إنهيار متواصل للعملة المحلية أمام الريال السعودي في عدن اليوم بقنابل وصورايخ خارقة للتحصينات… ضربة جوية قوية في قلب بيروت وترجيح إسرائيلي باغتيال الشبح عربيتان تفوزان بجوائز أدبية في الولايات المتحدة قوات كوريا الشمالية تدخل خط الموجهات والمعارك الطاحنة ضد أوكرانيا هجوم جوي يهز بيروت وإعلام إسرائيلي: يكشف عن المستهدف هو قيادي بارز في حزب للّـه مياة الأمطار تغرق شوارع عدن خفايا التحالفات القادمة بين ترامب والسعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين في اليمن .. بنك الاهداف في أول تعليق له على لقاء حزب الإصلاح بعيدروس الزبيدي.. بن دغر يوجه رسائل عميقة لكل شركاء المرحلة ويدعو الى الابتعاد عن وهم التفرد وأطروحات الإقصاء الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية
مأرب برس - خاص
تطرقنا في الحلقتين السابقتين إلى مخاوف السلطة العسكرية من القبيلة وكيف استطاع حكم الرئيس علي عبدالله صالح استيعاب تلك المخاوف من خلال ضمها إلى قبيلة الدولة، إضافةً إلى الحروب الدائرة بين القبائل من حيث أسـبابها ومسبباتها ومدى ارتباطها بالصراع على الحكم بين القبيلة والسلطة العسكرية خاصة وإن بدايتها كانت في مطلع الثمانينات.. وبعـد ذلك قامت الدولة بتوطيـد العلاقة بين القبيلة والسلطة العسكرية من خلال إنشاء أو اسـتحداث مصلحة شئون القبائل، حيث يتم الاعتناء بالمشائخ من خلال هيئة أو مصلحة خاصة بهم، ومن خلالها يتم صرف بطائق لمشائخ القبل المعترف بهم، إضافة إلى استحداث مشائخ جـدد يتم التصديق على طلباتهم من قبل أجهزة السلطة في تلك المحافظات، وبموجب ذلك يتم صرف بطائق المشيخ وتخصيص مرتبات لهم، إضافةً إلى اعتمادات أخرى حتى تكون عملية الصرف مشروعة.. ناهيكـم عن الهبات والمساعدات التي كانت تُصرف لهم في كل مناسبة وكل شـيخ على حسب حجمه في قبيلة الدولة.
في الوقت الذي كانت فيه المملكة العربية السعودية تحاول استقطاب المشائخ واعتماد مرتبات لهم، خاصةً في أوائل الثمانينات إضافة إلى قائمة المشائخ الذين أعتمـدت معاشات لهم من أوائل السـبعينات في سلسلة استقطاب المشائخ من مختلف القبل اليمنية عدى مشائخ المناطق الوسطى لم يعتمد إلا بعـدد أصابع اليد لأن الأشقاء في السعودية كانوا ينظرون إليها على أنها تحتضن معسكرات الجبهة الوطنية الموالية للحكم الماركسي والشيوعي آنـذاك في جنوب اليمن، وكان لدى الأسرة السعودية الحاكمة بعض المخاوف، وفضلت عدم اعتماد أية مرتبات بحكم إن النظام الليبي كان مسيطراً بتوجهاته على قيادة الجبهة الوطنية مما جعلها مسرحاً للإقـتتال والعمليات التخريبية امتداداً لعمليات الانتقام خاصةً بعد مقتل الشهيد إبراهيم الحمدي الذي تحول انتمائه البعثي إلى الانتماء الناصري، وكانت العربية السعودية تكُـن عداءً ضد الناصرية والناصريين حتى يومنا هذا، وبعد مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي أشـارت أصابع الاتهام إلى أعداء الحركة الناصرية..
