خطاب باسندوة بصفته رئيساً للوزراء أم للمجلس الوطني؟
بقلم/ د. محمد حسين النظاري
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 29 يوماً
الإثنين 19 مارس - آذار 2012 05:07 م

• كنت وما زلت مقتنع بما يمتلكه دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة، من حكمة سياسية اكتسبها خلال الخمسة العقود اشتغل بها في العمل السياسي، حتى غدا صاحب جولات كبيرة فيه، وهو ما مكنه لتبوء مناصب كبيرة قبل أن يتم الاتفاق عليه ليكون رئيساً لحكومة الوفاق الوطني.

• ولأن رئيس حكومة الوفاق الوطني هو الشخص الوحيد داخل الحكومة الذي يمثل رمانة الميزان، ليعود إليه ترجيح كفة الوطن على كفتي المتشاركين في السلطة من المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه، إلا إذا كان يرى انه مع طرف ضد آخر فهذا ما يخل بالتوازن، ويجعله في المكان غير الصحيح، في المواقف التي يتناسى فيها انه في صف طرف بعينه.

• الكلمة التي ألقاها دولة الأستاذ باسندوة في حفل شهداء جمعة الكرامة، لم تكن موفقة في بعض جزئياتها، خاصة عندما خاطب بقوله: \"في مثل هذا اليوم ال18 من شهر مارس من العام الماضي قام بلاطجة وقوات الحكم الفردي المستبد بارتكاب مجزرة بشرية في قلب العاصمة صنعاء راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أبناء شعبنا المعتصمين بساحات التغيير حينما كانوا يتظاهرون سلميا فور فراغهم من أداء صلاة الجمعة\". وفي الكلمات أحكام مسبقة لا تنبغي أن تصدر منه بحكم موقعه مثل: بلاطجة، قوات الحكم الفردي المستبد، ارتكاب المجزرة، لقد نصب نفسه مدعيا وقاضيا في آن واحد.

• وأضاف: " لقد أدى ذلك الإفراط في القوة إلى تصاعد زخم الثورة، وصدرت بيانات الإدانة المحلية والدولية، وأعلنت وحدات من الجيش انضمامها إلى الثورة. \" لافتاً إلى أن ما وصفها بالخطة باءت بالفشل ولم تحقق ما توخاه النظام الحاكم السابق من راء الاعتداء الهمجي البشع، على مئات الآلاف من المتظاهرين والمعتصمين سلميا اللذين كانوا يمارسون حقهم المكفول دستوريا لمحاولة النظام السابق لإجهاض الثورة\".

• إن كلمة النظام الحاكم السابق تنافي حقيقة مع المجلس الذي يرأسه الأستاذ باسندوة، حيث يمثل نصف أعضائه من وصفهم بالنظام السابق إضافة لرئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي، فعن أي سابق يتحدث، ولو كان دقيقاً لقال الرئيس السابق، أما النظام فما زال قائماً، وهي الحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع حتى ولو كانت مرة.

• تبرع الأستاذ باسندوة بمبلغ 50 مليون ريال شيء رائع، ولو انه يوازي ما تبرعت به مجموعة هائل سعيد وهي شركة تجارية، وهنا وقع في الخطأ مرتين فجعل ما قدمته الحكومة بحجم ما قدمته مجموعة تجارية، والأفظع من ذلك، انه ذكر أن الرئيس هادي تبرع بمليون ريال، وهي إشارة مبطنة إلى انه قدم أكثر من الرئيس ذاته، والى أن هناك أشخاصا آخرين ذكرهم بالاسم قدموا أكثر من الرئيس.

• نحن عندما لا نقبل من احد إعاقة عمل باسندوة باعتبار مهمته وطنية بالمقام الأول، وأي معيق لمهامه يعد تنصلاً من المضي بالوطن نحو التسوية النهائية، فإننا لا يمكن أن نتفهم ما صدر عنه، إلا من قبيل انه يمثل طرفا بذاته، وان كلماته تشعل النار من جديد.

• نعم من حقه أن يقول كل شيء يطيب به خواطر اسر الشهداء المثلومين على فقد اعز ما عندهم، ونحن نؤيده في ذلك، ولكن أن يعيدنا إلى المربع الأول الذي بالكاد خرجنا منه، فهذا الذي ليس من حقه، لأنه يمثلنا جميعا سواء من كانوا في الستين أو السبعين أو أغلبية الصامتين.

• لقد تعاطف الناس مع دموعه في البرلمان، ونحو في مقدمتهم، ولكن رب كلمة لم يحسب لها بالاً تفقده بعض ذلك التعاطف، بل وقد تجعله في خانة العداء لفئة معينه، مع أن منصبه منصب وفاق وليس عكس ذلك، فعسى أن تكون تلك آخر الكلمات غير الموفقة عندما يتحدث بصفته رئيساً لمجلس الوزراء، وليقل ما يقل عندما يتحدث خارج إطار هذه الصفة التوافقية، ونحن إلى جوارك رئيساً توافقياً لمجلس الوزراء –فقط- لما فيه خير اليمن واليمنيين.