إطفاء حرائق صالح.. القاعدة تحت الطلب
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 13 يوماً
الأحد 11 مارس - آذار 2012 04:53 م
• إطفاء حرائق صالح يحتاج الى اطفائيين أقوياء فكراً ومبدأ وقدرة على إمساك الخيوط وسرعة في اقتناص اللحظات واتخاذ قرارات الحسم في الوقت المناسب باعتبار إطفاء تلك الحرائق مهمة وطنية كبرى وعاجلة تحتاج لجهود مخلصة وفعالة من جميع الأطراف والقوى السياسية لإخماد نيران حرائق صالح لتجفيف منابع الفوضى في محاضن الحرائق التي أشعلها الرجل خلال فترة حكمه فهو لم يكن عبئاً على اليمنيين في الداخل بل ظل عبئاً وأكثر من ذلك على دول الإقليم والدول الغربية كونه تفرد في خاصية ممارسة السياسة من خلال إشعال الحرائق وتكتيك حافة الهاوية ويتميز بأنه مشعل حرائق متمكن وباني محاضن فوضى محترف ولديه مؤهلات وخبرة طويلة في إشعال الحرائق وصناعة محاضن الفوضى وابتزاز الخصوم بها في الداخل والخارج مستخدماً السلاح والمال والنفوذ لتعزيز خبرته تلك في بلاد تعد مهمة للملاحة الدولية ويمكن أن تصبح أراضيها ممراً أمناً لخطوط أنابيب النفط بحكم موقعها الجغرافي وسيطرتها على ممرين مائيين دوليين في حال اشتعلت حرب في المنطقة بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل وأمريكا والغرب وحلفائهم من جهة أخرى.

• ما علينا من تذكر الماضي فصالح أصبح ماضياً كرجل كان حاكماً وممسكاً بمقاليد الأمور في البلاد وعلينا الإستفادة من أخطاء هذا الماضي لترميم العلاقات بين مكونات الشعب اليمني في الداخل وبين الشعب اليمني والمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي والتعايش بأمن ومحبة وسلام سواء في الداخل أو في علاقتنا مع المحيط الإقليمي والدولي وهو ما كان مفقوداً في ظل حكم صالح الأمر الذي انعكس سلبياً على العلاقات بين مكونات الشعب اليمني داخلياً وعلاقته مع دول الإقليم والمجتمع الدولي فتم تبادل الإتهامات ومورست أساليب الإبتزاز وسادت الشكوك والتربص مما انعكس سلبياً على مصالح اليمن وشعبها مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية التي كانت تنظر الى حكم صالح باعتباره مصدر القلق والمكائد والشرور من خلال اللعب بورقة القاعدة وتفريخ الإرهابيين واستخدامهم أدوات لتحقيق مكاسب شخصية في المقام الأول وقد عبر الأشقاء في دول الجوار والأصدقاء على المستوى الدولي عن ذلك بطرق متعددة ففقد صالح ونظامه المصداقية مع الخارج وأصبح لعبه بورقة الإرهاب والقاعدة والحوثيين مكشوفاً وكان قد فقد المصداقية قبل ذلك على المستوى الداخلي مع الشعب وقواه السياسية وهو الأمر الذي فجر الثورة الشبابية الشعبية السلمية عليه وعلى نظام حكمه ولا اعتقد أن إجماعاً وطنياً يمنياً قد حصل في الماضي لتغيير الحاكم كما حصل من خلال مطالبة مختلف فئات وشرائح المجتمع برحيل صالح ونظامه فتحقق للثوار رحيل صالح كشخص.