وبعـد أن تولى الرئيس علي عبدالله صالح رئاسة اليمن كان الشارع اليمني يتهم كل القيادات السياسية حتى لو جاء رئيس من أقصى الأرض سيكون هو أيضاً متهم بالمؤامرة في مقتل الرئيس إبراهيم. وفي العام 1979م نشـبت الحرب الأولى بين الشطر الجنوب والشطر الشمالي وأثناء المعركة سلمت تلك القيادات الناصرية نفسها وأسلحتها إلى قيادات جيش الجنوب سـابقاً، لأنهم لا يرغبون في الدفاع عن قيادات لها يد في اغتيال الرئيس الحمدي.. وسـيتم استعراض ذلك في حلقات أخرى في موضوع لاحقاً..
وبعـد ذلك اسـتفاد الر ئيس علي عبدالله صالح من تلك التجربة ودعا القبيلة للدفاع عن كرامة وشرف القبائل من الغزو الاشتراكي الشيوعي الماركسي.. كان ذلك في الحرب التي تلتها فسـارعت القبائل للمشاركة من خلال الجيش الشعبي الذي وقف وسـاند السلطة العسكرية، وتعتبر تلك هي المرة الأولى في بداية عهد الرئيس علي عبدالله صالح، وكانت هي بداية الوفاق والوئام بين السلطة العسكرية وسلطة القبيلة ليتجسد بذلك ما تم ذكره في الحلقتين السابقتين وهي – نظرية الارتباط التجريبي – لتأتي على شكل ثورة أيدلوجية لإدخال القبيلة في تحالف مع السلطة كونها عنصر يتمتع بالثقل الأيدلوجي، أي ذات ثقل واعتبار لا ينبغي على السلطة ا لعسكرية تجاهلها، للدخول معها في صدام كما حدث مع بعض القبل مؤخراً..
في الوقت الذي كانت القبيلة تنظر إلى نفسها بأنها عُرضةً للارتهان في سجن سلطة العسكر، وتشعر بأنها مطمورة تحت سجاد النظام.. وعندما أدركت السلطة بأنها لن تستطيع تجاهل القبيلة التي يوجد لها تاريخ عريق وخوفاً منها تكرار ما حدث.. سـارعت بمبادرتها لاحتضان القبيلة درءاً للمشاكل.. فيما رأت بعض القبل إن تشابك أياد السلطة العسكرية مع القبيلة يعد بوابة الأمان من غدرها حتى لا تقع في حكم الإقصاء كما حدث لها في السابق إبان حكم الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي عندما حاولت السلطة العسكرية اضطهادها وإقصائها حتى أصبحت كنية الشيخ محل اسـتهزاء وتقليل من شأن الشخص آنذاك.. أضـف إلى ما تم ذكره في السابق العـداء الذي كانت تحمله قيادة أو عناصر ما كان يسمى بالجبهة الوطنية التي أعلنت عن كيانها في العام 76م في عهد الحمدي والتي تشكلت من خمس قوى يسارية وتحول نشاطها إلى نشاط معادي لنظام صنعاء في العام 78م خاصةً بعد توحد الجبهتين جبهة 13يونيو والجبهة الوطنية والتي ناهضت دور القبيلة قبل وبعد رحيل الرئيس إبراهيم الحمدي، وعملت على قتل وإعدام عشرات المشائخ خاصةً في المناطق الوسطى حتى مطلع الثمانينات كونها متهمة في التآمر على اغتيال قائد الحركة الناصرية في اليمن إبراهيم الحمدي وتحضى بالدعم الليبي.. مما جعل أي شـيخ لأي قبيلة يرفض كنية الشيخ خوفاً على رأسه من عصابة التخريب التي كانت تمولها ليبيا..
