عالم خالي من صدام حسين ؟
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 26 يوماً
الثلاثاء 01 مايو 2007 08:42 ص

مأرب برس ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ خاص

يوم ان كان المرحوم صدام حسين يستعرض الجيوش ويطلق الرصاص فوق الرؤوس ملقيا كلماته الرنانة عبر وسائل الإعلام مثيرا مشاعر ملايين الج ماهير العربية والإسلامية خاصة عند تعرضه لقضيتهم الاساسية "فلسطين المحتلة"ويوم ان كان يسعى لامتلاك سلاح رادع يعمل من خلاله على حماية املاك ومصالح الامة التي فرط حكامها بكل مقدراتها التي تحولت الى "وقف"للقوى الغربية , ويوم ان كان المرحوم يحمل مشروعا فكريا واقتصاديا لأمة مهزومة ظن أنه به مجتهدا سيعيدها الى الواجهة . يوم ان كان صدام حسين كذلك قالت القوى الغربية التي تحكم الأرض انه يشكل خطرا على العالم وأمنه واستقراره فآمنت الانظمة العربية برواية الملوك والاسياد فعملت معهم على تنفيذ مخططات وضعت بدقة لأزالة ذلك الشر حتى يهنا العالم بالامن والاستقرار والحرية والديمقراطية ولكي ينعم بالسلام المزعوم عبر حل المشكلة الدائمة فلسطين المحتلة التي كانت بغداد حسب رؤية الاسياد المفتاح السحري الوحيد لحلها وازالة صراعها الدائم.

حرب اقتصادية مسعورة شرعتها هيئة الغنم المتحدة بعد ان فرضها ملوك الارض ليطبقها بدقة متناهية حكام العرب والمسلمين الذين يتحملون مثل اسيادهم مسؤولية كل ما حدث من دمار وخراب وموت للأرض والشجر والبشر في العراق نتيجة الحصار التاريخي الذي منع اقلام الرصاص من الدخول لأنها تشكل "نواة"سلاح الدمار الشامل الذي بسببه اندلعت الحرب التي أسقطت صدام حسين حسب قول الفرحين ,لكنها في حقيقة الامر مثلت سقوطا مروعا لأمة كاملة بتاريخها الممتد منذ الأزل حتى هذه اللحظة التي اكدت براءة العراق من تهمة سلاح الدمار الشامل.

لم تكن مهمة المفتشين حماية العالم من شر "الديكتاتور"كما اعتقد البعض لكنها ببساطة شديدة مثلت الضوء الأخضر للقوى الدولية لحرق واجتياح العراق الذي حاول الصمود غير ان خيانة الدول المجاورة وحصار الغذاء والاقلام وموت الموقف العربي والاسلامي الرسمي واستخدام اسلحة الدمار الشامل من القوى التي عملت على منع المرحوم من امتلاكها الي جانب نفاق هيئة الغنم المتحدة ,ذلك كله ادى الى تقليص فترة الصمود لتنجح امريكا وبريطانيا في تحقيق نصر منقوص لازالت الاستراتيجيات والاموال والجنود والمساعي تتكرر ليل نهار لتعميده بنصر كامل قائم علي اقتلاع المقاومة التي يحاول"المنتصرون"تشويهها بإرهاب القاعدة-اكبر كذبة في هذا العصر-وإثارة الحرب الطائفية كانتقام من شعب اجبر المشروع علي الانكسار في رمال ارض العراق الطاهرة.

افرح النصر المنقوص بعض اهل العراق والعديد من الدول المتعادية التي اشتدت فرحتها بالقبض علي مصدر الخطر العالمي صدام حسين واركان نظامه بعد استشهاد ولديه وحفيده في معركة وصفها التاريخ بالغبية والغريبة اذ حاربت دول باسلحتها وجيوشها ثلاثة اشحاص احدهم عمره 14عاما واكتملت فرحة الدول الاعداء يوم اعدام صدام حسين لترقص بعض القلوب والأقدام علي جثته معيدة عيدين فيما كان المشهد لدى آخرين مأساة وهمجية وحكم تاريخي قاس وشديد.

