إلى الرئيس السابق: إلى أين يتجه عزمكم والمسير ؟
بقلم/ طارق مصطفى سلام
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 13 مارس - آذار 2012 04:47 م

الأخ الرئيس السابق علي عبدالله صالح استمعت يوم أمس السبت الموافق 10-3-2012م إلى حديثكم في جامع الصالح مع جموع الشباب من أنصاركم وحلفائكم السياسيين ..وهالني ما سمعت من خطاب متشنج ومشحون مليء بلغة التهويل والتخوين واتهامات الفساد والعمالة وعبارات التهجم والتهديد وعلى غير المتوقع منكم في ظرف وواقع متأزم كهذا يمر فيه الوطن ويعاني فيه مواطنيه أشد المعاناة (الذي تفاخرون ببنائه وعلاقتكم الطيبة بأبنائه) من خلافات متعاظمة ومفرطة في القطيعة والعداء بين أطراف العمل السياسي .. جاء خطابكم هذا ليصعدها ويؤججها ويصل فيها إلى مستوى سيء ومرتفع من المغامرة والمخاطر نحن في غناء عنه ..وانتم من يطالب الأخريين دائما وأبدا بالصبر والحكمة ومراعاة مصلحة الوطن وتقديمها على أي مصالح أخرى للأفراد والجماعات ..فكيف تغيب عنكم الحكمة والحصافة المطلوبة في ظرف كهذا نحن في أمس الحاجة لتمثلها لتجاوز فتنة نائمة لعن الله من أيقظها ..بحثت طويلا ودققت كثيرا في تفاصيل خطابكم أملآ في الحصول أو الوصول إلى كلمة سواء ندعو المختلفين للالتقاء عليها ..فلم أجد في محتوى خطابكم أي شيء من هذا القبيل !! فراعني ذالك أكثر وأستدعى مني مزيد من القلق المشروع لأسطر لكم هذه العجالة أملآ منكم قرأتها (هكذا منيت نفسي ) طمعا أن تتجاوب معها فنسعد معا في تحقيق الأمن والاستقرار لوطن هو مسكن وملاذ لنا جميعا. وهذا حقه علينا جميعا ...فعجبت أن يكون هذا الأمر الجلل صادر منكم في هذا التوقيت الحرج الذي يحرص الجميع فيه على سلوك الإخاء والتسامح و نهج طريق الأمان والسلامة فكان منكم شيئا أخر !! أثار قلق وهواجس أبناء شعبنا الأبي والصابر والمتطلع لطي صفحة الماضي والعيش في امن واستقرار. وكرامة وازدهار وهذا أبسط حقوقه الإنسانية

أخي صالح دعني أصارحك القول(وهو قول صادق ربما لا تجده من أقرب جلسائك ) حديثك ذالك غير مجدي وليس بمفيد لا يخدم قضية أو ينجز هدف بل يؤدي إلى نتائج عكسية سلبية على خلاف ما تتقون وترمون...ونلخص ذالك بالاتي: 

1- أن يكون هذا حديثكم المفتتح وفعاليتكم الأولى في تقديم هيئتكم الجديدة كزعيم سياسي للشعب اليمني فقد أسئتم الاختيار (لأشياء عدة ) ولم توفقوا في جوهر الحديث ومضمونه هو حديث ينفر ولا يقرب لا يحسن معالجة الأخطاء بل يكررها ويقع أسيرا لها .

 2- يؤدي إلى وأد الهامش المتاح للحوار المنفتح على الأخر وفرص التواصل التي تساعد على الوصول للتسوية والحلول المرضية للأطراف كافة لما فيه خير الوطن والمواطن .

3-الاستهلاك الغير مبرر لما تبقى من رصيدكم الإيجابي (في التعامل المرن والمنفتح والديمقراطي ) كرجل حوار ودولة في نظر المراقبين في الداخل والخارج الذي حرصتم على تنميته طوال 33 عاما .

4-ظهرتم بمظهر المتناقض في قولكم وفعلكم مثال إن تمارسوا نقيض الشعارات التي ترفعونها وتتناقضوا مع نهج وسياسة حزبكم الوسطية الليبرالية و تسلكوا سلوك المتطرف في الفكر والموقف في تعاملكم مع الأخر. . وأن كانت مجرد ردود أفعال نحوه .

