الحدث الكارثة .. والدروس المستخلصة
بقلم/ طارق مصطفى سلام
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 20 يوماً
الأربعاء 05 سبتمبر-أيلول 2012 05:54 م

أما عن الحدث الجلل فأقصد به الفعالية التي اقيمت صباح يوم الاثنين الموافق 3-9-2012م في قاعة 22مايو للمؤتمرات بالعاصمة صنعاء حيث احتفل حزب المؤتمر الشعبي العام بالذكرى الثلاثيين لتأسيسه بمشاركة وحضور 6300آلاف من أعضاءه (هم قوام مندوبي المؤتمر العام السابع في دورته الثانية والتي عقدت في ذات القاعة يومي الثلاثاء والأربعاء الموافق 5-6 مايو 2009م ) بحضور الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أطاحت به ثورة شعبية بعد 33 عاماً من الحكم العائلي الفاسد .

هذا الحفل بتفاصيله كافة هو كارثة ليس على حزب المؤتمر فحسب بل على الوطن عموما والزعيم صالح ذاته خاصة في خطابه المنفلت الذي ألقاه في ختام تلك الفعالية وللتدليل على ذلك نوجز الأتي :

تفاديا لتوسع الخلاف الذي سيؤدي حتما للانشقاق في صفوف تنظيم المؤتمر بين المطالبين بعزل القيادات المؤتمرية التي ساهمت بوصول المؤتمر والوطن الى النفق المظلم والتي مازالت تمسك بمفاصله الرئيسة وتمنع تطوره المطلوب ومشاركته الرائدة في إجراء التحولات اللازمة والتغيير المنشود للمرحلة اللاحقة بحسب ما نصت عليه المبادرة الخليجية وأليتها المزمنة ,فقد رأس الزعيم صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام في 24 ابريل 2012م اجتماعا للجنة العامة للتنظيم التي أقرت بالإجماع الأتي : -

1- تكليف الدكتور عبدالكريم الإرياني نائب رئيس المؤتمر بقيادة التنظيم خلال الفترة القادمة وحتى انعقاد المؤتمر العام الثامن نهاية شهر اغسطس 2012م ورئاسة اجتماعات أمانة التنظيم ولجنته العامة حتى ذلك الحين .

2- تشكيل لجنة برئاسة الدكتور الارياني للأعداد والتحضير للمؤتمر العام الثامن للتنظيم الذي سيتم فيه انتخاب دماء جديدة في قيادة التنظيم وهيئاته المختلفة وتطهيره من الدماء الفاسدة والقيادات الانتهازية والوصولية وتلك المعتقة والراكدة

وكعادة الزعيم أنقلب على تلك القرارات للهيئات فنجده بعد أيام معدودات يترأس اجتماعات أمانة التنظيم ولجنته العامة ويسعى لعرقلة أعمال اللجنة التحضيرية للأعداد للمؤتمر العام الثامن من خلال استدعاء القيادات المؤتمرية في مؤسسات الدولة المركزية والمحلية وقيادات الفروع على صعيد المحافظات بل والمديريات للتآمر على التجديد والتغيير وللاحتفاظ برئاسته بل واختطاف التنظيم عموما من هيئاته القيادية وقواعده الشعبية ليغتالوا الديمقراطية في التنظيم وينحرفوا به عن مساره الطبيعي نحوا المستقبل المنشود للمؤتمر والوطن إجمالا , فيتم تحويل التحضير لانعقاد المؤتمر العام الثامن للتنظيم الى مجرد حفل هلامي استعراضي للذكرى الثلاثين للتأسيس ؟.

عدم ثقة الزعيم بهيئات وقواعد التنظيم ودمائه الجديدة جعله يرفض أية انتخابات قادمة للمندوبين او وضع قوائم أخرى للمشاركين في الفعالية الجديدة وأصر على القوائم القديمة لقوام المؤتمر العام السابع في دورته الثانية الذي أنعقد في مايو من العام 2009م التي تحكم هو فيها في المنبع والمصب , في تحديد المندوبين وأعدادهم ومفاتيح اختيارهم وتصعيدهم للوصول لمقاعد الدورة الثانية وهيئاتها العاملة حينها .

 لمن لا يعلم فقد سعى الزعيم بأنانية مفرطة كعادته الدائمة للمماطلة والتسويف ثم الكذب والتزوير لتأجيل انعقاد المؤتمر العام الثامن للتنظيم الذي كان مقررا انعقاده في هذا اليوم لذلك من الصعب أن يصدق القول بشعبية الزعيم الحزبية خاصة لمن يعرف عن حالته النفسية حينها وهو يلقي خطابه المشؤوم وما سبق ذلك من أحداث وما جري في النهر من وقائع قبلها بأيام أو دقائق معدودة صبت في هذه الاحتفالية وأخرت وصوله للاحتفال عن بدايته المرسومة تم فيها حبس الأنفاس لحظات طالت كأنها دهورا ثم أن الخطاب كان عن غير نص مكتوب تحكمه عوامل شر مكبوتة كفانا الله دوافعها ونتائجها .

