دورة الرجل في الطب الحديث
بقلم/ هدى الصالح
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 21 يوماً
الخميس 05 إبريل-نيسان 2007 08:10 ص

مأرب برس - هدى الصالح

أثارت دراسات طبية تؤكد جميعها تعرض الرجل لـ«دورة شهرية» يستغرق اكتمالها ثمانية وعشرين يوما وتؤثر على عدد من الوظائف الجسدية بما فيها مقاومة المرض ومدى الصحة العقلية والمزاج، جدلا واسعا ما بين علماء النفس ورجال الدين حول مدى تأثير «الدورة الشهرية» لدى الرجل في انتقاص الأهلية الشرعية له تماما كما المرأة لتأثير دورتها الشهرية مع ما يصاحبها من «طمث»على مزاجها وإدراكها، والتي تعد أحد المبررات الرئيسية لحجب الولاية العامة عنها بما فيها تولي القضاء بحسب ما ذكره فقهاء في مناسبات مختلفة.

وشبه مختصون دورة الرجل «الشهرية» بدورة المرأة «الجسدية والمرئية) غير أن دورة الرجل لا مرئية ولا جسدية، بل أكثر نفسية وعاطفية تؤثر على درجة الإبداع وفرط الحساسية ومدى الصحة العقلية إلى جانب المزاج وإدراك العالم.

* التغيرات الهورمونية وأهلية الرجل رغم تأكيدات الدكتور محمد الحامد، استشاري الطب النفسي، لتعرض الرجل أيضا لـ«دورة شهرية قمرية» يتبدل بسببها مزاج الأفراد واستقرارهم النفسي، مشددا على حدة ملاحظتها ما بين الرجال، إلا انه وبحسبه لم تثبت حتى الآن دقتها من خلال العلوم التجريبية. وأوضح الحامد أن التغير الهورموني الشهري لدى الرجل له ذات الأثر النفسي والوجداني والعصبي القائم على المرأة، مضيفا تسجيل المختصين النفسيين تغير مزاج كل من الرجل والمرأة شهريا. وأشار الحامد إلى انه ومن خلال التراكم المعلوماتي للمختصين النفسيين، فقد تم التأكد من تزايد تكرار أعراض مرضية نفسية في بعض فصول السنة تختلف عنها في الفصول الأخرى. من جانبه، عارض الدكتور علي الشبل، أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن يكون التغير الهورموني الشهري الذي يصاحبه «الطمث» لدى المرأة سببا رئيسا في حجب الولاية العامة عنها بما فيها القضاء. واقتصر الشبل حجب الولاية العامة عن المرأة بما فيها القضاء على الحديث النبوي المؤكد «عدم فلاح قوم ولوا أمرهم امرأة»، مستثنيا بذلك ولاية النساء على النساء إذا كان لا بد منها في واقع الحال، كمدارس الفتيات ومرافق النساء الأخرى الخاصة بهذا، حيث أن الحديث النبوي كاف في التحريم بحسبه ولا حاجة إلى تعليلات بعيدة عن أصل التحريم في حديث النبي الكريم الذي قال فيه بتعليق الفلاح عندما «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».

وأوضح الشبل أن التغير الذي يعتري المرأة، إنما هو تغير نسبي يتفاوت من سيدة لأخرى ولا يكون في الاعتبار دوما حيث أن أم المؤمنين عائشة زوجة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وغيرها من أمهات المؤمنين كانت تفتي وتعلم الشؤون الدينية رغم التغيرات النفسية والجسدية التي قد تعتريها شهريا. وأكد الشبل أنه في حالات التغيرات النفسية مثل شدة الغضب والجوع والعطش والحصر ببول أو غائط مانع من استمرار الحكم والقضاء والصلاة.

والتشكيك في ديمومة أهلية الرجل التي أصبحت بالنسبة لبعض المؤيدين منتقصة جراء ما يعتريه من تغيرات هورمونية تتسبب لديه في ما يسمى «الدورة الشهرية الذكورية»، تماما كما حدث مع تمام أهلية المرأة جراء «العادة الشهرية»، والذي علل بسببه عدد من رجال الدين عدم تولي المرأة الولاية العامة.

كما أوضح الدكتور عبد الرحمن القحطاني، أستاذ في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، أن التغير الهورموني لدى الرجل ما زال في نطاق البحث دون التوصل إلى مسلمات علمية، مشيرا إلى انه وفي حال التسليم بهذه التغيرات على الرجل، تبقى مسألة حجب تولي المرأة عن الولاية العامة، معللا بهذه الأسباب «الدورة الشهرية» وغيرها. وأوضح القحطاني أن استناد العلماء للعلل الخاصة في هذه القضية ليس للاستنباط على الحكم الشرعي الخاص بها وإنما أتى الحكم الشرعي، والذي اعتبره واضحا في هذه القضية «ولاية المرأة العامة» تلاه استدلال الفقهاء بعلل مختلفة لمعرفة الحكمة من الأمر الشرعي في هذا الخصوص. وعودة إلى الدراسات الطبية المؤكدة لتعرض الرجل لدورة شهرية، أوضح مختصون اعتياد النساء لما يعتريهن من حالة كآبة والشعور بالوهن، إضافة إلى سرعة الغضب غير أن مشكلة الرجل أكثر صعوبة كون الدورة الذكورية غير مرئية ولا يُعرف مصدرها. وبموجب أحد البحوث البريطانية، فقد أكدت جامعة «ديربي» معاناة الرجال أيضا من علامات الدورة الشهرية بإصابتهم مرة كل شهر بتشنج عضلات البطن، والعصبية، إضافة إلى آلام في الرأس والإعياء. وأشار البحث إلى أن الدورة الشهرية لدى الرجل تتسبب بتغيرات تماما كما النساء إلا أن المجتمعات «ألصقت» تلك التغيرات، على مر السنين، فقط في ظاهرة دم الحيض لدى المرأة.

