يوم يصنع الشعب مجده
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 16 سنة و يومين
الخميس 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 06:30 م

طوال ايام الأسبوع المنصرم تتابعت أخبار المهرجانات المحتجة على إنفراد الحاكم بإجراءات الإنتخابات, وكذلك كانت أخبار الإعتقالات في تعز والعاصمة والضالع وذمار وغيرها, وجميعها تؤكد أن خطوات متقدمة من النضال السلمي تخطوها المعارضة بمساندة شعبية لم تكن متوقعة للوصول إلى التغيير المنشود.

فكلما وصلني خبر أو صور عن مهرجان أو إعتصام أو حراك رافض لما وصفه أبناء الجوف "القرصنة على الإنتخابات", تمنيت أن أكون بين تلك الحشود التواقة للتغيير ورحيل نظام كان عنواناً للفشل والفوضى والفساد والقمع والإستبداد.

وكلما حظي الناشطين بشرف الإعتقال أصابني الحسد للشرف الذي أُحرم منه وينالونه بتضحياتهم وإصرارهم للمضي نحو اليوم الذي سيصنع فيه شعبنا مجده وسيحقق خلاصه ويتحرر من المستبدين والفاسدين.

هنيئاً لكم أيها الناشطون هذا المجد الذي ستصنعونه لوطنكم وشعبكم, هنيئاً لكم أيها المحتجون والرافضون هذه التضحيات والإصرار الذي تبتغون فيه خلاصكم وشعبكم ووطنكم الذي تستحقونه ولا يستحقه أولئك الفاسدون والمستبدون والعابثون بثرواته وخيراته وكرامته.

إنكم بما تقومون به تعلنون الوفاء للشهداء والأحرار الذين صنعوا ثورتي 48, 1962م, وأطلقوا الشرارة في 14 أكتوبر 63 ليصنعوا 30 نوفمبر 1967م, وتجددون العهد لهم بأنكم ستقدمون التضحيات (مهرجانات وإعتصامات سلمية, وإعتقالات أمنية) وغيرها من الضغوط وبذاءات التخوين والتكفير المعتادة, وغايتكم أن تعيدوا الثورة والوحدة إلى مسارها الصحيح وفق المباديء والقيم السامية التي كان تحقيقها ولا زال غاية ينشدها كل اليمنيين.

فقط عليكم أن تحملوا الورود والزهور بين أيديكم لتقدموها لأحبابكم من منتسبي القوات المسلحة والأمن الأبطال لتكون عنواناً للحب الذي تحملونه لهم, ورمزاً للحرص المشترك بينكم وبينهم على الوطن والشعب ومباديء وقيم الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر), وتأكيداً للحمة الوطنية التي تظلل اليمنيين مدنيين وعسكريين, في الشمال والجنوب والشرق والغرب, في حزب السلطة واحزاب المعارضة والمستقلين.

إحذروا إشاعات المستفيدين من إستمرار هذا النظام الفاسد ومحاولاتهم للنيل من إصراركم وتلاحمكم وسمو غايتكم وسلمية نضالكم وثقتكم بقياداتكم التي ملت المهادنة لأجل المصلحة العليا, ونفذ صبرها لأجل الوطن الغالي, ولم يبقى أمامها من خيار سوى اللجوء إليكم كشعب هو صاحب الحق ويمتلك القرار وبيده أن يصنع مجده ليحكم نفسه بنفسه, ويتحرر من قبضة حكام صاروا يعتقدون إمتلاكه والوطن وخيراته ومقدراته كأي متاع ورثوه أو أبتاعوه.

أيها المحتجون والرافضون لإستمرار ديمقراطية ديكورية وإنتخابات تمد النظام بالحياة وتطيل سنوات عمره, سترتفع رؤوس أبناء شعبكم وستشمخ هامة وطنكم, كلما رفعتم رؤوسكم في وجه الظالم والفاسد وصرختم بصوت عالٍ: يكفي فساد وعبث وفوضى, يكفي صمت وخنوع وذل وممارسة دور شاهد الزور.

الجباه في الداخل والخارج ستنحني إجلالاً وإحتراماً أمام قوة عزيمتكم وصلابة إرادتكم, ومتانة رفضكم وإحتجاجكم ورسوخ وحدتكم ولحمتكم, ووضوح هدفكم وغايتكم ونبل وسمو مبادئكم وقيمكم, سترفعون من شأن وطنكم وشعبكم وستعيدون للبلدة الطيبة مجدها وعزتها وحضورها بين بقية دول العالم.

بوقفتكم هذه وإصراركم هذا ستمنعون العبث بثروات وخيرات وطنكم, ستجهضون مشاريع التوريث والتمديد والإنقلاب على مباديء الثورة وقيم الوحدة ومقاصد الديمقراطية, ستمنعون تصاعد أعداد المتسولين المتزايدة والمتهربين لدول الجوار, والمهانين والمسلوبين الحقوق والحريات المتواجدين في كل دول العالم وفي كل مديريات وقرى وأحياء الوطن المنكوب بهذا النظام.

رغم ماتعانوه من شظف العيش وأحوال معيشية صعبة وإقصاء وظيفي وتهديد لمصالحكم الخاصة والعامة وترغيب وترهيب وإعتقالات وملاحقات, إلا أنكم بإرادتكم الحرة وعزيمتكم المتوهجة تناضلون وتجهدون أنفسكم لتسجلوا تاريخ جديد لوطنكم وشعبكم بشر به أبو الأحرار الشهيد الزبيري منذ نصف قرن تقريباً حين هتف للبراكين التي ستهب من مضاجعها, لتكتسح الطغيان وتلتهمه.

أنتم وحدكم من بأيديهم أن تصنعوا مجد الوطن وتسجلوا تاريخ جديد لشعبكم, وبإرادتكم وإصراركم تأخذون زمام المبادرة والقيادة لتكونوا القادة وصانعي القرار, ليكونوا موظفين لديكم ومنفذين لإرادتكم ورغبتكم سواءاً أولئك المتعالين عليكم في السلطة أو المتباطئين من قادة المعارضة.

سيروا ببركة الله وعونه نحو غايتكم ومارسوا نضالكم السلمي, ولا تلتفتوا لبلبلاتهم ووساوسهم وتهديداتهم, ولا تهتموا سوى لمصالح وطنكم وشعبكم, وأحرصوا على تحقيق ماقدم أولئك الأبطال لأجله أرواحهم ودمائهم الزكية, دولة مؤسسات ونظام وقانون وديمقراطية حقيقية ومواطنة متساوية وعدالة إجتماعية وحكام هم موظفين لدى الشعب وليسوا ملاكاً له كما عملتم في إنتخابات 2006 قاصدين غايتكم الخالدة (رئيس من أجل اليمن, لا يمن من أجل الرئيس).