سيف العسلي مع ايلاف
بقلم/ صحفي/محمد الخامري
نشر منذ: 17 سنة و أسبوع و يومين
الأربعاء 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 09:32 ص

الطالب الذي حصل على الابتدائية والإعدادية والثانوية في سنة واحدة الدكتور/سيف العسلي لإيلاف :

أديت يمين البيعة مع الإخوان ونقضتها لأنها تقوم على الغرر ولم أكن أعرف حقيقتهم

إلى حد كبير كان الدكتور سيف العسلي صريحاًً وشفافاًً في إجابته عن أسئلتنا التي يبدوا أن بعضها قد تكون محرجة, ثقته الكبيرة بنفسه وثقافته العالية أهلته أن يكون بهذا القدر من الشفافية والوضوح دون تحرج, تناولنا معه فيها مالم يتناوله أحد معه من قبل.

المثقف لا يمكن تضليله بعملية غسيل مخ والبنا وسيد قطب لا وحي لهم

بعد خروجي من الإصلاح اكتشفت أن الرئيس مظلوم

الخطوات الإصلاحية التي بدأناها يتم التراجع عنها خطوة خطوة وهو رجوع الي الفوضى

أفشل قرار في حياتي حينما اتخذني الإخوان كبش فداء فرشحت نفسي في الانتخابات

لا أقدر مشاعر الآخرين بالشكل المطلوب وأتعامل معها ببرودة .

* البطاقة الشخصية :

- سيف مهيوب ناجي العسلي, من مواليد قرية العسلي, عزلة البريهة, جبل حبشي – تعز عام 1956م (على أرجح الأقوال) متزوج ولي ثمانية من الأولاد, أربعة ذكور وأربع إناث.

تعلمت في الكتاب بداية ثم درست في زبيد لمدة سنتين ثم التحقت بالتعليم النظامي متأخراً وعمري 19 عاماً وتخرجت من الثانوية العامة عام 1975م وفي عام 1976م التحقت بجامعة صنعاء قسم الاقتصاد والعلوم السياسية وتخرجت منها عام 1980م, بعد ذلك درست في الولايات المتحدة الأمريكية وأخذت الماجستير عام 86م , وفي عام 90 أخذت الدكتوراه وعدت إلى الوطن.

* ماهي المعلومات التي تخصك ولا توجد في بطاقته الشخصية؟

- لا أستطيع أن أعرف نفسي وربما الآخرون يعرفونني أكثر مما أعرف نفسي, لأني ربما ينتابني الغرور والتواضع المزيف, فلا أستطيع أن أصف نفسي, إما أن أعطيها أكثر مما تستحق أو أن أظلمها.

* متى التحق الدكتور سيف العسلي بالإخوان المسلمين ؟

- التحقت بالتجمع اليمني للإصلاح وبالإخوان في عام 95م, ولم يكن لي قبل ذلك أية علاقة لا بالإخوان ولا بالإصلاح, لكن توجهي إسلاميا بحكم دراستي في زبيد, كنت نشيطاً في الإصلاح وكنت في الدائرة السياسية ثم انتقلت إلى الدائرة الاقتصادية أواخر أيام بقائي في الإصلاح .

* هل أديت يمين البيعة, أو يمين العهد كما يسمونها ؟

- نعم أديت يمين البيعة ونقضتها, لأن هذه البيعة تقوم على الغرر, عندما يستدرجونك إلى الإصلاح فإنهم يركزون على الإسلام لكل المسلمين وبيعتنا للإسلام قائمة حتى اليوم, لكن البيعة شيء مختلف وعندما اختلفت مع الإخوان في الإصلاح وقررت الخروج حاولت أن (....) أمام ذلك لأنهم يعتبرون البيعة كبيعة الإسلام والخروج منها كالخروج تقريباً من الإسلام, فعملت على دراسة الإخوان دراسة دقيقة وتفصيلية ووجدت أن هناك نوعاً من الاجتهاد وليس الإسلام, والاجتهاد غير الملزم يحق لك أن تدخل فيه وأن تخرج منه, لأنه ليس هو الإسلام.

