بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟
مأرب برس – خاص
بالرغم من كل التصريحات الدولية والأمريكية والعراقية والإيرانية نفسها بشأن الدور الإيراني في العراق وعقد الاجتماعات بين الطرفين الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر بشأن العراق لكن مرجع البيت الأبيض عبد العزيز الحكيم لا يتزحزح عن موقعه الدفاعي لإيران، وبصلافة تصل إلى حد الحمق والتهور يصر على إنكار هذا التدخل ويتمادى في ترهاته مدعياً بأنه لم يثبت بالدليل الملموس مثل هذا التدخل، والأمر لا يدعو إلى الدهشة بقدر ما يدعو إلى التأمل فهو ينطلق في ضلالته لخدمة الوطن الأم إيران من أصوله الإيرانية كما انه يحمل الجنسية الإيرانية وهو يعمل بوحي العنصرية الفارسية المتجذرة في أعماقه الدفينة، والحقيقة أن الحكيم لو يتفضل للوقوف أمام مرآة فقط سيرى حجم التدخل الإيراني في العراق.
سبق أن نشرنا أربع دراسات عن هذا التدخل السافر في شئون العراق الداخلية والذي يت
ضارب مع الأعراف الدولية وعلاقات حسن الجوار والعلاقات بين المسلمين تحت تسمية "الدور التخريبي الإيراني في العراق" ونشرت في عدة مواقع أثارت حينها زوبعة من المناقشات ووصلت المعارك الكلامية بين القراء الكرام المؤيدين والمعارضين في موقع (الشهاب) إلى ما يزيد عن (50) تعليق مما جعل الموقع يحجم عن نشر الأجزاء المتبقية من الدراسة لسبب ما، وسنحاول هنا تقديم بعض الإضافات ذات العلاقة بهذا التدخل المريع في شئون العراق سوى كان مباشراً من قبل الحكومة الإيرانية وأجهزتها الرسمية أو عبر المراجع الدينية الفارسية في العراق أو الكيانات السياسية والميليشيات المرتبطة بإيران ومنها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وذراعه العسكري فيلق بدر وكذلك حزب الدعوة وثأر الله وحزب الله وغيرها مما سبق الحديث عنه، فقد عبر المبعوث السابق للأمم المتحدة في العراق الاخضر الابراهيمي في تصريح مؤخرا لصحيفة (ميدل إيست أون لاين) عن استيائه من السياسة الأمريكية في العراق مؤكداً بأن الولايات المتحدة دمرت العراق وسلمته إلى إيران، وان 80% من عناصر الجيش والشرطة العراقية هم من الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران.
وفي لقاء أجرته قناة الحرة وهي معروفة التوجه مع مستشار الأمن الوطني العراقي كريم شاهبوري تحدث فيها عن أسباب تحسن الوضع الأمني في العراق، وأعتبر أن من جملة هذه الأسباب توقف إيران عن دعم الجماعات الشيعية المتطرفة، بالرغم من تصريحاته السابقة التي كان ينكر فيها بشدة وجود تدخل إيراني في شئون العراق. كما أن احمد الحسيني رئيس لجنة ألأوقاف السياحية والدينية في كربلاء تحدث عن وصول أسلحة خفيفة ومتوسطة من إيران إلى كربلاء وتم خزنها في دور قريبة من العتبات المقدسة بل أن بعضها خزن داخل الحضرتين المقدستين، مضيفا بأن قوة حماية الحرمين يشرف عليهما ضباط مخابرات إيرانية، كما تحدث عن إلقاء القبض على بعض الزوار الإيرانيين وبحوزتهم عبوات ناسفة ومخدرات وأسلحة ولكن لم تتخذ إجراءات جدية ضدهم بسبب تمتعهم بحصانة قوية من قبل رجال المخابرات الإيرانية الذين وصفهم بأنهم يسيطرون كليا على المحافظة. كما بثت قناة الجزيرة الفضائية تقريرا عن البصرة عرضت فيه مخزن للأسلحة الإيرانية وأشارت بأنه تم فيع العثور على طائرة تجسسية! كما أن النائب عن التوافق ظافر العاني أعلن مؤخراً بأن الاحتلال الحقيقي للعراق هو ايرني وليس امريكيا، وان إيران حسمت هذا الموضوع بإعلانها عن قدرتها في ملأ الفراغ الذي يمكن ان يتركه الانسحاب الأمريكي من العراق، وأن التلويح بالتخريب والتدمير هو بهدف الحصول على مكاسب سياسية في قضية الملف الوطني.
