جامعة إب .. بين سلاسة الاعتبار وصرامة المعيار
بقلم/ د. حسن شمسان
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 16 يوماً
الأحد 07 إبريل-نيسان 2013 04:52 م

أدرك –ويدرك جميع المنتسبين إلى جامعة إب – بغض النظر عن صفة النسب إليها- أن هناك \"سيل\" من المخالفات صحيح هي لا تمر من الباب لكنها تمرر عبر السرداب، غير أن هذا السرداب المتمثل في سياسة \"الاعتبار\" لم يسجل ضمن براءة اختراع لرئيس الجامعة، لسبب بسيط جدا، وهو أن الرئيس نفسه مر إلى منصبه من خلاله فأسعفه الاعتبار، لأنه يدرك أن المعيار ما كان ليوصله إلى الرئاسة بدرجة أستاذ مساعد؛ فحق براءة الاختراع إذا لمن مرر الرئيس وليس للرئيس. وبناء عليه فإن ما يحدث من تجاوزات هو إرث ورثته \"جامعة إب\" وسائر الجامعات اليمنية بل وكل مؤسسات ومرافق الدولة، في ظل سياسية نظام فاسدة وفي الوقت نفسه ممنهجة. نتخيلها في صورة \"أخطبوط\" قد نصب شباك فاسده في جسد الوطن عبر مؤسساته المختلفة و \"التعليمية\" بشكل خاص.

وما كانت جامعة إب لتشذ عن هذا المسار الفاسد الممنهج؛ الذي يفضي في النهاية إلى التجهيل، فهذا الأخير من شأنه أن يبقي الوضع في اليمن متخلفا، فالجهل هو أساس التخلف، والنظام الفاشل لا يبقى ولا يستمر إلا في سياق الفشل والتخلف، ومجتمع جاهل هو متخلف وكل متخلف هو ضعيف والنظام المستبد إنما يفرخ وسط الضعفاء، لهذا كان مطلوب من اليمن أن يغشاه الفساد والتخلف من ساسه إلى رأسه.

ونحن في هذا المقال المقتضب الخاص بجامعة إب سنقتصر في حديثنا عن نقطة واحدة من سيل من المخالفات؛ وهي نقطة التعيينات؛ فهي نقطة يتوقف عندها صاحب المعيار ويتعداها بسرعة فائقة صاحب الاعتبار، فالتعيينات مثلها مثل غيرها قد طالها ذلك الإرث البغيض، فأغلب التعيينات شأنها شأن بقية المخالفات مررت عبر الاعتبار الحزبي رامية وراءها المعيار العلمي، وذلك بقصد شل العملية التعليمية لتضعنا أمام مخرجات مشلولة أو معاقة تتناسب مع طبيعة تلك المدخلات؛ بقصد الإبقاء على الوجه الأكثر سوداوية للوطن وحتى تبقى السلطة بيد الوثن؛ فمثل الاعتبار الحزبي أو العائلي مثل سرداب مكتوب على مدخله يسمح بالدخول لحاملي الولاءات فقط وغير مصرح لمرور الكفاءات. وهكذا مَرر من خلال هذا السرداب كل ما لذ للنظام وطاب ومنهم الرئيس يا أولي الألباب، فسياسة الاعتبار تقرب البعيد \"مؤهل دكتوراه عن بعد\" وتبعد القريب.

ومن هنا نرى منهجية \"رئيس الجامعة\" تأْتلف مع منهجية \"رئيس العائلة\" ولا تختلف، فإذا كان لأول لقداسة العملية التعليمية لم يكترث، فإن الثاني بقداسة الوطن قد أفسد وعبث. مع أنه في سياسة العارفين تكون حرمة الوطن من حرمة الدين، ولما اختلطت الموازين صار مكان \"مؤهل شيخ\" في مناصب الدولة في عليين، كما أنه أي الرئيس السابق من قدم عرف القبيلة على قانون الدولة؛ فلم نر على مر التاريخ القديم ولا المعاصر دولة أو نظاما يُحكِّم القبيلة ويلغي دور المؤسسات القانونية هذا ما كان حاصل في الدولة ككل فما بالك في أهم جزء منها المسؤول عن إزالة الجهل والتخلف

وهكذا عندما تغيب المعايير في المؤسسات التعليمية أو يتقصد المعنيون تغيبها إنما يكون ذلك التغييب حلقة من سلسلة إرادة التجهيل، لأن النظام المتخلف يترتب على بقائه الوضع المتخلف وهذا اقتضى سياسة ارتكزت على تفعيل الاعتبار العائلية المقيتة معلنة الحرب على المعايير العلمية والوطنية التي من شأنها أن تضع الشخص المناسب في المكان المناسب فكان قصد تغييب الكفاءات والوطنيين في تولي المناصب هو أحد أهم وسائل النظام البائد في كل الموائد.

وإذا كان رئيس الجامعة قد استحسن سياسة الاعتبار؛ فإن النقابة جاءت بصخرة صماء وسدت مدخل السرداب وفي الوقت نفسه (غلَّقت الأبواب) \"ولم تقل شيئا\". صحيح أن صخرة النقابة أحكمت الخناق على المتسللين والمتسلقين على ظهر الاعتبار؛ لكنها في الوقت نفسه طحنت تحت صلابتها أهل المعيار (المؤهلين الذين تنطبق عليهم الشروط المعيارية العلمية للجامعة) الذين تأبى نفوسهم دخول السرداب؛ فضاعوا بين المعيار والاعتبار وبين السرداب والصخرة التي سدت عليهم الباب؛ فصار حالهم ......

كناطح صخرة يوما ليوهنها .... فلم يضرها وأهوى قرنه الوعل