مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين
ليس صحيحاً أبداً أن أمريكا هي المستفيد الأول والأخير من "صناعة الإرهاب". صحيح أن العرب أكثر من تضرر من مصطلح الإرهاب باعتبارهم، حسب التصنيف الأمريكي، الإرهابيين الأوائل، وبالتالي عانوا كثيراً، وما زالوا يعانون، من هذه التهمة العشوائية، ويدفعون أتاواتها سياسياً واقتصادياً ودينيناً وثقافياً، إلا أن الكثير من الأنظمة العربية عرف من أين تؤكل الكتف، وراح يستغل لعبة الإرهاب مثل الأمريكيين وأكثر، محققاً الكثير من المصالح والأهداف. لقد نزل الإرهاب على الكثير من الحكومات العربية برداً وسلاماً، لأن، لولاه لما حققوا، وما زالوا يحققون الكثير من غاياتهم السياسية الساقطة. لقد غدا الإرهاب بلسماً لمعظم أمراض النظام الرسمي العربي. كيف؟
بإمكان أي حكومة عربية الآن أن تتهم معارضيها بالإرهاب حتى لو كانوا علمانيين ملحدين سكيرين ومعربدين، ويؤمنون بالشيطان وحده دون غيره..
فما أسهل الآن أن تبرر سجن معارض، أو مطالب بالإصلاح وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد والإفساد بوصمه بالإرهاب زوراً وبهتاناً، وصدقوني فإن أمريكا ومنظمات حقوق الإنسان العالمية لن ترفع صوتها أبداً طالما أن الضحية "إرهابي" لعين. وقد وصل الأمر ببعض الحكومات إلى الزج بمعارض نصراني لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بالإسلاميين، الذين، باتوا في العرف الأمريكي والعربي الرسمي، رمزاً للتطرف والعنف والإرهاب المزعوم. وكم ضحكت ذات مرة عندما سمعت أن حكومة عربية ألقت القبض على أحد الأشخاص، وأودعته السجون بتهمة الإرهاب الأصولي، ثم تبين لاحقاً أن الشخص المسجون اسمه "طوني". وقد شفع له اسمه، وأخرجه من السجن. ولو استطاع سجانوه أن يغيروا له اسمه إلى عبد الرحمن أو أحمد لربما قضى المسكين بقية حياته في غياهب السجون بحجة أنه إرهابي. ولا ندري كم من المعارضين والمساجين الذين لا يحملون أسماء إسلامية، لكنهم يقبعون وراء القضبان بتهمة الإرهاب الإسلامي. ولا ننسى أن السلطات الأمريكية بدورها ألقت ذات مرة القبض على شخص عربي يدعى "ميشيل" بتهمة الإرهاب الإسلامي، وظل الرجل في السجون الأمريكية حتى تمكن بعض معارفه من إقناع السلطات المحلية بأن الرجل مسيحي يدين بنفس الديانة التي يدين بها رئيس قسم الشرطة في المدينة الأمريكية التي يقطنها السجين.
لا أقول هذا الكلام لتبرئة ساحة الأصوليين من الإرهاب أبداً، فمنهم الكثير من الإرهابيين الحقيقيين الذين يتاجرون بالدين والعقائد لأغراض دنيئة، أو ورطتهم بعض الجهات في أعمال العنف والقتل والترويع، وزينته لهم على أنه "عمل جهادي. ليس هناك شك بأن بعض الإرهابيين المتدثرين بالدين جديرون بالاستئصال عن بكرة أبيهم والملاحقة وتجفيف منابعهم في كل بقاع الأرض. لكن أن يتم استغلال مصطلح "الإرهاب الأصولي" لتكميم الأفواه، وإحكام قبضة الأنظمة العربية الحاكمة على شعوبها، وخنق كل الأصوات المعارضة، وتصفية مئات الأشخاص تحت يافطة الإرهاب فهو الإرهاب بعينه.
من قال إن أمريكا أشطر من أنظمتنا العربية عندما يتعلق الأمر بحلب منافع الإرهاب إلى آخر قطرة؟ فلو لم يوجد الإرهاب لأوجدوه عنوة. إن استغلال بعض الأنظمة العربية لـ"وصفة" مكافحة الإرهاب والاستفادة منها إلى أقصى حد يذكرني باستغلال المواطنين العرب لصور بعض زعمائهم لتمرير غايات وأهداف ساقطة لا يمكنهم تمريرها من دون الارتكاز على حجة ما. فهناك الكثير من الناس في البلدان العربية الذين يضعون صوراً لهذا الزعيم أو ذاك على سياراتهم ومحلاتهم ومشاريعهم ليس حباً به، بل للمتاجرة وفعل الموبقات باسمه. وأتذكر أن مقاولاً محتالاً كان يحاول بناء منازل عشوائية في أراض غير مرخصة للبناء، وكانت السلطات المحلية تهدم له المنازل. وظل الأمر على هذا الحال حتى تفتق ذهن المقاول الشرير عن فكرة جهنمية أوقف بها السلطات عند حدها، وجعلها تفكر ألف مرة قبل الإقدام على تهديم المنازل غير النظامية التي كان يبنيها. فذات يوم بنا المقاول منزلاً، ثم وضع على واجهته صورة كبيرة للزعيم، وعندما جاءت السلطات لتهديم المنزل المخالف جفلت مكانها، وعادت على أعقابها دون أن تفعل أي شيء. فمن المستحيل أن تلمس حجراً في المنزل خوفاً من أن يتهمها أحد بأنها تسيء للزعيم. وفعلاً نجح المقاول في تمرير مصالح دنيئة وغير شرعية باستغلال يافطة معينة.
وهكذا أمر الكثير من الحكومات العربية، فهي تمرر كل ما لا يمكن تمريره، تحت يافطة "مكافحة الإرهاب". ولو فكرت أمريكا أو المنظمات الدولية الدائرة في فلكها في معاقبة الدول العربية التي تقتل، وتبطش، وتصفي المئات، وتزج بالناس في السجون لأتفه الأسباب لتراجعت فوراً عن معاقبتها خوفاً من أن تبدو مناصرة للإرهاب والإرهابيين. فكيف لأمريكا أن تعاقب دولة "تكافح الإرهاب"، وهي التي تقيم الدنيا، ولا تقعدها في ملاحقة الإرهابيين ومحاصرتهم؟
وكم بدا تبرير بعض الدول العربية لسجن وسحق بعض المعارضين واهياً ومفضوحاً. فذات مرة هددت إحدى الحكومات بأن تفرج عما أسمتهم بمئات "الإرهابيين" فيما لو اتهمتها أمريكا بانتهاك حقوق المساجين وتصفيتهم. وقد نجحت نجاحاً باهراً في التبرؤ من جرائم ضد الإنسانية بسهولة متناهية بمجرد تبرير أفعالها بذريعة "التصدي للإرهابيين". وفعلاً خرس الجميع، ولم ينبسوا ببنت شفة لإدانة ذلك العمل الإرهابي الحقيقي، فأمريكا لا تريد أن تبدو متصدية للإرهاب ومدافعة عن الإرهابيين في الآن ذاته، والحكومات العربية تعلم علم اليقين أن كلها في الهوى سوى تتاجر بهمروجة محاصرة الإرهاب.
كم من الإرهاب يرتكب باسمك أيها الإرهاب! ما أسهل أن تتهم أحداً بالإرهاب هذه الأيام، ثم تقتله وأنت مرتاح..... بحجة مكافحة الإرهاب!