من جهة أخرى نشرت وزارة الدفاع الأميركية تقريرا يتهم إيران بالاستمرار في تزويد مسلحين في العراق بالأسلحة والتكنولوجيا، ونقلت صحيفة ستريت جورنال نقلا عن مسئولين أمريكيين بأن إيران ترسل متفجرات متطورة وصواريخ وقنابر هاون إلى العراق، مفيداً بأنه لا يمكن الجزم بأن إيران أصبحت أسوأ ولا يمكن القول أيضاً بأنها أصبحت أحسن، أما السفير الأمريكي رايان كراكر فقد أبدى توجساً ملحوظاً إزاء دور إيران في تراجع العنف في العراق معتبرا إنها ما تزال في وضع مميز يساعدها على زعزعة الاستقرار في العراق، وأضاف بأنه إذا كان الإيرانيون فعلا يعملون على تقليص نفوذهم في العراق بغية تقليص العنف وليس تأجيجه فهذا أمر حسن، ولكن يترتب عليهم اتخاذ خطوات إضافية على هذا الصعيد. وسبق أن أشارت صحيفة الواشنطون بوست نقلا عن دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى بأن إيران قد قررت احتواء الميليشيات الشيعية وهذا يفسر التراجع الكبير في حوادث التفجيرات في العراق حاليا.
وفي التقرير الذي أصدره البنتاغون تحت عنوان " تقديرات حول الاستقرار والأمن في النظام" أشار إلى التعهد الذي قدمه الرئيس الإيراني احمد نجادي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لمساعدة حكومته من خلال وقف الدعم ألتسليحي والمالي وأشكال الدعم الأخرى للميليشيات الموالية لإيران، وتحدث التقرير بعدم وجود انخفاض فعلي في أعمال التدريب والتمويل للميليشيات الشيعية في العراق والتي تنشط بشكل غير شرعي، كما أشار التقرير إلى تحركات العشائر الشيعية في جنوب العراق لوقف المد الإيراني في الجنوب من خلال حركات الصحوة.
وكان ديفيد ساترفيلد مستشار وزيرة الخارجية الأمريكية قد ذكر بأن القيادة الإيرانية تتحرك على مستويات رفيعة للتضييق على الميليشيات الشيعية التي تدعمها في العراق، موضحا بأن التراجع في عدد الهجمات لا يمكن أن يعزى إلى عوامل داخلية في العراق بل لابد أن يعود إلى قرار سياسي اتخذته الحكومة الإيرانية. ونشرت صحيفة الواشنطون بوست عن مسئول أمريكي رفيع المستوى بأن إيران تغيير تكتيكها بشكل ذكي في العراق لأن أعمال العنف بدأت تثير حنق العراقيين بما فيهم الشيعة. ويشاطره الرأي الجنرال ديفيد بتريوس حيث أكد في تصريح يوم 29/12 الماضي بأن الهجمات التي تستخدم فيها أسلحة إيرانية قد تقلصت إلى حد ما.
ونقلت صحيفة واشنطون تايمز عن (ستيفن بويلاين) المتحدث بأسم قائد القوات البرية الأمريكية بأن إيران تفي بتعهداتها التي قطعتها لمسئولين عراقيين وأمريكيين في وقف المساعدات للمليشيات العراقية، وأضاف بأن القيادة الأمريكية مستعدة لتأكيد التزام طهران بإيقاف تمويل وتدريب وتجهيز وتوجيه الميليشيات في العراق.
ومع كل هذه الحقائق فأن عبد العزيز الحكيم ينكر هذه الحقائق متشبثا برأيه بأنه لم يثبت بالدليل الملموس وجود تدخل إيراني في شئون العراق منطبق عليه المثل القائل" كما أن الذكاء موهبة فأن الحمق موهبة".
