النظام في اليمن " وهو ما يعني بداية النهاية لفترة زمنية استمرت حقبه من الزمن شملت مخرجاتها السياسية فشل ذريع قاد اليمن إلى حضيض هاوية , ومستنقع صراع , وساحة لتصفية حسابات بدأت فصول عقمها في الجنوب والشمال .

الأمريكيون والقبيلة وأنصار التمدن

تتالت على القبيلة في اليمن خلال العقود الثلاثة الماضية هجمات شرسة من العديد ممن سمحت لهم مناصبهم ومسمياتهم في تقديم القبيلة كعدو حقيقي لتنمية والاستقرار والتمدن , ولقد علِقت هذه الصورة في ذهنية العديد من الباحثين والمثقفين طيلة العقود الماضية من داخل اليمن وخارجة .

لكن الأحداث والمتغيرات التي أفضت بالقبيلة الوصول إلى مراكز عليا في الدولة بلغت فيها الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية كشفت عن حقائق , أؤكد أنها تم التغاضي عنها وإن برزت فكانت " بعين السخط التي تبدى كل المساوئ .

وأؤكد مرة أخرى وربما يكون كلامي هذا غير مستساغا للبعض . أن القبيلة لعبت في اليمن دوريا سياسيا بارزا في إحداث التوازنات , وأخرجت اليمن طيلة السنوات الماضية من محن وفتن لا يمكن الخروج منها إلا بحمامات من الدم خاصة خلافات " الحكم والسياسة " .

السياسيون في اليمن يختلفون ويتصارعون , وربما أفضت خلافاتهم إلى توترات ومراحل لا يمكن العودة أو التراجع عنها تحت أي ظرف , لتظهر القبيلة من وقت لأخر لتمتص الخلافات العالقة بين فرقاء الخلاف السياسي طيلة تلك السنوات .

أن مخاطر اليمن ومهددات أمنة قد تكون من أكثر البلدان العربية تعقيدا, خاصة في بلد ما زال عالقا حتى رقابة في حظيرة " الفقر والتخلف والأمية وانعدام الأمن " ومع كل ذلك تجاوزت اليمن الكثير من تلك المحن ليس عن طريق النظام والقانون ولا حكمة قائد أو زعيم شعب ولا بالضرب بيد من حديد على كل من آثار خلافا أو عاث فسادا وإنما الفضل " للإسلاف والأعراف " التي تخرج من أبواب رئاسة الجمهورية لتقمع العديد من الخلافات والخصومات بين خصوم السياسة و رجال القبيلة , وعن طريقها تحل أخطاء رجال الأمن و زلات المؤسسة العسكرية في العديد من محافظات الجمهورية " , ليكون التحكيم القبلي الطريق الأسهل والأمثل لتخطي كل العوائق والبدء دائما بفتح صفحات جديدة مع كل طرف .

هذه الإفرازات لدور القبيلة في اليمن كانت محل اهتمام كبير لرجال المخابرات الأمريكية المتواجدون في اليمن , مسنودةً برؤية باحثين أمريكيين أنكبوا بدراسة تلك النتائج في التعامل مع الأزمات وخلصوا بنتيجة مفادها "أن القبيلة في اليمن يمكن أن تلعب دورا خطيرا في إحداث توازن كبير مهما حاولت الجهات التي تتلاعب " بأوراق الخريف" لتضخيم القلق المتنامي في البلد وضرورة دعم النظام السياسي فيه , لبقاء مصالح الدولة المانحة وتنبه الأمريكان إلى أن " بنادق التحكيم القبلي يصنعان في المجتمع القبلي في اليمن وبين قيادته السياسة ورجال الدولة وعسكر النظام وحملة الشهادات العليا مالا يمكن أن يصنعه القضاء الأعلى أو حكما معمدا من محكمة العدل الدولية .

