مأرب بلا نصير
بقلم/ كاتب/علي الغليسي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 11 يوماً
الثلاثاء 12 يونيو-حزيران 2012 11:49 ص

صارت مأرب وسط فك التمساح .. كماشة إعلامية، سياسية تخنق انفاسهم من أقلام الصحافة ومماحكات أهل السياسة .. هكذا يظهر المشهد على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي وكواليس الاعتداءات على خطوط الكهرباء وأنابيب النفط.

أصبح جميع أبناء مأرب – أبرياء ومذنبين – في مرمى نيران أقلام الصحفيين ولغة التعميم التي ترد في مقالات الكتاب التي تتناول أحداث التخريب ونذالة المخربين مع كل انطفاء للكهرباء مصدره توقف المحطة الغازية .. وحدهم – جيران صافر – يلتزمون الصمت حيال كل ذلك.. وإن كانت ( أدخنة الفوانيس) مازالت تتصاعد عتابات بدو, وشكاوى مظلوم اضناه القهر والخذلان ، ومرارة العاجز وسط أنياب المستوحشين بالفكر والثقافة والعلم والإعلام ضد محافظة عزيزة أذلتها ممارسات عناصر قليلة مهووسة باستهداف أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وتخريب المصالح العامة.

من السذاجة مرور الاستهداف الاعلامي الواضح والمتحامل طوال الشهور الأخيرة للنيل من أصالة أبناء الصحراء اعلامياً عبر واجهة المخربين..اتخذت حملة الاستهداف من الصحافة وملكة الكتابة وموهبة الهجوم سلاحاً فتاكاً لإلحاق الأذى والصاق تهمة التخريب والتقطع وأقذع الأوصاف بكل ما هو مأربي .. سمعة وتأريخاً .. دون مراعاة لمخزون الشهامة والخير الذي تكتنزه نفوس المأربيين ، وثروة الأرض التي تجود بها دون منٍ أو أذى لكل أبناء الوطن، بينما يكابد أبناؤها من أجل الحصول على لقمة العيش بأدنى درجات الكرامة المصادرة بفعل سياسات الاقصاء والحرمان وجشع النافذين الكبار ومعايير التمييز الضيقة التي جعلتها من عقود على صفيح المعاناة.

بصراحة أشعر بالخجل يعتريني على مدار القهر .. كهرباء الغاز تنير صنعاء ومحافظات أخرى، ومصدر النور تعيش في ظلام دامس ، وتواجه حملة إعلامية شرسة لا تتوخي الموضوعية في الطرح، ولا تستند إلى المنطق في نقد مجتمع لا يملك غير استجواب الألم وسرد تفاصيل الظلم بوسائل بدائية وتقليدية لامجال للمقارنة بينها وبين التقنيات التي يمتلكها من يتصدرون مهمة النيل من موطن الحضارة والتاريخ .. صحيح أن مأرب تعاني أمراضا مرتبطة بالتركة الثقيلة المتمثلة في قلة الوعي والتجهيل المتعمد للأجيال والفراغ المعرفي الذي ترك المجال مفتوحاً لزرع ثقافة جديدة لا صلة لها بفطرة البدوي.. غير أن مسألة تحري الدقة والإنصاف مفقودة في قاموس الصحفيين كما يبدو.

المشكلة أن ( مأرب) وحدها من يدفع ثمن تلك الممارسات الصبيانية من قبل بعض أبنائها وغياب أنصافها من قبل زملاء المهنة ونجوم السلطة الرابعة ، وتكمن المشكلة في أن هناك من يبحث عن حل سحري لوقف الاعتداء على الكهرباء وأنابيب النفط ، فيما الإجراء السليم هو العمل من أجل ايجاد وعي حقيقي واصطفاف مجتمعي من خلال ثورة في المواقف والأفكار ومخاطبة ايجابية المجتمع لنتمكن من تجاوز سلبيات الحاضر وتحديد معالم المستقبل المزدهر والتنمية الشاملة لمحافظة النفط والغاز ومصدر الثروة.

لا تصدقوا تلك الكتابات التي تتحدث عن تواطؤ المجتمع في مأرب مع شلة المخربين ، وسيكون هذا الطرح أكثر مصداقية عندما تبدأ الدولة في فرض سيطرتها وملاحقة تلك العناصر المرتبطة بأجندة سياسية ..ستتأكدون أن أحداُ لن يقف في وجه مثل هكذا توجه .. غير أن كل ما يحدث ما هو الا جزء يسير من تفاصيل كثيرة لسيناريوهات طويلة ظاهرها قطع الكهرباء بحجة مطالب شخصية وباطنها الانتقام من كل الشعب وجميع من في الوطن(مخربي مأرب مجرد مقاولين عند قادة الخراب في صنعاء) .. وهذه هي الحقيقة التي يجب معرفتها واطلاع الرأي العام عليها وبالتالي التعامل والتعايش وفق معطياتها وما تحمله من كراهية لليمن الجديد التي وصلت حد للحقد والضغينة.