عبد العزيز الحكيم الأصفهاني بلا منازع هو رجل إيران الأول في العراق وفيلقا بدر والقدس هما الذراع الإيراني المنفذ لبرامج العنف في العراق، وان الوصف الذي أطلقته وداد فرنسيس المستشارة الفنية المترجمة والقريبة إلى بول بريمر هو اقرب وصف يليق به، فقد ذكرت أن الحكيم أفضل نموذج للتطرف والدهاء وهو يلي السيد السيستاني من حيث قوة موقعه في العراق وهو رجل إيران والمدافع عن مصالحها في العراق وتنقل عن رأي بريمر في الحكيم " أشعر دائماً أن مجلس الحكم مخترق لصلح إيران كلما نظرت إلى عمامة عبد العزيز الحكيم" وتشير فرانسيس بأن بريمر على ثقة تامة بأن الحكيم يدير أكبر حملة تصفية جسدية في العراق لصالح إيران، وأن بريمر متأكد بأن الحرس الثوري الإيراني وراء عملية اغتيال محمد باقر الحكيم، حيث أن الأمر موثق في وكالة المخابرات المركزية. وتصف فرنسيس الساعد العسكري للحكيم هادي العامري بأنه جزار بغداد فهو مجرم وقاتل بلا ضمير وأن التأريخ سيلعنه وسيفتضح أمره عاجلا أم آجلاً وتنقل عن بريمر تقييمه للعامري " إن إيران ستمتن كثيراً للعامري وصولاغي وستكافئهما في يوم ما " وفعلا نصب الأخير وزيرا للداخلية من ثم المالية فأفسد الأولى ونهب الثانية..
ويلاحظ أن مسيرة عبد العزيز الحكيم الأصفهاني في العراق مسيرة في غاية الدهاء والذكاء مخططة بشكل مخابراتي عالي المستوى، ساعده في ذلك تعرض عدد من أسرته للقتل والسجن بسبب تجسسهم لجهات أجنبية مثل مهدي الحكيم وكذلك ضلوعهم في تنفيذ المخططات الإيرانية خلال الحرب العراقية الإيرانية، وهو لا يستند إلى أي ثقافة دينية أو سياسية أو غيرها فلم نشهد له خطاب سياسي واضح أو لقاء يقدم فيه انطباعا للآخرين حول برامجه السياسية باستثناء تلك النتف التي يتسلمها كأوامر من إيران ويقدمها على عنانها بأسلوب في غاية السذاجة والافتقار، وهذا يفسر بعده عن الأضواء لعدم قدرته على الظهور كمنظر سياسي أو رجل دين لامع أو خطيب محترف أو حتى قائد عسكري باعتباره يقود فيلق بدر.
فمنذ دخوله بصحبة فيلقه للعراق بموافقة ومباركة الشيطان الأكبر من خلال صفقة أمريكية إيرانية غامضة تكشف عن ازدواجية السياسة الأمريكية في العراق ففي الوقت الذي تدعي فيه بأنها تحارب التطرف الإسلامي والعنف والإرهاب الذي لصقته بالحركات الإسلامية مثلما جرى في معاركها ضد القوى المتطرفة في إفغانستان فأنها وافقت على دخول أعتى الأحزاب الدينية تطرفاً إلى العراق كحزب الدعوة والمجلس الأعلى وبقية الأحزاب التي فقست في إيران، وتأريخ المجلس الأعلى لا يشرف أحداً، فهو حزب متطرف مارس العنف والإرهاب ضد الأسرى العراقيين في إيران وأستمر على نفس المنوال بعد دخوله العراق، والغريب انه دخل بكامل أسلحته وذخيرته مما يعني انه يهدف إلى القيام بعمليات عسكرية، كما أن قوات الاحتلال سلمته مقاليد الحكم كاملة مع الحزبيين الكرديين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني؟
قامت قوات بدر بتصفية حسابات وثارات قديمة خارج حدود القانون فدبرت عمليات اغتيال لعدد كبير من البعثيين وكبار القادة العسكريين الذين تصدوا للعدوان الإيراني وامتدت عمليات العنف لتعصف بالطيارين العراقيين وكبار العلماء وأساتذة الجامعات مما جعل الرئيس جلال الطالباني يطلب منهم التوجه إلى كردستان للحفاظ على حياتهم في خطة رهيبة لغرض تقديمهم كوجبة ساخنة على صواني ذهب للموساد الإسرائيلي الذي يصول ويجول في ربوع شمالنا الحبيب كما يقول المثل " كمن يستنجد بالرمضاء من النار".