وكان سبب خلافي معهم هو هذه النقطة بأنهم هم الإسلام, والإسلام هم, بشكل مباشر أو غير مباشر, لذلك فهم يطلقون على من اختلف معهم بالمتساقطين, هم لا يطلقون كلمة المرتدين, لكن ما في معناها الذين أحبط الله أعمالهم, وغير ذلك من الأوصاف, وعندما حلفت اليمين حقيقة لم أكن أعي تماماً ماذا يعني الإخوان, وبالتالي فهو أشبه بعقد الغرر وبيع الغرر, و الخيار عندما تعلم حقيقتهم, لك أن تبقى معهم, ولك أن تخرج فلك ذلك, لأن البيعة بهذا المعنى هي عبودية بكل ما تعنيه الكلمة, كونك ملزم بالبقاء معهم والله سبحانه وتعالى يقول "لا إكراه في الدين" فما بالك بالتنظيم، هم يهولون ويعظمون من شأن البيعة لإرهاب أتباعهم حتى لا يخرجوا, فإذا اختلفت معهم, فهم يحاولون أن يهمشوك, وهذا في حقيقة الأمر عمل غير صحيح, لأنك تكون قد حكمت على نفسك بالفشل والإحباط إن بقيت مهمشاً على ذمة البيعة.

* لست وحدك من خرج من الإصلاح بل كثير من قادة الرأي الثقافي والسياسي التنويري خرجوا, لماذا ؟

- لقد وقع الإخوان في خطأ استراتيجي كبير وهو أنهم شبهوا – ضمنياً – إن لم يكن صراحة اجتهادات مؤسسيهم الأوائل ومفكريهم بالقرآن وبالصحابة, وبالتالي فهم لا ينطقون عن الهوى, واعتبروا أنهم ملزمون باتباع ما فعله الأوائل, أي لا مجال للاجتهاد, وحقيقة فإن حسن البنا أو سيد قطب هم مجتهدون في أحسن الأحوال ولا وحي لهما ينزل من السماء يجعل من كلامهم حقيقة لا جدال فيها, ومن الطبيعي أن ترد بعض أقوال هذين أو تصحح وتكمل, وعندما يطلبون منك أن تكون إمعة أو أن تفقد عقلك وذاتك ولا تكون إلا ريشة في مهب الريح, يحركها التنظيم حيث شاء فإنك لا تقبل ذلك, ومصيرك إلى التهميش فإن كان لديك شجاعة فاخرج وهناك عدد كبير مهمشون داخل الإخوان وهم لا يتفقون مع ما لا يذهبون إليه.

* سألتك عن ظاهرة خروج المثقفين ؟

-لاصطدامهم بهذا الواقع – المثقف لا يستطيع أن يتجاهل ذاته ورأيه ولا يستطيع أن يقبل ما يقوله الآخرون بحق أو باطل, المثقف شجاع يستطيع أن يتخذ قرارات بقدر ما كان شجاعاً حين التحق بالإخوان, المثقف من الصعب تضليله, عملية غسيل المخ من قبل الإخوان لمن يدخل معهم تصعب عليه.

* هل صحيح أنك بدأت التنصل عن الإخوان بمزحة مع قيادات مؤتمريه وأنت في الأردن ؟

- أنا لم أزور الأردن إلا بعد أن أصبحت وزيراً للمالية, وكنت آنذاك قد خرجت من الإصلاح.

* متى خرجت من الإصلاح ؟

- في عام 2001م.

* خرجت من الإصلاح, وما هي إلا فترة قليلة حتى أصبحت وزيراً للمالية, ولم تكن محسوباً على المؤتمر الشعبي العام, فكيف استوزرت؟

- عندما خرجت من الإصلاح بدأت أتلمس ما هو دوري؟ هل لي دور يمكن أن ألعبه وأنا خارج الإصلاح؟ بدأت أكتب كتابات نقدية ضد الإصلاح بشكل غير مباشر, وبدأت أتكلم بشكل واضح وأفكر في القوى السياسية على وجه الساحة.

* هل ما يزال لك ارتباط بالإخوان حتى الآن ؟

- ليس لي أي ارتباط, قطعت كل ارتباط بهم, ولا يسعني أن أكون وسيلة, كنت مخلصاً لهم عندما كنت معهم وأميناً لهم, لكني قطعت بعد ذلك كل رابط بهم وهنا بدأت أقيم القوى السياسية الموجودة, وأول شيء عملته هم تقييم الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية في شخصه, وبدأت اقرأ وأسمع وأتتبع.

* ما هي النتائج التي خرجت بها ؟

- اكتشفت أن الأخ الرئيس مخلصاً لليمن, يحب الوطن ويحاول أن يفعل ما يستطيع للبلاد ووجدت أن النقد الذي كان يوجه له داخلياً في الإصلاح ليس كله حقيقيا, ووجدت أن الرئيس مظلوم بهذا المعنى.

