شكراً للدكتور أبو بكر القربي
بقلم/ دكتور/بكيل الولص
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الجمعة 29 يناير-كانون الثاني 2010 08:17 م
 

يستحق معالي الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية الثناء من خلال دبلوماسيته التي تجلت في المؤتمر الصحفي الذي أعقب "اجتماع لندن" وخصوصاً فطنته تجاه الوحدة وتفهمه لمطالب المضيف. التحليل التالي عند الفاهمين سيوضح الأسباب، انطلاقاً من مبدأ "معرفتها قبل حدوثها".

المسألة متشابكة، والوضع لن يتغير في عشية وضحاها. نتائج اجتماع لندن غير مطمئنة على المدى البعيد، وقد استطاعت الحكومة اليمنية تغيير مساره شيئاً ما (بتوجيه القيادة السياسية)، وهذه نقطة ايجابية في سجلها حتى لا يجد اليمن نفسه أمام تحديات غير مسئولة. يبقى عليهم الحذر في تنفيذ وعودهم والتزاماتهم تجاه الشعب والعالم. بيان "الاجتماع" يوحي بأنه إجابة "مؤدبة"على كلمة دولة الدكتور علي مجور رئيس الوزراء، وتلخيص لها بشكل غير مباشر.

أكد الاجتماع على الإصلاحات السياسية والاقتصادية قبل التأكيد على محاربة الإرهاب، وأوضح وزير الخارجية البريطاني ذلك من خلال العمل على محاربة الأسباب وليس العمل على معالجة الأعراض. لقد قدم كلمة "الشعب" اليمني على "الحكومة" ولن اشرح طبيعة لغة السياسيين البريطانيين هنا، بحكم تخصصي حتى لا اقترب من المحظور. لقد كان حديث الوزير البريطاني عن اليمن وجملة القضايا التي طرحها "أصدقاء اليمن" والوفد اليمني. الأمر الذي لن تطمئن له حكومتنا الرشيدة هو التأكيد على ضرورة الإصلاحات "الشاملة" وصندوق النقد الدولي يتولى المتابعة حتى لا تحرج الحكومة وتجنباً لاستفزاز الشعب اليمني. ربما مسئولينا استساغوا فكرة الانفلات والتسيب على حساب الأمة والوطن والأجيال.

الثلاثة الوزراء كانوا صادقين في أطروحاتهم. فقد ذكروا إن هذا الاجتماع هو البداية، بعد ذلك الرياض، ومن ثم العودة إلى لندن، وفي حال فشلت المهلة رفع "الأمر" وطرحه على مجلس الأمن للتدويل. لماذا، لا سمح الله؟ لقد تمت الدعوة للأعضاء الدائمين وقدمت اليمن التزاماتها المكتوبة بالرسائل والوثائق. الغرب يبحث بجدية في إيجاد الحلول التي لا تهدد مصالحه أو مصالح دول الخليج. إذا فشلت الحكومة اليمنية فالغرب سيعمل وفقاً للمستجدات وتبقى الخيارات مفتوحة.

وبما أن المضيف لم يتطرق لوحدة اليمن فقد أكد عليها الدكتور القربي وهذا أمر يشكر عليه، وقد التزمت السيدة هيلاري كيلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية بذلك في معرض ردها على أحد الأسئلة الصحفية. لقد أوضح القربي ضرورة العمل الجاد على توصيات "المؤتمر" لما فيه حقاً المصلحة العامة والخطوة الأولى لتأسيس شراكة فعلية مع دول العالم والمنطقة. نشكر الدكتور القربي لأنه يشعر بالمخاطر التي تحيك بالوطن. السؤال هو هل سيتم إشراكنا في وظائف الدولة العلياء كجزء من الإصلاحات السياسية؟ أم سنظل معزولين ومستبعدين، والشراكة للجهلة والفاسدين؟ على الحكومة النظر في قضايا المناطق اليمنية المهمشة منذ الثورة والوحدة. غيروا في طاقم الحرس القديم. يجب أن لا يقيّم الأشخاص بمدى الولاء، بل بصدق العمل والكفاءة والوفاء بالعهد. اليمن في مرحلة تتطلب أصحاب العقول الكبيرة، لا البطون الجائعة والسلوك الرذيل.

بالنسبة للسيدة كلينتون فقد كتمت شيء من عدم الرضاء، ولهذا أتى تعليقها معوماً وقد تكلمت عن التزام الولايات المتحدة تجاه الشعب اليمني ومن ثم اليمن وأخيراً الحكومة اليمنية كمسئولة عن تنفيذ البرامج. لن أعلق على كلمتها، لكن هل نحن أمام وصاية غير مباشرة بسبب كل فاسد وحاقد على هذا الوطن؟ حديثها أشبه بالرسائل غير المباشرة، وقد أكون مخطئاً في هذا.

 

في الحقيقة يجب أن نتوجه بالشكر للمشير علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الذي وجه الحكومة ووزير الخارجية للعمل سلفاً قبل بدء "المؤتمر" الذي حولته سياسته الحكيمة على "اجتماع". ربما شعر المقربون منه بخطورة الموقف وأصدقوه القول واتخذ فخامته بدوره القرار السليم. شكراً لك، يا أبا أحمد.

البعض قد لا يستسيغ هذا التحليل، بما فيهم الحكومة والمعارضة، لكن الرأي لدى الدكتور القربي وخبراء الخارجية المصرية. أنا على يقين بأن مثلهم سيقبل بما اطرحه. قد أكون أغفلت الكثير، لكني اكتفيت بالقليل وبحسب المعطيات التي قرأتها من صحيفة 26 سبتمبر (اليوم الخميس 28 يناير) وتغطيتها لاجتماع لندن. يجب أن نعمل لليمن والوطن والتنمية.

ويبقى السؤال الأخير: إلى أين وصلت "قائمة نوح" للحوار الوطني (30 يناير، 6000 داهية)؟ ولماذا شطبت أسماءنا؟ ربما لأننا لا نجامل في الحق، لا الدولة راضية عنّا ولا المعارضة قابلتنا في القيادة. المهم، نحن راضون وصادقون ورافعو الرؤوس وسيحاسبنا الله بنوايانا وأعمالنا، وعند الله تجتمع الخصوم. أنظروا للفقراء قبل أن تنظروا لما تسرقون.