الخطوة الثانية كانت شديدة الوقع في تأثيرها الذي أمتد إلى الشارع العراقي وهي إذكاء الفتنة الطائفية بطريقة مخابراتية في غاية الدهاء، فقد وجدت إيران أن الشعب العراقي يمثل وحدة واحدة في نسيجه الاجتماعي وأنه من الصعب إثارة الفتنة في ظل هذا التوحد سيما أن العشائر العراقية معظمها تضم بين طياتها الشيعة والسنة كما أن الآسرة العراقية هي نموذج من التآلف المذهبي، وكان لابد من تنفيذ خطة جهنمية لصهر وفك هذا اللحيم الذي يربط بينهما، وبدأت بإرسال عناصرها والموالين إليها لتفجير عدد من العبوات الناسفة في المناطق الشيعية وإيقاع الخسائر بالنساء والأطفال وصاحب ذلك اغتيال بعض الشخصيات الشيعية المهمة ومنهم محمد باقر الحكيم وعضوي مجلس الحكم عز الدين سليم وعقيلة الهاشمي ووجهت أصابع الاتهام إلى أطراف سنية وبدأت تعزف على هذا الوتر بشدة من خلال التصريحات واللقاءات والندوات التي عقدها أزلامها من المحسوبين على العراق والذين قاموا بصب الزيت على النار بادعائهم أن صبر الشيعة بدأ ينفذ كما روجت المراجع الشيعية بأنها غير قادرة على فعل شيء إذا نفذ صبر الشيعة وهو تمهيد واضح لشن الحرب الطائفية، وساعد تنظيم القاعدة من حيث يعلم أو لا يعلم في تثبيت هذه القناعات عند الشيعة من خلال الخطابات التحريضية لقتل الشيعة وتسميتهم بالروافض وتكفيرهم رغم أن القاعدة تكفر كل من لا يسير على نهجها سواء كان سنياً أو شيعياً، وقام الحكيم وأبنه عمار وصدر الدين القبنجي وجلال الدين الصغير وبعض قادة التيار الصدري بالتهجم على الطائفة السنية وتسميتهم بالمروانيين وأحفاد معاوية والنواصب، فبدأ الشارع الشيعي يغلي ورغم تحذيرا بعض قادة السنة بوجود مؤامرة تحاك في الظلام ضدهم لكن حكومة الجعفري كانت مصرة على تنفيذ خطوات المؤامرة الإيرانية بحذافيرها، ومع هذا كانت النتائج أقل من التقديرات الإيرانية المتوقعة فالعلاقة أقوى من تنهار بهذه السرعة والطريقة. فصيغت مأساة جسر الأئمة التي راح ضحيتها أكثر من ألف عراقي ولكن المفاجأة التي أربكت المخطط الإيراني أن سكان منطقة الاعظمية هبوا إلى نجدة أشقائهم في الكاظمية وأنقذوا المئات منهم بل أستشهد منهم من ساهم في عمليات الإنقاذ هذه. عندها كان لا بد من تفجير عبوة تنسف هذه العلاقة المتجذرة بين الطائفتين الشقيقتين فكانت ثالثة الأثافي بتدمير المرقدين المقدسين في سامراء، و أوعز الحكيم بالقيام بتظاهرات حادة وخرج عمار يقودها وكان يلعلع بصوته" يريدونا أن نبقى في بيوتنا وهم يعتدون على أئمتنا" وساندهم قادة من التيار الصدري مطالبين بالثأر من النواصب دون أن تبدأ التحقيقات وتعرف الجهة التي قامت بالعملية الدنيئة، وبدلا من أن تخفف المراجع الدينية من شدة الغليان فإنها بدأت تنفخ في كورة النار وكانت النتيجة مأساة راح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف عراقي وتدمير ونهب وحرق أكثر من(100) جامع. وكان أبطال هذه الفاجعة عبد العزيز الحكيم وولده عمار والجعفري والقبنجي والصغير. ولحد هذه اللحظة رغم أهمية الموضوع وتداعياته الوخيمة والخسائر الفادحة لكن الملف طواه النسيان ولم تظهر نتائج التحقيق لم يعرف من وراء التفجيرات ولم تجر محاكمة علنية كما يفترض وهي إشارات واضحة لكل لبيب.
