عاجل إلى شباب الثورة..الواجب الثوري تجاه المجلس الانتقالي
بقلم/ توهيب الدبعي
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 4 أيام
الأربعاء 20 يوليو-تموز 2011 10:32 م

قرأت ردود الفعل إزاء إعلان المجلس الانتقالي والتي كانت ما بين تأييد شعبي طبيعي وتحفظ سياسي منطقي واعتراض ثوري غير متوقع، ولخطورة الموقف اسطر هذه الرسالة العاجلة إلى الطرف الثالث المتبني موقف الاعتراض من إخواني شباب الثورة فهم المعنيون بها، وأفتتح المقالة بهذه التساؤلات:

ما الثورة..؟ وما الفرق بين العمل السياسي والفعل الثوري والقرار السياسي والقرار الثوري؟ وهل إعلان المجلس الانتقالي قرار سياسي أم ثوري؟ وهل يشترط فيه التوافق والإجماع الثوري؟ وما الموقف الذي يجب اتخاذه ويصب في صالح الثورة، وما الموقف الذي يجب الحذر منه ويرجح كفة النظام؟ ومن الذي يقع ضحية المؤامرة عند نقاط الحسم؟

قبل البدء بالجواب على التساؤلات أضع بين يدي القارئ هذه الحادثة : اعتدى رجل على شابين وصفع كليهما صفعة فرد عليه احدهما على وجه السرعة فصفعه وتدخل الناس ثم سئل الشاب لم فعلت ذلك؟ فأجاب الشاب: هذا الرجل أثار غضبي عندما صفعني وصديقي فصفعته وأخذت بحقي وحق صديقي..انتهى.

أولا :معنى أثار غضبي: من ثار يثور فهي –ثورة- الغضب، فالثورة هي الفعل \"السريع\" و\"المفاجئ\" الغير مدروس، هدفه الأعلى استرداد الحق قبل أي حوار أو نقاش أو وساطة أو مبادرة ، وهذا يعني أن الثورة منطقيا قبل الحسم لا تمنح الوقت لأي طرف يتدخل فضلا عن الخصم!!

ثانيا: الثورة لغة : الهيجان والقلب والعمق والظهور وفي القرآن \"تثير الأرض\" أي تقلب الأرض وتجعل عاليها سافلها وبتنزيل التعريف على الواقع الثوري يكون المعنى قلب موازين القوى فتجعل الضعيف قويا والأسفل أعلى والعكس.

واصطلاحا : تغيير جماهيري \"سريع\" و\"مفاجئ\" خارج القانون الفاقد للشرعية ذو اثر كبير يحطم الكيان القديم كليا ويؤسس لبناء الكيان الجديد جذريا..

ثالثا: في المثال السابق هل من المنطقي أن يلوم الشاب الآخر صديقه ويقول له لماذا لم تشركني في قرارك الثوري الحاسم لاسترداد حقنا؟ أنت إقصائي متهور وتحب الظهور..؟.

هل قرار الثائر يمتلك الوقت ليناقش؟ ربما الوقت والتدارس يفشل الفعل الثوري ويعطي الخصم فرصة الاستباق أو الرد أو التحصن..ويجعل تحقيق هدفك واسترداد الحق صعب المنال.

وأي إقصاء هنا؟ هل الفعل الثوري فعل غنيمة أم مبادرة تضحية تستحق الإجلال والاحترام والتقدير؟ إن الإقصاء يكون في الفعل أو القرار السياسي لأنه فعل غنيمة لا تضحية.

أريد أن اقو إن ثوراتنا اليوم هي ثورات حقيقية مكتملة الأركان والشروط حسم القدر أمرها حسب سنة الله وقد أوضحت هذا في مقال سابق \"دعوها فإنها مأمورة\" ويجب علينا توخي الحذر والأخذ بأسباب النصر حتى لا تتحول الثورات إلى انقلابات يستبدل فيها شكل الحاكم لا الحكم، ولأن اخطر ما في الثورات النهايات خصوصا نقاط الحسم والتي تبتدئ بإعلان المجلس الانتقالي كان لا بد من تسطير ما سبق من التوضيحات لتوجيه هذه الرسائل لشباب الثورة وهي:

1- بما أن السياسة ذات نفس طويل دائم وتغيير جزئي تدريجي والثورة تغيير جذري مفاجئ وسريع قد يطول قليلا لكن لا يدوم، والسياسة جهة مطالبة والثورة جهة تغيير تقرر ولا تنتظر القرار..من هنا يمكننا التعرف على الفارق بين القرار السياسي والقرار الثوري، فالقرار السياسي قرار مدروس يشترط فيه اللقاء والتشاور بين كل المكونات والإجماع والتوافق بين أطرافه ممكن الحدوث منطقيا.. والقرار الثوري سريع مفاجئ غير مدروس قد يبدأ به شخص أو اثنين أو مكون واحد من مكونات الثورة ولذا فإن الإجماع أو التوافق بين أطراف ومكونات الحراك الثوري أمر مستحيل الحدوث منطقيا كما هو واضح من مثال الرجل والشابين كونه يتسم بالفجائية وربما الفردية.

