مسيرات مجهولة تشعل الرعب في القوات الأمريكية داخل بريطانيا وتهاجم 3 قواعد جوية في بريطانيا بينها اللغة العربية.. واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها
مأرب برس - خاص
لأولئك من أبناء الأمة المشبعون هزالا أخلاقيا وهزيمة في القيم، المنغمسون حتى آذانهم في ثقافة التأليه وهواية التنزيه!
لمن يقدس من ليس في حقه التقديس، ولمن يؤسس لثقافة الإرهاب الفكري مستنزفا الفكر الوطني ومزايدا عليه، سواء تحت مسمى ‘‘حماية الوحدة’’ أو غيره من مسميات الأجندة الملوثة.
ولكل من لا يزال يرفد وطن يتفتت برافد الأبوية السياسية..التي أتت على كل شيء فيه.
لأولئك ..لهم فقط.. أقول: ‘‘الرئيس عليه السلام’’!
فليكن الرئيس إذا كل ما تريدون منه أن يكون:
أب حنون؛ زعيم ملهم.. عبقري.. جنرال فذ، نابغة..محارب جبار ..قديس.. ونبي – أيضا - إن شئتم.
اجعلوا منه ما تريدون..ويريد،
لكن لا تلزمونا ثوابتكم ..فنحن لا نقبلها.
ولغيرهم:
للشرفاء الذين يذهبون أنفسهم حسرات على شعب مهيض
لمن ينثرون ساعات الليل يحلمون بغد أفضل،
ويموتون كل صباح على أبواب وطن لا يتجدد..
للجائعون في صمت،
للذين تحترق قلوبهم في قيظ الفساد..
للذين تفتت ربقة الفقر آدميتهم وتخنق آمالهم ..
لمن تتسع قفار اليأس في أوصالهم..فتجف أحداقهم وهم ينتظرون قادم لا يجئ:
شيء من الإنسانية، وفتات قليل من بقايا الكرامة..
لهم – وهم كثير – أقول: أفهم ما تلوكون في همس، نعم... لا بد أن يتنحى الرئيس!
***
ولكن لماذا يجب أن يتنحى؟
الإجابة - في أقصر صيغها - هي سؤال مقابل: ولماذا لا ؟
وبين السؤالين، أقول ابتداء إنني أعرف أن الكثيرين على استعداد تام لسرد لائحة طويلة من الأسباب التي تستلزم استمرار الرئيس. ولعل تلك الأسباب التي تبدو منصفة ومنطقية يمكن أن تتلخص في أن الرئيس:
• يمتلك شرعية سياسية حقيقية بموجب الانتخابات الأخيرة.
• يمتلك رصيدا مشرفا من منجزات ‘‘خالدة’’ مثل الوحدة، وبالتالي قدرته على فعل المزيد.
• أدرى الناس بظروف البلد وأقدرهم على التعامل مع قوى التأثير - بحكم الخبرة على الأقل!
• الوحيد القادر على التعامل مع متطلبات المرحلة المقبلة وتحقيق منجزات كبيرة مثل بناء المؤسسات، والخروج بالوطن مما يحاك له في الغرف المظلمة.
وعلينا، والأمر هكذا، أن نتوقف عند كل واحدة من هذه النقط توقفا قصيرا، نحاول فيه سبر حقيقة الموقف بدون تجن أو محاباة.
إحقاقا للحق، نقول أن للرجل انجازات، ولا ينكر ذلك سوى مجحف. غير أن للمسألة بعدا آخر تتسع فيه باتساع رقعة تساؤل فج: هل تتناسب تلك الانجازات يا ترى، حجما وقيمة، مع كل تلك السنين التي قضاها في سدة الحكم (وهذا هو المحك الحقيقي للتقييم)؟
وإحقاقا للحق – أيضا - نقول: لا.
وهنا أؤكد أنه ليس لي اهتمام بتوصيف شخص الرجل، فقد قيل الكثير عنه سلبا وإيجابا، وما أحاول مقاربته هنا هو جانب أكثر مواضيعية: صفته الاعتبارية كرئيس للدولة ومناط المسؤولية الأول - أي تقييم أدائه لمهام وظيفته بعيدا تماما عن شخصه.
***
فأولا: هل يمتلك الرئيس شرعية سياسية حقيقية؟
بعيدا عن مزايدات المعارضة: نعم.
