إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
إيران مضطربة، في حالة من القلق والشك والخوف، مناوراتها العسكرية تتوالى، جوقتها الإعلامية في طهران وبغداد وبيروت ترتفع وتيرتها، تلاميذها الجدد في اليمن يكثرون الزعيق هذه الأيام.
ستغلق إيران مضيق هرمز في تصريح، ولن تغلقه في آخر، ستمسح إسرائيل من الخارطة في تصريح، وتطالب بضمانات لعدم شن إسرائيل هجوما عليها في آخر، ستهاجم القواعد الأميركية في تصريح وتنفي تصريحها اليوم التالي، ستضرب قواعد الأطلسي والدرع الصاروخية في تركيا، وتستقبل وزير الخارجية التركي، تريد التفاوض على الملف النووي «السلمي جدا»، وتريد القنبلة، تبعث برسائل تطمين لجيرانها العرب، وتقول إن البحرين إيرانية، تهدد أميركا إذا ما استمر تدفق القطع البحرية على الخليج، ويستمر التدفق، وتقلل طهران من الأمر، وتخرج أخيرا بتصريح: «الأمر مجرد روتين لا علاقة لنا به». وفوق ذلك تهدد إيران إذا فرضت عليها عقوبات لإدراكها خطورة العقوبات على نظامها، وتفرض العقوبات وتبلعها إيران على مضض، ويخرج مسؤول إيراني يبتسم ابتسامة صفراء ليقول: «العقوبات لا أثر لها على الاقتصاد الإيراني، هي حبر على ورق»، ثم يخرج مسؤول آخر ليقول: «الأمر خطير على الاقتصاد»، ويطل علينا المرشد من فوق كرسيه العالي جدا ليقول: «سنعتمد مبدأ (اقتصاد المقاومة)»، ويخرج نجاد ليقول: «العقوبات أكبر هجوم اقتصادي على دولة في التاريخ».
وتواصل إيران تناقضاتها فتدعم بقوة نظام الأسد، وتدعم بقوة الشعب السوري، ولا ندري كيف يتفق دعم نظام الأسد مع دعم الشعب السوري بعدما ذبح هذا النظام شعبه بكل الوسائل الممكنة. ومسؤول إيراني يصرح: طهران ليست مستعجلة لعودة العلاقات مع مصر، ثم ترسل إيران الرسائل تلو الرسائل لمصر تستجدي عودة هذه العلاقات، وتدعو مرسي إلى طهران، وتقول للعالم إنها كسرت الحصار الدبلوماسي بحضور عدد من زعماء «عدم الانحياز»، وتحتفي بمرسي الذي يبدو أنه يفهم جيدا لعبتها، لتفاجأ بأن مرسي من النوع الذي «يترضى على الخلفاء الراشدين» على منبرها، وتفاجأ بأن مرسي كذلك يدعو إلى رحيل الأسد، وتغضب، وتقول: «مرسي ليس لديه خبرة سياسية»، ثم تخشى من تبعات تعليقها هذا، وتبلع مرارتها مرة أخرى وتعود لتقول إنها تتفق مع مرسي بنسبة تسعين في المائة، ولم تقُل لنا ما هي التسعون ولا العشرة في المائة في العلاقات المقطوعة أصلا بينها وبين مرسي.
ماذا دهى الملالي العظام؟
في الماضي القريب كانت الصورة الإيرانية تحرص على الظهور بمظهر الهادئ المبتسم، لكن الصور القادمة من طهران هذه الأيام لا توحي بهذا الهدوء، ولم تعد تبتسم كثيرا. الصورة الإيرانية الآن مقطبة، متوترة، قلقة خائفة رغم لمعان النياشين على أكتافها. ولأن إيران خائفة وقلقة من هجوم عليها، فإنه لا تكاد تمر عدة أشهر، وأحيانا عدة أسابيع، حتى تعلن إيران عن سلاح جديد «تفوق عظمته كل الأسلحة، ولم تسبق إيران دولة في تصنيعه»، في نفير إعلامي يفوق كثيرا الواقع الإيراني البائس. الدول العظمى حقيقة تسعى إلى إخفاء ما توصلت إليه من منتج حربي، لأنها لا تريد أن تظهر قوتها الحقيقية، بينما دولة مثل إيران تبرز كل ما لديها وتلجأ أحيانا إلى «الفوتوشوب» لدبلجة الصورة وإيهام الناس، لأنها تمر بحالة من الخوف الحقيقي الممزوج بالفوبيا المرضية.