* من الإصلاح فقط , أم من الإصلاح وغيره ؟

- من الإصلاح بشكل أساسي ومن القوى الأخرى, وبدأت أكتب عن الأخ الرئيس وأحاول أن أكون منصفاً معه, بحيثأن هذه الصورة المغلوطة التي تقال عنه ليست الحقيقة كلها، فالرئيس رجل متسامح, رجل ديمقراطي يريد أن يؤسس دولة النظام والقانون, ليس بطريقة بوليسية أو بطريقة حرق المراحل, إنما عن طريق تهيئة الظروف المناسبة لذلك, وهو أول من منع أجهزة الأمن من ملاحقة المخالفين, كنا قبل فترة نخشى المخابرات إن توظفنا أو سافرنا أو حتى في الجامعة, لكن في عهد الرئيس على عبد الله صالح لا يلاحق الناس إلى البيوت أو يعتقلوا بشكل تعسفي, ووجدت أن الرئيس منع الحكومة أن تكون كابوساً على صدور الناس, لذلك فما يقال فيه من التسيب والفوضى هو لصالحه, لأن البديل هو أن تكون دولة بوليسية تراقب أنفاس الناس, مع وجود بعض الاختلالات, لكن إذا قارنا هذه الاختلالات بأخطار الدولة البوليسية, تجد أن أخطار الدولة البوليسية أقوى.

لقد سعى الرئيس خلال المراحل المختلفة أن يبرز لليمن دورها المتقدم وأن يخرجها من التبعية للدول الخارجية دون أن يدخلها في حروب, كما تعامل مع قضية حنيش, وهنا بدأت أعجب بشخصه, وهو ليس كاملاً على كل الأحوال إنما مزاياه أكثر من عيوبه, لكن في الإصلاح تعودنا أن يكون الإنسان كاملاً أو ناقصاً وهذا أمر غير موجود, فكل شخص لديه عيوبه .

* قال حمود هاشم الذارحي وهو أحد قادة الإصلاح المعروفين, بأنك لم تفصل حتى الآن من الإصلاح أومن الإخوان, لا أدري بالتحديد ...؟!

- هم يعتقدون أني بعت نفسي دون رجعة، لهم بالبيعة, وأنا لا أقبل ذلك, هم يرهبون الناس بهذه الطريقة (طريقة البيعة) لأني حر ولا أبيع نفسي لا للإصلاح ولا لغيره, فذلك شأنهم, إن لم يفصلوني من الإصلاح, وأقول حالياً لا علاقة لي بالإصلاح أو الإخوان المسلمين لا من قريب أو بعيد.

* عرفناك- سابقاً- كاتباً وباحثاً ملأت الصحف بكتاباتك الفكرية والثقافية, لكننا لم نجدك مؤخراً إلا سياسياً فقط, أين ذهبت تلك الكتابات الفكرية والثقافية ؟

- في تلك المرحلة كنت في مرحلة تأمل وإعادة النظر, وطرحت أطروحات كثيرة للتاريخ وللزمن ولازلت أؤمن بكثير مما قلته, خصوصاً فيما يتعلق بالتسامح ونظرتي للإسلام وللدولة الإسلامية التي تقوم على أساس الدعوة والبلاغ لا على أساس القوة والقهر "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" تلك الخلفية الفكرية ماثلة لديّ اليوم وأحاول أن أطبقها بقدر الإمكان.

* وأنت على رأس وزارة المالية كان لك صراع مع دولة الأستاذ عبد القادر باجمّال رئيس مجلس الوزراء آنذاك, ما حقيقة الصراع الذي دار بينك وبينه ؟

- لم يكن صراعاً بالمعنى الحرفي, وإنما كانت هناك خلافات .

* ما طبيعة الخلافات إذن ؟

- خلافات حول وجهات نظر كثيرة تتعلق بعمل وزارة المالية وإدارة الاقتصاد, لأني كنت مصراً على تطبيق القانون بصرامة.