2- إضاعة الوقت في دراسة القرار أو الفعل الثوري والخروج برؤية جماعية فيه يتنافى مع طبيعة العمل الثوري لأن قرار الثورة قرار هدم في خطى متسارعة وفجائية، حتى صلاة الثائر - خصوصا عند نقاط الحسم - لا ينبغي أن تأخذ من وقته، فيصلي راجلا أو راكبا كل في موقعه ولو بالتسبيح لأن استغلال الدقيقة في الفعل الثوري مهم ولو من وقت الصلاة أقدس الشعائر فالاطمئنان أولا على الهدف الثوري \"فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة\" لأن الفعل الثوري تغيير سريع مفاجئ وحين تسلم الخصم عامل الوقت تضع في طريق ثورتك العراقيل.

بينما القرار أو الفعل السياسي قرار تغيير جزئي فقط يتسم بالتأني والدراسة والتوافق لتقدير ردود الفعل التي ربما تكون قوية لا يقدر القرار السياسي على المواجهة لضعف جدار الحماية-الأنصار- بخلاف الثورة التي تمتلك جدار حماية صلب من المد الشعبي الهائل يصعب على الشر مقاومتها كما جاء في تعريفات الثورة.

3- الفعل الثوري يمر بمرحلتين: الأولى: مرحلة الفعل الثوري يكفي أن يبدأ بفرد ، والنهائية: مرحلة الحسم الثوري يكفي أن يبدأ به مكون واحد ، لا يشترط في كليهما التشاور أو الإجماع بل تتسم بطابع الفعل الثوري - السرعة والمفاجأة –

الهدف في المرحلتين واحد: الأولى كسر حاجز الخوف من الفعل الثوري عند الأمة الصامتة وطلب تأييدها، وفي المرحلة النهائية كسر حاجز التردد من الحسم الثوري عند الأمة الثائرة وطلب تأييدها، وبهذا يصبح الفعل الثوري فعلا ثوريا مكتمل الأركان ومضمون النجاح في مرحلتيه..

وغياب هذا المفهوم أو الإخلال بهذا المبدأ الثوري يقود إلى هزيمة جماعية مؤكدة.. والمعارض لقرارات الثورة حينها يكون ضحية لمؤامرة وليس خائنا، وهذا الضحية يتصور أن الفعل الثوري لو جاء من فرد أو مكون واحد يكون ضد الثورة أو أنه إقصاء للبقية من المشاركة في القرار، وأي إقصاء هنا إلا أن يكون إقصاءً للآخرين من الفوز بكرامة الشهيد،وهل يسمي عاقل هذا اقصاء..؟ لأن الفعل الثوري وان كان بالفرز الأحادي الجمعي كإعلان شخوص المجلس الانتقالي هو تكليف ثوري محاط بالمخاطر والتضحية على المكلفين ولا يحق ترشح أي منهم للرئاسة في مرحلة ما بعد الثورة، على العكس من الفعل السياسي الذي يعد فيه الفرز الأحادي إقصاء حقيقي واستئثارا بالسلطة لأنه تكليف غنيمة بلا مخاطر.

وقرار الثورة لا يكون تشاوريا إطلاقا وإنما هي صرخة مظلوم غير مقصودة قد لا تعجب الناس في أول شرارة لها حين تجهر بالسوء لكن سرعان ما تكسب التأييد وتصبح سيلا هادرا من البشر تكسح العروش الظالمة ..وهو ما ينطبق على مفجر هذه الثورات محمد بو عزيزي رحمه الله..والذي استنكر الكثير إحراقه لنفسه ودخلوا في جدل عريض ورغم ذلك انفجرت الثورة بقرار ثوري وفرز أحادي لو كان قوبل بالرفض والاعتراض ما كانت هناك ثورة!! لذا من يعترض قرارات الثورة بحجة التهور أو الفردية أو الإقصاء يقف في صف النظام ويكون ضحية لمؤامرة أوقعه فيها غياب مفهوم الفعل الثوري عنده والخلط بينه وبين الفعل السياسي.

4- الفعل الثوري في المرحلة الأولى بدأ بالطابع الثوري المفاجئ ثم بعد ذلك توافق الجميع على مرحلة ما بعد الإعلان على سير العمل الثوري وتنظيمه في الساحات حتى كونوا صورة حضارية شدت أنظار العالم..وهكذا الفعل الثوري في المرحلة النهائية يبدأ بطابع ثوري فجائي وبعد ذلك تبدأ مرحلة التأييد والتدارس ليصل الجميع إلى توافق مرضي للجميع حول المجلس، وعبر تاريخ الثورات في العالم لم تكسب ثورة على الإطلاق إجماعا وطنيا لا في المرحلة الأولى ولا النهائية من الفعل الثوري إلا بعد تحقيق الهدف الثوري بزمن طويل والمطالبة بالإجماع في مرحلتي ما قبل تحقيق الهدف الأعلى عرقلة حقيقية ومشروع ناجح لإفشال الثورة لأنه مطالبة بالمستحيل.

