السيناريو الأكثر تفضيلاً لتنحي الرئيس صالح
بقلم/ حسين اللسواس
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 14 مارس - آذار 2011 11:26 ص

( 1 )

رغم التنامي المضطرد للثورة الشبابية الشعبية المطالبة بإسقاط النظام، إلا ان الرئيس صالح وبعض أركان بلاطه الحاكم من الابناء والشركاء والحلفاء يحاولون اقناع انفسهم بكونها عاصفة قابلة للزوال مهما بدا اشتدادها عاتياً.

يراهن صالح ومن معه على (استراتيجية النفس الطويل) لمجاوزة العاصفة والانبعاث من جديد، في تقديرهم: تبدو الثورة المتعاظمة محض عدوى عابرة للديكتاتوريات يمكن مواجهتها بصمود طويل الآمد على طريقة (حصار السبعين يوماً)!

يظنون ان حماس الشباب الثائر مهما بدا طافقاً وتواقاً للانعتاق والحرية، إلا انه يتأثر –ارتفاعاً وانخفاضاً- بعوامل كثيرة أبرزها التقادم الزمني.

يعتقدون مثلاً، ان اعتصامات شباب الثورة في عدن وتعز وصنعاء، يمكن ان تتعرض للانحسار التدريجي إذا ما صمد النظام وقاوم نزعات الاسقاط العاتية بضعة اشهر.

( 2 )

في حسابات صالح ومن بقي معه، لايبدو ان ثمة حضوراً (ظاهراً او خفياً) لموجبات المصلحة الوطنية العليا التي باتت تقتضي البدء الفوري في بحث ممكنات الخروج السلمي والمُشرف وخيارات التنحي الأكثر أمناً للجميع.

إنهم ببساطة يسابقون عجلة التغيير التي تزداد تسارعاً، ويقضون آخر أيام سلطتهم المطلقة في تجديف عبثي يتغيا إعادة عقارب التأريخ الى لحظة ما قبل فضيحة (قلع العداد)..

في قرارة انفسهم يدركون ان عهداً تحررياً جديداً يوشك على الانبثاق، غير ان افعالهم لاتفتئ تقاوم انبثاقه وتشكله الحتمي.

( 3 )

يظنون –واهمين- بإمكانية تحكمهم في مجرى بعض الامور إما بهدف تحقيق غايات الاحتواء المستحيلة وإما امضاءً لرغبة المساهمة في انتاج العهد القادم -الآخذ بالتشكل- عبر ممكنات التنحي وخيارات الخروج المُشرف.

يبدو هذا الأخير (الخروج المشرف) ماكثاً في ذيل الحسابات الصالحية كآخر الكروت التفاوضية الفعالة في جعبة ناضحة بكروت منتهية الصلاحية، افقدها التسارع الثوري اي مفعول او تأثير متوخى في معادلة الامر الواقع.

( 4 )

ثمة اعتقاد –يبدو خاطئاً- مفاده ان كرت (الخروج المُشرف) سيظل فعالاً حتى ساعات ما قبل السقوط.

في لحظتنا الراهنة، تبدو فعالية الكرت مرتفعة للغاية بصورة تمنح الحاكم القدرة على رعاية انتقال سلمي وعاجل للسلطة كخطوة تسبق رحيلة النهائي وبالتالي صناعة اهم انجاز في تأريخ الديمقراطية اليمنية.

غير ان تلك الفاعلية ستجد طريقها نحو الانخفاض التدريجي مع الاشتداد المتوقع لعاصفة الثورة الشعبية، حينها سيفقد (كرت الخروج المُشرف) نصف فاعليته، ولن يكون في وسع الحاكم ساعتذاك –ان اختار استخدام هذا الكرت- سوى المغادرة على منفاه الاختياري دون ان يحظى بفرصة أخيرة لنقل السلطة وصناعة العهد القادم.

( 5 )

في وسع الحاكم ان يُغير ملامح النهاية اللائحة، إذا ما أراد ان يحفظ لنفسه موقعاً في أسفار التاريخ، شريطة ان يبدأ فوراً في استخدام كرت (الخروج المُشرف).

يمكن لسيناريو كهذا ان يتم بمبادرة جرئية وتأريخية يتقدم بها الرجل (الآن وليس بعد ايام) تنص على تنحية أبناءه وأقاربه واسرته من جميع المناصب السياسية والعسكرية والامنية كخطوة اولى، يلي ذلك اعلانه عن اجراء انتخابات رئاسية مبكرة باشراف دولي لايشارك فيها حزب المؤتمر الشعبي العام بأي مرشح، على ان لا تتجاوز مدة الترتيب للانتخابات واجرائها واعلان النتائج (ستين يوماً) وبحيث يقوم صالح بعد الانتخابات باستقبال الرئيس الجديد للجمهورية في القصر الجمهوري وتسليمه مقاليد السلطة رسمياً.

( 6 )

أدرك سلفاً انها مبادرة غير قابلة للتطبيق، ليس لعدم واقعيتها، ولكن لأن الامل لازال يحدو الحاكم ومن بقي معه في استعادة زمام السيطرة واعادة انتاج سلطتهم المطلقة على انقاض الثورة المتقدة التي يجري التخطيط لوأدها.

في الواقع، لا أخال الرجل يفكر بالتنحي أصلاً، فترتيباته ومبادراته وتبديده للأموال واتجاهه نحو خيارات التجييش والحشد، أمور تؤكد عزمه على البقاء حتى الرمق الآخير.

( 7 )

تبدو السلطة المطلقة، في العالم الثالث محض إدمان غير قابل للاستشفاء، تلك هي الحقيقة التي حولت معمر القذافي من قائد ثورة الى قائد عصابة، وتلك ايضاً هي الحقيقة التي تجعل شباب الثورة اليمنية لا يرضون بغير إسقاط النظام بديلاً.. وكفى!

al_leswas@hotmail.com

*ينشر بالاتفاق مع صحيفة حديث المدينة