• لقد رحل صالح من قمة هرم السلطة والنظام لكن بقايا عائلة صالح وأقاربه وقلة من المستفيدين من مرحلة حكمه لا يزالون يتولون مواقع قيادية في الجيش والأمن والمؤسسات المختلفة ويعملون تحت إشرافه بعد رحيله يسعون ما استطاعوا وبما يمتلكون من أموال وبقايا تأثير إلى تمويل عمليات تهز صورة الأمن والاستقرار في الوطن مثل استنساخ قيادات وعناصر تظهر على أنها من تنظيم القاعدة ومنحها تسهيلات كبيرة للسيطرة على مدن ومناطق مختلفة أو دعم قيادات وعناصر في الحراك الجنوبي لتعلن موقفاً أكثر تشدداً للمطالبة بالإنفصال أو تمويل قيادات وعناصر من الحوثيين لتسخن العداء مع السلفيين والإصلاحيين وافتعال حروب صغيرة في مناطق تواجد الحوثيين وهذا لا يعني ان تنظيم القاعدة وجماعة الحوثيين والحراكيين الإنفصاليين غير متواجدين في الساحة لكن صالح وبقايا نظامه يعملون على مدها بالسلاح والعتاد والدعم والمساعدة للإستفادة منها في محاولة يائسة لإثبات وتحقيق ما أعلنه صالح عقب اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية بأشهر وبالتحديد في 21 مايو الماضي من أن رحيله عن السلطة سيعني تشرذم اليمن وتصاعد دور تنظيم القاعدة والحوثيين والحراك الانفصالي.

• هذا الأمر ليس من قبيل التكهنات ولا ضرباً بالغيب ولا تحاملاً وتحريضاً ضد أحد ولا تحميل صالح بعد رحيله عن قمة السلطة المسئولية جزافاً فكل الوقائع على الأرض والأعمال والتصرفات تؤكد ذلك وهناك العديد من الدلائل على تمويل وتسليح عناصر القاعدة والحراك الجنوبي وغض الطرف عن تحركاتهم وتسهيل حصولهم على السلاح من مواقع ومعسكرات يسيطر عليها أقارب صالح وأعوانهم في المحافظات والمناطق اليمنية التي يراد لتنظيم القاعدة ان ينشط ويظهر فيها (أبين– البيضاء– عدن- شبوه – حضرموت- مأرب– إب– تعز) ولو تمعنا جيدا في طبيعة ما حدث في رداع وأبين وحضرموت فإن الهجمات التي حصلت ضد المعسكرات في ضواحي زنجبار أو جعار أو في حضرموت وجهت ضربات موجعة بدقة تكشف أن وراءها مخططاً عسكرياً تم وضعه من قبل قادة عسكريين محترفين على درجة عالية من التدريب والمعرفة بقدرات وامكانيات الوحدات العسكرية والأمنية التي تم الهجوم عليها برا وبحرا كما ان عدم المقاومة من قبل بعض المعسكرات التي تعرضت للهجوم وتسهيل تسليم ما بداخلها من أسلحة ثقيلة وعتاد لعناصر القاعدة المفترضين كل ذلك يكشف أن هناك مخططاً قد رسم بدقة من قبل عسكريين محترفين الغرض منه تعطيل جهود الرئيس عبدربه منصور هادي والمخلصين معه من ابناء اليمن الهادفة الى إخراج اليمن من عنق الزجاجة بإعادة تطبيع الحياة وتقديم الخدمات الأساسية للناس والبدء بهيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية سلمية بعيدة عن الأسرية والعائلية والقبلية والمناطقية التي تجرعت بسببها اليمن الويلات والمصائب وخسرت خيرة أبنائها.