5- أي فعل ثوري يسير في اتجاه الهدف من قبل أي مكون يجب تأييده وأي فعل يخرج عن النهج الثوري إلى السياسي كالحوار مع النظام أو بقاياه ولا يخدم الهدف الثوري يجب اعتراضه.. ومن أخطائنا أن لقاء بعض مكونات الثورة بهادي بعد النهدين دون تشاور مع المكونات الأخرى ولم يكن هناك إجماع وهو فعل سياسي ممكن التشاور لا ثوري ولا يسير في اتجاه الهدف وإخلال حقيقي بمبادئ الثورة ناتج عن غياب مفهوم الفعل الثوري عندنا وإلا ما كان ليقدم عليه الشباب مع إيماننا انه خطأ غير مقصود لكنه حتما يحدث عرقلة في طريق الثورة ولو في كسب النظام للوقت وعامل الوقت من اخطر أسلحة الخصوم في وأد الثورات ومع هذا لم نلاحظ الاعتراض عليه، بينما وفي اخطر مراحل الثورات وهي النهايات شهدنا الاعتراض والاحتقار والاتهام بالإقصاء على مكونات أخرى للثورة أعلنت المجلس الانتقالي والذي هو فعل ثوري يخدم الهدف ومجمع عليه ضمنا في قرار جمعة رفع الوصايا والحسم الثوري..فأي الفريقين أحق باللوم إن كنا ثائرين؟..وليس هذا حسابا لأحد حيث يشهد الله أنني لا اشك في ثائر غبر قدمه بغبار الساحات وثبت في مقابل الرصاص بصدره العاري يواجه الموت بالعشي والإشراق.

6- إن إعلان مكونات الثورة رفع الوصاية في جمعة رفع الوصاية واتفاق الجميع على التصعيد والحسم الثوري يعد ميثاق شرف بين كل المكونات، وإعلان المجلس الانتقالي هو مما تم الاتفاق عليه ضمنا ومعنى التصعيد لا ينطبق إلا عليه وما كان يحتاج إلا إلى فعل ثوري مفاجئ من أي مكون ثوري لكسر حاجز التردد ثم تبدأ مرحلة التأييد له للتوصل إلى مجلس توافقي أما الاعتراض عليه يعد إخلالا بميثاق الشرف في رفع الوصاية والحسم الثوري ويدخل في إطار الفعل الممقوت لأنه خلاف للشرف الفطري في الإنسان \"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون\".. جميعنا قلنا لا وصاية وقررنا الحسم الثوري لكن منا من قال وفعل، ومنا من قال ولم يفعل بل الأخير انزل المقت على من فعل وأظن أن ذلك كان بسبب غياب الفارق بين الفعل الثوري والسياسي عنده وليس الانتكاس في الشرف الفطري الذي أخذه على نفسه لإيماننا أن الجميع ثاروا لهدف واحد عن اقتناع وهم صادقون.

7- بعد هذا التفصيل هل يجوز التقاعس عن تأييد المجلس الانتقالي وهل يجوز التشكيك في مصداقية من بدأ بإعلان تضحيته في مرحلة الحسم الثوري كونها ليست غنيمة خصوصا إذا كان هؤلاء من السابقين الأولين في مرحلة الفعل الثوري والذين يثبتون في البدايات وهم قلة وأذلة فإن قانون الله يمنحهم شهادة \"لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد..\" وقانون السياسة النبوي يعطيهم شهادة \"لعل الله اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم\" إذ لو كان النظام قتلهم وهم قلة لاستطاع ولما كانت ثورة \"اللهم إن تهلك هذه العصابة-أهل بدر- فلن تعبد\"

8- يا شباب الثورة : لأن القانون في النصر \"وما النصر إلا من عند الله\" فالانتصار قد يكون بالقلة\" كم من فئة قليلة..\" ولأن القانون في الهزيمة \"قل هو من عند أنفسكم\" قد تكون الهزيمة مع الكثرة \"ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا\" وعادة لا يجهض الثورات إلا من يتقاعس عن إتمام الفعل الثوري عندما تلوح له الغنائم طمعا فيها..ولا يدري أن الفجر فجران وهما في قانون الثورة فعل وليس توقيت ولأن معنى الثورة قلب الموازين فالفجر الأول هو فجر النصر الصادق والفجر المتأخر هو فجر نصر كاذب...والواجب الحتمي الثوري على كل الثوار اليوم هو القرار المفاجئ والسريع بأن يجعلوا اسم الجمعة القادمة \"جمعة تأييد المجلس الانتقالي\" في كل مدن اليمن وهو ما سيقلب موازين النظام عاليها سافلها..واستبشروا حينها بنصر من الله وفتح قريب.

يا إخوتي الثوار في كل القوى

إن شئتم النصر المبين توحدوا

مدوا الكفوف لبعضكم وتعاهدوا

ألا خيانة والإله فأشهدوا

هبوا كسيل وسط ليل يرتمي

يمحو النظام من الوجود ويحصد

كالنار تحرق ليس تبقي أو تذر

منهم صغيرا أو كبيرا يفسد

يا معشر الثوار هبوا واحسموا

فاليأس يسري في النفوس ويقعد

إن التأني في الأمور سلامة

وإذا تأنى الثائرون سيحصدوا