آخر الاخبار

بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟

زامرُ الحيّ لا يُطرِب!!
بقلم/ نشوان السميري
نشر منذ: 16 سنة و 4 أشهر و 25 يوماً
الأحد 06 يوليو-تموز 2008 12:27 ص
من أطرف الرسائل التي وصلتني الأسبوع الماضي رسالة حوت مقارنة جميلة بيّـنت الفرق بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، ورأت أن هذا الفرق لا يعود لقدم هذه الدول في التاريخ، وأنه ليس بالضرورة شرطا لازما للنهضة الغربية الحاصلة اليوم على كآفة الأصعدة، فمصر والهند بلدان يفوق عمرهما ألفي عام ومع ذلك تعدان من الدول الفقيرة، في حين أن كندا واستراليا ونيوزيلندا هي دول غنية ومتطور ولم تكن موجودة قبل 150 عاما فقط.
غير أن هذه المقارنة التي تعيد سبب تقدم الدول وتأخرها - في نهاية مشوقة - إلى عوامل السلوك والإيمان بقيمة العمل لم تشد انتباهي، على أهميتها، بقدر ما شدتها تلك المعلومة التي أكدت أن المديرين في البلدان الغنية من خلال علاقتهم مع زملائهم في البلدان الفقيرة لم يجدوا فروقا تميزهم عن غيرهم من الناحية العقلية أو من ناحية الإمكانات عن هؤلاء في البلدان الفقيرة، وقد لامست هذه المعلومة جرحا نازفا فينا فأوجعته حقا عنوانه "عقدة الأجنبي"
. وقديما قالت العرب: زامر الحي لا يٌطرب، وقد صدقوا ، حتى أن الشواهد اليوم كثيرة وهي في بعض الأحيان مخجلة.  فما أشد تأثير كلمة قد يقولها الأجنبي شخصا أو منظمة أو هيئة أو حتى دولة عن وضع داخلي يهمنا نحن بالضرورة ولا يعنيهم، فنسمع دويـّاً لها ونحسب لها ألف حساب، بينما قد يقول "المحليون" على مختلف مشاربهم كلمات صيغت بماء الحكمة فلا تصل إلى الآذان فكيف ستلامس شغاف القلوب؟ لقد أصبح إيمان البعض منا بالأجنبي أعمىً وراسخا إلى درجة احتقار ذاتنا وكأننا مجرد أشياء لا قيمة لها، ومازال هؤلاء يتحدثون بلساننا ويرتدون زيّنا لكنهم انبتّـوا عن مجتمعنا وقرروا طلاقه طلاقاً لا رجعة فيه. أذكر مرة في هذا الشأن أني كنت أزور مؤسسة إعلامية كبرى في عمل يخصني، وعندما وصلت كان أحدهم قد سبقني مع المصمم الفني في عمل مطوية تخصه، كان يقول له: "اعتن بهذه الفقرة فهي باللغة الانجليزية موجهة للأجانب" وعندما وجّهه لوضع نص عربي أبدى ضيقه وتأففه فجأة وقال له:" هذه فقط للمحليين المعفـّنين" وقد يتذكر هذا "المٌنبت" نفسه إن قرأ مقالي هذا، وليته نظر لها في المرآة ليرى حينها شدة قبحه. ومن المضحكات المبكيات أن الاستقواء بالخارج أيا كان أصبح أيضا علامة عربية بامتياز، وبات الآخر الأجنبي مكمن الحكمة والحقيقة وعنوان التميز والإبداع، ومع احترامنا الجليل لقلة منهم مخلصة في عملها، تظهر لنا الأيام والتجارب أن ليس كل ما يلمع ذهبا. فهذا الخبير الأجنبي الذي إن طلب أٌجيبَ إلى طلبه وإن اشترط رَضِي؛ قد لا يطاول قامة محلية وطنية في مجاله، بل تتوفر في "المحلي" ميزة فوق ذلك لا يمتلكها الآخر عنوانها العطاء المتحمس من أجل النهوض بواقع ينتمي إليه ويحبه، إن البعض مهووس فقط بإنفاق الأموال الطائلة التي يستنزفها الأجنبي انبهاراً به، وقد يوفرها المحلي بخبرة حصيفة وقناعة صادقة.
ومما يذكر في هذا السياق أن إحدى الخبيرات الأجنبيات فشلت فشلا ذريعا في تنفيذ برامج تدريبي أسندته لها منظمة دولية لحساب منظمة محلية يمنية، ولم يجد المنظمون المحليون من خيار لتفادي تردي الوضع سوءًا سوى اللجوء إلى المادة التدريبية التي أعدها ونفذها لهم خبير وطني في الموضوع نفسه بنجاح مشهود قبل فترة بتمويل محلي وأجر يقل عشرة أضعاف عن الأجر الذي تقاضته "الخبيرة الدولية" وشرّ البلية ما يضحك. إننا بحاجة ماسة إلى استعادة الثقة في أنفسنا وفي كفاءاتنا وقدرتنا على الفعل والفعل المتقن أيضا، كما أننا بحاجة أكبر إلى تقدير ما نفعل واحترامه بأكبر من القدر الذي نمنحه "للأجنبي" عسى أن "نفك" عقدة في المخيلة العربية لا ندري متى غزتنا سهوا وصدقناها، والرائد لا يكذب أهله.
* خبير إعلامي ومدرب
n.sumairi@gmail.com