اليمن.. كيف سيعبر إلى مجلس التعاون الخليجي؟
بقلم/ عادل امين
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 26 يوماً
الأحد 24 فبراير-شباط 2008 06:35 ص

مأرب برس – خاص

في اللقاء التشاوري الثاني لشركاء التنمية في اليمن، وهو عبارة عن مؤتمر "مصغر" للمانحين الخليجيين والدوليين؛ انعقد في الرابع من فبراير الجاري قال رئيس الوزراء اليمني على محمد مجور إنه آن الأوان لأن يأخذ اليمن مكانه الطبيعي في منظومة مجلس التعاون الخليجي (الحياة 5/2) معتبراً أن "العلاقات اليمنية الخليجية اكتسبت تطوراً نوعياً في إطار تأهيل الاقتصاد اليمني واندماج اليمن في مجلس التعاون" وفي السياق نفسه ذهب الإعلام اليمني الرسمي يُروج لفكرة أن اليمن صار قاب قوسين أو أدنى من ولوج مجلس التعاون الخليجي، وأن الخليجيين أنفسهم صاروا أكثر حماسة من اليمنيين في مسألة التسريع بانضمام اليمن إلى النادي الخليجي، فقد أوردت صحيفة الثورة الرسمية (27/1) على لسان العطية (أمين عام مجلس التعاون) تأكيده بوجود رغبة خليجية لقبول اليمن عضواً سابعاً في مجلس التعاون، كما نسبت الصحيفة نفسها إلى أمير دولة قطر تأكيده دعم انضمام اليمن الكامل لمجلس التعاون الخليجي (الثورة 29/1)، وتحدث الإعلام الرسمي باستفاضة عن مبادرة سعودية قدمها الملك عبدالله للقمة الخليجية الأخيرة تدعو لانضمام اليمن الكامل لمجلس التعاون. لكن وبعيداً عما قيل آنفاً ومع تأكيدنا المطلق لأحقية عضوية اليمن في مجلس التعاون باعتبارها جزء لا يتجزأ من المنظومة الخليجية بكل أبعادها الاستراتيجية دعونا نطرح التساؤل التالي: مادام وهناك رغبة خليجية شديدة بحسب الإعلام الرسمي بضرورة انضمام اليمن لمجلس التعاون، إلى جانب وجود مبادرة سعودية –كما قيل- تدعوا للتسريع بهذا العمل فما الذي يمنع إذاً من إتمامه وما الذي يقف حائلاً أمام إنجاز مثل هذه المهمة ؟! وإذا كان السعوديون قد طرحوا بالفعل مبادرة في هذا الاتجاه، فمعنى ذلك أنهم قد اتخذوا قراراً على أعلى المستويات بهذا الشأن لصالح اليمن، وباعتبار السعودية هي الدولة المحورية (القائدة) في مجلس التعاون، بالإضافة إلى وجود أعضاء في المجلس يشاطرونها الرأي في مسألة انضمام اليمن لمجلس التعاون يصبح الأمر محسوماً تماماً لصالح اليمن، وفي هذه الحالة يصبح التساؤل أشد إلحاحاً، من هو الذي يُعيق التحاق اليمن بركب المجلس؟! هل يُعقل أن دولة واحدة في المجلس (من بين ست دول) لها رأيها الخاص في هذه القضية استطاعت أن تفرض رأيها بالقوة على بقية الأعضاء وكأنهم جميعاً لا يساوون شيئاً أمامها؟ أضف إلى ذلك فإننا لم نسمع أحداً في مجلس التعاون يُمانع من حصول اليمن على العضوية، وكلهم يؤكدون على أن المكان الطبيعي لليمن هو بين أشقائها في مجلس التعاون الخليجي، إذاً أين تكمن المشكلة؟

*رئيس الوزراء يبين المشكلة

في لقائه بصحيفة الوطن القطرية (أعادت نشرة السياسية 2/2) سُئل رئيس الوزراء اليمني عن سبب غياب أي مؤشرات لانضمام اليمن إلى المنظومة الخليجية في المدى المنظور، وكذا غياب الدلائل الخليجية الواضحة التي تؤكد الاستعداد لضم اليمن في السنوات القليلة القادمة؟ أجاب رئيس الوزراء قائلاً: نحن لا ندري ما المطلوب منا!!

وحينما سُئل عمن يضع العراقيل في وجه انضمام اليمن أجاب: نحن نعتبر اليمن جغرافياً وتاريخياً جزءً لا يتجرأ من الجزيرة والخليج العربي، أما فيما يتعلق بما هو مطلوب منا للانضمام إلى مجلس التعاون فلا ندري ما هي المعايير المطلوبة منا!! وأضاف بأنه لا يعلم حقيقة من يضع العراقيل، ولا يعلم حتى اللحظة ما هي العوائق!