أيام إدارة جورج بوش الابن كانت أيام إيران الذهبية، فعلى الرغم من العداوة الظاهرة بين الجانبين فإن بوش الابن خاض بكل بسالة حروب إيران نيابة عنها، وأطاح بأعداء نظام الملالي، في أفغانستان والعراق، علاوة على أنه أتاح لها بانشغاله عنها المزيد من الوقت الذي هيأ لها فرص الحفر في الأعماق لدس منشآتها النووية. كان بوش الابن يهرج وإيران تجيد اللعب مع المهرجين، وتستثمر جنونهم لصالحها. وجاء أوباما.. أوباما من طينة مختلفة، كأنه مجبول من تراب طهران، عرف من أين تؤكل الكتف الإيرانية، ولعب مع الإيرانيين لعبتهم المفضلة، ومع الوقت كان أوباما يغير قواعد اللعبة إلى أن اكتملت أوراقها أو معظم أوراقها في يده. أدرك الإيرانيون خطورة أوباما على نظامهم، عادوا ليقولوا إن أوباما أخطر من جورج بوش الابن، وهذه حقيقة يتيمة بين فيضان من الكذب الإيراني الذي كادت تغرق به المنطقة، كما كادت مع ما يقارب أربعين قناة إيرانية ناطقة بالعربية تبث حكايات ألف ليلة وليلة، وأساطير بلاد ما وراء النهرين.
مشكلة إيران في ظني أنها تحاول الظهور بمظهر الدولة العظمى ليس إقليميا، ولكن دوليا، ولعل هذا سر وجود كلمة «العظمى» ومشتقاتها في كثير من أدبيات ملاليها وألقابهم. فرجال دينها هم آيات الله «العظام»، ومرشدهم بالطبع هو آية الله «العظمى»، وحرسها الثوري «أعظم» جيش في العالم، ومنشآتها النووية «أعظم» حتى من المنشآت اليابانية حسب تعبير الرئيس «الأعظم» أحمدي نجاد، الذي حاول اصطحاب 160 عضوا إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليقول للأميركيين إن عقوباتهم لم تؤثر على إيران التي تستطيع أن تجهز «أعظم» الوفود في «غزواتها الدبلوماسية». حتى كذبة إيران لا بد أن تأتي «عظمى» على الطريقة الإيرانية، فهي لا تتدخل في العراق رغم أن المالكي يطلب من وزير النفط العراقي أن يصوت تبعا لتصويت وزير النفط الإيراني في اجتماعات «أوبك»، وهي لا تتدخل في لبنان وسوريا رغم اعتراف جعفري بوجود الحرس الثوري في البلدين، وكأن ضباط الحرس الثوري هناك خبراء في صناعة وإنتاج مساحيق التجميل. تتناسى إيران أن العظمة ليست مجرد لقب أو شعار، وأنه من الصعب إقناع شعبها بعظمتها في الوقت الذي تقف فيه عاجزة عن تلبية أبسط مطالب شعبها المنكوب بسياسييها وقادة حرسها الثوري وطموحاتها «العظمى».
ومشكلة إيران أنها تعيش على التاريخ، ترى أن تاريخها «عظيم»، وهو بالفعل كذلك، لكنها اليوم تعيش أسيرة ذلك التاريخ، وبسبب من تاريخها «العظيم» تتجه إيران إلى الهاوية، وهي هاوية معقدة اقتصادية وسياسية وربما عسكرية. الاقتصاد الإيراني مكبل، البنك المركزي محاصر، قطاع النفط تضاءلت صادراته إلى 800 ألف برميل بعد أن كان يقارب ثلاثة ملايين، وإيران تعتمد على النفط بشكل كبير، وتلجأ إلى تخزين نفطها ليلا في حاويات في دول جنوب شرقي آسيا، دون علم هذه الحكومات للتحايل على العقوبات، في تصرفات لا تنم عن سلوك دول معتبرة، وإنما حركات «أولاد ليل». أصبحت إيران دون أن تشعر رهينة طموحها النووي، تريد القنبلة لإنقاذ نظامها، فأصبح النظام والشعب والبلد برمته حبيس هذه القنبلة الجنين. وها هي إيران اليوم معزولة عربيا وعالميا، تتحاشى الدول التعامل معها، تماما كما يتحاشون مخالطة أصحاب الأمراض المعدية.
خلاصة الأمر: اعرفوا إيران جيدا... لا تنخدعوا بصوتها العالي، وصورتها المزوقة... وعندما تقول إيران شيئا صدقوا عكسه، وعندما تعلو نبرة صوتها فإنها مرتبكة، وعندما تكثر من مناوراتها العسكرية فإنها تشعر بالخوف... تأملوا جيدا الصورة الإيرانية.. هي أقرب إلى الخوف منها إلى الثقة والاقتدار.