إلى الجيش اليمني والمؤسسة العسكرية
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 13 يوماً
الثلاثاء 15 مارس - آذار 2011 06:45 م

الجندي اليمني يعاني بالضبط أن لم يكن أكثر مما يعانيه المواطن المدني وهذا لأن رواتبهم تقريبا متقاربة ولأنهم يسكنون أيضا في منازل بالإيجار ويسددون نفس قيمة الفواتير ويعانون سويا من الغلاء وانعدام الخدمات...الخ وعليه ومن الطبيعي أن يشعر ويتفهم هذا الجندي في قرارة نفسه لماذا خرج الشعب يطالب برحيل المتسبب بمعاناته، وأيضا يجب أن يفهم هذا الجندي وهو أكثر فرد متضرر في المؤسسة العسكرية أن خروج الشعب جاء لأجله أولا وأجل أبنائه ومستقبلهم وليس لشيء آخر على الإطلاق.

مادمنا مواطنين في دولة واحدة ونعاني جميعا من سوء هذا النظام واستبداده وإفقاره للشعب اليمني، فأنا آمل وأتمنى من عناصر وضباط الجيش اليمني أن يفهموا أن قتل مواطنيهم وإخوانهم هو في حقيقته حماية لأسرة مكونة من بضع أفراد تمتعوا ولمدة ثلاثة وثلاثين عاما بثروات البلاد وأموالها وبنوا قصورهم داخل وخارج الوطن وتم تدريس أبنائهم في كليات وجامعات أوروبا وأمريكا وتوفرت لهم كافة الامتيازات، وان هذه الحماية لا تعني إلا قبول بهذا النهب المنظم على حساب الشعب ومزيد من إفقاره، كما أن إطلاق الرصاص وبهذا الشكل لا يمكن له أن يعتبر عمل وطني على الإطلاق وقد يصنفه البعض ضمن الخيانة ومس بدور الجيش الذي به من المفترض أن يكون على الحدود يحمى الوطن والشعب .

يعلم الجميع أن الثلاثون السنة الماضية تركت أثرها على كثير من العقول وخاصة العقل الأمني والعسكري وتعرضت عقيدته لكثير من الخدوش والانحراف وتبدلت المفاهيم لديهم إذ استخدمت كل الأساليب لأجل ذلك وهذه ديدن كل نظام ديكتاتوري يضع كرسيه وحكمه قبل كل شيء آخر، فصارت مهام الجيش الوحيدة هو حمايته وبعض من أفراد أسرته أو شن الحروب ضد جزء من شعبه، ونحن بالكاد نذكر لجيشنا اليمني خوض حرب حقيقية دفاعا عن الحدود أو السيادة الوطنية ، هذا المسخ الممنهج طال جميع آليات الدولة الأخرى كالإعلام الذي سخر وبكل أدواته لأجل تمجيد هذا الفرد والاقتصاد الذي أصبح مختلط ما بين العام والخاص للأسرة الحاكمة ولا نعرف ما هي العوائد الحقيقية للنفط أو الغاز بينما ضربت كل أدوات الاقتصاد الأخرى ما لم يكن هنالك فرد من النظام الحاكم شريك فيه، ثلاثون عاما قاسية جدا على أكثر من جيل، قهر معنوي ومادي لا يقل إذلال عن حكم الأئمة، وتحولت ثورة اليمن ووحدتها عناصر لا قيمة لها ولا اثر يعود على حياة المواطن العادي، إلا أنه ورغم هذا التهميش التام للكرامة الإنسانية في داخلنا، خرج جيل ينتفض توقا إلى الحرية، خرج الشعب كله إلى الشوارع لا يريد سوى إسقاط النظام والبدء بحياة كريمة تمنحهم ما يستحقون، وحتى الآن اثبت الشعب اليمني حكمته وجدارته في قيادة هذه الثورة بمنأى عن كل الأحزاب السياسية وبدأت السبحة تكر من حول الرئيس وأصبح الجميع يريد أن يتطهر من دنسه وهاهي الاستقالات كل يوم من المؤتمر الشعبي العام وهاهي القبائل تعلن انضمامها وها هو العالم كله يشاهد الجشع المنقطع النظير للرئيس وأولاده وإصرارهم الدموي بقتل المدنيين وأن استدعى الأمر كل الشعب حتى يظلوا في الحكم إلى ما لا نهاية.

الجيش المصري والجيش التونسي ليس أكثر وطنية من أفراد وضابط جيشنا في القوات المسلحة أو الحرس الجمهوري أو الأمن المركزي، وأعلم يقينا أنهم لا يرغبون بإطلاق النار أو القتل، وأعلم يقينا أن ضمائرهم ووجدانهم مع هذه الثورة المباركة ،ولا اشك للحظة واحدة أن هذا الجندي والضابط سيتأخر أكثر مما يجب في القيام بأشرف ما يمكن أن يعمله جندي في التاريخ وهو الانحياز إلى شعبه ومستقبل أنبائه .....انه الوطن يناديكم فلا تتأخروا عليه يا شرفاء المؤسسة العسكرية .