رئيس الوزراء والرجل الأول في الحكومة اليمنية الذي يقود سياساتها ويوجه برامجها ويشرف على تنفيذ خططها لا يعلم تحديداً ماذا يريد الخليجيون من اليمن كي تصبح جاهزة للانضمام إليهم! وهو لا يعلم أيضاً ما هي المعايير المطلوبة للانضمام، ولا علم له بمن يضع العراقيل ويصنع العوائق أمام انضمام اليمن لمجلس التعاون!! كل ما يعرفه رئيس الوزراء أن اليمن جزء لا يتجزأ من النسيج الجغرافي والتاريخي للجزيرة والخليج، وهذا سبب كاف من وجهة نظرة لأن تكون اليمن عضواً في مجلس التعاون، أما الطريق الموصل إلى ذلك فلا علم له به.

وإذا كان رئيس الوزراء لا يعلم شيئاً عما هو مطلوب يمنياً قبل الانضمام للمنظومة الخليجية، ويجهل المعايير وشروط التأهيل لتحقيق تلك الغاية فمن الذي يعلم إذاً ؟ وكيف للحكومة اليمنية أن تمضي في مشروع التأهيل ومساراته المتعددة التي حددتها لاحقاً بخمسة مسارات (بعد استشارة معهد دولي متخصص في بولندا) في حين أن من يقود الحكومة يعلن وبكل وضوح أنه وحكومته لا يعلمون بالضبط ماذا يريد الخليجيون منهم، وما هي المعايير التي يطلبونها كشرط أساس للدفع باليمن باتجاه العضوية؟!

وهكذا يتضح أن جزءً كبيراً من المشكلة التي تقف عائقاً أمام إكمال عملية انضمام اليمن إلى مجلس التعاون يكمن في الحكومة اليمنية نفسها، هذه الحكومة وعلى رأسها مجور لا تدري ماذا تفعل، ومن أين تبدأ، وهي حتى اليوم لم تستوعب المعايير الخليجية المطلوبة منا، إنها أشبه ما يكون بالأطرش في الزفة، الخليجيون يجهدون أنفسهم في زفة التأهيل الاقتصادي لليمن، ويفتحون جيوبهم على الآخر لبلد مثقل بالديون ومُحطم بالفساد وغارق في المشاكل، فيما اليمنيون لا يدرون شيئاً عما يحدث من حولهم، ولا يعلمون كيف يصلون إلى نادي الأغنياء وكيف يصبحون أعضاءً فيه!! كل ما يريدونه فقط هو أن تستمر الأموال الخليجية بالتدفق في هذا المسار أو ذاك لا مشكلة، لقد تم تحديد مسارات التدفق وانتهت المشكلة بالنسبة لنا، ولم يعد لنا شأن بما يريده الخليجيون منا، ولسنا معنيين بشروطهم ولا بمعاييرهم التأهيلية فتلك مشكلتهم وحدهم وعليهم أن يجدوا لها حلاً بأنفسهم، هذا ما عناه رئيس الوزراء بقوله لا ندري ما المطلوب منا.

وما دام الحال كذلك كيف لليمن أن يتأهل للانضمام إلى مجلس التعاون مع حلول العام 2015 بحسب خطة التأهيل الخليجية؟ المسئولون اليمنيون ينظرون إلى أن الجغرافيا والتاريخ كافيان لدمج اليمن في محيطها الخليجي، وبالتالي هم يعتقدون أن مسؤولية تأهيل اليمن اقتصادياً وتقريب الفجوة بينها وبين جيرانها في منطقة الخليج تقع على عاتق الخليجيين وحدهم باعتبار أن اليمن تظل مشكلتهم الدائمة ومصيرهم المحتوم شاؤا أم أبوا!! وعلى هذا الأساس فالحكومة اليمنية لا تفعل شيئاً أكثر من أن تتحدث عن أمنياتها ورغبتها في أن تكون العضو السابع في مجلس التعاون، في الوقت الذي لا تريد أن تبذل وسعها للخروج من دائرة العجز والفشل الواقعة فيها تاركة مهمة القيام بذلك للأشقاء الخليجيين.

وهؤلاء يدركون جيداً عمق الفجوة التي تفصل هذا البلد عن اللحاق بهم، ولكنهم رغم ذلك يشجعونه على فعل شيء ويحثونه على مسارعة الخطى ومسابقة الزمن كي يقترب أكثر ويتجاوز الحدود الفاصلة بينهم، لكن مهمتهم تلك تبدو شاقة وقاسية بالنظر إلى طبيعية السياسة التي تحكم هذا البلد والتي تفشل دائماً في إحداث التغيير المطلوب وتنتظر من الآخرين أن يقوموا بتلك المهمة.

* مدير تحرير صحيفة العاصمة