واشنطن تطلق يد التحالف في اليمن ولكن!
بقلم/ ياسين التميمي
نشر منذ: 7 سنوات و 9 أشهر و 3 أيام
الإثنين 20 فبراير-شباط 2017 09:12 ص
مع البدايات الأولى لتولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة، توالت مؤشرات عدة، دلت على أن التحالف الاستراتيجي القائم بين واشنطن والرياض بدأ يستعيد عافيته، وأن يد الرياض لم تعد مقيدة في اليمن، ومعها مهمة التحالف العربي.
لا أحد يجادل في حجم القوة العسكرية التي حشدها التحالف العربي وفعاليتها لمواجهة أزمة داخلية تنطوي على تهديد إقليمي كالتي تعصف باليمن، وهو التدخل الذي لن يؤثر على مسار الأحداث في اليمن، بل يؤسس لنظام إقليمي أكبر تأثيرا من حيث الأدوار الجيوسياسية، من تلك التي يؤديها اليوم النظام العربي برمته، المعبر عنه بالجامعة العربية، التي بلغت مرحلة من الضعف والشلل.
لطالما عانت هذه القوة الفتية من القيود السياسية التي وضعها الغرب والمنظمات الدولية، وهذه الأخيرة لم تكف عن التورط أكثر فأكثر في إقامة سياج من الحماية حول دولة الانقلاب والشرايين التجارية التي تضخ الحياة في شرايينها المتصلبة، ومنها ميناء الحديدة، ومن قبله ميناء المخا، الذي تم تحريره.
لكن أخطر التحديات التي حدت في الماضي ولا تزال تحد من فعالية التحالف العربي، هو الأجندات الجانبية لدول منخرطة في هذا التحالف.
كل المؤشرات تدل على أن معركة الحديدة، باتت وشيكة، والحديدة هي أكبر مدينة يمنية على البحر الأحمر، وفيها أكبر موانئ البلاد على هذا الساحل، وأكثرها نشاطا من حيث الحركة التجارية، لاتصالها بالكتلة السكانية الأكبر في البلاد.
وتبلغ العائدات السنوية من الجمارك التي تحصل عليها الحكومة من ميناء الحديدة، أكثر من 90 مليار ريال، وهو رقم يؤشر إلى الأهمية الاقتصادية الكبيرة لهذا الميناء، الذي لا يزال يقع حتى اليوم تحت سيطرة الانقلابيين.
تستطيع المملكة العربية السعودية، في عهد ترامب أن تتصرف في معزل عن الضغوط التي مارستها الإدارة الأمريكية السابقة. 
ومع ذلك، ما تزال السعودية قائدة التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن، أبعد ما تكون عن الحسم العسكري في هذا البلد المضطرب. فها هي تضطر مثلا إلى نفي نبأ بثته وكالة "رويترز" بشأن إعلان التحالف مدينة الحديدة منطقة عسكرية مغلقة.
علما بأنه لم يمض سوى يومين على إعلان ذلك النفي حتى تحدثت صحيفة الرياض في افتتاحية السبت عن معركة وشيكة في الحديدة، غداة بيان صادر عن الحكومة اليمنية، أكدت فيه أن "تحركات الجيش الوطني مدعوما بقوات التحالف العربي لتحرير مناطق الساحل الغربي التي يسيطر عليها الانقلابيون، تأتي في إطار حرص الحكومة الشرعية على إنهاء معاناة المواطنين وحمايتهم من انتهاكات الحوثي- صالح التي لا تحترم أي مواثيق أو قوانين دولية.
وأكدت فيه أيضا، أن ذلك من صميم عمل وواجبات الحكومة، كونها المسؤولة عن حماية مواطنيها.
ما يزال الانقلابيون يجدون فسحة في التحرك، ويأتي طلبهم من الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لتغيير المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، معبرا عن هامش التحرر من الضغط العسكري المفترض للتحالف العربي، ومن التحول الذي يبدو جديا في الموقف الأمريكي حيال الوضع في اليمن، خصوصا أنه يرتبط بعدائية واضحة تجاه إيران، الداعم الإقليمي الأكبر للحوثيين.
ظهر وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، ومع سفير المملكة لدى اليمن، محمد سعيد آل جابر، بابتسامة عريضة إلى جانب وزير الخارجية الأمريكي الجديد، ريكس تيلرسون، على هامش المؤتمر الأخير لوزراء خارجية دول مجموعة العشرين في بون، دلت تلك الصورة على مستوى استثنائي من الارتياح والتفاهم.
فعلى هامش هذا المؤتمر، عقدت الرباعية المعنية باليمن اجتماعا لها بمشاركة الوزير تيلرسون، وبحضور وزير شؤون الخارجية العماني، والمبعوث الأممي إلى اليمن.
ومن الواضح أن الوزير تيلرسون تجنب تبني أو دعم مبادرة سلفه جون كيري، واكتفى بتأكيد دعم حكومته لجهود الأمم المتحدة.
حتى أن المبعوث الأممي ولد الشيخ، اكتفى في تغريدات أعقبت الاجتماع بالتركيز على مخاطر استمرار الحرب على الوضع الإنساني، دون أن يكشف عن طبيعة الدعم الذي تلقاه من الرباعية.
المؤثرات السيئة على أداء التحالف العربي بقيادة السعودية، تأتي من المواقف الغربية والأممية عادة، لكن أكثر هذه التأثيرات سوء، نشأت عن التفاهم القوي الذي أقامته واشنطن مع أبو ظبي في عهد الإدارة السابقة، الذي أفرز أجندة خاصة للإمارات وكرسها سلطة فوقية، بل أشبه بسلطة احتلال إن جاز التعبير.
فقد قدمت صورة سيئة عن المستقبل الذي ينتظر البلاد في مرحلة ما بعد هزيمة الانقلابيين، رغم أن الهزيمة كانت قد صممت سلفا وبذكاء شديد من جانب واشنطن وأبوظبي ومسقط، لكي تضمن للحوثيين وصالح مخارج عديدة للنجاة، وتبقيهم جزءا مهيمنا على الدولة.
هذه الصورة تبدو واضحة في توتر العلاقة بين الرئيس اليمني والإمارات، الأمر الذي تحول مؤخرا إلى مواجهات مسلحة في العاصمة المؤقتة عدن.
هذا من شأنه أن يقلل من الزخم الذي رافق تحرك القوات الحكومية مدعومة من الإمارات في الساحل الغربي، الذي انتهى بتحرير باب المندب والمخا. 
ومن شأنه أيضا، أن يضعف من موقف الرئيس الذي تنبني عليه كل المشروعيات الراهنة، من بينها التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن.