موعد قرعة كأس العالم للأندية 2025 والقنوات الناقلة الشكل الجديد لكأس العالم الجامعة العربية تصدر أول بيان لها على التطورات المعارك في سوريا ما هو القرار 2254: مفتاح الحل في سوريا يعود للواجهة مع تطورات ميدانية جديدة غارات على ريفي حلب وإدلب والفصائل تواصل السيطرة على أراض جديدة الكشف عن تفاصيل المعارك حول التقدم و السيطرة على مطار حلب الاستراتيجي اشتعال معارك هي لأعنف… وغارات جوية سورية وروسية تستهدف إمدادات ومعاقل الفصائل في ريف حلب وإدلب بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو
لا شك أن الكثير منا تساءل، وأمعن في التساؤل: لماذا لا تتجرأ دولة عربية واحدة على مقاومة أمريكا والتصدي لها عملياً، وليس كلامياً على طريقة التنديد والشجب والاستنكار العربية المعهودة؟ لماذا لم يُقدم نظام عربي للدفاع عن نظام عربي آخر في وجه أمريكا؟ لماذا مر احتلال العراق وسط صمت عربي مطبق؟ لماذا تكتفي الدول العربية بمجرد التفرج على الجبروت الأمريكي؟ كم من الصحفيين عزا ذلك الصمت العربي الرهيب إلى نوع من التواطؤ بين الحكومات العربية والبيت الأبيض، فيما ذهب آخرون إلى الزعم بأن معظم دولنا هي مجرد عتلات في أيدي الأمريكان، لا أكثر ولا أقل، إلى آخر القائمة المملة والمكررة من التساؤلات والتكهنات والتخمينات..
لا شك أننا، بالاشتراك مع إعلامنا العربي، طرحنا مثل تلك الأسئلة المبتذلة والساذجة أعلاه مئات المرات، ولا زلنا نطرحها بنفس السذاجة. لكن القليل منا حاول أن يجد أجوبة مقنعة لتلك الأسئلة تستطيع أن تزيل الأوهام من رؤوس السائلين والمتسائلين، وتجلي الأمور.
لا أريد أن أبدو هنا وكأنني أبرر الموقف العربي الرسمي المسالم جداً في تعامله مع الإدارة الأمريكية، لكن لماذا لم يدر في بالنا أن الدول الأقوى من الدول العربية بعشرات المرات سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لم تنبس يوماً ببنت شفة ضد السياسات الأمريكية، لا بل إنها مستعدة لمسايرة التحركات الأمريكية أينما توجهت؟ هل سمعتم أن بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا أو الصين أو روسيا تحركت عملياً لمواجهة الغزو الأمريكي للعراق، أو غيره من التصرفات الأمريكية؟ ربما حاولت أن تشاغب بكثير من الدبلوماسية في الأمم المتحدة على التحركات الأمريكية، أياً كان نوعها، لكنها لم تــُقدم على أي خطوة ملموسة لمواجهة الجبروت الأمريكي، وكأنها تقول: من حقنا أن نعارض كلامياً، ومن حق أمريكا أن تفعل ما تشاء. تلك هي طبيعة مواقف الدول الكبرى والصغرى بالأساس من السياسة الأمريكية.
وربما دفعتنا السذاجة لطرح مزيد من التساؤلات: لماذا لا تتحد الدول الكبرى أو حتى الصغرى، وتتخذ موقفاً حازماً من البيت الأبيض وسياساته البلطجية وحروبه الاستعمارية، وعندها تستطيع أن تواجه المارد الأمريكي؟ ألا يستطيع حتى الأقزام فيما لو توحدوا أن يشكلوا كتلة تواجه المارد، فكيف إذا توحدت مواقف ثلاث أو أربع دول كبرى؟ سؤال وجيه، لكنه أقرب إلى الخيال والتمنيات منه إلى الواقع، ولن يحدث لأسباب يصعب إحصاؤها.
ماذا تستطيع أن تفعل الدول العربية المسكينة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً في وجه العملاق الأمريكي الكاسر إذن؟ فإذا كان الأقوياء غير قادرين على التحرك، بسبب ضعفهم النسبي، للوقوف في وجه الوحش الأمريكي، فكيف نطلب من دول هزيلة أن تتحرك؟ مستحيل. لقد رحم الله إمراً عرف قدر نفسه. والذين لا يُقدمون على مواجهة اليانكي الأمريكي من الدول لا يفعلون ذلك بدافع التواطؤ، كما قد يتبادر لأذهان للسذج، بل بناء على شعور سياسي غريزي كالذي تتصرف على أساسه الحيوانات في الغابة تماشياً مع قانون الغاب.
لا أبالغ إذا قلت إن سياسة الدول، صغيرها وكبيرها، تشبه إلى حد كبير سياسة الحيوانات. هل رأيتم يوماً نمراً، أو فهداً، أو ذئباً، أو ضبعاً يتصدى للأسد كي يصده عن افتراس غزال، أو أرنب، أو حمار وحشي؟ بالطبع لا . ليس أمام الحيوانات المفترسة الأقل قوة من الأسد إلا أن تبارك سياسته دون أي تعليق أو معارضة، أو تغض الطرف عنها. ثم هل رأيتم يوماً الذئاب والنمور والكلاب والضباع تشكل جبهة لمواجهة الأسد ووقفه عند حده؟ أبداً لا. هل شاهدتم أرنباً يتصدى للثعلب كي يمنعه من افتراس أرنب آخر، أم إنه يلوذ بالهرب خوفاً على جلده؟ إنها سياسة الطبيعة والغريزة.
لكن بينما تتصرف الدول على أساس غريزي شبيه بتصرف الحيوانات في الغابة، فإن هذه القاعدة لا تنطبق، ويجب أن لا تنطبق على الجماعات الصغيرة. ففي الوقت الذي تجفل فيه الدول الكبرى والصغرى أمام الأسد الأمريكي خوفاً على نفسها ومصالحها، فإن حركات المقاومة تستطيع أن تدمي مقلة الأسد، لا بل تجعله يرتعد. لقد أنجز المقاومون في العراق ضد المفترس الأمريكي أكثر مما أنجزته كل الدول العربية. ولا شك أن الكاوبوي يخشى على نفسه من المقاومين أكثر مما يخشى من الدولة العراقية المزعومة ألف مرة. وكذلك الأمر بالنسبة لأفغانستان، فقد وجدت أمريكا نفسها مضطرة لطلب الصلح مع حركة طالبان. وحدث ولا حرج عن المقاومة اللبنانية ومآثرها الأسطورية في وجه أمريكا وصنيعتها إسرائيل.
لا نحكي جديداً إذا قلنا إذن إن حروب الأنصار والعصابات أنجع مئات المرات في مواجهة المستعمر. ولا أعتقد أن حركة مقاومة شعبية فشلت على مدى قرون في هزيمة محتل. كل حركات المقاومة انتصرت تاريخياً.
ليس صحيحاً أبداً أن زمن الثوار قد ولى. لقد قال الشاعر الراحل محمود درويش يوماً: "أين تطير العصافير بعد السماء الأخيرة"، متحسراً على انغلاق الأبواب في وجه المقاومين. لكن أبواب المقاومة لن تغلق أبداً لمن أراد أن يقاوم. لقد ظن البعض أن المقاومين الأفغان قد ذهبوا أدراج الرياح بفعل الجبروت العسكري الأمريكي الهائل، ناهيك عن أن وزير الدفاع الأمريكي السابق رامسفيلد أعلن موت حركة طالبان بعد دقائق من الغزو الأمريكي لأفغانستان. لكن طالبان بقيت، وانتهى رامسفيلد. ولا أقول هذا الكلام انتصاراً لطالبان، بل لمبدأ إنساني عام، وهو أن من حق حتى الشياطين أن تدافع عن نفسها. لقد خلق الله الأفعى بلا أرجل أو أيد، لكنه منحها سماً تستطيع أن تقتل به أشرس الحيوانات وأضخمها.
فإذا كانت الحيوانات المستكينة المتمثلة بالدول تخشى سبع الغابة، وتتجنب مقاومته، فإن الأفاعي تستطيع أن تلدغه من حيث لا يدري، مع الاعتراف بالفارق الكبير بين أخلاقيات المقاومين النبيلة وأخلاق الثعابين.