الخليفة عثمان وسابقة التشبث بالسلطة
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 05 يوليو-تموز 2013 04:16 م

الخليفة عثمان يرفض مطلب كبار الصحابة الاعتزال مستدلا بحديث القميص

هل هي سنة حسنة ام خطا سياسي يجوز نقده ؟

سننطلق من مسلمة وهي أن أي صحابي او مسلم ليس مقدسا وليس فوق البشر ولكن دون قدح او ذم ..

وفي تاريخ السياسة عند المسلمين ... لو خضعت الفتنة بعد مقتل عثمان للدراسة المعمقة في التاريخ الإسلامي لكان المسلمون توصلوا الى حل إشكالية الصراع على السلطة والتحرر من الاستبداد دون اللجوء الى نظرية الديمقراطية الغربية من خارج منبعهم الأصلي وهو الشورى في الإسلام

هناك من يرى ان امتناع عثمان عن التنازل عن الخلافة كان استجابة لحديث الرسول ..( حديث القميص )

الحديث في صحيح مسلم معناه مركون للتأويل ولا يحمل معنى مستقرا ثابتا ليتم القياس عليه

من قال ان القميص هو الخلافة ؟

أنا افهم ان القميص هو: الإسلام ، القميص : هو سبق الفضل في الإسلام ، هو قرب النسب الخاص من الرسول ، هو شيء آخر مسكوت عنه لا نعلمه نحن ...

حصر المعنى على ان القميص رمز للخلافة هو فهم بشري لا يتطابق بالضرورة مع مضمون الحديث ..

ماذا لو كانت الخلافة لم تستقر في عثمان ولم ينلها ؟ كيف كان سيفسر المسلمون مضمون الحديث ، بالتأكيد سيذهبون بالتأويل ناحية أخرى

عثمان سياسيا : عين أقرباءه وحاباهم وكانوا الثغرة التي تسلل منها الفساد السياسي، واعترض عليه معظم الصحابة وزجروه وطالبوه بالاعتزال الطوعي ودخل معهم بخلاف مستدلا بهذا الحديث

الفتنة المنبثقة عن تشبث عثمان بالسلطة ادخل المسلمين خلال 1400 فشلا سياسيا ذريعا لم يتعافى منها المسلمون حتى اليوم .. لا لجريرة ارتكبها عثمان فقط وإنما لعدم تعرض المسلمين تاريخيا لدراسة الفتنة ليخرجوا منها بإصلاح سياسي يمنع عنهم الاحتراب السياسي من اجل السلطة ..

عندما ننظر الى الأمور برؤية تاريخية علمية يمكن الخروج منها بنوع من الاستنتاج وهذا التمشي لا ينقص من مكانة الخليفة عثمان رضي الله عنه ،وهذه الفتنة جرفت المسلمين من الشورى الى الملك الوراثي من وراء قميص عثمان ... وحتى اليوم

المسلمون حضاريا لن يسلكوا طريق الحضارة دون العلم والمنهج العلمي ونقد التاريخ ولكن دون الإساءة او الشتم .. بل في قراءة نقدية لسلوك سياسي بشري قابل للنقد والتقويم

ان كانت لدى البعض حساسية من ذلك فلأنهم يرون الأمور برؤية تراثية متشبعة بالتقديس متسمة بالثبات .

لقد كان موقف عثمان المتشبث بالسلطة وعدم استجابته للاستنصاح من كبار الصحابة أرخى ظلاله المنسدل على العصر ، فقد استدل مرسي بذات الاستدلال الذي ذهب إليه عثمان .. فقد رأي بالصندوق شرعية وأمانة توازي ما ذهب عليه عثمان في حديث القميص – السلطة .

فالنتائج التاريخية السلبية لسلوك بشري يعود بالضرر على الأمة ومن الضروري واجب التفطن إليه لكي لا يصبح سنة نقتدي بها وندرجها ضمن التشريع

لست بصدد اقناع من ترسخ في أذهانهم ان كل أفعال الصحابة سنة واجبة الاقتداء فهذا مذهب خاطئ ، وأي نقد لموقف الخليفة عثمان رضي الله عنه في هذا الشأن لا ينقص من حبي له هو والصحابة في شيء

فالمعصوم رسول الله وما عداه بشر مهما كانت أسبقيتهم في الإسلام ،

الاعتراض يكون على الانتقاص والشتيمة والقدح كما يفعل الشيعة ... ويقابله التقديس من أهل السنة وفي كلا الأمرين كارثة تسقط العقل في شراك الخرافة والانحراف ..

لا يقدر للأمة الإسلامية أن تخطو شبرا واحدا دون علماء وعلم ونقد منهجي يسقط الأخطاء التاريخية عن وعي الأمة كي لا تصبح سنة يتم الاقتداء بها

ولا نريد ان نغير أفكارنا بعد فوات الأوان دائما حين يكون لا نفع للتغيير وقد سبقنا غيرنا الى الشمس ونحن كالغثاء في القعر

الصحابة رضوان الله عليهم لا ينقص من مكانتهم كلام جاهل مثلي ولن يرفعهم إطراء مادح غيري .. وفي كلا الأمرين تترسخ من وراء ذلك مأساة الأمة وفشلها المستمر بدءا من الأسرة وصولا الى الدولة حيث شيوع الاستبداد وانتقاص حرية الإنسان التي يعلي من شانها غير المسلمين ويستمرئ المسلمين الاستعباد بكل قبح ورذيلة ..

إذا نحن امة تعيش في ضلال فكري وقيمي لا بد من مراجعته واكتشافه ،

وان كان فهمنا قاصر يتتبع الثغرات فيخرس الألسن من الحديث عنها فذلك غير باعث على الغرابة عندي لما أعانيه من كثير من الناس تتحكمهم العواطف دون حجة او برهان ... او نفع للأمة.