عبد الإله !
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 8 أيام
الثلاثاء 14 مايو 2013 05:06 م

الحديث عن عبدالإله حيدر شائع يعني الحديث عن الحرية, عن الكرامة أيضًا.الحرية إذ هي ضرورية كضرورة الخبز والماء والأوكسجين للحياة للإنسان, والكرامة إذ هي كرامة إنسان وسيادة بلد.

اعتقل الصحفي حيدر, عبدالإله شائع عام 2010, وإلى أغسطس آب المقبل, بعد قرابة 3 أشهر, يكون قد أكمل 3 أعوام في سجنه بصنعاء.. صنعاء التي اعتقل منها ليلًا في بارحة رمضانية, وأخفي ثم أُظهر ثم حوكم وحُكم عليه بالسجن. القضية تعلمونها جميعًا, وقضية حيدر يعلمها العالم أجمع, وليس اليمنيون فقط.

العصابة التي كان يتزعمها علي عبدالله صالح كانت مدعومة أميركيًا حتى في قمع الحريات, وما حال الولايات المتحدة الأمريكية, في حالة صاحبنا شائع وكثير حالات أخرى, إلا كحال من يحدثك عن الطهر في خضم حفلة عارية, أو كحال من يتلو عليك آية السرقة وعينه على ما يأخذه منك.

وعبدالإله بقي وحيدًا إلا من جهود فردية, وجهود خجولة من منظمات محلية ودولية, تسنده هنا وهناك, فيما وقف كثيرون, بينهم الحكومة والدولة وأحزاب سياسية ومؤسسات وجهات داخلية وخارجية, صامتون دون أدنى ذرة خجل؛ صامتون لا يحرّكون قيد أنملة؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية وسفيرها في صنعاء يقفون خلف البلطجة ضد زميلنا شائع وسجنه وتقييد حريته.

بل وفوق هذا وذاك, نقرأ لوزيرة حقوق الإنسان الحاليّة قولها ذات تغريدة في تويتر إن مشكلة شائع مع أوباما. هكذا بكل برود. في الأساس: هل عندنا حقوق إنسان لتكن لدينا وزيرة أو وزير لها؟

ونسمع من ذكر على لسان الرئيس هادي ذات لقاء له مع قيادة نقابة الصحفيين اليمنيين قوله إن أمر شائع بيد الأميركان. وهكذا أيضًا دون خجل.

هنا, لا أريد الإساءة لأحد, لكن من يتهاون عن كرامة بلده وعن حرية إنسان اتهم زورًا وبهتانًا بتهمة لُفّقت له لإساكته وإخراسه من كشف مستورات تتعلق بمشروع «القاعدة» الاستثماري في البلد لهو بذلك يفتح الباب أمام عدم احترامه بل ويدعونا إلى ذلك عنوةً. وسجن شائع أصبح سجنًا لليمن كلها ولكل اليمنيين.

وأكثر من ذلك, أسمع من حقوقية [تعمل في منظمة دولية] قبل أيام: طلبنا من الجهات الأمنية هذا العام اللقاء بحيدر شائع في سجنه, وانتظرنا جوابًا على طلبنا, وبعد أيام قيل لنا: حيدر يرفض مقابلتكم.

تضيف: ولما التقيتُ بصديق يمني [أظنها قالت إنه مسئول في الحكومة] كان قد سمع بما قيل إنه رد شائع عن طلبنا, وقال لي إنه التقى بشائع بعدها وسأله: لماذا رفضتَ؟ وتفاجأ وتفاجأنا أن شائع لا علم له بطلبنا.

أرأيتم يا سادة إلى أن أين وصلت الانتهاكات بحق زميلنا حيدر؟ إنه يُمنع – بتلك الطريقة - من مقابلة منظمات حقوقية!! ماذا تريدون أكثر من ذلك؟

والخميس الماضي, كنتُ أتحدث أمام السيد جمال بن عمر في لقاء موسع جمعه بالشباب في صنعاء. تحدثتُ عن قضية شائع, وقضايا أخرى, وكان مرتكز الحديث: كيف لي أن اطمأن لمجرى الحوار الوطني وأنا أرى حرية صحفي تنتهك انتهاكًا سافرًا, ولا يزال حبيس السجن بأمر وسلطة السفير الأميركي وليس القضاء اليمني (القضاء العادل النزيه).

وكان سؤالي: ما هي واجبات الدولة (أو على الأقل ما تبقى لنا من أمر الدولة) خارج الحوار الوطني؟ وقصدت بواجب الدولة نحو قضية شائع, وقضية الأيام, وقضية قتل المدنيين في جنوب اليمن, وقضية الدرونز؛ التي هي قضية كبيرة وخطيرة للغاية, وكثيرون يستسيغونها أو لعلهم يستسهلونها وهي بمثابة احتلال للبلد؛ إذ أن كل طائرة تحوم فوق سماء اليمن تعد انتهاكًا سافرًا– مهما قال لنا الرئيس هادي إنه تحوم بإذنه وبطلب منه ويا للغرابة على إذن كهذا وطلب - فما بالكم حين تقتل إنسانًا, ولو كان بتهمة المشروع الاستثماري «القاعدة», بينما يمكن إلقاء القبض عليه عن طريق الأجهزة الأمنية بكل سهولة. [مع أن الإرهاب لا يقوم به يمنيون بل يقوم به ويصنعه غزاة هذا البلد بيافطات «لونها يغري»].

وليس من المستبعد أنْ يُستهدف شائع بطائرة درونز إذا أطلق سراحه ولم يقضِ نحبه في سجنه [إذ أنه حالته النفسية والصحية في أسوأ حالاتها]؛ وبالطبع سيُستهدف عن طريق الخطأ؛ ولقد سبقتها أخطاء في أبين وشبوة والبيضاء وأخريات. ومن ذلك فإن حياة كل منا مهددة بالأخطاء الأميركية ونحن في بلدنا وديارنا.

وقضية شائع هي قضية الحرية والكرامة. وإنها لعلامة عار ووصمة على كل منا طالما صمتنا عن شائع وهو يقضي عقوبة تهمة هو بريء منها.

والولايات المتحدة الأمريكية لا تحارب القاعدة في اليمن, بل هي تستثمرها فتلجأ إلا زيادة انتشارها وتأييدها والانخراط في صفوفها كردة فعل على طائراتها وما تقوم به, وأسوأ ما عرفته اليمن بعد نظام أو منظومة صالح (التي هي رأس البلاء الأعظم), هو التدخل الأميركي السافر في البلد. والولايات أضحت تتدخل وتقتل بأكثر مما كانت عليه إبان صالح غير المأسوف عليه.

ولا قيمة لأي حوار أو حديث عن العدالة الانتقالية أو الحريات طالما ظل شائع في سجنه, وطالما ظل القتل في الجنوب مستمرًا, وظلت «الأيام» موقفة, وطالما ظلت الفوضى الأمريكية في البلد تسرح وتمرح دون رادع أو معارضة.

ولا أقصد التقليل من أهمية الحوار, غير أنه في المقابل وبعيدًا عن كونه الفريد من نوعه في زمنه وجغرافيته, لا قيمة ستذكر له إن لم ينتصر ومن الآن للحرية, وإن لم تقم الدولة بواجباتها خارجه بالتزامن معه؛ وخاصة واجباتها الأمنية لحماية أرواح الناس وحقوقهم وأمن البلد واستقرارها... هذا في الطريق إلى العقد الاجتماعي الجديد؛ وهو الأول, وما بعده.

nashwanalothmani@hotmail.com