بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
بحسب بعض التقارير الإخبارية، ومنها تقرير لوكالة رويترز، كان قائد فيلق القدس الإيراني قبيل اغتياله فجر الجمعة الثالث من كانون الثاني/ يناير2020 يعد لشن عمليات عسكرية ضد أهداف أمريكية في سوريا والعراق.
ويبدو من سياق هذه التقارير أن هدف قاسم سليماني، ومن ورائه النظام الحاكم في طهران ومن يوالونه في العراق، هو إحداث تصعيد محدود في المواجهة مع الولايات المتحدة ما يلبث أن يتم احتواؤه بعد أن تكون الساحة العراقية قد شُغلت بما هو أهم وأخطر من الحراك الجماهيري الذي كان يصب جام غضبه على الوجود والتدخل الإيراني في العراق.
لم يكن ليخفى على المتابع لتطورات ذلك الحراك الجماهيري في العراق أن من أهم مميزاته أنه كان متجاوزا للطائفية، هويته عراقية بحتة، ومطالبه واضحة ومباشرة ومبررة، وأن الإيرانيين كانوا يشعرون إزاء ذلك بقلق بالغ، إذ كانت النخبة الحاكمة الموالية لهم تتعرى شيئا فشيئا أمام مطالبات الجمهور بإسقاط المنظومة الحاكمة المتهمة بالفساد والولاء للأجنبي، مما جعل الإيرانيين وأولياءهم في بغداد يتهمون جهات خارجية بالوقوف وراء الحراك الشعبي المناهض للاستبداد والفساد.
كان لابد من حدث جلل يغير اتجاه البوصلة.
وفعلا، ما لبثت شعلة الحراك الشعبي أن خبت خلال الأيام التي سبقت عملية الاغتيال، حيث تركزت الأنظار على صراع يتصاعد ببطء بين الأمريكان والأجنحة الموالية لإيران داخل المنظومة الحاكمة في بغداد، والتي يعبر عنها تنظيم الحشد الشعبي بكافة مكوناته. وبلغ ذلك التصعيد ذروته بحصار السفارة الأمريكية والسعي لتكرار ما جرى في طهران قبل ما يزيد قليلا عن أربعين عاما (الرابع من نوفمبر – تشرين الثاني – من عام 1979)، الأمر الذي اشتاط له البيت الأبيض غضبا.
من أهم ما تؤكده تطورات أحداث الأسابيع الماضية بطلان نظرية التوافق الإيراني الأمريكي التي يرتكز عليها بعض من تستولي على أذهانهم نظرية المؤامرة في تفسير مجريات الأمور. فإيران والولايات المتحدة مثلهما مثل كثير من القوى المتشاكسة في المجتمع البشري قد تتقاطع مصالحهما من حين لآخر، لكن ما بينهما من علاقة أبعد ما يكون عن التواد والتوافق أو التبادل المتفق عليه للأدوار. بل إن القوى المتشاكسة قد يتيح بعضها، رغما عنه – للحاجة الماسة أو بسبب حسابات خاطئة، للخصوم فرصا سانحة، يظن بعض البسطاء أنها وليدة خطة مبرمة بين الطرفين.
لكن مما لا يمكن إنكاره أن التصعيد المتعمد من قبل أنصار إيران في العراق ضد الولايات المتحدة بهدف سحب البساط من تحت أقدام المحتجين في مدن العراق على فساد المنظومة الحاكمة في بغداد، تصادف مع مرور البيت الأبيض في واشنطن بمأزق شديد الوطأة نجم عن مضي الكونغرس قدما في إجراءات سحب الثقة من الرئيس دونالد ترامب بتهم تتعلق بإساءة استخدام صلاحياته. ولاشك أن ما أقدم عليه ترامب من قرار باغتيال سليماني يحقق له توجيه الانتباه إلى قضية أكثر إلحاحا وأشد مصيرية، وهو تكتيك سبقه إليه بيل كلينتون عندما كان يمر بمأزق نجم عن علاقته غير الشرعية بالمتدربة مونيكا لوينسكي.
إذن، كلا الطرفين، الإيراني والأمريكي، وكل لأسبابه الخاصة، كان بحاجة إلى تصعيد ما، محدود الأثر والزمن، إلا أنه لم يكن يخطر ببال الإيرانيين أن يكون ثمن هذا التصعيد التضحية بواحد من أهم الشخصيات لديهم، سليماني، كما لم يكن يخطر ببال المليشيات العراقية التي استخدمت أداة من قبل الإيرانيين في التصعيد أن يكون ثمنه هو التضحية بواحد من أهم الشخصيات لديهم، المهندس.
إذا صحت التقارير التي تشير إلى هذا السيناريو، فيمكن الاستنتاج أن التصعيد الذي خطط له كل من سليماني والمهندس لم يكن في حقيقة الأمر عملا نضاليا ضد الوجود الأمريكي في المنطقة، وهو الوجود الذي جنى منه هؤلاء ومن يمثلون أكبر الثمار، وإنما كان سعيا لتقويض الحراك الجماهيري في العراق، وهو الحراك الذي أوشك على إسقاط المنظومة التي أوجدها الأمريكان واخترقها الإيرانيون حتى النخاع، ووفرت لهم جسرا عبروا من خلاله إلى سوريا وصولا إلى مياه البحر المتوسط.
ربما ما يزال من المبكر التكهن بما يمكن أن يفضي إليه التصعيد الحالي، لكن من الواضح أنه لا طهران ولا بغداد ولا واشنطن ترغب في المزيد منه، ولذلك -وما لم يطرأ في هذا التدافع ما يفجر الأوضاع من جديد- فإن من المرجح أن تنتهي الأطراف المعنية إلى تهدئة، وإلى احتواء الأمور لأن الإخفاق في ذلك ستكون تكاليفه فوق طاقة الجميع.