القهر الذي يتجرعه أبناء مأرب عقب كل مقال صحفي يسرد خلاله الكاتب وجهة نظره من الزاوية السلبية التي لا يرى منها في الوجود شيئاً جميلا،ويدعم ذلك باستخدام مفردات السب والشتم المتوفرة في قاموس ملاعناته الشخصية ، كل ذلك يلقى على كاهلنا مهمة لفت أنظار أولئك الكتاب أن هناك العديد من الزوايا المشرقة التي لم يتطرق إليها أحد .. وكما أن من حقكم أيها الصحفيين والإعلاميين والمثقفين قول آرائكم وإبداء مواقفكم حول ما يحدث في مأرب – بالطريقة التي تعتقدونها صحيحة ، كذلك من حقنا نحن – المأربين – الدفاع عن أنفسنا كما ينبغي ومثلما نحب – فالهامش المهني يتيح لنا الكتابة بحرية سقفها لا يسمح بالإساءة التي أمعنتم فيها حتى تجاوزتم حدود الحرية .. وكما تحبون أنفسكم ، وتدافعون عن حقكم في الحصول على خدمة الكهرباء،ولو على حساب التعريض بكل أبناء مأرب .. كذلك نحن نحب (مأرب) نعشقها حد الهوس ـ رغم الظلم والمشاكل وتعقيدات الأوضاع ـ نحب أرض سبأ ولا يمكن أن نتهاون في رد الضيم عنها والتضحية من أجلها.. ومهما بلغت الأوضاع سوءً لن نفرط في قيم الكرامة والشموخ، وعلى الذين تمترسوا منذ شهور طويلة للتشهير بحاضرة سبأ في كل محضر ومارسوا ضدها أبشع أساليب الشرشحة في كل صحيفة وفضائية حتى غدا إسم (مأرب) مقترناً بالسب والسخرية والشماتة والاستهزاء على كل ألسنة المهووسين باللعن واثارة الضجيج.. عليهم أن يتوقفوا فوراً عن النعيق الذي جاوز حد التذمر حتى وصل إلى الاحتقار والاستنقاص .. من اليوم وصاعداً ستكون أقلامنا سيوفاً مصلته في وجه من يستعرض قوته الإعلامية علينا ويسعى من خلال جودة الصياغة وسلاسة الأسلوب وبلاغة الطرح الإمعان في تقزيم مأرب وأبنائها .. يكفينا ما نعيشه من إقصاء وتهميش وفراغ تنموي ومصادرة للحقوق وغياب اللبنية التحتية .. احنا مش ناقصين هذا الاستنزاف اللأخلاقي ، وكرامتنا ليست مباحة للصغار.

لن نستجدي الاعتذار من أولئك الكتاب والصحفيين والإعلاميين الذين صار أبناء مأرب في نظرهم مجرد لصوص وقطاع طرق وبلاطجة يبيعون الذمم ، لن نطلب ذلك منهم ابداً، لأنهم لا يستحقون التملق ، وكثير في حقهم الاستجداء..ومن العيب ان نمد لهم خدودنا التي احمرت بصفعاتهم كي يرسمون عليه قبلات وردية إذ ما زال ألم الصفعات طاعناً في القلب ، وآثار أظافر تلك الكفوف الخشنة والناعمة مطبوعة على وجه (مأرب) لن تمحوها حبة خشم أو بوسة شفة رطبة.

من الآن فصاعداً.. لن نسمح بالتطاول على تاريخ عظيم اسمه (مأرب)... سنضع عناوين الشهامة والأصالة والكرامة والطيبة والحكمة جانباً , لأن هذه الصفات أتاحت الفرصة للأقزام أن يتطاولوا على عرش بلقيس، وزادت شهوانيتهم لإذلالنا ونهش سمعتنا ببشاعة ودون توقف، وباتوا يجلدوننا بالألفاظ النابية ليثيروا القهقهة والضحك في نفوس الشامتين.

وأخيراً: أود أن أؤكد أنني لست ناقماً على أحد ولا أحمل شفرات حقد ضد أحد...!! فقط .. أحاول الانتصار لكرامتي كـ(مأربي) ولمكانة محافظتي التي صنعت لليمنيين حضارة ومنحتهم مخزون الثروة ، وصنعوا بها ما لم يصنع ناكر معروف بصاحب جميل قط!!.