وفي منتصف الثمانينات قضت السلطة العسكرية على عصابات التخريب وأصبح ظهور سلطنة المشيخ ودورها ملحوظاً على الواقع السياسي اليمني المعاصر، وبعد قيام دولة الوحدة بدأ نشاط ونفوذ القبيلة يتوسع وبدأت تملي شروطها على السلطة العسكرية وتحولت المعاهدة والاتفاق بين سلطة القبيلة وقبيلة الدولة لدى الكثير ممن صنعتهم السلطة العسكرية "مشـائخ" تحولت إلى مغنماً وليس مغرماً، وابتزاز واضح وعلني بغض النظر عن بطاقات المشيخ والدعم "اللوجستي" لمشائخ القبيلة من قبل السلطة العسكرية مثل الاعتمادات الشهرية وصرف سيارات خاصة، إضافة إلى اعتماد رواتب لمرافقيهم حتى صار أقل شيخ لا يمشي في شوارع المدن إلا مع سيارتين إحداهن تقلـه والأخرى تقل مرافقيه.
مما أثار ذلك فضول بعض من يطمحون الصعود إلى قمة هرم المشيخ الحصول على تلك الإمتيازات إضافة إلى المرافقين المدججين بالسلاح، وبما أنه شيخ فلن يجروء أي رجل من رجال السلطة العسكرية أن يقول له "ثلـث الثلاثة كـم".. أصبح المشيخ حلم يراود كل قبيلي للحصول على إعتمادات وهبات ومرافقين مثلهم مثل بقية من سـبقوهم إلى هرم المشيخ مما جعل السلطة العسكرية تلـبي عن طريق مصلحة شئون القبائل كل ما يريدون، حتى أصبح في كل قرية أو عزلة في بعض القبل أكثر من شيخ.. عكس ما كانت تعرفه القبل اليمنية وذلك تحت غطاء سياسة " داري على شمعتك تأييد". لـذلك منحتهم السلطة العسكرية كل المزايا وحققت لهم كلما كانوا يحلمون به خاصةً ونحن نرفع شعار الديمقراطية والتعددية السياسية و........إلخ.. أصبح لكل شـيخ سجن خاص ولكل مسئول سجن خاص غير السجون المعترف بها والتي خصصتها السلطة العسكرية وتمخضت الوحدة بصوت جديد "لا صـوت يعلو فوق صوت الشيخ".
وبعـد صيف 94م تمردت بعض القبل على السلطة العسكرية، أو بالأصح مشائخ تلك القبل لأن السلطة العسكرية علمتها بعد قيام الوحدة عملية صيد الفرائس وكل اليمنيون يعلمون كل العلم الظاهرة التي ظهرت بعد قيام الوحدة.. كان أولها التصفيات الجسدية لبعض القيادات ثم تحولت إلى سرقة سيارات بعض القيادات في عملية محكمة ثم تجنيدها.. لـذلك، وكلنا يعلم بأن أحد قيادي عصابة سرقة السيارات أصبح عضواً مؤتمرياً في البرلمان.. لكن الأهم في ذلك هي التطورات التي حدثت بعد صيف 94م عندما تطورت عمليات سرقة السيارات إلى نهـب علني لسيارات السلطة العسكرية من خلال التقطعات على الطرقات العامة والتي تتماشى مع سياسة فرق تسـد أو بمعنى آخر سياسة التوازن المفقود تحت شعار نفـذوا "كل طلباتهم".. أمنحوهـم كلما يريدون.. إلا الكرسي من أجل البقاء.
مما جعـل القبيلة تتمرد أكثر وأكثر وأصبح من له حاجة يريد قضائها من السلطة العسكرية.. قَطَـع الطريق أو اختطف سـائحاً.. مما شجع ذلك الكثير من القبل أن تسلك طريق لم يعتاده اليمنيين منذ قيام حضارتهم على وجه الأرض، وهي ظاهرة اختطاف الأجانب التي تكررت كونها أصبحت وسيلة أو عملية سهلة للحصول على الثراء أو إخراج محكومين "حُكـم عليهم بالإعـدام" والسلطة العسكرية تعمل على تنفيذ ذلك .. تنفيذاً لسياسة (التوازن.. وتلتـها سياسة فرّق تسـد).. متجاهلةً بذلك كل القوانين أو النصوص المعمولة في دستور الجمهورية اليمنية..
