خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
لم تكن مفاجئة الانهيارات التي واجهتها ميليشيات الحوثيين مؤخرا على طول الساحل الغربي وصولا إلى مشارف مدينة الحديدة التي بها أهم الموانئ اليمنية، وقبلها في جنوب البلاد، ومرد ذلك أن الفارق في القدرات العسكرية كان فاضحا لإمكانات الحوثيين، فالإنهاك وتناقص الموارد وقطع خطوط الإمداد والعتاد كانت عوامل تهيئة لانهيارات متتالية، لكن العامل الأكثر أهمية وحسماً كان رفض المحيط المذهبي لتواجد السلطة الحوثية في تلك المناطق، إذ إنها أحيت تاريخا قديما من الحقد المذهبي والمناطقي ضد تواجد قوات مسلحة كل قياداتها من منطقة اليمن الأعلى (جغرافيا) الزيدية.
كانت تصرفات الحوثيين في كل المناطق التي تمكنت جماعتهم من السيطرة عليها بداية من ٢١ سبتمبر ٢٠١٤، تثير حنق المواطنين وغيظهم ولَم تكن قياداته تراعي مشاعر الناس، بل صارت تتعامل معها دون إدراك للحساسيات المناطقية والتاريخ الكامن في النفوس الذي لم تتمكن الجمهورية بسنواتها الست والخمسين منذ ١٩٦٢ أن تدفنه، بل ظلت رواياته تتفاعل تحت قشور من وهم السلم الاجتماعي ودعاوى المواطنة المتساوية، لهذا كله لم تتمكن عناصر الحركة الحوثية من الاستمرار طويلا خارج بيئتها الحاضنة لمذهبها، وهنا يجب الاعتراف أن عزلتهم الطويلة في المرتفعات الشمالية تسببت في عدم إدراكهم للمتغيرات الاجتماعية والسياسية فكان ذلك في تصوري محددا لتشكيل تصرفاتهم وإصرارهم على أحقيتهم بالحكم، بعيدا عن الرغبة الجمعية للمواطنين، وترافق ذلك مع ابتعاد عن قواعد الحكم السليم.
المحزن والمؤسف أن هذه الدماء التي نزفت ستظل شاهداً أزلياً على عجز النخب السياسية التي تسيّدت المشهد منذ نهاية ٢٠١١ حين شكل الأستاذ محمد سالم باسندوة حكومته مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك المعارض، وكان ضعف العمل الحزبي محصلةً طبيعيةً لعقود من تدمير وعبث ممنهجين لقواعده وتفتيت لقياداته وكوادره. بعد تنازل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عن الحكم لنائبه عبد ربه منصور هادي، فاعتبرت الأحزاب أنها حققت النتيجة التي تمنتها، ورمت بثقلها وراء لقاءات فندق الموفينبيك (مؤتمر الحوار الوطني الشامل) والتي خلصت إلى سيل من التوصيات والرغبات التي ذهبت طموحاتها حدا غير واقعي لا يتناسب مع أحوال البلاد ومواردها وتعقيداتها.
لست متأكدا كيف سيؤول إليه المشهد بين جموح المنتصرين الذين لن ينسوا ما حدث، وبين من ينادون بمصالحة وطنية تاريخية لا تجب الماضي وإنما تتعامل مع نتائجه وآثاره والتأسيس لمنع حدوثها مرة أخرى. هناك من يتصور أن الدعوة إلى المصالحة تعني مكافأة المتسببين بالكارثة التي دمرت كل مقومات البلد، ومحفزهم يدور بين الثأر والرغبة في العودة إلى الحكم. هذا أمر طبيعي لكنه سيؤسس لدورة مقبلة - ولو بعد حين - من الصراع على السلطة ولن تكون آثاره أقل دموية مما شاهدناه خلال السنوات الثلاث الماضية.
مازال أمام جماعة الحوثيين فرصة - لعلها الأخيرة - لمراجعة ذاتية جريئة وتاريخية، ولابد أن يفهموا جيدا أن لا أحد سيقبل تملكهم لمقدرات البلاد، وأن يعلموا أنهم ملزمون أخلاقيا ووطنيا على التوقف لمرة والإعلان عن رغبة حقيقية في إنهاء الحرب دون شروط مسبقة، وأن يستوعبوا أنه ليس مقبولا ولا معقولا امتلاك سلاح اعتقدوا أنه سيمنحهم قوة إضافية، لكنهم ربما صاروا يدركون أنه لم يكن مفيدا في تحديد المسارات النهائية للحرب، بل على العكس كان محفّزا لها ولاستمرارها.
عندما قبل الخميني وقف إطلاق النار في الحرب العراقية - الإيرانية، قال إنه (كمن يتجرع السم)، والرجل قدم مصلحة بلاده على كبريائه، كما أن الإمام يحيى حميد الدين، أبرق إلى الملك عبدالعزيز (يكفي ما حصل) بعد دخول القوات السعودية بقيادة الملك فيصل رحمهم الله جميعا إلى الحديدة، والكل يعلم أن منطقة تهامة لم تقاوم القوات المهاجمة، لأنها عانت في تلك الفترة من الجور والظلم.
على قيادة جماعة الحوثيين أن توجه نداء - حتى إن كان الْيَوْمَ متأخراً - بقرارها قبول نزع سلاحها وإخراج ميليشياتها من العاصمة والقبول بالضمانات الإقليمية التي يجب أن يعرفوا أنها الأهم لهم من ضمانات المجتمع الدولي، لأن ما يدور في اليمن لا يهم إلا دول الإقليم، ولن يفيدهم غير الارتباط به والعيش معه، وبدلا من أن تكون طهران وسيطا يساوم على مستقبلهم وقدرهم فمن الأيسر عليهم التوجه إلى أشقائهم.