لم يكن للرئيس صالح يوما ما شرعية سياسية كما له اليوم. ليس لأن الانتخابات عبرت بشفافية عن رغبة الشعب الحقيقية، فالعملية السياسية عموما، والديمقراطية خصوصا، في اليمن أكثر تفسخا وتهتكا من أن تسمحا بذلك. بالتالي فشرعيته السياسية تأتي مباشرة من غرمائه السياسيين: اللقاء المشترك، الذين أقروا – في خطأ تكتيكي واستراتيجي بحت كعادتهم – بفوزه رغم كل ما شاب العملية الانتخابية من تزوير ومخالفات تعطل صلاحيتها تماما في إفراز شرعية حقيقية. الوحيد الذي تجنب تلك الزلة وأثبت امتلاكه وعيا سياسيا يحترم كان فيصل بن شملان، الذي أخرج نفسه - برفضه الاعتراف بنتيجة الانتخابات – من الالتزام بما يمليه الإقرار بها. ولذا نقول أنه ليس لـ(محمد قحطان)، ومعه رجال المعارضة، بعد ذلك أن يطالب المؤتمر والرئيس أن يعيدا الشرعية إلى صاحبها: هذا انفصام سياسي غير جدير بالاحترام.
لكن، في الجانب المقابل، هل يعني امتلاك الرئيس صالح تلك الشرعية – على المستوى النظري على الأقل – أن يسعى إلى تأطير الفساد والتوريث، وأن يهدم نظامه بنيان شبه الدولة التي انيطت به ذات يوم، وعاش عليها هو أكثر من ثلاثين عاما؟
هل لحزب المؤتمر الحاكم، أن يجعل من الانتخابات الأخيرة سيفا مسلطا على رؤوس الناس، وحجر يضعها في فاه من يوجه إليه انتقادا حقيقيا، ويزايد على الجميع بها وكأنها أعطته صكا إلهيا بأن افعلوا ما شئتم إنه قد غفر لكم؟!
بالطبع لا. وأتصور أن هذه الأفعال لا تزيد عن كونها مؤشرات مقلقة على مدى ضمور الوعي السياسي لهذا الحزب، ومقدار ما يعيشه من مراهقة مكلفة سياسيا.
وبين مراهقة المؤتمر ومزايدات المعارضة، تظل حقيقة واحدة قائمة: الانتخابات محطة مرحلية في العملية السياسية يقصد منها تأطير مؤسسة حكم لا غير، وهي بالتالي ليست صكا إلهيا بالأبدية والتسلط، وعندما تبدي مؤسسة الحكم تلك ضعفا في الإدراك والأداء، تسقط عنها شرعيتها، فتتنحى رموزها ويُدعى إلى انتخابات أخرى (بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى)، وبالطبع هذه ممارسة سامية جدا للديمقراطية لا أعتقد أن نظام الرئيس صالح وحزبه قادران عليها أو حتى مؤهلان لها، إلا أنها خطوة بات من الضروري فرضها عليهما في ظل الوضع القائم.
***
وثانيا: ما هو الحجم الحقيقي لمنجزات الرئيس ‘‘الخالدة’’، وهل تعطيه أحقية الاستمرارية؟
لمقاربة هذه التساؤل بموضوعية، يجدر بنا العودة إلى الانتخابات الرئاسية في العام الماضي. لأن الانتخابات - في العرف السياسي - هي ساحة المفاخرة، بمعنى أنها الفترة الزمنية الوحيدة التي يجوز فيها للأفراد التبجح (الأخرق أحيانا) بمنجزاتهم على المستوى العام، والشخصي أيضا – كما نرى في الانتخابات الأمريكية مثلا.
فبماذا فاخر و‘‘تبجح’’ الرئيس صالح حينها؟
على الرغم من أن حزب المؤتمر لا يكل من تذكير الشعب بالمنجزات، وكأنها – على قلتها وضعفها - صدقات وأياد بيضاء منه لا التزامات حكم؛ إلا أن الرئيس تجنب المناظرة العلنية التي دعاه إليها بن شملان، وهي أصل أصيل في الممارسة الانتخابية وكانت ستسمح له أن يفاخر بكل ما يدعي وحزبه من منجزات، وأكثر من ذلك بدا الرئيس متحفظا جدا في هذا الخصوص. وليس هذا بالطبع تواضعا من صالح بقدر ما كان تكتيكا انتخابيا محسوبا، مخافة المكاشفة والتفاضح، والتي بدت المعارضة جاهزة لها وتملك الكثير من الإدانات. وقد وفق فيه القائمون على حملة الرئيس تماما ويحسب لهم.