قام صالح بتسليم هادي السلطة في احتفالية مجلس النواب نهاية فبراير2012م وأختزل ذلك بمشهد تسليم واستلام العلم الوطني يومها أراد صالح لذلك المشهد التعبيري ان يكون سيد الفعل والموقف والواقع للفترة اللاحقة اجمالا , أراد صالح تسليم العلم فقط لا السلطة بمظاهرها ووسائلها المعروفة في (سلطات الدولة الثلاث والجيش الوسيلة والحزب الأداة ) إدارة مجتمع ووطن , فسلم لهادي دولة مهترئة تم مصادرتها ومصادرها طوال 33 عاما من حكم عائلي قروي متسلط وجسد ذلك باستمرار احتلاله لدار الرئاسة في الستين ولمن لا يعلم فأن دار الستين هو المجهز تجهيزا كاملا ووافيا ليكون مقرا لسكن الرئيس ومزاولة أعمال الحكم والرئاسة على عكس مهام القصر الجمهوري الذي خصص لاحقا للبروتوكول الرسمي في استقبال الوفود عالية المستوى ومباحثاتها واستضافتها , واستمرار سيطرته على السلطة التنفيذية بالنصف المعطل للحكومة , والسلطة التشريعية بالأغلبية الكاسحة , والسلطة القضائية بعصام السماوي وأشباهه, إلا أن هادي حسم أمره في هذا الجانب اعتبارا من يوم السبت 25 أغسطس 2012م حيث عقد اجتماعا خاصا استثنائيا في دار الرئاسة مع اللجنة العسكرية الأمنية العليا لتحقيق الأمن والاستقرار وكبار القادة العسكريين والأمنيين المرتبطة مسئولياتهم في هذا الجانب . وتلاه يوم الأحد 26 أغسطس اجتماع استثنائي مع الحكومة واجتماع أخر الأحد 2سبتمبر 2012م مع أعضاء مجلس النواب ليقول لعالم أجمع ها أنا أسكن داري وأمارس أعمالي منه على عكس شائعات العهد السابق التي تقول أن من عجز عن حماية داره بل والإقامة فيه كيف له ان يحمي دور الآخرين ويلوذ عن وطن , أما بالنسبة للقوات المسلحة والأمن فقد تمكن هادي بخطوة تتلوها أخرى من السيطرة على اللجنة العسكرية الأمنية العليا واحتواء تمرد بعض الوحدات العسكرية الهامة بدمجها مع المناطق العسكرية المعتمدة جغرافيا ومؤخرا بدمجها مع الأفرع الثلاثة للقوات المسلحة والمعروفة عالميا كما أن توحيد الزي العسكري مسألة في غاية الأهمية والخطورة للجيش اليمني في توجيهه المعنوي وولائه الوطني ومن هذه الزاوية حرص الرئيس هادي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن على مزاولة عمله من مكتبه في معسكر العرضي الذي تحده من الشرق بوابة وزارة الدفاع ومن الغرب مكتب القائد الأعلى وهنا تكمن خطورة الخطوة المغامرة التي اتخذها نجل صالح باحتلال وزارة الدفاع بعد أن أستهواه الأمر وأستسهله بسهولة احتلاله لوزارة الداخلية وانتفاء أي إجراء عسكري رادع بحقه بإحالته للمحاكمة العسكرية وعزله من قيادته لأهم وحدات الجيش اليمني التي سهلت لوالده تلاعبه بالوطن وأهله رئيسا ومرؤوسين !!

وهنا تبرز أهمية تمكين هادي من الوسيلة الأخيرة والأهم لممارسة الحكم وهي الأداة السياسية والحزبية المتمثلة برئاسة الحزب الذي ينتمي إليه وهو تنظيم المؤتمر لشعبي العام أكبر وأهم حزب في اليمن حزب الوسط ذات النهج الليبرالي حزب الكفاءات والقدرات التي تأهلت بموارد الوطن وأموال الشعب من دافعي الضريبة العامة , هذا الحزب الذي خطفة زمرة من الانتهازيين وقطاع الطرق وناهبي ثروة الشعب وبهذه الأموال المسروقة أقاموا فعالية اليوم الاستعراضية بتكلفة مليار ونصف من الأموال الحرام إياها .

أضحكني كثيرا الأخ الصوفي وهو يردد منتشي ومتعاليا الليلة من قناة الفتنة (اليمن اليوم) أن الفلول في مصر وتونس لا تملك القدرة على أن تحشد هكذا كما فعل اليوم صالح وزبانيته ونسي أو تناسى أن الفلول هناك لم تتوفر لهم حصانة ولم يبقى لهم رئيس سابق وزمرته نجو بفعلتهم وسرقتهم كما حصل مع فلول اليمن ورئيسها البائد اللذين استغلوا طيبة شعبنا وأصالته فأزداد طيشا وأجراما وعدوانا .