قالت رواية الملوك ان اعدام المرحوم سينهي او يقلل المقاومة وسيجبر أزلامه علي إلقاء السلاح لأنهم سيؤمنون ان امل عودته الى الحكم قد انتهى يوم العيد غير ان ذلك الاعدام لم يؤتي أكله لان احداث العراق اليوم اثبتت ان اعدام يوم العيد لم يحقق اي نتيجة.

بحكم سلاح الدمار الشامل ونظرية الديكتاتور الخطير اللذان أصبحا الان في سياق الماضي تخلص العالم من الشر والمفروض حسب رواية الملوك ان يحل الامن وتنتشر الحرية والديمقراطية وتحل القضية الفلسطينية وتتاهل الدول العربية الى نهائيات كاس العالم كما ان ظواهر الفيضانات والتصحر وموجات البرد القارس والحر الملتهب ستتوقف ومن الممكن ان يطالب العالم باكمله الشعب الامريكي بأبقاء الرئيس جورج بوش في منصبه الرئاسي مدى الحياة مكافأة له على هذا النعيم كما ان عودة الجيوش وعلى راسهاالجيش الامريكي الى اوطانها اصبح امرا مفرغا منه فقد تم اعدام سلاح الدمار وصاحبه ولم يعد هنالك اي خطر في العالم.

رحل المرحوم صدام حسين في مشهد راقص وجارح واختفى الاثر لأسلحة الدمار الشامل في مشهد مخجل وفاضح وبرغم ان الاثنان معا بحسب رواية الملوك والاسياد وايمان حكام الهزائم والنكسات كانا مصدرا للخطر والفوضى في العالم الذي يجب ان يهنا بموت الشر العظيم ويستعد لجني ثمار السلام والمحبة والخير والحرية والديمقراطية وذلك كله بالطبع لم ولن يتحقق فالقاء نظرة على العالم عامة والعراق خاصة للاطلاع على شلالات الدماء وعويل الفجائع وركام الدمار مما يؤكد ان المرحوم كان ضحية لانظمة دولية وعربية يتحكم في قراراتها مجموعة من مصاصي الدماء ويكفي فقط الاشارة الى ان الحرب على العراق واحتلاله كلف ثمنا باهظا في كل الجوانب فامريكا حسب روايتها الرسمية فقدت ما يزيد عن 3000الف جندي وزاد عدد الجرحى في قواتها عن 22800جندي وصرفت ما يتجاوز 350مليار دولار فيما كان عدد القتلى العراقيين اكثر من 650الف قتيل كما ان اميركا بفضل عبقرية جورج بوش تحظى بكراهية وحقد عالمي متزايدين,اما هيئة الغنم المتحدة فقد اثبتت ان مهمتها الوحيدة نصرة الاقوياء وهزيمة الضعفاء وفي الجانب العربي الاسلامي اعلن منذ زمن واعيد الاعلان يوم العيد عن موت الموقف الرسمي لتلك المسميات وتبشر الاحداث العالمية برغم غياب مصادر الخطر العراقي بانفجار قادم ستكون ويلاته مدمرة لقوى قوية وضعيفة مما يدل على ان الحرب على العراق لم تؤدي الا الى نتيجة واحدة من المحتم اختلاف التدوين التاريخي لوقعها بسبب اختلاف المعارضين والمؤيدين لهالكنهم لن يختلفوا في التوافق على انها فقط الخلاصة الوحيدة لحرب العراق التي توقفت ثمرتها الوحيدة في راس الشهيد صدام حسين مع ملاحظة ان الرؤوس الباقية من اركان نظامه المتوقع قصها او شنقها لا تمثل اي نتيجة او رصيد حقيقي في ميزان ثمار النصر المدجج بالاستراتيجيات المتلاحقة لكن من المهم ادراج تطايرها ضمن مسلسل الحقد والانتقام اللذان اصبحا عنوانا رئيسيا لعراق الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وهنا نطرح سؤالا من المحتمل ان تحمل السنوات القادمة احابة له قد تكون فضيحة لكل اطراف الانتقام في العراق اليوم والسؤال يقول ما هو الثمن من ثروات العراق الذي بموجبه وضعت امريكا وبريطانيا راس المرحوم في حبل المشنقة.

aalmatheel@yahoo.com