5- استفزازكم للجهات والدول الراعية للتسوية السياسية والعديد من القوى والمكونات الفاعلة في الساحة الوطنية اليمنية حيث مارستم الفعل السلبي تجاه الأخر الذي جعل منكم وقدمكم (مجددا )جزءا من المشكلة وتعقيداتها وليس من عناصر الحل وعوامل الانفراج و الاستقرار المطلوب .

 أخي صالح .. دعنا نتجاوز ذالك الحديث في مضمونه وتفاصيله كافة ونخوض في أمر أخر نصدقك فيه القول والنصيحة .. لننتقل إلى ما ينتظره منكم الشعب اليمني وما يفيد ونحن (جميعا ) في أمس الحاجة إليه . ((.شعبنا العظيم المتسامح لا يسيئه أو يهتم أن تسمي نفسك ما شئت أو تدعي بما تريد (الزعيم . الرئيس السابق . موحد اليمن وباني دولته الحديثة..الخ ) بل ستجد (إلى وقتنا هذا) من يشيد بماضيكم وتاريخكم و إنجازاتكم بل وحسن أدائكم في قيادة وإدارة اليمن طوال 33 عاما وبالمقابل ستجد من ينقد هذا التاريخ وهفواته وسوء أدائكم فيه ولكنه يظل ماضي لسجل حياتكم يرتبط بتاريخ وطن سيأتي من يقيمه ويدقق فيه من المختصين بحيادية وموضوعية وبأدوات العلم المتخصصة في الفحص والتحقيق ويربط الأحداث بمؤثراتها وعواملها المحيطة والمعاصرة لها ..كل ذالك أصبح في عهدة التاريخ شئنا ذالك أم أبينا ..)) شعبنا اليمني المتسامح ينتظر منكم شيئا أخر يتناسب مع طبيعة وأهمية المرحلة ومهامها الصعبة والكبيرة والمنسجم مع ضرورات الحصانة الممنوحة وصفتكم الجديدة الخالية من جاه وأدوات السلطة ومظاهرها المنافقة الذي مللها فيكم ومللتموه فيها (كما قلتم مرارا ) وان تقرن وتربط القول بالفعل فلا يكون لكم أي رابط أو علاقة بالسلطة التي نبذتموها ونبذكم فيها فقد أخذتم حظكم منها وفيها ولا بد لكم من سلوك ومسار أخر ملائم ينسجم وصفتكم الجديدة ويعيد صياغة قبولكم لدى شعبكم و الاندماج الفعلي فيه (بمعنى تقديم النموذج الجميل الذي يتقبله الشعب من خلال الانخراط الفعلي في صلب المجتمع المدني والمساهمة الإيجابية في التحولات الجارية لتطوره والعيش والعمل فيه كجزء من كل يرتبط بالمصالح الجمعية ويشترك في إنجاز الأهداف والغايات

ومن هذا المنطلق دعني اعرض عليكم الأمر الصعب إلا أنه الحق وطريق الصلاح والخلاص الأمن فرضاء الشعب .

وحبه هو خير ضمان والحصانة الدائمة التي لا تخذل أو ترتد ولتحقيق هذا المطلب والهدف السامي والنبيل نرى العمل على إنجاز المهام التالية 

1-إيجاد النفوذ والسلطة المتعاظمة لا يتم بوسائل غير مشروعة أو بفرضه بنهج غير سوي يرفضه المجتمع ولو همسا أو في القلوب .. بل بالعمل الصالح الذي يفيد الناس وبتقديم النموذج والقدوة الحسنة في القول والفعل الذي يميزكم ويرفعكم مراتب ويجعل الناس تقدمكم وتجلكم وما يحدث الآن وفي نماذج عديدة لا ينبأ بشيء من ذالك بل لابد من أفعال وبراهين تؤكد الجدية والمصداقية في قبولكم بترك مظاهر ومقاليد السلطة كافة التي مللتم منها وملها ونبذها الشعب فيكم (كما تقولون ) .. ثم العمل على تجسيد الصفة والشخصية الجديدة لكم والولوج في مسار أخر للتأسيس لها .

