على ضفاف ثورة التغيير .. عندما عاد الوطن حضر قلبي
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 31 يناير-كانون الثاني 2012 04:59 م

بربكم هل كان الوطن في قلوبكم أثناء صالح كحاله ينبض الآن ؟ وهل كان لـ رددي ايتها الدنيا نشيدي دويٌّ وحفز وحس كما هو الآن ؟

وأين كان هذا الصغير لم ينحت الوطن على صدره ووجهه باسمه ورسمه في شتاء صالح الممتد ولو عند لحظة ما كما يثابر ويملأ به فيه وصدره الآن ؟

كم قرانا الوطن صغارا وحتى استوينا ، جغرافيا وتاريخ وتربية وطنية ، وكم وقفنا للعلم وهتفنا في طوابير الصباح وعلقناه شعارا ولوحات ، كم حفظناه ورتلناه قصيدة ، وسرناه كلمات وحروف ورقصناه في الف الف مناسبه .

ومع ذلك ما عرفناه وما فهمناه ، تجرعناه ولم نستسغه ،كان قصيدة ليس لها طعم واغنية ما بها روح ، وموسيقى صاخبة تبعث القلق والكآبة .

كنا وهو غريب في وجه غريب ، لم تَحُل بينهما ألفة ودفيء سوى التنافر والتوجس رغم طول الصحبة.

معذرةً هل كان هذا أنا .... وهل ذك كان موطني ؟

صالح الوطن يكرهنا ، ومقاول علينا حتى نَخَرَ العظم .

لأنه كان صالح ، يلبسه ، ويركبه ، يأكله ويتقيؤه ، حل به وسكنه صالح كبشر تجسمه شيطان أو مسا من الجان كما يزعمون.

تقرأ عليه قل اعوذ برب الفلق والناس ، تستعيذ بالله منه ، تناده أخرج يا خبيث ، تقرعه بالعصا وتأتيك جدتك بالحذاء تنهال عليه ، على قولها ليس للخبيث الا ما هو أخبث منه .... وهي وصية من سبق .. لا يخرج الخبيث الاَّ بالحذاء... إن حل ببعض اهلك أو من تحب مساً ما من روح خبيثة وشريرة .

على الارض أنت غاضب ومنفعل وتحقر وتضرب قريبك ، والحق غير ذلك فليس مزروع بينكما سوى الود غير انك لا ترى الا هذه الروح الخبيثة والشريرة تجسمت هذا قريبك فأخذت وجهه ولسانه وجذعه وأطرافه .. الصورة أخرى والمحتوى يختلف ، قريبك هذا وحبيبك لم يعد هو ، أعوذ بالله لم يتبق لك منه سوى الاسم فقط .

كنا وكان هذا هو الوطن أثناء صالح .

جرعونا عندما كنا في الكتاتيب صغارا .. حبك اليمن وطنك مقدس ، ومعرفته فريضة والانحناءة له واجب ، وقد نزَّلناه ووضحناه وفصلناه في سفر محكم أسميناه الميثاق الوطني ، وهو جرعات تتنزل حسب تدرج الاحوال كل خميس على المدارس والمعسكرات والوزارات والمؤسسات والمنشآت للعام والخاص .

فتحنا صفحته الاولى فكانت على وجه صالح القاحط وعظمة عنقه الناتئة عن حدها تمتد كشؤم من اوله ، ثم لقد كان في طليعة همومي ــ إفتتاحية الميثاق الوطني لصالح ـــ وقبحها الله من هموم أنبتت فينا من ساعتها هموما سارت وتراكمت ، وامتدت وتوالدت كمتوالية هندسية .

قلنا اقلبوا الصفحة الثانية في ميثاقنا الوطني لنشاهد وطننا الحبيب ونتملاه بتأمل فلم تكن سوى صورة صالح ، اقلب ، واقلب ، واقلب ... لا ثمة سوى صالح ..صالح ، صالح .......

أهذا هو الوطن ، وهذا الوجه المدمج هو اليمن ؟..

ومع التكرار، والتركيم ، وطول الخطاب ، واللوحات الخلاّبة التي يرسمها الشاطر كل خميس ومع كل مناسبة وكل الايام للزعيم مناسبة ، واحاديث الصباح والمساء لإذاعة صنعاء بتقاسيم عبده بورجي وعباس الديلمي ...امتلا اللاشعور الجمعي للمواطن اليمني بالقرف ، والرفض ، واللامبالاة ، فصار صالح الوطن مرفوضا ومحل سخط وتندر .

********

اليوم لقيتك وطني .. أشتاق إليك وأنت بداخلي ، أبكيك مع كل شهيد يرتفع ، أواه ألف أواه ... ليتني كُنتُه .

أعترف ... مهزومٌ ومغلوب لا حيلة لي .. سبقتني عزيزة وزينب وراوية ومن قبلهن أنس ..

شكرا لهن ، وشكرا لهم ، وشكرا لكم ...فإني اليوم نابتٌ من جديد ، في ربيع يختلف ، وفي قلبي بستان أخضر ..

************ **************

تقول لي حمامتي ، وأنا أُغرد حولها ، وأجول بها في بستان قلبي الأخضر ..

