هل له أن يبالي بما سيقوله التاريخ عنه
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 17 يوماً
الثلاثاء 10 يوليو-تموز 2007 04:59 م

مأرب برس - خاص

لا شيء يجعل الدم يغلي في الرأس إلا قضايا القهر والإذلال الذي يعاني منه المواطن ، ولا شيء يثير الإحباط كما رؤية حالة الفوضى العارمة التي تضرب أطناب البلاد من أقصاها إلى أدناها ، ولا شيء يصيب في مقتل إلا قضية أنيسة الشعيبي التي عانت هي وطفليها من قهر يهدم الجبال .

فأنيسة وطفليها ريم وهارون كما يعلم الجميع كانت أول قطاف برنامج الرئيس ( يمن جديد ، مستقبل أفضل ) وأنيسة كما تروي الحكاية امرأة يمنية تم اعتقالها لمدة ثلاثة أشهر هي وطفليها وتم اغتصابها في السجن بتهمة أنها قتلت زوجها الذي هو وحتى اللحظة حي يرزق ثم يطلق سراحها ، وفي المحكمة التي لم يحضرها الجناة إلا بعد ثالث جلسة كان هنالك حشد كبير من أفراد وضباط البحث الجنائي وأمام مرأى من القاضي يقومون بتهديد أنيسة وطفليها ومحاميها وتمنع وسائل الأعلام من حضور جلسات المحاكمة .

طبعا هنالك قضايا أخرى مثل قضية أنيسة الشعيبي والتي تصيب إنسانيتك في مقتل ،كقضية الطفلة سوسن التي هي الأخرى اغتصبت والحامدي الذي قتل أمام طفليه ولم يتم القبض على الجناة رغم معرفة الجميع بهم وذلك لأن القتلة كالعادة هم من سنحان وقضية تهجير الجعاشن من مناطقهم التي انتهت بفضيحة وتم طمرها وكأن شيئا لم يكن ، أما عن التنمية فهناك و في هذا الوطن أكثر من سبعون في المائة من سكانه لا يجيدون القراءة والكتابة كما أن أكثر من نصفهم يعيش تحت خط الفقر والنصف الآخر هو فقير ويتمتع بمتوسط دخل سنوي متدني جدا لدرجة أن متوسط دخل المواطن الفلسطيني أعلى منه برغم وجود الاحتلال الصهيوني وعدم وجود دولة بينما نحن ندعي بأننا دولة مستقلة وذات سيادة وان من يحكمنا هو نظام وطني أصيل ، وأن 46% من أطفالنا دون الخامسة يعانون من سوء التغذية كما أن النظام الصحي والتعليمي شبه منهارين .

وهذا يحدث تحت نظام تصفه التقارير الدولية بالنظام الفاشل والذي يعني أنه قد يدخل حرب أهلية في أي وقت أو أن يمزق في أي لحظة إلى أكثر من دولة ، كما تصفه تلك التقارير بأنه نظام فاسد ويعتمد في حكمه على الطريقة القبلية البدائية وقوة الجيش ضد مواطنيه وأن حقوق الإنسان فيه تنتهك علانية وفي كل وقت .

وكل هذا يحدث بعد مرور 45 سنة من قيام الثور اليمنية منها ثلاثين سنة متواصلة من حكم علي عبدالله صالح ، فكيف اختطفنا الزمن كل تلك الفترة لنصحو ونرى أن بلادنا تمت مصادرتها وسحقت عظامها بهذا الشكل ، أننا دولة ( الصفر ) بكل استحقاق وجدارة .

هل من حق أحد في هذا الوطن أن يعترض على الضباط الذين خرجوا مؤخرا في عدن يصفون نظام الحكم الحالي بالمستعمر أم أنه من الطبيعي أن نستغرب كيف صبروا كل تلك الفترة حتى خرجوا عن صمتهم ومعاناتهم. أليس هذا النظام وهذا الوضع يجعل أكثر الناس تمسكا بمبادئه يكفر بها ، ألا يفهم الرئيس بأنه يقود البلاد نحو ما بعد الهاوية بعد أن أخرجنا من هامش الحياة وصرنا في ذيل قائمة العالم .

بحق الله وكمواطنين بسطاء ماذا جنينا من الوحدة اليمنية غير الخطابات الرنانة وتقديسها كأنها منزلة من سماء خاوية لا يجوز الحديث عنها .

 تبا لم نكن في يوم من الأيام نحلم بهكذا وطن يقتسم الفقر والتخلف والنهب ، وطـــن توحد و ألغى مباشرة حسناته وعمم كل موبقاته بالتساوي على الجميع فصار الهدف المشترك لجميع سكانه هو مغادرته فورا والبحث عن حياة كريمة في أي مكان آخر في هذا العالم ، صرنا وبعد أن كانت لدينا قيم ومبادئ أصلب من الحديد نوشك أن نتنازل عنها ونبدلها إلى أسوء ما قد يعتنقه الإنسان ألا وهو التطرف الديني أو الجهوي والمناطقي .

من السخف أن نرى النظام الحاكم كيف يعالج مشكلة تفجير مأرب بالشجب والاستنكار والإعلام ، لأن سبب هذه الأعمال ليست أسباب طارئة ممكن معالجتها بتلك الطريقة الاعتباطية ، بل أن تلك الأعمال هي نتيجة طبيعية لحكم دام كل تلك الفترة ولم يخرج بنتيجة إلا بشباب تائه لا يعرف أين مستقبله وأين ستلقي به الأيام ، لتتلقفه تلك الجماعات الراديكالية الدينية وتمنحه حور العين في الجنة وتستعجل تزوجيه منها بتفجير نفسه أمام أي مقر أو مركز أو قافلة للسياح .

أن ما تسميه الدولة بالإرهاب، هو بالمقارنة مع إرهابها يبدوا وديعا جدا .

ألف سؤال وسؤال يستحق أن يطرح على طاولة الرئيس ولا احد سواه ، ربما أهمها ماذا يريد أن يفعل بالوطن أكثر مما هو عليه الآن ، وهل هناك خطة ممنهجة لتدمير اليمن والإنسان اليمني نفذت بنودها بإتقان ، وإلا كيف نفسر أن يصر كل تلك الفترة على إعلاء شأن القبيلة والمشائخ على حساب الدولة والقانون والنظام وأن يرفض حتى التفكير في نزع الأسلحة ألتي جاءت بنكبات متتالية علينا أو محاربة القات التي دمر الإنسان اليمني ودمر صحته وكيانه وجعله أضحوكة أمام ألعالم كله ، كيف استشرى الفساد في كل مفاصل الدولة دون أن يحرك ساكنا غير الوعود الكاذبة ، ثم كيف برزت أقلية باذخة وثرية في الحكم والشعب يفترش الأرصفة ويعبث بمحتويات بقايا فضلاتهم من الأطعمة على حاوية النفايات ، إننا شعب مسحوق قد نتعلق بأي قشة حتى ننجو من الغرق ، إننا مؤهلون للانفجار في أي لحظة ، وأن كان حضرته لا يبالي بنوعية وكيفية هذا الانفجار ، فهل له أن يبالي ولو قليلا بما سيقوله التاريخ عنه !؟