بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟ الكويت تسحب الجنسية عن فنان ومطربة مشهورين النجم الكروي ميسي مدلل الفيفا يثير الجدل في جائزة جديدة أول بيان لجيش النظام السوري: أقر ضمنياً بالهزيمة في حلب وقال أنه انسحب ليعيد الإنتشار الكشف عرض مثير وصفقة من العيار الثقيل من ليفربول لضم نجم جديد بمناسبة عيد الإستقلال: العليمي يتحدث عن السبيل لإسقاط الإنقلاب وعلي محسن يشير إلى علم الحرية الذي رفرف في عدن الحبيبة أكثر من 60 نائباً في بريطانيا يدعون لمعاقبة إسرائيل مظاهرة حاشدة بمدينة مأرب دعما للمقاومة الفلسطينية والمتظاهرون يوجهون رسائل للمجتمع الدولى
* يستعد اليمنيون لخوض تحديات التعديل الدستوري الثالث منذ عام 1990م في الشهور القادمة على أثر إعلان الرئيس علي عبد الله صالح عشية الاحتفال بالعيد الخامس والأربعين لقيام النظام الجمهوري أواخر شهر سبتمبر الماضي مبادرة تضمنت أربعة اتجاهات لتعديل الدستور مرتكزة على برنامجه الانتخابي الذي خاض بموجبه الانتخ
ابات الرئاسية في سبتمبر من العام الماضي، رغم أن مبادرته الأخيرة جاءت متجاوزة لما ورد في برنامجه الانتخابي، الأمر الذي جعل منها مفاجأة حقيقية بكل المقاييس ليس بسبب طموحها فقط بل لأنها كذلك تجاوزت بمراحل مشروع التعديلات الذي تقدمت به أحزاب المعارضة قبل حوالي عامين ضمن برنامج إصلاحات شامل تبنته آنذاك.
فالتعديل الأول جرى عام 1994م بعد انتهاء حرب صيف ذلك العام التي أنهت التوازن العسكري بين الشريكين الأساسيين في إقامة وحدة شطري اليمن ومن ثم أتاحت الفرصة لتطبيع الحياة السياسية وتمدينها، ومن ثم كان تعديل الدستور الذي قامت عليه الوحدة عام 1990م ضرورة وطنية لأن صياغته تمت عام 1981م بين شطري اليمن أثناء تفاوضهما الطويل على إنجاز وحدتهما، ولأن الصياغة تمت في ظروف توازن دولي بين المعسكرين الغربي والاشتراكي فقد جاءت نصوص الدستور مبهمة وغامضة ومسيسة وتوفيقية لتراعي الحاجات الأيديولوجية للشطرين، فلا النص الخاص بالتعددية السياسية صريح ولا النص الخاص بشكل النظام الاقتصادي واضح لأنه يريد الجمع بين الاشتراكية وحرية السوق ولا النص الخاص بمرجعية التشريع حاسم... وهكذا ظل الدستور منذ عام 1990م سببا للفتن والمشاكل السياسية بين أطراف المنظومة السياسية اليمنية، وبكل تأكيد فإن الخلاف حول تعديله كان أحد أسباب حرب صيف 1994م.
انتهت تلك الحرب في 7يوليو وقبل نهاية الشهر كان حوار موسع قد بدأ حول التعديلات الدستورية بين الكتل النيابية الممثلة في مجلس النواب بما فيها من تبقى من كتلة الحزب الاشتراكي، لينتهي الحوار في نهاية شهر سبتمبر 94م باتفاق بين تلك الكتل على أكبر عملية تعديل للدستور شملت أكثر من نصف مواده وحسمت النصوص الغامضة والتوفيقية بنصوص واضحة فقد أصبحت الشريعة الإسلامية مصدر جميع القوانين، وأصبح النص واضحا على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وتم حسم شكل وجوهر النظام الاقتصادي على كونه يرتكز على مبدأ الحرية الاقتصادية، وتم إلغاء مجلس الرئاسة ليصبح رئيسا للجمهورية بدلا عنه ينتخب مباشرة من الشعب ولا يحق له تولي أكثر من دورتين رئاسيتين فقط، كما جرى النص على وجود مجالس محلية في المحافظات والمديريات المنبثقة عنها، وكذا ضرورة الاستفتاء الشعبي على أي تعديلات قادمة وبالذات في البابين الأول والثاني من الدستور، إضافة إلى مواد بعينها موزعة على بقية أبوابه... وباختصار فقد جاءت تلك التعديلات كضرورة أجمعت عليها مختلف القوى السياسية بهدف وجود دستور تكون نصوصه حاسمة وجازمة وليست محل تأويل أو خلاف.