• ويأتي اعتراف محافظ أبين اللواء صالح حسين الزوعري بان سلطة النظام السابق هي من تآمرت على محافظة أبين وسلمتها للمسلحين بعد أن أعطت الأوامر الصريحة للقيادات الأمنية بتسليم المحافظة ومطالبته بتشكيل لجنة عسكرية وأمنية للتحقيق مع كافة المسئولين الأمنيين في المحافظة لتسليمها للمسلحين كاشفاً عن أن تلك القيادات هي أول من هربت من المحافظة بعد أن سلمت كافة العتاد للمسلحين دون مقاومة وهذا دليل دامغ لا يقبل التشكيك وهو دليل "شاهد ملك" كما يقول فقهاء القانون أو دليل "وشهد شاهد من أهله" وهو صادر من مسئول حكومي شغل قبل منصبه الحالي "محافظ أبين" منصبا هاما أيضاً هو نائب وزير الداخلية الأمر الذي يجعل القول بأن حرائق صالح التي أشعلها على مدى عقود من حكمه ليست تكهناً أو رأياً شخصياً بل حقائق يعرفها الجميع في الداخل والخارج فالرجل قام بتفريخ وتسهيل تحرك عناصر القاعدة وإدماج أعداد منها في الأجهزة الأمنية ومعسكرات الجيش بحجة الحوار معها وإصلاحها واستيعابها أو تركها بالتنسيق معها كورقة يتم ابتزاز دول الجوار والغرب بها وهذا أمر أصبحت تدركه الدول المعنية بمحاربة الإرهاب وأولها واشنطن وتحدثت عنه صراحة من خلال تصريحات المسئولين فيها أو بشكل غير مباشر من خلال وسائل إعلامها ومراكز أبحاثها وتدركه أيضاً دول الجوار جيداً ويعلم الجميع أن صالح يجيد اللعب بورقة الإرهاب والقاعدة والحوثيين ويشعل من خلالها حرائق متعددة للإبتزاز وتحقيق مكاسب شخصية له ولعائلته وأقربائه والمستفيدين منه، وبرغم ترحيله من قمة هرم السلطة لازال يمارس هوايته في إشعال الحرائق عبر اقربائه وأعوانه الممسكين بمفاصل هامة في قيادة الجيش والأمن.

• ومن أجل السيطرة على حرائق صالح وإطفائها وأولها حرائق القاعدة وجعل جزء من تنظيم القاعدة المستنسخ "قاعدة تحت الطلب" فالأمر يحتاج الى عمل مكثف بعد رحيل الرجل من قمة السلطة على أكثر من صعيد ليس امنياً وعسكرياً فقط وإن كان ذلك مطلوباً للردع في حالة إحداث فوضى واضطرابات أو محاولة احتلال مدن ومناطق والسيطرة عليها وإنما يحتاج الأمر إلى معالجات متعددة أولها إزاحة أقرباء صالح من المواقع القيادية الهامة في المؤسسة العسكرية والأمنية من خلال إعادة هيكلة الجيش والأمن على اسس ومعايير وطنية وهذا امر تحدثت عنه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بوضوح لا لبس فيه ولمن لم يفهم بأن الهيكلة معناها إزاحة أقارب صالح من المؤسسات العسكرية والأمنية يضحك على نفسه لأن هيكلة الجيش والأمن ستؤدي الى نجاح المعالجات العسكرية والأمنية ضد تنظيم القاعدة الذي لا أحد ينكر وجوده وان كانت وحدها ليست كافية فهناك المعالجة الفكرية وحل قضايا الأشخاص وإزالة الظلم الواقع على العديد من المدن والمناطق اليمنية حتى لا تظل منابع لتكاثر التطرف والإرهاب من خلال إيجاد بديل قضائي ومحاكمات للموقوفين أما بإدانتهم او تبرئتهم والتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين بضرورة عدم الإعتماد على طريقة مكافحة الإرهاب الحالية التي تتم من خلال الحل العسكري والأمني والقتل خارج القانون لأن ذلك يؤدي إلى تفاقم الإرهاب بدلاً من القضاء عليه وتجفيف منابعه.

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
  أحمد الجعيدي
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
أحمد الجعيدي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
  أحمد الجعيدي
الحروب الباردة الجديدة بين التكنولوجيا والاقتصاد..
أحمد الجعيدي
كتابات
د. محمد حسين النظاريالصندوق مديون..
د. محمد حسين النظاري
محمد قاسم النهاريمن دخل المسجد فهو آمن
محمد قاسم النهاري
كاتب/رداد السلاميالإصلاحي الجديد والمستقبل
كاتب/رداد السلامي
د. عيدروس نصر ناصرمرة أخرى عن مأساة أبين
د. عيدروس نصر ناصر
عبد الرحمن الدعيسرسالة إلى شباب الأمة
عبد الرحمن الدعيس
مشاهدة المزيد