الثورة تتخبط .. فمن المسئول ؟!
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 7 أيام
الأحد 17 يوليو-تموز 2011 10:17 م

أعلنت المناضلة الشعبية توكل كرمان في مؤتمر صحفي عن تكوين المجلس الرئاسي الانتقالي والمكون من 17 شخصية يمنية في الداخل والخارج وعين المجلس قائدا أعلى للقوات المسلحة ورئيسا للقضاء الأعلى ! ويضم المجلس أسماء سياسية لامعة ومن جهات سياسية مختلفة ومناطق يمنية متعددة كعلي ناصر والعطاس وباسندوه وعشال وغيرهم .. ولا ندري هل تم التنسيق معهم حول هذا الإعلان وتحديد مهامهم ودورهم القادم في هذا المجلس الموقر أم أننا سننتظر تصريحات تؤكد موافقتهم من عدمها ؟! والذي يتضح لأبسط المراقبين أنها خطوة تصعيدية لتحريك الموقف الراكد في مسيرة الثورة منذ إصابة الرئيس في جامع النهدين بصنعاء حتى خطابه الأخير من مدينة الرياض والذي لم يحمل جديدا في مضمونه ولا تجديدا في طرحه وإنما أعاد نفس الاسطوانة القديمة من العروض السمجة التي لا تزيل عن المواطنين همهم ولا تفي الشهداء حقهم , وأكد فيه بكل عناد وغرور جاهزيته الكاملة لمواصلة ماراثون التحدي والتصدي . ولكن التساؤل الأهم هل هي خطوة مدروسة قد تم تحديد أبعادها وأثارها ومردودها السياسي على الثورة والوطن وما سينتج عنها من ردود أفعال داخلية وخارجية سلبا وإيجابا ؟ وهل تم تخطيطها بالتوافق مع القوى السياسية الأخرى حتى وإن لم يظهروا في الصورة الإعلامية أو على اللائحة الاسمية ؟ أم أنها فقط رد فعل عشوائي غير مدروس يحمل طابع الضغط على السلطة للقيام بخطوة حكومية مستجدة يتم على وقعها تحديد الموقف اللازم ومحط القدم القادم , وهذا هو الأقرب للتحليل .. فالكل يعلم أن هذه المجلس لا يملك حاليا حتى 1% من مقومات إدارة البلاد , فأين موقع حكومته وإدارات سلطته ؟! ومن سينفذ قراراته وأوامره من السلطات التنفيذية في الميدان ؟ .

وهل اخذ شرعيته الدستورية وفقا للقانون حتى وان كان قانونا عقيما لا يلد تطبيقا ولا فاعلية ؟ والقائد الأعلى للقوات المسلحة المعين من قبل المجلس هل سيطيعه جنود قواتنا المسلحة إذا أمر بهجوم أو دفاع ؟! وكذلك رئيس القضاء الأعلى هل سيسمح له بواب المحكمة العليا غدا بدخولها وفقا لهذا المنصب الجديد ؟! أم سيرده بناء على عدم اعترافه به ! كما أن الأسماء التي عرضت ليس بينها تقارب ولا تنسيق وبعضهم لم نسمع منه تأييدا للثورة ناهيك عن ولاء وانضمام ! أسئلة كثيرة وعلامات استفهام كبيرة تحيط بهذا الإعلان ومدى جدواه وفاعليته في تحقيق تقدم نحو النصر المبين , ففي نفس الوقت الذي نجد فيه النظام يسير بخطى قوية ومدروسة نحو تحقيق أهدافه ومآربه نجد من المعارضة وشبابها تخبطا واضحا وحيرة وترددا في اتخاذ القرار وماهية الخطوة القادمة وكأن الصورة عندهم لم تعد واضحة فقد اختلطت عليهم أوراق الوضع ولم تعد لديهم القدرة على القراءة الصحيحة له .. وربما يكون هذا الإعلان ذريعة للسلطة في تنفيذ مخطط طالما حلمت به وهو القبض على قادة التغيير ورموزه وستجد في إعلان المجلس فرصة قانونية لتطبيقه ولن يعجز السيد عبده الجندي أن يسوق حججه الساذجة ليبرر هذا التصرف التعسفي و مقنعا بها الرأي العام ! وأكثر ما أخشاه أن يكون هذه الإعلان شطحة كرمانية أخرى تعيد إلى الأذهان دعوة الزحف على القصر الجمهوري ومجزرة كنتاكي الشنيعة , فالسيدة كرمان شخصية حديدية ولها حضور قوي ومؤثر وأقل ما أصفها به أنها رجل بين الذكور .. وفي ثنايا خطابها أكدت أن نظام علي عبد الله انتهى وباد ولكن ما يراه المواطن عكس ذلك فما زالت أياديه المحترقة تمسك خيوط اللعبة جيدا ويصنع يوما وراء يوم أزمة جديدة تمد في عمره السياسي وتحقق له مكسبا على أرض الواقع بين الناس بينما تصيب هذه الأزمات الثورة بداء الكساح والشلل النصفي .. فكم تمنينا أن تخاطبنا اختنا الفاضلة بحقائق من الواقع نراها ونلمسها كل يوم .. حقائق تشهد بتوقف قطار الثورة على رصيف المبادرات الخليجية في محطة المفاوضات الملكية , ولن يسمح له مالكها بالانطلاق حتى يتضح تماما خط توجهه وعلى أي قضبان سيسير!

ولكي لا نعيش في الإحباط والتشاؤم يبقى هناك أمل يشع أن هذا الإعلان جاء بمشاورة وموافقة كل الأطراف السياسية المعنية بهذا الشأن في داخل البلاد وخارجها وبدراسة مستفيضة من كل جوانبه وأبعاده مع تحديد الخطوات المصاحبة له والتحركات القادمة داخليا وخارجيا للضغط على السلطة وكسب التأييد والدعم اللازم من أجله .. وأن يكون إعلانه مصحوبا بضوء أخضر سعودي للمعارضة بتكوينه وربما الاعتراف به مستقبلا .. مع ضوء أحمر لامع للسلطة اليمنية بعدم الاعتراض والتعرض حتى إشعار أخر بذلك !! فالقضية تحتمل التغيير في المواقف والقرارات وفقا لمعرفة فقه الألوان وفن تمايل الميزان .. فالأحمر عليك أشد الخطر حتى تلبي لنا هذا الأمر .. والأخضر نحن معك فقد دفعت الثمن المقدر .. وبين اللونين يتأرجح الميزان ويميل دائما لمن يقدم لليد الممسكة به ثمنا أكثر أو تنازلا اكبر .