وطوال السنوات السبع التي تلت تعديل 94م برز عدد من القضايا الملحة في ضوء تجربة تطبيق الدستور، ومنها تطوير نظام المحليات إلى أن يصبح أكثر من إدارة محلية وأقل من حكم محلي، كما برزت الحاجة إلى غرفة تشريعية ثانية بتطوير المجلس الاستشاري إلى مجلس للشورى، إضافة إلى تمديد مدة مجلس النواب من أربع سنوات إلى ست سنوات بغرض التخفيف من التوتر السياسي الذي ينجم عن الانتخابات وكذا التقليل من الإنفاق المادي على العملية الانتخابية... وبالفعل فقد بادر الرئيس علي عبد الله صالح إلى طرح مشروع التعديلات على مجلس النواب في أواسط عام 2000م والذي بدوره بدأ حوارا في إطار الكتل النيابية قبل الاستفتاء عليه... وفيما أعطت التعديلات صلاحيات كبيرة للسلطات المحلية فإن النواب تحفظوا على جعل مجلس الشورى غرفة ثانية وفضلوا إبقاءه كسلطة استشارية يحق لها عقد اجتماعات مشتركة مع مجلس النواب للبت في قضايا محددة كاختيار المرشحين لرئاسة الجمهورية وإقرار الاتفاقيات الحدودية والخطط التنموية... وفيما قام النواب بالتمديد لمجلسهم ست سنوات بدلا عن أربع فإنهم قاموا في الوقت ذاته بالتمديد لمدة رئيس الجمهورية من خمس سنوات إلى سبع رغم اعتراض الرئيس صالح ورفضه... وجرى الاستفتاء على ثاني عملية تعديل للدستور في فبراير2001م لتحظى بالأغلبية المطلوبة، ولينتقل النظام السياسي بعدها إلى مرحلة جديدة أكثر تطورا من سابقتها لكنها بدت كما لو أنها انتقالية لأنها كانت تمهيدا بشكل أو بآخر لمشروع التعديلات الأكثر خطورة وأهمية الذي أعلن عنه الرئيس صالح الشهر الماضي.
لاشك أن المشروع الأخير سيحقق نقلة مهمة في النظام السياسي اليمني إن تم كما عرض له الرئيس صالح، فبموجبه سينتقل النظام القائم من كونه نظاما مختلطا بين الرئاسي والبرلماني على النمط الفرنسي إلى النظام الرئاسي بالكامل على النمط الأمريكي، وهذا سيعني أن يصبح رئيس الجمهورية مسؤولا بشكل مباشر أمام البرلمان على غير ما كان عليه الأمر طوال السنوات الماضية... وبموجب التعديلات سيتحول مجلس الشورى المعين إلى مجلس منتخب وسيصبح غرفة ثانية إلى جانب مجلس النواب الذي سيتم تقليص مدته إلى أربع سنوات مجددا بدلا عن ست، كما سيتم تقليص مدة رئيس الجمهورية إلى خمس سنوات بدلا عن سبع نتيجة إصرار الرئيس صالح... كذلك سيتم تخصيص نسبة %15 من مقاعد مجلس النواب للمرأة، إلى جانب نقل السلطة المحلية إلى نظام الحكم المحلي بالكامل، الأمر الذي سيشكل تحديا كبيرا لوعود الرئيس صالح حيث من المتوقع أن تشهد الشهور القادمة حراكا سياسيا كبيرا إذ إن الرئيس يحرص على التوافق مع المعارضة على التعديلات رغم أن حزبه يمتلك الأغلبية المطلوبة.
nasr-tm@yahoo.com