كل ما تحدث الرئيس بشكل متكرر عنه من منجزات كانت ثورتي سبتمبر وأكتوبر (وليس له فضل في أيهما)، والوحدة، وله فيها نصيب، إلا أن نصيب الأسد فيها يذهب إلى البيض الذي أصر على وحدة اندماجية كاملة، مخالفا رفاقه في ذلك، ومقدما مشروعا أكبر مما كان يطمح به الرئيس صالح، الذي لم يكن يملك سوى مشروع الوحدة الكونفيدرالية أو الفيدرالية فقط، ومن ثم تنازله - البيض - عن منصب الرئاسة وقبوله بمنصب الرجل الثاني، وهو ما جعل من الوحدة أمرا ممكنا بعد تسوية أمر المنصب الأول.
عدا ذلك لم يفاخر الرئيس بشيء ذو قيمة حقيقية للأسف، لا اقتصاديا – فالبلد يعيش انهيارا اقتصاديا مقنعا، ولا سياسيا بعد أن بدأ تآكل الدولة يخرج إلى العلن صراحة. وانخرط عوضا عن ذلك، في ‘‘خطاب متأزم’’ – وأنا استعير هذا المسمى من فخامته – استخدم فيه مسميات ومصطلحات (كـ‘‘التتار قادمون’’) أساءت إليه أكثر مما أحسنت، وأظهرته في مظهر القروي العاجز عن ارتجال الخطاب السياسي الرصين.
***
ثالثا، هل الرئيس أدرى الناس بظروف البلد وأقدرهم على التعامل مع قوى التأثير؟
قد يكون الرئيس مطلعا، ويفترض أن يكون كذلك. إلا أن اطلاعه ذلك يغدو غير ذي قيمة أمام نمط التعامي والتجاهل الذي يمارسه في ما يتعلق بالقضايا العامة، وبالتالي نفيها وتركها حتى تتغول. وليس أقرب مثالا من تجاهل نتائج حرب 94 التي أفرزت الأزمة القائمة والتي ستظل تتسع أبعد مما يتصور البعض. هذا التجاهل والتعامي هو نفسه المطبق مع الملفات الاجتماعية والأمنية وغيرها من ملفات الشأن العام. أن يكون هناك جهل وتعامي عن قضية عامة تلك مصيبة، أما أن تُنكر علنا فتلك كارثة! فمن أولويات القيادة الاعتراف بالمشاكل، وقبول تباعاتها - هو أول خطوات حلها – ومن ثم معالجتها بمجرد بروزها.
إذا إطلاعه لا يعني بالضرورة فاعليته، بناء على التأصيل الديني: العلم بلا عمل نفاق.
أما كونه أقدر الناس على التعامل مع قوى التأثير، فقضية قديمة..وفيها نظر. فالحقيقة أن كل ما فعله الرئيس صالح في الثلاثين عاما الماضية هو أنه احتوى شيوخ القبائل وخلق منهم فئة المألفة قلوبهم أبدا، مكتفيا بشراء الذمم واعتماد المقررات المالية من المال العام في صفقة امتلك فيها الشيوخ سلطنات محلية (دويلات كنتونية شبه مستقلة) أمام ترك الساحة السيادية للدولة المحصورة بين الجبال المحيطة بصنعاء. هذا أدى إلى تغوّل القبيلة بعد أن كان الرئيس الحمدي قد بدأ في تحجيمها لصالح المؤسسة المدنية.
اليوم، الوضع أكثر اختلافا وتعقيدا..