ومن أجل البقـاء عمـدت السلطة العسكرية إلى سياسة "فرّق تسـد" وهي ما ذكرناه في الحلقة الثانية.. إثارة الصراع والحروب القبلية بين القبل اليمنية والتي صار لها عقود من الزمن.. في الوقت الذي تقف فيه السلطة العسكرية موقف المتفرج وكأنها لا تمتلك اليـد الطولى لإيقاف مثل تلك الحروب أو النزاعات.. فيما يأتي دور الأحزاب والتنظيمات السياسية من تلك الأحداث كمَن يحاول تجسيد أهراماته من خلال الركوب على موجاتها والتباكي في المأتم والسـير مع كل جنازة.. محاولةً بذلك حَـدّ أنيـاب القبيلة لافتراس السلطة العسكرية والتقليل من شأنها عسى وعلّ أن يكون لها نصيب الأسـد من ذلك دون مراعاة للمهمة التي أوجدت من أجلها.. وطغـت المصالح الذاتية والأنانية المشخصنة في أوساط السلطة العسكرية والتعددية السياسية والوجودية القبيلة التي ظهرت لها مخالب لم تعهدها اليمن من قبل.. متجاهلين بذلك أحكام المواطنة وحقوق ومصالح الشعب وأصبحت حرية الرأي والتعبير فيه شـبه مفقودة.. ما تسـبب ذلك في إنزال أقسـى عقوبة عرفها الشعب اليمني الذي قيل عنه أنه أصبح يتمتع بالحرية والديمقراطية لتتلقفـهُ آفة الجوع والفقر.. لكن ثمة فرصة منحته الحق في الحصول على لقمة عيش ليوم واحد أو ليومين وذلك من خلال السوق الديمقراطية المفتوحة التي يجد نفسه مضطراً إلى ان يبيع صوته وصوت أقاربه لمن يدفع أكثر غير مبالياً أو مهتماً لمن سـيمنح صوته الانتخابي، وكما يقول المثل السائد "إن شـاء الله للشيطان".. أهـم شيء يحصل من وراء ذلك الصوت على لقمة عيش له ولأولاده.. فيما غيره يعيشون في بحبح العيش ورغيـده.. يأتي ذلك من ضمن سياسة التوازن وسياسة "فرق تسـد".. ليكون مشروعها الثالث "جَـوّع....... يتبعـك".. ليأتي ذلك ضمن مخرجات سياسة ثلاثة عقود..
الأمر الذي جعل السلطة تقف عاجزة لفرض سيطرتها على السلطة القبيلية التي جعلت من إقلاق الأمن وتشويه صوره مغنماً وليس مغرماً.. وعلى سبيل المثال الحرب التي دارت رحاها في صعده.. وبعـد أن قضت السلطة العسكرية على بدر الدين الحوثي وفلوله المتمردة أثار ذلك الذعر والرعب في نفوس مشائخ القبل والعشائر في محافظة صعده والتي سـارعت معلنةً براءتها من حركة التمرد الحوثية وموالاتها للسلطة.. ما جعل السلطة العسكرية تمنحهم الملايين حتى يساعدوها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.. وأدركت مشائخ تلك العشائر والقبل أنها وجدت وسيلة تجعل السلطة العسكرية تمطر عليها مطراً من عسل، وبمجرد انفجار الوضع في قبيلة من تلك حتى تسارع السلطة العسكرية الاتصال بها، وعندما تقـدم القبيلة حججها بأن المال الذي منحته لهم قد نفـذ.. تسارع إلى إرسال المزيد وهكـذا.. حتى ظهر التمرد الحوثي من جديد على يد عبدالملك ويحيى الحوثي امـتداداً لعمليات الاستنزاف وعجز السلطة العسكرية تأمين الوضع وحراسة المنطقة واعتمادها على مشائخ تلك القُـبل والعشائر..
وتشجيع احزاب المعارضة لهذه الحركة ومحاولة الاستطياد من خلالها في المياه العكرة ولو على حساب الشعب والوطن والوحدة اهم شئ لديها كيف تعمل على تشويه صورة النظام لتثبت للآخرين عجز وفشل وسطوة النظامي كلا الحالتين ..!