قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات
في اليمن لا قوة لطرف واحد على التهام كل الكعكة، ولا قوة لكل الأطراف على الحفاظ عليها، إنما باستطاعة الجميع صناعة الكعك.
بعد المتغيرات الأخيرة التي فرضت نفسها على المشهد السياسي اليمني، يلجأ الكثير للحديث عن الخطر الشيعي القادم من جنوب الجزيرة على دول الإقليم وأهمها المملكة العربية السعودية، يغلب على هذه الكتابات المنحى العاطفي التحذيري، الذي يركز على توصيف حالة خصومة سياسية بين "سنة" و"شيعة"، وليس على توصيف حالة مستجدة على الواقع اليمني، ولا بالنظر إلى الحالة السياسية الراهنة للمملكة العربية السعودية، ناهيك عن مستجدات الصراع الإقليمي والدولي.
هذا من جهة، ومن جهة أخطر، تدفع هذه الكتابات، أو تخرج مندفعه، باتجاه صراع مذهب بمذهب، وهذا خطأ منهجي وتاريخي، فـ "لا يوجد في الإسلام صراع مذهبي، إنما صراع سياسي يلبس عباءة المذهب" كما قال الدكتور فوّاز جرجس.
تقدم هذا الكتابات اليمن وكأنها أصبحت دولة شيعية، وأنتهى الأمر، وهذا مناف للواقع، فاليمن، وإن كان تحقق فيه للحوثي مكاسب سياسية وعسكرية تمكنه من التأثير في مصادر القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن، وأن ذلك يشكل متغيراً جديداً وحيوياً ومهماً، إلا أنه ليس كل شيء، ففي اليمن شركاء سياسيين كثر، متصارعون ومتناقضون، تلتقي مصالحهم وتتعارض، تتفاوت قوتهم ضعفا وقوة، ولا يمكن للحوثيين فرض خيار واحد في اليمن الآن، ربما يستطيعون بعد عشر سنوات أو عشرين، لكنهم الآن ليسوا وحدهم.
أمام إيران طريق طويل وشاق
هرولت إيران إلى ترديد والإعلان عن أن ما حققه الحوثي في اليمن هو مكسب جديد لها في ضم رابع عاصمة عربية لهيمنتها، هي من مصلحتها أن تعلن عن ذلك، وتباركه، وتلوح به لخصومها التاريخيين في المنطقة ومنها السعودية على وجه الخصوص، فهو فعلا مكسب حقيقي لها، سيمكنها من لعب دور مؤثر أكثر في الضغط على السعودية وغيرها،
هي أيضاً تريد استثمار هذا الواقع الجديد في اليمن وإن كان هشاَ لم يستكمل فيه الحوثي السيطرة والتحكم، تستثمره في اللعبة الدولية، وما يحدث لها في العراق وسوريا، وتساوم به،
إيران تدرك أنها تحتاج إلى وقت حتى يستكمل الحوثي التحكم بحلقات وقنوات القرار في اليمن، أو حتى يكون رقماً أكثر تأثيراً في صياغة الواقع الجديد لليمن،
هي تدرك أن أمامها الكثير من الدعم المادي والعسكري والسياسي لتقدمه ليصل الحوثي إلى هذا.
ولذلك تستعجل، في ضم صنعاء إلى عشها، تستعجل لقطع الطريق أمام قوى أخرى يمكنها أن تغير من المعادلة في اليمن، يمكن لهذه القوى ومنها السعودية إن تدخلت الآن للاتصال بـ حلفاء جدد موجودين على الأرض، وتعمل على تعزيز وجودهم وتقويتهم سياسياً ليكونوا طرفا في معادلة لا تسلم اليمن لإيران ممثلا بالحوثيين. إيران تريد تفويت الفرصة على القلقين من وجود قوي مهيمن للحوثي.
السعودية والخليج .. تطمينات بالسيطرة لكن، ماذا لو كانت السعودية ليس لديها تلك المخاوف الكبيرة من سيطرة شيعية على اليمن؟ ماذا لو أنها تكون قد تلقت تطمينات أمريكية بأن الحوثي لن يكون قوياً في اليمن، لكن من المهم عدم إضعافه، وفتح المجال له ليلعب دوراً أكبر بدلاً من دور المتمرد الخارج عن النظام والقانون..
