تحالف صالح والحوثي في مهب الريح
بقلم/ راكان الجبيحي
نشر منذ: 9 سنوات و 4 أشهر
الثلاثاء 28 يوليو-تموز 2015 12:45 م
قبل أربع سنوات، وتحديداً مع أحداث 2011، كتبت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بأن علي عبدالله صالح رجل يكن الأحقاد بداخله ورحيله ضربه مؤلمة لغروره، إلا أنه يترك خلفه كأساً مسمومة، ستحقق له الانتقام الذي يسعى إليه.
يا له من تنبؤ عظيم، استبقت إليه الصحيفة في بعد نظرها لما سيحمله الزمن المقبل، من متغيرات تجاه الدولة، في إفراغ صالح كل انتقامه من خصومه السياسيين والشعب بشكل عام .
ها هو علي صالح، بغطرسته وخبثه، بظلمه وعبثه، يجرع الشعب اليمني كؤوساً وفيرة من العذاب الأليم، ويفرغ من روحه حقده الدفين، ليس فقط على خصومه السياسيين، وإنما على الشعب كل الشعب. استطاع أن يحقق كل انتقامه تحت غطاء الحوثي، عندما فتح لهم أبواب المحافظات، ومنحهم زمام الأمور. باستخدام نفوذه في مفاصل الدولة، وقوته العسكرية والشعبية بمختلف المحافظات، ما سهل للحوثيين الإسراع بخطواتهم الغبية للسطو على الحكم، بطريقة متغطرسة وغير شرعية وغير مقبولة، ما ألحق الدمار والخراب، وفتح باب الصراع والاقتتال على أعتاب الدولة.
ما أن برز الحوثي حتى رأى نفسه أمام عالم آخر، وأصبح شيئاً من لا شيء، الأمر الذي استند إليه الحوثيون في السيطرة على زمام الأمور، وإحداث موجات غير متوافقة مع بناء الدولة المطلوبة، نتيجة القوة الصارمة التي يمتلكها، والنفوذ الكبير الذي منحهم إياه صالح، لغرض مصلحته الأساسية والرئيسية.
لم يع الحوثي مجدداً أن خطواته المتسارعة، وتحالفه مع صالح تسقطه تدريجياً نحو مستنقع الانهيار، والهرولة نحو المجهول، من دون مشروع أو رؤية واضحة لطريقة الأسلوب الذي يتخذه سبيلاً لتحقيق أهدافه الجوفاء التي لا أساس لها من الوجود.
ارتكب الحوثي خطأ فادحاً عندما رمى نفسه، وجميع أوراقه، في حضن وطاولة صالح، بمجرد تفكيره بركوب الموجة، والسطو على زمام الحكم، كما يحلو له الواقع. بطريقة غبية وهزلية.
عندما فُتحت العاصمة صنعاء للحوثيين، من دون وجود أي ردة فعل أو مقاومة من أبنائها، وبعد ما أخذ صالح ما يريده من أهداف، كان يسعى وراءها وحقق معظمها من خلال الحوثيين، كان في ذلك يدرك أن التحالف مع الحوثيين لم ينته بالشكل السلمي والتفاهم الودي وتبادل الانتصارات والأهداف الجسيمة، فاستبق الحدث، حتى لا يكون هناك أي مردود انقلابي، أو ما شابه من عمليات لركب الموجة، كونه الداعم الأساسي بمختلف الجوانب، ما دفع بهم نحو المدن الرافضة مشروعهم، وذلك لإحراقهم، وإنهاكهم، وتفتيت نسيجهم الاجتماعي، الأمر الذي انعكس جليلاً، بعد توسع نطاق العملية نحو اجتياح المدن. وتجريع المواطنين من كأس الخراب والدمار، حتى رأى الحوثيين أنهم أمام تحول جديد من تاريخ مشوارهم الخبيث. ما أحدث تغييراً جذرياً في معادلة الأزمة، وفتح صفحات الانتقام ، وإقصاء الآخر، الأمر الذي استخدمه الحوثيون على مستوى القرارات والتعيينات الوظيفية في إقصاء أتباع صالح وحزبه، وعدم الاعتماد عليهم في بعض المنعطفات والتحولات التي يتجه نحوها، كون الحوثي الطرف الوحيد أمام الجميع، والمسبب في انهيار البلد، وهو اللاعب الأساسي في جبهات الاقتتال، مع الإدراك أنه لا شيء في ظل وجود صالح وإسناد قوته ونفوذه في كل أرجاء البلاد.
لربما يمكننا القول إن عملية عدن التي بدأت لتطهير المدينة من الحوثيين وأتباع صالح، بمختلف الأسلحة النوعية والمقاتلين ذوي التدريب العسكري القتالي، دليل على وجود فجوات متفاقمة بين المتحالفين على تمزيق البلد، ما استدعى شل حركة الحوثي بانسحاب قوة صالح من المدينة بشكل غير معلن، مع الإمكان وبدون شك من وجود خط رجعة لعلي صالح، للمحافظة على ثقله السياسي والعسكري وعلاقاته الدولية.
باتت علاقة صالح بالحوثي أشبه بموجة عاصفة في شاطئ الأحداث، ما أصبح تحالفهم الخبيث لتمزيق البلد في مهب الريح، وبات يمثل تدحرجاً نحو أعتاب الأزمة الحالية، وتغيير لموازين القوى، وقلب الطاولة، وخلط الأوراق، وهو ما حدث جليلاً، وما لاحظناه في الأيام الماضية من الحرب الدائرة في البلاد.

هادي أحمد هيجالمشهد اليمني 2
هادي أحمد هيج
مشاهدة المزيد