3- الأعراف الديمقراطية في تجارب البلدان العريقة في النهج السلمي لتداول السلطة لا تبيح لحاكم أن يقضي 33 عاما في الحكم كما لا تسمح له بالعودة للحكم بعد انقضاء فترة طويلة كهذه بممارسة العمل السياسي والحزبي الذي لا شك انه يعيدك للحكم مجددا (وعلى طريقة الرئيس بوتين الذي لا يحترم ذكاء شعبه وقوانين النهج الديمقراطي وبالتالي يقابل بالرفض والازدراء منه وأن فاز بالغش والتزوير ) والذاكرة الجمعية للشعوب لن تقبل مثل هذا الاستهتار بحقوقها وسترفضه عاجلا أم أجلا .

4- لذالك لابد من خطة وعمل منظم لاستكمال تسليم السلطة ( في الحزب والقوات المسلحة )وإلى أيادي أمينة و أمنة وهنا لا يمكن الاستمرار بالعمل ( في الحزب ) بطاقم قديم أو فاسد .فأين الديمقراطية من ذالك والإيمان بالشباب ومقدراتهم وسنة الله في التغيير والتجديد و مبدأ تساوي الفرص بل الأهمية تكمن في ضرورة بقاء حزب المؤتمر فاعلا في الحياة السياسية اليمنية لأنه المعبر الحقيقي عن غالبية الشعب وتطلعاته كحزب وسطي النهج ومعتدل المنهاج والتجديد في قيادته بأفراد وهيئات مخلصة وذات كفاءة وتنبذ الفساد سيحقق ديمومة الحزب و تأثيره المطلوب في المجتمع وإعداده للمرحلة القادمة لخوض غمار التجربة الحقيقية في التغيير والديمقراطية ( فالرهان على الطريقة القديمة في توازن القوى ..شيخ الرئيس ورئيس الشيخ أو رئيس حزب الرئيس ورئيس رئيس الحزب أصبحت مكشوفة ومرفوضة من الأساس في المجتمعات الديمقراطية التي نؤسس لها مع ملاحظة أن الشيخ عبدالله بن حسين لأحمر فرض سلطته وزعامته بالعمل بين الناس وتقديم خدماته الجليلة لهم وأنتم خير من يعلم بذالك ) . كذالك لا يمكن الاقتناع أن أسرة صالح وحدها القادرة والمؤهلة لقيادة الجيش وفي تجاوز لكل نظم الجيش وأعرافه في أحقية الترقية وتعيين القيادات والتأهيل ثم ننفي التلويح بالقوة أو اغتصاب السلطة .لذالك لابد من الشجاعة والإعتراف بهذه الأخطاء وعدم السماح بتكرارها مع حاكم أخر والحرص على بناء جيش وطني بعيد عن أي ولاءات غير وطنية .

5- الأهم هو حسن الاختيار للمسار الجديد ونرى إن النشاط الاقتصادي الاستثماري هو الأنسب لتقديم صفة زعامة جديدة ( لوطن ) يتقبله الأطراف كافة و تستند على قاعدة جماهيرية وتكتسب شرعيتها منها من خلال المساهمة المتميزة في التغلب على الأوضاع الاقتصادية الحالية وتحقيق التنمية المطلوبة في كافة المجالات ,وهنا وعبر إمبراطورية صناعية واستثمارية وطنية يمكن تحقيق عناصر القوة المطلوبة وبطرق شرعية تحضا بتأييد الناس وحبهم ومؤسسة هائل سعيد نموذج طيب ..وكما فعل الشيخ حميد الأحمر فقد ثبت أن مصادر قوته ونفوذه ومنافسته لكم في العام 2006م ليس قواعد حزبه الإصلاح أو حليفه المشترك أو اللواء علي محسن وحاشد (في ربيع 2011م )بل إمبراطوريته الاقتصادية المساند الرئيس له وجيوشه الجرارة من العاملين بمؤسساته الاستثمارية والمدنية , وهنا يقوم الشيخ حميد بتقديم نفسه كشخصية مدنية حضارية تؤمن بالرأي والرأي الأخر اندمجت بفعالية ضمن مكونات المجتمع المدني بل وأصبحت رائدة فيه ,فهل نستوعب العبرة والدرس ؟؟ .