ماذا لو كانت هذه التطمينات قد تم الإيعاز بها للمملكة وعززتها الإمارات، باعتبارتقوية نفوذ الحوثي خياراً يقلص نفوذ قوى أخرى مثل "الإصلاح أو الإخوان المسلمين" حتى لو كانت سنية، وقوى قبلية كانت تساند هذا التوجه الإسلامي السني في اليمن؟؟
حينئذِ لن يكون هناك خوف من صعود سريع للحوثي لمنصة التأثير في القرار السياسي في اليمن، خصوصاً في ظل ضمان عدم تجاوز "المبادرة الخليجية" التي شكلت الإطار الجديد لضبط المرحلة الانتقالية في اليمن بعد ثورة فبراير 2011، والجميع يعرف أن المبادرة الخليجية هي الصيغة التي تبنتها دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ولا تزال ترعاها وتراقب تنفيذها.
فوق كل هذا، هناك أمر لا تأخذه في الحسبان هذه الكتابات التي تستدعي إخافة السعودية من صعود الحوثي في اليمن، وهو:
البعد الداخلي للمملكة والتغيرات الإقليمية المرتبطة بالمصالح الدولية، السعودية لا تجهل أبعاد المتغيرات في اليمن ولا تأثيراتها عليها، هي تعي ذلك تماماً،
كما أنها تشهد حركة تغيير مستمرة داخل منظومة الأسرة الحاكمة .. وهذا لانها تستعد للجديد، تعي ما يحدث إقليميا وعالميا، وتستعد له،
التحليلات العاطفية المبنية على معادلات صراع تاريخية تخرج ضعيفة، لأنها لا تأخذ طبيعة التغيرات الدولية والداخلية التي تؤثر في أطراف ذلك الصراع، إيران ليست عدوة بالمطلق للسعودية ولا العكس، فإن غضت السعودية الطرف على تمدد نشاط الحوثي في اليمن مقابل غض الطرف عن كبحها بالقوة لأي حراك شيعي داخلهافهذا مقبول في عرف السياسة ..
إذا غضت الطرف مقابل إشارات أو تطمينات أمريكية مثلا، بأن تبقى قوة الحوثي في اليمن تحت السيطرة، كما تعد به أمريكا حتى الساسة في اليمن، فلا بأس.
الحوثي في فراغ اليمن بلا خصم
اليمن يعيش فراغاً في كل شيء، ويمكن لأي فراغ آخر أن يحتل فراغه. الآن مشكلته الكبرى هي أن الحوثي بدخوله صنعاء دون احتراب، وقع في فراغه، ليدور في فراغ جديد، مسبباً فراغاً آخر،
والسؤال الأكثر إلحاحاً، كيف سيلجم من منح الحوثي الضوء الأخضر لدخول صنعاء، كيف سيلجمه ويرده إلى جادة المسار الدولي والإقليمي المرسوم لليمن؟؟ كيف سيلجمه وهو يدور في فراغ، مكوماً الفراغ؟؟
يمكن باستقراء بسيط أن يحدث أحد هذه السيناريوهات،
لقد تسبب الدخول السلمي للحوثي إلى صنعاء في خلخلة المعادلة الخارجية واصابها بالصدمة ووضعها الآن أمام قوة الحوثي المتمددة في فراغ.. حائرة مرتبكة.. ولذا فهي وهم الآن يبحثون عن خصم للحوثي يدخل معه صراع يملأ هذا الفراغ.. هذا الخصم فيما يبدو أنه لا يزال قيد الدراسة وربما التكوين، ورسم خطة الإخراج. قد يكون هذا الخصم في آخر المطاف هو فصائل تحت السيطرة من القاعدة مثلاً.. أو إعادة تأهيل صالح.
يمكنهم أيضا تفجير حزب الإصلاح ليخرج من تحته عناصر تتمرد عليه فيواجه العنف بعنف مضاد، ويشكل جبهة أخرى غير القاعدة تنتهج العنف.
السيناريو الأكثر واقعية وهو في المتناول بحسب وجهة نظري، هو تقوية الرئيس هادي، وإعادة إعدادة وتهيئته، وهو ممكن التحقق إذا ما توفر حول هادي جناح قادر على الصراع، جناح عسكري وأمني وسياسي، كأن يتم تفعيل ورقة المؤتمر الشعبي العام بقيادة جديدة، تسند هادي ويقودها، شريطة عزل صالح عن المؤتمر تماما..
فعلاً في اليمن لا قوة لطرف واحد على التهام كل الكعكة، ولا قوة لكل الأطراف على الحفاظ عليها، إنما باستطاعة الجميع صناعة الكعك.
*في الجزء الثاني: دور القوى السياسية اليمنية في معادلة الفراغ.