شراء القبيلة في اليمن :

من اللحظات الأولى لوصول الرئيس على عبد الله صالح إلى كرسي الرئاسة عمد إلى إنشاء ما يسمى " مصلحة شئون القبائل " لتطٌل كأول مؤسسة رسمية تحتوي شخصيات القبيلة ورموزها في اليمن , وكان الدعم المادي المقدم لتلك الشخصيات القبلية " التي كانت تتحكم بمقاليده " وصناعة القرار فيه لتتحول مع تقادم الأيام إلى " مصلحة تنتج مشائخ " اتخم العيش والملح الرئاسي بطونهم " لتتلاشى بعض أنفة " القبيلي " وتولدت معاني انحناء الكبرياء للقبيلة إمام سطوة الريال , ليتحول المشائخ إلى مجموعة موظفين لا غير .

لكن هذه الصورة لا نستطيع ان نعمم صورتها على الكل فهناك شخصيات رفضت الانحناء وفضلت البقاء في " حمي ديارها " .

الحزبية سرطان القبيلة :

من أسوأ ما ابتليت به القبيلة في اليمن هو الحزبية التي نخرت في عظامها طيلة السنوات العشرين الماضية وتحديدا منذ الإعلان عن التعددية السياسية في اليمن التي تزامنت بإعلان الوحدة .

سرطان القبيلة " الحزبية " أفرزت نتائج أكثر من خطيرة خلال العقدين الماضيين وفي مقدمتها القضاء على السلطان الروحي للقبيلة في نفوس أبنائها وهو" احترام الإسلاف والأعراف " المتعارف عليها , كما أفرزت العقدين الماضيين جيل " بين جيلين " يعتز بالقبيلة " لكنة يريد ان يطوعها لمصالحة ومصالح قناعاته السياسية " الجديدة , فلا قبيلة بقت ولا ديمقراطية تقدمت " , بل تنامي صراع جديد يمكن ان نضعه تحت مسمى " الصراع بين مصالح السياسية ونفوذ القبيلة .

الانتحار السياسي للقبيلة في اليمن ..

تطورت العلاقة بين السلطة والقبيلة وتوسعت رقعة المطالبين ببعض فتات الموائد , مما ولدا ضغطا وإحراجا لدى " أصحاب الفكرة ألام " في دعم القبيلة والزج بها داخل مؤسسة رسمية " لتتحول إلى مجاميع من المنفذين" ومن يخالف سيكون الأدب هو الراتب والاعتماد الشهري .

لكن تعامل السلطة مع رموز القبيلة بدا في الآونة ألأخير يتغير وبدأت في إقصاء شخصيات وتقريب آخرين بعد أن أحست بأمن هذه المؤسسة " ورموزها " واعتقدت أنها أصبحت في الجيب وبعيدا عن أي حسابات أخرى .

لكني أعتقد ان من هنا ستكون الطامة الكبرى حين يتعامل النظام في بلد جبل على " أن يأخذ ما لا يستحق من معطي لا يملك " , هذه السياسة تصنع التمرد , وتنشر الفوضى وتقود المتضرر إلى خيارات " موجعة " " ربما ليسوا هم مقتنعين بها ولا في نتائجها , لكن تظل نفسية " أنا رقم موجود " ولا يمكن أن يمحي بسهولة , ومها تداخلت خيارات جديدة تجعل من حلفاء الأمس وأعداء اليوم الذين صتعهم النظام بساسياته ربما بقصد وربما بدون قصد ان يتفننوا في طرق الرد وبشتى ألأساليب .

فسياسة الإقصاء والتهميش , تولد لدى أولئك ثورة داخلية تتحدث عن قيم العدل وجبروت الظلم وتجاهل الناس , ومن المعيب ان يظل الأحرار منهم كما تحدثهم نفوسهم " تحت دفئ البطانيات وهدوء غرف النوم " بل لا بد من مواقف تحرك المياه الراكدة وتجعل " أطراف التجاهل أن يعيدوا سياساتهم معهم , لكن وفق الموازين الجديدة .