ففي حين أنه كان يمكن للرئيس صالح - قبل ثلاثين عاما - أن يمارس سياسية تكسير الأصابع وسحق العظام مع شيوخ القبائل وكسبها، ولو بمرارة ولو بعد حين، وبالتالي بناء دولة المؤسسات على اعتبار أن الرئيس الحمدي ترك إرثا سياسيا لا بأس به وأرضا صلبة للقيام بذلك؛ إلا أن المسألة اليوم تبدو شبه مستحيلة. فبعد ما يزيد على ربع القرن الماضية التي تآكلت فيها البنية المؤسسية المدنية للدولة لصالح العسكرة والقبيلة، نشهد اليوم النتائج الوخيمة لتلك الممارسات، ابتداء من هزيمة الدولة أمام القبيلة (كما اظهر ذلك عجز الجيش أمام تمرد الحوثي، واضطرار الدولة ممثلة بالرجل القوي علي محسن الأحمر إلى تهجير قبائل شبوة في سابقة مريعة)، إلى خروج الأبناء عن تحالفات الأباء ابتغاء عقد اقتسام جديد تملي فيه القبيلة - وليس الدولة – الشروط: حسين الأحمر مثلا.
من خرج خاسرا من كل ذلك: الوطن ودولته المدنية.
***
وتبقى نقطة أخيرة: هل حقا أن الرئيس صالح هو الوحيد القادر على التعامل مع طبيعة المرحلة القادمة وتحقيق منجزات كبيرة مثل بناء المؤسسات، والخروج بالوطن مما يحاك له في الغرف المظلمة؟
الإجابة بصراحة وإيجاز: لا.
الرئيس صالح لم يكلف نفسه أبدا عناء فعل ذلك – وكان يستطيعه، وهو اليوم أقل قدرة وأضعف كفاية على التعامل مع المتطلبات الصعبة للمرحلة القادمة. فليس للرئيس من خيار الآن إلا أن يقر أنه لم يعد يملك ما يقدمه، وأن دوره في المرحلة الأخيرة – والمراحل القادمة – بات يقتصر على تمهيد الطريق للتوريث.
ولذا فليس من الجور القول أن الرئيس لم يعد مؤهلا لتولي منصب الرئاسة، وعذرا للرئيس ولمحبيه إن بدت الجملة قاسية جارحة. لكنها الحقيقة، والحق مر. فالرئيس أصبح يمثل إرثا سياسيا وفكريا ثقيلا ومحبطا، كما أن تحالفاته وممارساته استهلكته تماما..وأصبحت أدوات عمله وآلياته قديمة وخارج الزمان والمكان. وباختصار: لم يعد مقبولا أن يدار اليمن بعد نصف قرن من الثورة بعقليات ما قبل الثورة..هذا ضيم وعار محض.
يضاف إلى ذلك حقيقة أن اليمن يقف اليوم أمام ملفات داخلية خطيرة جدا ومصيرية جدا: دولة متآكلة تماما، فساد كلي، اقتصاد منهار، عوامل تشقق كبيرة جدا تهدد بإعادته إلى أبعد من عهد التشطير: إلى عهد الدويلات المناطقية التي لم تنتهي في تاريخ اليمن الحديث إلا بدخول الأمام يحي صنعاء في عام 1917.
صحيح أن ما تحمله دولة الجمهورية اليمنية، هو خليط إرث قديم ..بعضه أقدم من الرئيس صالح نفسه؛ وصحيح أنها تراكمات مختلفة لا يتحمل وزرها الرئيس صالح وحده، إلا أنه – مع ذلك – يظل من يتحمل نصيب الأسد منها كونه الرجل الذي عزز تلك التراكمات لسنين طويلة بإتباع سياسة الترحيل إلى المستقبل.
اليوم ..نحن أمام استحقاقات كبرى، لا تحتمل المزايدة على شيء منها. أفضل ما يمكن فعله هو الاحتفاظ بما لدينا واعتماده كأساس لبناء شيء صحيح وجديد. وعلى الرغم من أن من المؤسف أن نجد أنفسنا في المربع الأول بعد نصف قرن من الثورة، إلا أنه الواقع القبيح الذي يجب أن نتعامل معه.
ولذا أعود فأؤكد أن الرئيس صالح لا ينبغي أن يكون جزء من اليمن الجديد..لأنه لا يمكن أن يكون هناك يمن جديد برأس قديمة – هذه أضحوكة ربما، أو نكته سمجة في أحسن أحوالها.