* وهل كان يرفض ذلك ؟

- كان يوجد هناك نوع من المرونة وعدم الالتزام بشكل صارم, فمجلس الوزراء يتخذ قراراً اليوم, وفي الأسبوع التالي يتخذ قراراً مناقضاً له وهو يؤدي إلى إضعاف مصداقيتها يجب ألا تكون قراراتنا مخالفة للقانون, مثلاً دخلت معه في خلاف حول ضريبة المبيعات كونها مفروضة بقانون وسارية المفعول, ومع ذلك تراجعت عنها الحكومة لعدة أسباب, وهنا كان الخلاف بيني وبينه بشكل كبير.

* هل كان يريد إلغاء ضريبة المبيعات ؟

- ليس إلغاءها, وإنما يريد آلية في تطبيقها لا تتفق مع نص القانون.

* يقال أن ثمة توجيهات عليا لشخصكم لعرقلة بعض الوزراء؟

- ليس صحيحاً أن يوجهني أحد من القيادات العليا بمخالفة القانون بأي شكل من الأشكال.

* إذن ما حقيقة الخلاف الذي كان بينك وبين معظم الوزراء ؟

- خلاف حول النظام المالي وتصرفاتهم المالية التي اعتقدت أنها لا تنطبق مع النظام المالي, قد يطالبون بمخصصات أكثر مما تسمح به الموارد, أو يتصرفون بما قد يخالف النظام وعلى وجه التحديد مثلاً إجراء المناقصات بالتكليف المباشر, وأنا وقفت ضد هذه الفكرة لأنها نوع من الفساد, تكون الأمور غير منضبطة من حيث السعر والجودة والعدالة, عندما تعين شخصاً أو تكلفه, فإنك تحرم آخرين قد يكونوا أكفأ منه ... هذا الذي حصل بيني وبينهم, وأدعي أنني كنت أحاول أن أتمسك بالنظام والقانون إلى أقصى حد, وأعمل على إنشاء عرف وسلوك لذلك.

* وماذا عن خلافك مع المؤسسة الاقتصادية اليمنية؟

- كثير من الوزراء كانوا يميلون إلى أن يعطوا المؤسسة العقود بالأمر المباشر وبمبالغ كبيرة جداً على اعتبار أنها تابعة للدولة، فقلت كونها تابعة للدولة لا يعطيها حصانة من الفساد, يجب عليها أن تخضع للقواعد والقوانين التي يخضع لها القطاع الخاص, فإذا كانت هي الأكفأ فعليها أن تنافس القطاع الخاص, لكن أن تعطى العقود وتخالف القانون فهذا هو الفساد, فالقانون لم يستثنها ويجب أن ينطبق عليها ما ينطبق على الآخرين.

* بعد خروجك من المالية وكمراقب, ما الذي تراه يتم حالياً تماماً في تلك الجوانب؟

- الخطوات الإصلاحية التي كنا قد بدأنا بها في المالية يتم الآن التراجع عنها خطوة خطوة, بمبررات كثيرة بدعوى المرونة, وبدعوى معرفة أوضاع البلاد, وهذا ليس تبريراً صحيحاً, اليوم نلمس الرجوع للفوضى بشكل تدريجي.

* أثناء التشكيل الحكومي الجديد الذي تم تعينك وزيراً للتجارة والصناعة إلا أنك رفضت ذلك, ما الذي حصل تحديداً ؟

- عندما سمعت أنني وزيرا للتجارة قبل أن أعرف من هو وزير المالية, اتصلت بالأخ رئيس الجمهورية وقلت له أنني مستقيل.

* لماذا ؟

- لأنه كان لديّ برنامج لم أكمله في وزارة المالية, وبذلت فيه كثيراً من الجهد فشعرت أن هناك ظلماً عندما لا تتاح لك فرصة لمواصلة ما بدأته, ولا أستطيع أن أبدأ من الصفر مع وزارة أخرى فكنت سأذهب إلى تلك الوزارة وأنا غير راض أو مقتنع, ولا أريد أن أخدع الأخ الرئيس وقلت له بصراحة أفضل الانسحاب, خاصة وأن رئيس الحكومة كان لا يريدني لا في المالية ولا في غيرها, وبدلاً من أن أدخل معه في شقاق واختلافات كثيرة, قررت الاستقالة ولست نادماً اليوم, ولو كنت مع الحكومة فلن أسمح لها أن تكون في وضعها الحالي.

* تقصد أن رئيس الوزراء هو الذي أوعز لفخامة رئيس الجمهورية بتعينك وزيراً للتجارة؟

- هو الذي طلب من الأخ الرئيس ألا يقبل بي وزيراً للمالية, وقال: إما أنا أو هو.