وفي الوقت الذي بدأت الأصابع حائرة في توجيه التهمة للجهة المسئولة عن اغتيالات العلماء وكبار القادة العسكريين والطيارين و- هي بلا شك الجهة التي لها مصلحة بقتلهم - ما بين إيران وإسرائيل فأن تشتت الأصابع خدم الطرفين الإسرائيلي والإيراني على حد سواء، ولكن زواج المتعة بين الطرفين كان لابد أن ينتهي وتظهر الحقائق وهذا ما حدث فعلا. فقد التقى الحكيم مع هنري كيسنجر منظر اللوبي اليهودي في السياسة الخارجية الأمريكية على هامش مؤتمر انابولس وكلك مع عدد من اليهود الأعضاء في الكونغرس الأمريكي ومنهم السيناتور جوزيف بايدن وهو صاحب نظرية تقسيم إلى العراق طائفيا وعنصريا إلى ثلاثة كيانات هشة وناقشهم في أفضل السبل لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعراق تحت الرعاية الإيرانية الأمريكية، وقد دافع مراهق الحوزة عمار الحكيم عن لقاءات السيد الوالد معتبرا بأن القرآن الكريم يتحدث عن حوارات تمت بين الأنبياء والطغاة والعتاة فعلام لوم الوالد؟ ونجيبه لكنه رفض تماماً الجلوس مع قادة الطائفة السنية لعقد هكذا حوار كما رفض الحوار مع البعثيين ورجال المقاومة الأبطال مفضلا عليهم لقاء الشيطان الأكبر؟ من الملف للنظر أنه سبق لعمار الحكيم أن التقى بصديقه أيدن حيث طرح مشروعا غريبا كما نشرته صحيفة الحياة اللندنية تضمن عقد تحالف مقدس أمريكي شيعي ضد السنة ودول المنطقة. ويبدو أن هجرة بعض اليهود من إيران إلى العراق وتمركزهم في منطقتي الكفل والعمارة حيث مرقدا النبيين ذي الكفل والعزير وتكليفهم بتأمين الحمايات هو أول الغيث من هذه اللقاءات المشبوهة.
ومن المعروف أن زيارة الحكيم لواشنطن ولقائه بالرئيس الأمريكي في شهر كانون الثاني 2006 قد طلب عدم انسحاب قوات الاحتلال من العراق، وهو عكس ما يطالب به الرئيس الإيراني نجادي فقد عبر إضافة إلى عدد من المسئولين والمراجع الدينية بانسحاب هذه القوات التي أعتبرها أساس البلاء وأشار بأن إيران يمكن أن تملأ الفراغ بعد انسحاب القوات الأمريكية لكنه لم يوضح كيف؟ وفيما إذا فعلاً يوجد فعلا فراغ في العراق لم تسده إيران بعد! سيما أن الإعلام الأمريكي سرب مؤخرا معلومات عن الاستيلاء على خطط إيرانية حول طبيعة التغلغل الإيراني في العراق والسيناريوهات المستقبلية لسياستها في العراق والتي ستنفذ خلال فترة تسعة أشهر من انسحاب القوات البريطانية والأمريكية من الجنوب، منها الانتشار السريع للميليشيات الموالية لإيران في المنطقة الجنوبية ونصب مسئولين لهم ولاء مطلق لإيران، ثم البدء بحملة تصفيات لكن من يعارض التدخل الإيراني أو يقاومه لا سيما العشائر العراقية، وفي حال اشتداد الصراع مع الشيعة الرافضين هذا التدخل أو السنة سيطالب الجنوب الحكومة المركزية مناشدة إيران للتدخل العسكري المباشر للحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب فتلبي النداء الذي استحضرت له مقدماً، وفيما يتعلق بشمال العراق ستقوم إيران بتأجيج الصراع بين الأكراد أنفسهم بدعم من تركيا وسوريا ويتم عزل الشمال عن بقية أجزاء العراق كما هو عليه الأمر في الجنوب.
ويبدو أن الحكيم في زيارته الأخيرة للبيت الأبيض قد بحث تطبيع العلاقات بين الشيطان الأكبر ومحور الشر في صفقة دخلت إسرائيل طر
بها، وتشير الدلائل بأن التقرير الأخير للاستخبارات الأمريكية باعتبار أن النشاط النووي الإيراني مخصص للأغراض السلمية وبالتالي فأنه لا يمكن توجيه ضربة عسكرية لها قد جاء وفق قاعدة" شيلني وأشيلك" حيث يلزم إيران بالوقف عن تقديم الأسلحة والمتفجرات والدعم المالي واللوجستي للميليشيات المرتبطة بها في العراق وبالتالي يمكن أن تساهم بتقليل خسائر قوات الاحتلال في المستنقع العراقي، وربما سيضع الجانبان النقاط على الحروف هذه المرة خلال اجتماعهم الرابع في مطلع العام القادم حول العراق.