مستشار وزير الداخلية وولائه للحوثي :

ويحضرني في هذا المقام تصرف الشيخ القبلي القائم في ثياب العسكر والمنتصب على رتبة عميد ومكللا بمنصب مستشار وزير الداخلية اليمني عندما أقدم على السفر إلى صعدة ليمد يد الولاء والطاعة لقائد أكبر حركة تمرد في البلد وهو عبد الملك الحوثي , تصرف المشن كما يؤكد العشرات من أبناء قبيلته لم يكن نابعا لقناعةٍ فكريةٍ بأفكار الحوثيين وإنما جاء كردة فعل تجاه سياسات " قيل أنها مورست علية خلال السنوات الماضية انتقصت من قدرة ومكانته جعلت منه أن يقدم على خطوة تعد "في حقه انتحارا سياسيا غير مدروس النتائج والخطوات سوى هدف واحد وهو أن تصل رسالته إلى من تجاهلوه ..

وكان أخرها هو إحراق سيارته من قبل الشرطة العسكرية , بعد تعرضه لعملية استهداف بحجة أنه مطلوب أمنيا .

العميد المشن بتصرفه الأخير أستخدم أخر الأسلحة المتاحة له لكنه... أستخدم سلحا فتاكا كالقنابل الذكية , وهي بدعة جديدة في قاموس القبيلة يمكن أن تجعل المشن هو صاحب السبق فيها وهو صاحب " البراءة " إضافة إلى براءته الأولى " في وضع منهج اختطاف لأجانب في اليمن , ولقد كان المشن يسلك في تعامله مع من يقوم باختطافهم بممارسة أعلى درجات الكرم وحسن الضيافة حسب قانون القبيلة , ولقد أعجب الدبلوماسي الأمريكي – هنز ماهوني بشهامة المشن رغم أنه في تلك اللحظة مختطف , ومن لطيف القول هنا هي الدعوة التي وجها الدبلوماسي الأميركي في وقت سابق وهو يشغل حاليا نائبا للسفير الأمريكي في القاهرة دعوة للعميد المشن لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية .

وعلى كلن فهنالك عاملان خطيران يهددان القبيلة كقوة " إحداث توازن " في هذا البلد أولها الحزبية المتطرفة التي قادت العديد من " أنصارها " إلى جعل الطرف المخالف لهم خصوم , وبعضا منهم مستعد أن يضل يشعل نيران الخصومة حتى أخر العمر , وهذا ناتج في قصور مفهوم الحزبية لدى أولئك , ثانيا سياسات الإقصاء والتهميش لأبناء البلد بعيدا عن أي أخطاء أو جرام يصدر عنهم سوى تعاملات طائشة من متطرفي الحزبية سواء كانوا منضوين داخل المؤسسات المدنية لدولة أو داخل المؤسسة العسكرية مما يجعل أنصار القبيلة اللجوء إلى خيارات موغلة في الإجحاف في حق من يقومون بها مما يولد شقا للعصا وفتح جبهات من الخلاف الداخلي يمكن أن يقضى على قيم السلم الاجتماعي داخل القبيلة .

القبيلة في خطر ..

التصرف الذي أقدم علية العميد المشن في ظل الوضع المكفهر حاليا في اليمن , سيؤسس في المرحلة القادمة لخطوات يمكن أن يسلكها كل من وقع علية ظلم أو تجاهل من قبل سلطات الدولة , والبحث عن " جبهات الأعداء " لتوحيد جبهات جدد لتعزيز مفهوم " أعداء أعدائي أصدقائي " .. ولن تمر ليالي القبيلة الطويلة وسهرات السلطة القصيرة " إلا وسنسمع عن وافدين جدد يولون قبلتهم عبد الملك الحوثي أو غيرة حتى من دول الجوار ..

دعونا نتحدث بالمصطلح الرئاسي حول مفهوم الكروت وهو كل من أحرق كرته سيبحث عن جهة لتقوم بشحن رصيده " .

أن حزبية اليوم وسياسات الإقصاء واستشراء سياسية البيع والشراء في قيم الناس ستحطم الكثير من القيم التي يعتز بها أبناء القبيلة وسيقودهم حب الانتقام لمن أساء إليهم إلى خيارات شرسة شرر أقلها لن يكون بسيطا على من أولغ في " التجارة بكرامات وقيم الناس " .