* تم تعيين وزير آخر بدلاً عنك يوم إجازة رسمية؟

- لقد ابتهجت بهذا القرار لأنه حسم الموضوع وسمح لي أن أتفاهم مع الأخ الرئيس بشكل موضوعي.

* لماذا لم يتاح لك تقديم استقالتك ؟

- الرئيس اتصل بي, فقدمت استقالتي مكتوبة لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بعد الإعلان الرسمي بساعة.

* الدكتور سيف العسلي الأكاديمي والأستاذ الجامعي, والدكتور سيف العسلي السياسي, أين تجد نفسك؟

- بينهما, فلا أرى أن هناك عدم تناسق بين الأكاديمي والسياسي لأن الإنسان لا يتعلم شيئاً إلا ليفيد الآخرين, وهنا الإفادة لا تقتصر على جانب دون آخر, وهدفي أن أخدم اليمن بصدق وأمانة قدر استطاعتي.

* روي عن رئيس الجمهورية قوله "الدكتور سيف العسلي رفع عنه القلم" ماذا يقصد الرئيس إن صحت الرواية ؟

- في أول اجتماع لمجلس الوزراء مع فخامة الأخ الرئيس, كنت أقاطعه وأراد بعض الوزراء أن يعمل عملي, فالرئيس هزأ ذلك الشخص وقال "الدكتور سيف رفع عنه القلم" أي أنه مسموح له أن يتكلم.

* ألا يقصد بها شيئاً آخراً ؟

- لا يقصد بها شيئاً آخر, لأنه لو كان يقصد بها شيئاً آخر لأسكتني, أي أنه يسمح لي ما لا يسمح لغيري في مقاطعته, وهذا من دماثته ولطفه معي, أي أكرمني وأتشرف بذلك.

* كنت المدير العلمي للمركز اليمني للدراسات الإستراتيجية إبان ترؤس الأستاذ نصر طه مصطفى له, هل ما زلت مرتبطاً بالمركز ؟

- لم أعد مرتبطاً بالمركز, اختلفت معهم في ذلك, وخرجت منه قبل أن أخروج من الإصلاح.

* هل اختلفت مع رئيس المركز ؟

- لا .. اختلفت مع المدير المالي الأستاذ محمد زباره, الأستاذ نصر دمث الأخلاق وقلما يختلف معه شخص وهو اختلاف عارض, المكتب في حد ذاته لم يكن بوضعه الصحيح, ليس مركزاً محايداً, إنما مركزاً سياسياً يتبع حزباً معيناً بدون استقلالية.

* تسلمت – كما يقال – الملف الاقتصادي في الرئاسة وارتبطت بشخص رئيس الجمهورية مباشرة, ما طبيعة هذا المنصب المستحدث ؟

- أنا لم أتسلم منصباً كهذا, الأخ الرئيس طلب مني أن أقدم له بعض الاستشارات وأن أكون بجانبه بهذا الشأن, لكنه لم يصدر قرارا بذلك ولم يحدد ما هي الملفات التي أتناولها, إنما أنا كمواطن طلب مني الرئيس العون, ولمكانته مني واعتزازي به لم أتردد لحظة واحدة في ألا أقدم له العون.

* هل نستطيع القول أنك مستشار اقتصادي لفخامة رئيس الجمهورية حالياً ؟

- يمكن .... بشكل غير رسمي .

* ماهو أنجح قرار اتخذته في حياتك ؟

- استمراري في التعليم النظامي بعد أن تجاوز عمري 19 عاماً, لأني درست التعليم النظامي متأخراً.

* بأي صف التحقت .

- بالصف الأول .

* وعمرك 19 عاماً ؟ !!

- نعم ... وتركت المدرسة .

* وبعدها ؟

- ذهبت للعمل وللكتاب أيضاًً في زبيد, وقد ذكرت ذلك في كتابي.

* بعدها ؟

- عدت فامتحنت الابتدائية والثانوية في سنة واحدة على اعتبار أنه كان عندي معادلة جامعية من زبيد مكنتني من ذلك, وهذا قرار أعتز به, لأنه غيّر مجرى حياتي.

* على العكس من ذلك, ماهو أفشل قرار ؟

- عندما رشحت نفسي في انتخابات 97م عن التجمع اليمني للإصلاح في جبل حبشي لأن الظروف لم تكن مناسبة واتخذني الإخوان كبش فداء رغم أني كنت آنذاك مخلصاً لهم.

