الذكر يجلب الرزق ويزيل الهم
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 24 يوماً
الإثنين 30 يوليو-تموز 2012 11:19 م

• ذكر الله تعالى له صورا متعددة قراءة القرآن والتسبيح والتحميد والثناء والاستغفار والصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وذكر محامده وخصاله ومدحه وتدبر سيرته وغير ذلك والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الواردة فى فضل الذكر وثماره كثيرة وقد ورد الذكر فى القرآن الكريم فى مواضع عديدة تبياناً لمنزلته العظمى فى مقام الإيمان بوجه عام ومقام الإحسان بوجه خاص قال تعالى: “واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة" (الأعراف 205) وقال: “ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (البقرة :152) وقال “ فاذكروا الله عند المشعر الحرام، واذكروه كما هداكم “ و قال:" فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا\\\"البقرة :198ـ 200 وقال: “ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم" (آل عمران:191). وقال رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله سبحانه وتعالى:" أنا جليس من ذكرني “ و “ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، ولم يحظ نمط من أنماط العبادة بعد أداء الفروض بالعناية من قبل أهل الله مثل ما حظي به الذكر فهو لديهم ركن أساسي في سلوك طريق الحق سبحانه ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر وقد أجمعوا أنه ليس هناك دواء أسرع في جلاء القلوب وتصفيتها من مداومة الذكر فهو قوت الفلاح والنجاح و يقول ذو النوى المصري: “من ذكر الله ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء وحفظ الله تعالى عليه كل شيء وكان له عوضا عن كل شيء" وقسم أهل الله الذكر إلى ذكر اللسان وذكر القلب فذكر اللسان يصل به العبد إلى استدامة ذكر القلب، فإذا كان العبد ذاكرًا بلسانه وقلبه فهو الكامل في وصفه وفي حاله وسلوكه. ويقول عبد الرحمن الثعالبي: ذكر الله بالقلب سيف المريدين به يقاتلون أعداءهم وبه يدفعون الآفات التي تقصدهم.

• وقال أهل الله: إن الذكر أتم من الفكر؛ لأن الحق سبحانه وتعالى يوصف بالذكر ولا يوصف بالفكر وما وصف به الحق سبحانه أتم مما اختص به الخلق. قال الله تعالى: “ والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"( الأحزاب : 35) وعن جابر رضي الله عنه قال: “خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم فقال: "ياأيها الناس ارتعوا في رياض الجنة قلنا يا رسول الله ما رياض الجنة؟ قال: “مجالس الذكر\\\" يقول ابن كثير: “إن الله يُعطي الذاكرين أكثر مما يُعطي السائلين" وقال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه: “ إذا رأيت الله يؤنسك بذكره فقد أحبك" والذكر غذاء الأرواح وجلاء الهموم قال الله تعالى:" الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (الرعد : 28) وقال ذو النون المصري: ما طابت الدنيا إلا بذكره وليس الذاكر من قال سبحان الله والحمد لله وقلبه مُصِر على الذنوب وإنما الذاكر إذا هم بمعصية يتذكر كيف يقف أمام علام الغيوب.

• وقد أورد ابن القيم أكثر من 60 ثمرة من ثمار الذكر، أهمها: أنه يزيل الهم والغم عن القلب بجلبه الفرح والسرور والبسط ويجلب الرزق و ينور الوجه والقلب ويقوي البدن ويورث المحبة التي هي روح الإسلام، كما أنه باعث على المراقبة التي تدخل الذاكر في مقام الإحسان، ولا يتسع الحيز هنا لذكر ثمار الذكر كلها. وقال أهل الله: إن الدعاء والتضرع إلى الله ذكر محمود ومن أبواب الاستجابة الدعاء في وقت الرخاء حيث إن الله لا يحب من ينساه وقت النعمة بالشكر والثناء وطلب المغفرة والعون والتوفيق والسداد ويتضرع إليه وقت النقمة وكذلك الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر نفيس فقد صلى عليه الله تعالى بنفسه، وأمر ملائكته بالصلاة عليه، ثم أمر المؤمنين بأن يصلوا عليه. ويقول الجنيد البغدادي “الذكر هو منشور الولاية فمن أعطي المنشور فقد أعطي الولاية ومن سلب المنشور فقد سلب الولاية.

• وفيما يتعلق بالالتزام بالذكر وتخصيص الصيغة والعدد والوقت فمن المعلوم أن الله أمَر بالتزام ومواظبة الذِّكر وذلك:بِـ “الغُدُوِّ وَالآصَال"(الأعراف: ‏205‏) و بِـ “العَشِيِّ وَالإِبْكَار(غافر:55) و" قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ"( ق: 39) و"بُكْرَةً وَأَصِيلًا" (‏الإنسان:‏25‏) “ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً" ( ‏الأحزاب: 42) والالتزام بالأوراد سُنَّة راشدة فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول للصحابة كما روى مسلم في صحيحه:"من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتِب له كأنما قرأه من الليل" أخرجه مسلم في الصحيح وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه في “السنن"ومالك في “الموطأ"وابن حبان فـي “صحيحه" كما في “الإحسان" فدلّ الحديث على أن الصحابة كانت لهم أوراد وأحزاب مخصوصة يُواظبون عليها ويتداركونها ولو بعد ذهاب وقتها وقد رغّب الشرع بالذكر بصِيَغٍ مُعيّنة والمواظبة عليها روى البخاري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أَحَبُّ الأَعْمَالِ إلى الله أَدْوَمُهَا وَإنْ قَلّ"صحيح البخاري كتاب الرقاق دار الحديث القاهرة 2004م (4/209) وتحتاج المداومة إلى ضبط العدد فقد أمر الله بالذكر مطلقاً فقال: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً"( الأحزاب :41-42) وهاهو ابن القيم يقول:"وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: من واظب على (يَا حَيُّ يَا قَيُّومْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ) كل يوم بين سُنَّة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيا الله بها قلبه" مدارج السالكين دار الحديث القاهرة 2005م ج1 ص360 وهذا النوع من الذكر فيه تخصيص الصيغة والعدد والزمن.