سقا الله قلبك أين كنت يا غصتي ولوعتي طوال عهدنا ؟ لم أجدك مذ يومنا الاول هكذا تُغرد وتشجيني ؟..

 نجواي ماذا جرى ، وعهدي بك عابسا في جفوة الاعراب ، صامتا كأبي الهول .. صُندوقا مغلقا أجهله ويغُمني ..؟

آلآن جئت يا آهي ويا وجعي... وقد ذبل زهري وأصفر عودي .. ونَسِيمَ الْصِّبَا ولّت بِرَيَّا الْقَرَنْفُلِ؟

قلت رفقا رفقا .. ففي قلبي تسكنين وتبسقين كل يوم مذ تفتح .. غير أني كنت لا ابين حياء ..

فكيف لكريم أن يبوح عشقا ويذوب صبابة وشعبه مكبلٌ ، وعلى وطنه يحكم لص تتبعه عصابة ، قد ساموا الناس وامتهنوهم شيعا وسُخرة ، واستولوا على العقول والحقول ، ثم اغلقوا عليهم النوافذ والابواب ، واعتبروهم عبيدا واموالا تقسم حصص ثم بالجملة تورث..

فأنَّى لي يومها يا ساكنة القلب أن أبوح ... وأزعم فارسك في الغرام في جو خانق يكتم الانفاس ، لا يغرد فيه صبابة الا من تسكنه خليقة العبيد .

عيبٌ على الحر من كل ذي مروءة أن يقول لمن يهوى ( ريم بين القاع والعلم أو عيون المها بين الرصافة والنهر ...) وهو بعد وكل ما حوله لما ينعتق ..

نعم لا حب في الصيف تحت لسنا أحرارا .

اليوم وطني تنفس ... فقلبي تنفس ، وكلي حب ..

أحب الله أكثر ، قبل كل شيء ، وفوق كل شيء ، وبعد كل شيء ..

وأتبتل وأطرب بين يدي أنتِ القدر عليّ ، والكوثر ، والسكن والسكينة ، والروح والنفس ، وأنقش حبك على النبات والحجر .

اليوم عدت يا موطني ، وقلبي حضر .

من ذات النغم :

لأخي الحبيب الذي خاصم زوجته :

ـــ من غزوة احد ....قال ابن إسحاق‏: ‏( انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فلقيته حمنة بنت جحش كما ذُكر لي، فلما لقيت الناس نُعي إليها أخوها عبد الله بن جحش فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏إن زوج المرأة منها لبمكان‏)‏‏)

ـــ قال عبدالله بن عباس رضي الله عنه خلق آدم عليه السلام من التراب فجعلت نهمة الرجل في الطين ، وخلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجل ... فأحبو زوجاتكم ..

ــ تُقصر الزوجة قليلا بحق زوجها فيثور ويهدد بالزواج من أخري وقد يفعلها ، أما هي ــ إن أخطأ معها أو قصر ـــ فتصبر وقد يموت هو وهي في الريعان فترفض أن تتزوج من بعده وفاء منها وتكريما له من أن يجلس على مجلسه غيره كما قالت وفعلت نائلة زوجة عثمان رضي الله عنهما ..فأي الزوجين أكرم هنا ؟

قال الاصمعي : سألني الرشيد عن حقيقة الحب ؟

فقلت : ان يكون البصل منها اطيب من المسك من غيرها .

وقال غيره ..

تحمل عظيم الذنب ممن تحبه وان كنت مظلوما فقل انا ظالم

فانك ان لم تغفر الذنب في الهوى تفارق من تهوى وانفك راغم

تجدد وانتعش :

ذكرها الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في كتابه ( غزل الفقهاء ) قصيدة للعلامة الفقيه المحدث عروة بن أذينة شيخ الإمام مالك رضي الله عنهما ...والأبيات مشهورة لرقتها وعذوبتها ....ويقال ان أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أن لا يأكل بها طعاما إلى الليل ..

إن التي زعمت فؤادك ملها   خلقت هواك كما خلقت هوى لها

فبك الذي زعمت بها وكلاكما   يبدي لصاحبه الصبابة كلها

ويبيت بين جوانحي حبٌّ لها  لو كان تحت فراشها لأقلها

ولعمرها لو كان حبك فوقها   يوماً وقد ضحيت إذن لأظلها

وإذا وجدت لها وساوس سلوة  شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها

بيضاء باكرها النعيم فصاغها   بلباقة فأدقها وأجلها

لَمَّا عرَضْتُ مُسَلَماً ، لِيَ حاجة  أخْشَى صُعُوبتها ، وأرجُو ذُلّها

مَنَعَتْ تَحيَّتَها فَقُلتُ لصاحبي ما كانَ أكْثرَها لنَا وأقلَّها

فَدنا وقال : لعلّها مَعْذُورة في بعضِ رِقْبتِها ، فقلت : لَعلَّها

وأنت :

يا هذا تَغَيَر ، ولا تعبس علي ، فما جئتك بمعصية ..

أعلن لها وأسرر بالقول .. احبك ، ستجد لها ثمارا من سندس وورودا ورياحين ، وأجرا عند الله إن تحركت بنية ..