* أحرج موقف ؟

- عند تقديم استقالتي من الوزارة للأخ الرئيس, فقد كنت محرجاً منه ومن كيفية تفسير هذه الاستقالة, ومع أنه لم يكن أمامي إلا هذا الخيار, مع المحافظة على علاقتي بالأخ الرئيس.

* أمنيتك في الحياة ؟

- أن أرى اليمن متقدماً مزدهراً حضارياً و قد تحسن مستواه المعيشي مثل الدول الأخرى.

* الدكتور سيف العسلي, من أين اكتسب ثقافته الموسوعية ؟

- أولاً درست في زبيد, والقراءة المستمرة, فأنا اقرأ أربع ساعات يومياً تقريباً.

* أي مجال تجد نفسك فيه أكثر ؟

- الفلسفة .

* ما الذي عرج بك إذن نحو الاقتصاد ؟

- الأقدار, وحتى في الاقتصاد فقد كنت أفضل السياسة إلا أن عميد الكلية أصر على أن أكون معيداً بقسم الاقتصاد.

* هل تحب الشعر ؟

- لاأميل إلى الشعر, ولا أحرص على قراءته.

* كيف يقضي الدكتور سيف العسلي يومه ؟

- أذهب إلى العمل الساعة التاسعة وأعود منه الساعة الواحدة, ثم أنام قليلاً لأستيقظ وابدأ تخزين القات حتى الساعة السادسة ثم ابدأ بالعمل وكتابة أو قراءة حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً كل يوم .

* هوايتك ؟

- القراءة .

* هل تجيد مهنة غير عملك ؟

- لا .

* شخصية تاريخية تأثرت بها ؟

- محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .

* صديق عزيز أثر في سلوكك ؟

- الأستاذ أحمد حسان حسن, جبل حبشي, رجل كريم ومؤثر غيره على نفسه.

* أعز صديق في حياتك ؟

- لديّ كثير من الأصدقاء, وأعاني من العلاقات الاجتماعية, ولا أكره الناس ولا ارتبط بهم ارتباطاً خارجاً عن المألوف.

* كيف تواجه خصومك من اللذين يتناولونك في شخصك أحياناً بحق وبدون حق ؟

- أتسامح معهم لأني أرى من خلالهم ما لا أستطيع أن أراه لوحدي, أصحح العيب وأترفع عن ما يقولونه إن لم يكن فيّ, ولا أحاول الانتقام منهم.

* صفة طيبة تحمدها في نفسك ؟

- لا أحب الانتقام .

* صفة سيئة تحكمك أحياناً ؟

- لا أقدر مشاعر الآخرين ايجابية أو سلبية بالشكل المطلوب, وربما أتعامل معها ببرودة ولا مبالاة .

* ماذا علمتك الحياة ؟

- علمتني النجاح والفشل, وأن الناس ليسوا كاملين, فيهم الخير وفيهم الشر .

* سؤال سألتك به وتمنيت ألا أسألك به ؟

- لا يوجد, أنا منفتح, ولا أتحرج من أي سؤال .

* سؤال لم أسألك به وتمنيت أن أسألك به ؟

- رؤيتي للاقتصاد اليمني وما ينبغي عمله ليكون أفضل .

* إذن فلتجيب ؟

- أقول إن الاقتصاد اليمني يواجه تحديات كثيرة, أحدها الدعم الذي يقدم للمحروقات وهو كبير جداً ويهدر, ثانياً المرتبات والأجور يجب أن تعالج وتحسن لأن الموظف أصبح لا يستطيع أن يعيش بمرتبه الحالي, الضرائب أيضاً يجب أن تحصل بالشكل المطلوب حتى نستطيع أن ندفع المرتبات والأجور, يجب أن يكون لدينا بيئة استثمارية سليمة, بحيث أننا نستطيع استقطاب المستثمرين وأن تعتبر الحكومة نفسها خادمة بكل معنى للمستثمرين الذين يستثمرون في المجالات الإستراتيجية في الوطن، الأخ الرئيس يبذل جهوداً, لكن الحكومة لا تبذل جهوداً في هذا الإطار.

* كلمة أخيرة :

- أتمنى من النخبة اليمنية أن يتخلوا عن أنانيتهم ومصالحهم الخاصة المبالغ فيها وأن يعطوا للوطن ولو 20% من جهدهم ووقتهم وتفكيرهم.

---------------.

المصدر : صحيفة إيلاف الأسبوعية - صنعاء