المؤامرة على الثورة اليمنية
بقلم/ م/ فهد العبسي
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يومين
الإثنين 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 09:04 م

تتسع دائرة المؤامرة على الثورة اليمنية من محيطها الإقليمي إلى الدولي عن طريق العمل على إفشال الثورة اليمنية وخروجها إلى حيز الوجود مشلولة ومبتورة الأيدي والأرجل كما يفعل النظام بشباب الثورة اليمنية وذلك عبر المبادرة الخليجية المدعومة إقليميا ودولياً، والتي أتاحت للنظام الفرصة في المماطلة وتهيئة نفسه للقيام بالثورة المضادة.

وعلينا أن نتسائل هنا حول ما يدور في أروقة السياسة اليمنية، هل اليمن حصن منيع تتحطم عليه كل الأيدولوجيات والأفكار؟ حاول الزعيم العربي جمال عبدالناصر منذ بداية الستينات دعم الجمهورية العربية اليمنية من خلال تثبيت دعائم للنظام الناصري ومشروعه القومي العربي ولكنها أصطدمت بعوائق عديدة مما أدى إلى فشل المشروع الناصري، وبعده حاول صدام حسين إرساء وترسيخ الفكر البعثي ولكنه انهار ولم يجد له طريقا في اليمن وقبله سعى الإتحاد السوفيتي عبر اليساريين اليمنيين إلى نشر الأيدولوجية الماركسية ولكنهم فشلوا.

والآن نرى أن الديمقراطية تُقتل في اليمن من قبل رعاة الديمقراطية في العالم ، ونلاحظ أن التأمر الدولي قد أجهز علينا كشباب حر سعى لأجل الديمقراطية في اليمن ، فهم يقفون مع من يعمل على إرساء تجربة ديمقراطية شكلية، وضد من يريد تثبيت أو غرس الديمقرايطة الحقيقية وبناء الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والعدل والمساواة.

إن المتتبع لسير الأحداث في اليمن، يلاحظ جلياً بأن المجتمع الدولي والمتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية الراعي الأول للديمقراطية، والإتحاد الأوروبي وكذلك الإقليمي المتمثل بدول الخليج العربي، قد دلل النظام اليمني كثيرا مقارنة بالأنظمة العربية الأخرى التي تهالكت والتي لا تزال في طور التهالك، وحاولت هذه الأنظمة العالمية الوقوف إلى جانب النظام ضد الشباب وثورتهم الشبابية، وسعت إلى إخراج النظام من مأزقه بطريقة مشرفة عن طريق المبادرة الخليجية وتوفير الضمانات الضرورية واللازمة له ولرموزه، وقتل الجنين، حيث وأن الثورة اليمنية قد تجاوزت التسعة أشهر، أي أن فترة الولادة قد أنتهت ومات الجنين في رحم أمه. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تتخذ الجامعة العربية موقفاً حاسماً تجاه اليمن مثل ما قامت به تجاه سوريا؟ ولماذا لم يفرض المجتمع الدولي عقوبات على النظام اليمني وبعض رموزه مثلما فعل مع النظام السوري والنظام الليبي الأسبق!!.

إذاً عن أي ثورة تتحدثون أيها الساسة الأفاضل؟ الأحزاب السياسية اليمنية تتحدث عن الثورة، وعلى الطاولة تتعامل معها كأزمة تتفاوض وتبحث عن أنصاف الحلول، الثورة تعني التغيير وإيجاد حلول جذرية، أما الثورة عبر المبادرة الخليجية فهي ثورة مشلولة، لأنها تقتضي المشاركة والحلول الوسطية والإبقاء على جزء كبير من النظام الأسبق، هذا إذا كتب لهذه المبادرة النجاح، إذا يجب علينا وعلى الشباب أن يدركوا الحقيقة بأن المبادرة الخليجية هي طوق نجاة للنظام وغرق للثوار والثورة معاً.

ومن خلال هذه المبادرة تمكنت الولايات المتحدة ودول الخليج وبالأخص السعودية من إقصاء الثوار اليمنيين وتحييدهم عن العمل السياسي، وتجاهلت الشارع اليمني وساحات الحرية والتغيير، وقتلت الثورة في المهد، وكان ذلك جليا من خلال التالي:

*تباطؤ المجتمع الدولي في تأييد الثورة اليمنية، ما عدى الموقف الفرنسي الذي كان سباقا ولايزال

*توفير الضمانات للنظام ورموزه عبر المبادرة الخليجية رغم القتل والتنكيل والتعذيب الذي مارسته السلطة ضد الشباب السلمي، حتى بعد أن قامت المنظمات الحقوقية والإنسانية برفع تقاريرها ووثقت الكثير من جرائم النظام ضد الشباب العزل في جميع ساحات الحرية والتغيير