خطاب ( الزعيم ) مردود عليه جملة وتفصيلا , تهجم على الرئيس هادي وأن مبطنا في قوله , أنتم الفاشلون أرحلوا, وهو الكريم معه ولكن صالح تمردا ,هدد الشعب والوطن بقوله للصبر حدود والعجلة دوارة وسخر منه بقوله من تزوج أمنا هو عمنا , تهجم على اللجنة العسكرية والأمنية العليا محاولا ابتزازها وتحريض أعضاء المؤتمر كافة عليها وتناسى أن غالبية أعضاء المؤتمر تطالب بمحاكمته على سرقته لأصول وأموال المؤتمر ونهب وطن ,تهجم على دولة قطر الشقيقة واتهمها وشبابنا الثائر بالتخريب والعمالة وهو المخرب والعميل والمضحك أنه يريد من قطر حل مشكلة الكهرباء في اليمن التي كانت من مسؤوليته طوال 33 عاما ولو عمل منذ بداية حكمه على توفير مئة ميجاوات كل عام لوفر لليمن الآن 3300 ميجاوات تكفي اليمن من الطاقة الكهربائية لعقد قادم ولكنه الزعيم الذي لم يستحي ويستغفل ذاكرة شعب بأكمله , ألم أقل لكم هي فعالية واحتفال يسيء للمؤتمر وللوطن وللزعيم ذاته .

القضية أساسا لا تكمن في استمرارية الزعيم رئيسا للمؤتمر أو كونه باق في اليمن الموضوع ينحصر بعدم التزامه لعهوده ومواثيقه دائما وابدأ فالحصانة منحت له مقابل أن يكف عن مزاولة العمل السياسي الذي أدى به لتلك الجرائم بحق الشعب والوطن لذلك عليه أن يكف عن أي نشاط يؤدي إلى تأثير سلبي على الشعب والوطن أو تسحب منه الحصانة وعصابته , والأهم وفي الأحوال كافة أن تنزع عنه ثروته الحرام هو وطغمته الناهبة لقوت شعب بأكمله ما لم يكفروا عن ذنوبهم .. قلنا ذلك مرارا وتكرارا فهل من مجيب ؟ .

من الملاحظ التصفيق المدوي للقاعة عندما ذكر الزعيم أسم الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي هو (الزعيم )أيضا تفاجأ من حماس القاعة وأنتبه حد الرعب والمباغتة .

من الملاحظ تجاهل الزعيم لقرارات المؤتمر العام السابع في دورته الثانية في مايو 2009م حيث تم إجراء تعديلات في النظام الداخلي للمؤتمر في البند 14 الذي تنص مادته على الأتي :-

( إضافة شرط التفرغ من أي عمل تنفيذي لمن يرشح لشغل منصب الأمين العام المساعد, ورؤساء الدوائر المتخصصة بالأمانة العامة ) .

وبذلك يكون معظم الأمناء المساعدين للمؤتمر ورؤساء الدوائر المتخصصة كالراعي والشامي مخالفين لبنود النظام الداخلي للتنظيم ويجب إحالتهم إلى لجنة الرقابة والتفتيش العليا بالتنظيم للمحاسبة والمسألة .

بتاريخ 20 أغسطس 2012م أقر وأعترف الزعيم في كلمته المكتوبة بصحيفة التنظيم (الميثاق) بأخطاء أرتكبها وبعض المقربين منه في قيادة المؤتمر أساءت لنهج التنظيم وأدت لفساد مؤسسات الدولة .. والأعراف الديمقراطية والحزبية تفرض عليهم التخلي عن مواقعهم القيادية في التنظيم والدولة بل واعتزال العمل السياسي عموما والاتجاه بعيدا نحوا أنشطة أخرى مثال الأعمال الاستشارية والإنسانية وبإمكان الزعيم أن يتصدى لأعمال عظيمة تجعل المتضررين منه ينسوا ما لحق بهم من ضرر جسيم من أفعاله الإجرامية والقبيحة .. بالاستثمار بالداخل وتشغيل الشباب العاطلين عن العمل أو القيام من فوره والاتصال بالوزيرة العظيمة في ضميرها والرائعة في مثابرتها الأستاذة حورية مشهور لمساعدتها في إطلاق الشباب الثائر المخفيين قصرا والمعتقلين قهرا بسبب من الرأي والمواقف السياسية ومعظمهم في سجون الحرس الجمهوري في سواد حزيز أو في السجون الخاصة لعمار وأخوه يحي في (بدرومات ) العمارات الجديدة داخل صنعاء وضواحيها , وهم الأعلم فقط إسألهم أيها الزعيم ولا تسألهم , و لنكن جميعا في مستوى مسؤولية وضمير حورية التي فضلت الأمانة على الوجاهة فكانت الوزير الإنسان التي جاءت من الساحات فباهينا بها وبشموخ قيمها وخلقها وسلوكها المقدام غير المسؤولين النيام من الحقراء و الأقزام , فهل فعلت أيها الزعيم فأرحت واسترحت؟