6- لتحقيق هذا المسار لابد من جلب رؤوس الأموال للنخبة كافة من رموز السلطة والحزب المتحالفة واستثمارها في الداخل لخيار وطني مقدس وهو تحقيق التنمية الشاملة للوطن مع أحقية تنمية تلك الأموال ذاتها وتحقيقها للأرباح المشروعة من خلال استقطاب الأيادي العاملة العاطلة وتشغيلها سواء من أعضاء المؤتمر وحلفائه أو من عامة الشعب وهنا سنتمكن من بناء قاعدة شعبية موالية تغفر الهفوات السابقة وتمتن للعطاء الجديد وتؤمن بوجود زعيم وطني مخلص وهم الأكثر ولاء وإخلاص كون مفهوم الوطن والمواطنة أصبح مرتبط بلقمة العيش ومصدر الرزق فمثلا تعدد الأعراق في الولايات المتحدة الأمريكية لم يمنع تحقيق أعلى معدل في الولاء الوطني الذي كان له الدور الحاسم في تحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية .

7- أن يتم الاستثمار في القطاعات الحيوية للاقتصاد اليمني والتي تنعكس إيجابا على أوضاع الناس المعيشية والحياتية اليومية كالكهرباء والصحة والتعليم والزراعة والمساهمة في تقديم الحلول للمشاكل المزمنة في الجانب الثقافي والاجتماعي (الثأر ,حمل السلاح ,مكافحة التطرف بمختلف أنواعه ومظاهره ,تنمية قدرات المرأة ومساهمتها في المجتمع) وذالك من خلال التأثير المباشر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أو تمويل الدراسات والبحوث في هذا الجانب .

8-العمل الصادق والجاد في إعادة تأهيل ودمج محيطكم الأسري والقبلي للانخراط الايجابي في المجتمع اليمني الحضاري (والمساهمة في عملية البناء والتشييد عوضا عن دور الهدم والإعاقة والاغتصاب للسلطة المتهمون فيه حاليا) وتحويله إلى عنصر إيجابي فاعل في الحياة المدنية تساهم في النهضة التنموية الشاملة للبلد وأجراء التغيير المنشود لبناء اليمن الجديد من خلال تقديم أنشطتهم كرأس مال وطني مستثمر أو بيوت اقتصاد و خبرة رائدة في مجالات إبداعهم .ويصبحوا بالتالي جزء من الحل ونحقق الخروج الأمن من الأزمة الراهنة التي أنهكت البلاد والعباد

9- اكتساب مفاهيم جديدة من خلال إرساء قناعات وثقافة مجتمعية ترتبط بالناس وقيم العمل والإنتاج ستنعكس بالمطلق على السلوك والأداء اليومي للأفراد والجماعة وبالتالي ينتج عنه ارتباط وثيق بمحيط و بيئة جديدة تحكمه المصالح المستجدة التي لا تنسجم مطلقا مع ثقافة القوة ومفاهيم الفساد بل تصبح عدوا لدودا له للتناقض في المفاهيم والمصالح المتعارضة .

10- ومن المهام العارضة والعاجلة الحرص الدائم على عدم إراقة الدماء التي كانت ومازالت سببا رئيسا في تقويض عهدكم والعهود السابقة لحكمكم في اليمن إذ لابد من سرعة إيقاف مسلسل التدمير والقتل للحرث والنسل في كل من أرحب ونهم وتعز أبين وحضرموت ومناطق اليمن كافة وإدانة ومحاسبة المتسببين في جريمة صحراء دوفس مهما كانت مراكزهم وأهميتهم لكم وقربهم منكم ليكفوا عن جعلكم مظلة لأخطائهم وفسادهم الكبير ولنرسي مفاهيم جديدة أساسها النظام والقانون وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب .وأن نعمل على سرعة إطلاق المعتقلين السياسيين و إيقاف المحاكمات الهزلية والزائفة ...والله الموفق والمستعان .