حكومة الوفاق .. استراحة مقاتل قبل الانشقاق
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً
الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2011 09:27 م

بكل ما نملك من عاطفة نتمنى جميعا لحكومة الوفاق النجاح وإخراج البلاد من أزمتها الراهنة وتحقيق الأمن والاستقرار وبدء صفحة جديدة من الحب والإخاء ! ولكن عقولنا ترى ذلك ضربا من الخيال فهذه الحكومة كالحبوب المهدئة لمرض عضال دواءه النافع الاستئصال لا التهدئة , وهذا حلم جميل يقطع رومانسيته علينا كابوس مفزع لمشاهد مرعبة لأشلاء متناثرة ودماء مسفوحة وصرخات أيتام ونياح ثكالى وأنات أرامل , وهذا القول مبني على أسباب ومسببات واقعية وعلى سنن كونية ثابتة تؤكد عدم جدوى التقاء صناع الحياة بمدمريها وناهبيها ’ كما أن هذه الشراكات لم تنجح بعد حرب 94م وقد حقق الطرفان نصرا حاسما على شريك الوحدة ..

وهي حكومة وفاق واتفاق وتجانس وانسجام بمعنى الكلمة حينها , وبرغم هذا فلقد شهدنا إلى أي مدى وصل التنابز والتنافس بينهما مما أدى إلى تدهور في الخدمات والأمن وتفشي كل مظاهر الفساد والعبث بمقتدرات الوطن وخيراته .. فكيف سيستقيم أمر حكومة اليوم وهي على عدم وفاق ولا اتفاق ومبنية على دوي المدافع وأزيز الرصاص ومطلية بدماء الشعب وصديد جراح الوطن .. وكيف سيتم التعاون والتنسيق في تنفيذ خطط التنمية وبرامج الإنماء في ظل عدم الثقة بين الشركاء , فمع بقاء الشباب في الساحات سيظل شبح المحاسبة ماثلا أمام كل مسئول مؤتمري وسيعتبر هذه الفترة فرصة لمزيد من النهب والخراب قبل الفرار أو المحاكمة ’ وسيعمل جاهدا على عرقلة خطط شريكه وإظهاره بمظهر الفاشل العاجز , وقد جسد هذا تماما الرئيس السابق في كلمته بعد توقيع المبادرة مباشرة والتي كال فيها ما يعتمل بجوفه الملتهب وقلبه المحترق من تفاعلات الكراهية وعدم الرضا بالوضع المفروض عليه وهي رسالة التقطها أعضاء حزبه المجروح كتوصية بالانتقام الشافي من خصومهم , فالسياسي في اليمن قبيلي لا ينسى ثأره وسينتقم لشرف تنظيمه الرفيع بأن يسفك على جوانبه مزيدا من دم الشعب المسكين ! فكيف ستنجح حكومة الوفاق واقل مسئوليها يحمل في باطنه كل هذه التراكمات الخبيثة ؟! فهذه الحكومة ما أراها إلا مجرد استراحة مقاتل ومساحة تقييم لما فات والإعداد لسيناريو جديد أحداثه أقوى دموية من سابقتها مع إشراك وجوه جديدة في حلقاته القادمة تزيد من حبكته الدرامية ..

ولمن تغيب عن دوره سيحضرون ممثلا بديلا يؤدي عنه لقطات القتال والعنف فترى على الشاشة أن الغائب هو منفذها لا بديله المتنكر بثوبه ورسمه ! فتتشابك الرايات ببعضها فلا تعد تدري من يقاتل من ! ومن يتحالف مع من ! ومن العدو ومن الصديق ؟ رايات سلفية وحوثية .. قاعدة وحراك .. مؤتمر ومعارضة .. دويلات وسلاطين .. قطر وسعودية .. مجلس أمن وجامعة عربية ! ويتضح فقدان الأهلية على إدارة شئون وطننا من خلال فرض انتخابات شكلية تضمن فوز نائب الرئيس ليصبح رئيسا ! فأين الحكمة والإيمان من تبذير أموال طائلة والوطن في حاجة ماسة لها في عملية البناء حتى ولو كانت من جيب غيرنا ؟! فمن بدايتها فرض أجندات وتنفيذ تعليمات وتزييف وتبذير , ولكن هذا هو الوضع الطبيعي لوطن ونظام يستلم مصروف جيبه وتسيير خدمات بلاده من خزائن جيرانه .. وإذا كان فرسان السياسة لهم في صنع القرار ضغوطات قد تصل بهم إلى حد الجنون السياسي والانتحار الشعبي والرضا بالفتات والعظام ! فالشعب عازم على تحقيق كل أهداف الثورة وضرورة الحساب والعقاب لكل رموز الفساد ولن يقبل بعد هذه التضحيات أن يضع نصفهم على كراسي البلاد ..

وهذا العزم هو ظاهر الأمر الشعبي الشبابي وأما باطنه الحزبي السياسي فأنا كغيري من الناس طالب فاشل في دهاليز السياسة فلا أبرر عذرا على السذاجة السياسية ولا أساير حجة على المداهنة التنظيمية , بينما ينحني السياسي اللبيب للعاصفة ليحقق هدفا يتفاوت بين السمو والانحطاط !

ـ بحلم إسقاط النظام ومحاكمته خرج الشباب للساحات وبهذا الأمل صمد الرجال في المواجهات وبهذا الهدف صبر الشعب على القهر والأزمات .. فلن يرضى أن يعود اليوم بخفي حنين وبنسبة نجاح 50% لا تؤهله لدخول جامعة العزة والسمو .. ولن يرضى أن يسطر التاريخ أنه ( وهو أصل العرب ) اقل انجازا ونجاحا من شقيقه الثائر التونسي والليبي والمصري ! وإن غدا لناظره لقريب .. كم أتمنى هذه المرة أن تضيع مني القدرة على تحليل أوراق الواقع السياسي برغم كبر حروفها ووضوح جملها الدالة على إخفاق حكومة الوفاق! وإني لأدعو الله ليلا ونهارا أن يعجل لنا بالأمن والاستقرار وأن يحفظنا ووطننا من كل سوء وفتنة ودمار .