أمر آخر، أن الرئيس صالح بعبثه الدائم بكل الحبال وإدمانه على لعبة التوازنات وضياع الموقف المبدئي من أي شيء، أصبح رمزا لكل شيء سيء، للجميع وعلى كل المستويات - حتى ولو لم يكن له فيها يد أو دور، وهذا مؤشر خطير على سوء وضع الرجل. فهو، على المستوى السياسي، يمثل رمزا لمن دفنوا الثورة وأهدافها أو – في أحسن الأحوال – جمدوها بالنسبة لأتراب ثورة سبتمبر، وهو – أيضا - رمز مستفز لحلم مقتول بالنسبة لأتراب حركة التصحيح ومد الحلم الحمدي المتسع، وهو بعد ذلك الملتف على الاتفاقات بالنسبة للاشتراكيين، وناكث العهد للإصلاحيين، وضرع جف لشيوخ القبائل وأصحاب النفوذ!
مناطقيا وقبليا، هو المتنكر للعهد الحاشدي، وهو المقصي أبدا للمناطق الوسطى من أي أثر تنموي للثورة والثروة تحت ذريعة ‘‘بلاد المخربين’’، ثم هو رمز الغزاة والمحتلين وقبائل الفيد وحامي متنفذي البسط والنهب بالنسبة لأبناء المناطق الجنوبية. وعقديا يجده أتباع المذهب الزيدي مستفزا لأنه سمح للأخوان المسلمين بالعمل ولم يوقف المد السلفي الوهابي، وبالنسبة للشافعية وغيرها من مذاهب أهل السنة، وهي أقل حساسية من الرئيس عموما، لا يزال الرجل – رغم كل شيء – زيديا وإن لم يكن متدينا.
الرجل إذا ليس محل إجماع أيما وجه نظرت إلى هذه المسألة. والجميع يريد أن يرى الرجل خارج المعادلة اليمنية كلها، على أمل أن تتغير المعطيات بخروجه، وأن تظهر معطيات تنفث روح الأمل في إيجاد حل للإعصار المقبل بكل مفزع.
***
أنا لا أشك أن الرئيس يحب بلده، غير أني لا أشك أيضا أن مكوثه الطويل جدا في الحكم قد أنساه الكثير من بديهيات الحكم الرشيد والإدارة الحكيمة العادلة، وهو ما جعله بالتالي أضعف من أن يستطيع خلق أي تغيير حقيقي مهما صغر شأنه. إن الجمود شبه الكلي الذي رافق حقبة الرئيس صالح، قاد البلد إلى حالة الموات التي نعاينها اليوم، وسيمضي الكثير من الوقت قبل أن يستطيع اليمن التخلص تماما من كل آثارها.
يبقى أن أقول: أنه عندما أعلن الرئيس عدم ترشحه للانتخابات، فرحت أن الرجل الذي نال شرف المحاولة في صنع شيء مفيد للبلد– وإن كان فشل في ذلك - سيخرج من معمعة السياسية خروجا مشرفا، ويبقى بعد ذلك رمزا وطنيا كبيرا، كالكثير ممن غادروا السلطة طواعية : مهاتير محمد ومحمد ولد فال مثلا، عوضا عن الخروج التقليدي للقيادات العربية: ‘‘من القصر إلى القبر’’ كما قال الرئيس نفسه ذات يوم من منتصف التسعينات.
أقول..إنني كنت أود أن يخرج الرئيس يومها لأنه كان خروجا مشرفا له بحق. لكنه أضاع تلك الفرصة الذهبية فخذل نفسه وخذلنا!
اليوم، اليمن في حاجة - أكثر من أي شيء آخر - إلى رجل جديد، مستقل وبعيد عن طرفي النقيض في سياسة اليمن: غرور السلطة ونرجسية المعارضة. واليمن في حاجة إلى أن يدرك الرئيس صالح أنه صار – ومن معه - عبئا ثقيلا جدا على الجميع، وأنه غدا ضيف ثقيل الدم على مستقبل هذه الأرض وعامل اضطراب ووجه يذكر بكل مؤلم. وهو، بالتالي، في حاجة إلى أن يتخذ موقف إنساني ومنصف من نفسه وشعبه، ويحتاج إلى شجاعة تنقذ البقية الباقية مما يمكن أن يسطر حسنا في تاريخه.
الفرصة متأتية اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالرجل كسب الانتخابات باعتراف معارضيه، وسيكون خروجه أزهى..أكثر ألقا وأقوى وقعا.
أقول ذلك وكلي أمل أن يسمعها الرئيس.....................(عليه السلام)
مركز الراصد الإعلامي – نيويورك
Sadek76@gmail.com