مواقف الحكيم لا تحتاج إلى وقفة طويلة لمعرفة توجهاته الفارسية، فلم يصدر عنه أي تصريح إيجابي يخص العراق لكن له الكثير من التصريحات التي تصب في خدمة إيران، فقد أقام الدنيا ولم يقعدها عندما ألقت القوات الأمريكية القبض على ضباط مخابرات إيرانيين في العراق، ولكنه لم يقوم بنفس الفعل إزاء العراقيين الذين احتجزتهم القوات الإيرانية في الخليج العربي، وفي الوقت الذي ضغط فيه على الأمريكان لإطلاق سراح الإيرانيين المحتجزين من قبل القوات الأمريكية ورحب بإطلاق سراح البعض منهم وبشر الوطن الآم بأن هناك فرصة لإطلاق المزيد منهم خلال الفترة القادمة لكنه غض النظر عن وجود(60) ألف معتقل عراقي في سجون الاحتلال وحكومة الاحتلال الرابعة، وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أكدت بأنهم يواجهون ظروفا صعبة للغاية، ووصف رئيس البعثة في العراق كارل مانليفي بأن" وضعهم صعب لغاية" واعترف الجنرال مايكل نيفن بأنه في سجن كروبر الأمريكي يوجد(950) حدثاً لا تزيد أعمارهم عن سبعة عشر عاما ومعظمهم معتقل دون مذكرات رسمية وكذلك بدون تهم محددة أو محاكم.
الحكيم منذ أن وطأت قدمه العراق تحدث عن الحرب العراقية الإيرانية معتبرا أن النظام العراقي السابق من بدأها في خطوة مبهمة بادئ الأمر تبين مغزاها بوضوح عندما طالب بتعويض إيران بمبلغ (100) مليار دولار عن الحرب في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة ودول أخرى تتحرك لإطفاء ديون العراق الخانقة، كما أرسل الشخص الرجل الثاني في حزبه حامد البياتي كممثل دائم للعراق في الأمم المتحدة لغرض سحب الوثائق العراقية التي تدين إيران وتحملها وزر بدء الحرب، ويبدو أن الحكيم تجاهل موضوع الطائرات العراقية التي ائتمنها العراق عند الجارة المسلمة وتناسى أيضا الطائرات السمتية ومحركات الطائرات والأسلحة الثقيلة التي نقلت من العراق إلى إيران بالتعاون مع فيلقي قدس وبدر وفيما إذا كانت تلك تشكل استحقاقات مالية لصالح العراق من الجارة الأمينة جدا؟
الفدرالية الطائفية وتقسيم العراق إلى كانتونات هشة وتصفية الرموز الوطنية وإلحاق الأذى بالعشائر العراقية الشيعية في الجنوب بسبب رفضها التدخل الإيراني وإلصاق تهمة الإرهاب بها كما حصل في مسرحية جند السماء، وتأجيج الفتنة الطائفية خصوصا بعد تدمير المرقدين المقدسين في سامراء وسرقة أموال الحوزة ووردات النفط العراقي في الجنوب، والتوجه لتصفية المعارضين السياسيين كالتيار الصدري وحزب الفضيلة، وعقد التحالفات مع الأحزاب الكردية لتقاسم الكعكة العراقية وانتشار الفساد المالي والإداري بين وزراء المجلس الأعلى وكذلك المحافظين وبقية المسئولين، والتوقيع على وثيقة المبادئ الأمريكية العراقي بالاشتراك مع بقية الزمرة الضالة طارق الهاشمي ومحمود المشهداني والطالباني والبرزاني. كل هذه الكبائر الوطنية وغيرها هي عطايا هذا المسخ الإيراني للعراق، فقد جمع بين الجرم والإثم وإذا كان الجرم بحق المخلوق فأن الإثم بحق الخالق.
عندما نقيم أي شخص من حيث المواطنة الصميمية فلا بد من أن نزنه ولكي لا نجانب الحق نضع مزاياه في كفه وعيوبه في الكفة الأخرى ونحدد قيمته على ضوء النتيجة، وطالما إننا ملئنا كفة العيوب فحري بغيرنا أن يملأ الكفة الثانية و نترك الحكم للقراء الكرام فهم صوت الحقيقة والحق، بالرغم من اعترافنا بأن المواطنة لا تقييم وفق هذا الميزان ولكن للضرورة أحكامها.