*مشاركة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والأنظمة الآنفة الذكر في مؤامراتها على الثورة اليمنية وذلك عبر تخليها عن ممارسة مهامها الإنسانية والاخلاقية والقانونية وإيجاد مخرج للنظام عبر التحايل على الأنظمة والقوانين والأعراف الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة

وقد بات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تركز على الجانب الأمني أكثر منه على الجانب الإنساني في علاقتها مع الدول الفقيرة والدول الديمقراطية حديثة النشئة، فهي تنظر إلى هذه الدول من منظور أمني وليس إنساني، ويقتصر دعمها على الأنظمة المتعاونة معها في مكافحة الإرهاب ومن يفتح لها الأجواء لإستباحة الأرض والعباد ويعطيها التسهيلات للقيام بضرب أهداف بشرية داخل أراضيها. شباب الثورة على يقين بأن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية هما من قاما بزرع نبتة الإرهاب في اليمن وهما من يجني ثمارها حالياً.

شباب الثورة في اليمن تطلع إلى الحرية والدولة المدنية، وكان يظن أن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الدولية سوف تنتصر لمبادئها وأخلاقها التي نادت بها وهي ترسيخ الديمقراطية والمشاركة السياسية وبناء الدولة المدنية وإحترام الحقوق والحريات، وسيادة النظام والقانون والانتصار للمبادئ والقيم الإنسانية النبيلة، لكن هذه الأفكار النبيلة التي أغرت الشباب اليمني إستخدمتها الأنظمة العالمية ومؤسساتها لأجل أن تخدع الشعوب، فهي تقول شيئاً وما تمارسه على أرض الواقع شيئاً آخر.

خاصة وأن شباب الثورة اليمنية أستقى الحرية والمبادئ النبيلة والإنسانية والحقوق والحريات من الدين الإسلامي الحنيف إلى جانب الممارسات والثقافات الغربية، وكان الشباب يرى في العالم الغربي نموذجا للحرية والديمقراطية والحياة المدنية، أما الآن فقد وضحت الرؤى لشباب الثورة وبات جلياً بأن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الداعمة والداعية للديمقراطية والحرية ماهي إلا صورة أخرى للأنظمة الإستبدادية في وطننا العربي، أو ربما أن شروطهم لأجل الحرية والديمقراطية لا تنطبق علينا!.

تتكشف المؤامرة الدولية لا سيما الأمريكية والسعودية على الثورة اليمنية منذ ربيعها الأول، حيث عمدت الولايات المتحدة الأمريكية على إسناد دور الوسيط في حل القضية اليمنية وهي قضية ديمقراطية للمملكة العربية السعودية، وأنخدع الشباب بالولايات المتحدة والسعودية معا حينما ظنوا بأن الحل ربما يأتي عن طريق الوساطة الخليجية، كيف لنا أن نتصور دولة أو دول غير ديمقراطية تقوم بحل قضية شعب يسعى إلى الحرية والديمقراطية، دولة لا تحترم الحقوق والحريات وحقوق المرأة، لا يحق فيها للمرأة الترشح أو التصويت، غير مسموح لها بقيادة حتى السيارة، وهذا يلخص المؤامرة التي قامت بها الولايات المتحدة ضد الثورة اليمنية عن طريق تسليم الملف اليمني للمملكة العربية السعودية.

المملكة العربية السعودية تخشى من قيام دولة ديمقراطية حقيقية في اليمن قد تُلهم الشعب السعودي للقيام بالمطالبة بالحقوق والحريات والدعوة للتغيير، بالإضافة إلى أن المملكة تخشى على فقدان السيطرة والتحكم باليمن في حال أن الثورة اليمنية أتت أُكلها، فقد ظلت المملكة العربية السعودية متحكمة بالقرار اليمني طيلة العقود الماضية. 

صراحة لا ندري ما هو سر العلاقة الحميمة بين النظام اليمني والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية!!! توطدت هذه العلاقة بسبب المصالح المشتركة والإستثمارات الضيقة التي تمت من خلف الستار، وقد آن الآوان لكي تتكشف الحقائق ونعرف حجم تلك الإستثمارات ومن هم أطرافها المحلية والإقليمية والدولية والذي جعل المجتمع الدولي يتخلى عن مبادئة وقيمه الإنسانية النبيلة في نصرة المظلوم ووقف إلى جانب الظالم، حتى القرار الأممي 2014 جاء محايدا وقد ساوى بين الظالم والمظلوم، ووفر الحماية للنظام وأسقط الأنظمة والقوانين الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة والدول الراعية للديمقراطية. لقد تعاملت الدول الإقليمية والدولية مع الثورة اليمنية وكأنها أزمة سياسية وليست ثورة، فهل فشل الشباب في إقناع العالم بالثورة أم أن العالم تأمر على الثورة اليمنية.