من جهتها، أفادت الدكتورة ليلى، المختصة في علاج الطاقة والطب البديل بتعرض الإنسان لخمس دورات يومية أشبه بالفصول يمر بها الجنسان يوميا، تعتري كلا من الرجل والمرأة بين كل دورة وأخرى مشاعر مختلفة تتأثر بها ذاتهما ما بين الضيق والنشاط، مضيفة إلى ذلك دورة أسبوعية مشابهة لسابقتها.

وأضافت أن الدورة الشهرية التي يشترك فيها كل من الرجل والمرأة تؤثر على نفسية وعاطفية الجنسين، بما في ذلك استقرارهما وتوازنهما الفكري، مشيرة إلى حاجة المرأة في تلك الفترة للحنان والعاطفة، والرجل إلى الإشباع الجسدي (المعاشرة الزوجية).

* الدورة القمرية الى جانب التغير الهورموني المؤثر على مدى استقرار الجنسين والنقاش الدائر ما بين الأطباء النفسيين ورجال الدين كان أيضا لعلماء الفلك موضع قدم في ذات النقاش الدائر حول دورة الرجل الشهرية والمرتبطة بحسبهم بالدورة القمرية حيث كما هو تأثير وجود القمر على الأرض والمحيطات من خلال ظاهرة المد والجزر، فالتأثير أيضا واقع على الإنسان بتغير نسبة السوائل داخل جسمه مما له بالغ الأثر على استقراره النفسي الذي ربطه المتخصصون في الإعجاز العلمي بالتوجيه النبوي في صيام الأيام البيض.

وفي ذلك، أشار صالح الصقعبي متخصص في علم الفلك إلى تأكيدات عدد من العلماء الغربيين على مدى تأثير الدورة القمرية على سلوكات الأفراد ومدى استقرارهم النفسي. وفي الوقت الذي لم يستبعد فيه الصقعبي تأثير الدورة القمرية على حالة الإنسان ومزاجه، أشار إلى أن ذلك يبقى في «نطاق التكهنات سواء كان من قبل الأطباء أو الفلكيين غير أنه لم يخضع لتأكيدات علمية يقينية لإثبات مدى دقة المشاهدات». واعتبر الدكتور زغلول النجار المتخصص في الإعجاز العلمي في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن الجدل الدائر ما بين الأطباء وعلماء الفلك من جهة وعلماء الدين من جهة أخرى حول مدى تأثير وجود وغياب القمر على استقرار سلوكات الفرد النفسية والعاطفية إنما هو خلاف قديم استمر لسنوات عديدة.

وقال النجار إن الحديث عن تأثير الدورة القمرية على كمية السوائل في جسم الإنسان انسجاما مع ظاهرة المد والجزر يبقى مجرد استنتاجات دون أية قياسات علمية، فالقضية لم تحقق من قبل العلماء المسلمين وبطريقة منهجية صحيحة، مع نفيه أي تأثير للقمر على توازن الأفراد واستقرارهم من كلا الجنسين.

* عينة دراسية سألت «الشرق الأوسط» عينة حول مدى مطابقة الدراسات العلمية الطبية الأخيرة التي تحدثت عن معاناة الرجل من «دورة شهرية» تؤثر على مدى استقراره النفسي وتوازنه العاطفي، تماما كما تتعرض له المرأة من حالة الكآبة والسلبية وسرعة الغضب، فوافق عشرة من بين 14 رجلا على تعرضهم لتغيرات شهرية تتركز على الجانب النفسي. وكان من بين الإجابات أن أكد أحدهم حاجته وبشكل شهري الى الانعزال وعدم الرغبة في التحدث والاستحمام بشكل مستمر قد يصل إلى أكثر من أربع مرات يوميا، مشيرا إلى عدم وقوفه عليها باعتبارها علامات لدورة شهرية لعدم ربطها بتوقيت محدد. وأفاد مشارك آخر بجزمه على تعرض الرجل لذات التغيرات والانفعالات التي تنتاب المرأة، وتطرأ عليها خلال الدورة الشهرية مع فارق الطمث عند الأنثى. وأشار المشارك إلى أن «نزع الصلاحيات من المرأة بسبب الدورة الشهرية ليس واردا»، بل يجب «إعطاء صلاحيات للحائض أيضا، فالدورة الشهرية لا تعد خللا بل عملية إعادة ضبط للنفس البشرية». أما بشأن المعارضين من ضمن العينة فقد عزوا التغيرات والاضطرابات المتكررة على الرجل إلى الضغوط النفسية والاجتماعية وحجم المسؤوليــات الحياتية الموكلة إليه.

عن / الشرق ألأوسط