تأجيل الانتخابات خيار واقعي
بقلم/ نجيب غلاب
نشر منذ: 16 سنة و أسبوع و يومين
الثلاثاء 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 09:51 م

فجأة وفي اللحظة التي كاد المشترك أن يحسم أمره، اندفع المؤتمر واتخذ قرار حاسم في مجلس النواب لصالح الخيارات القانونية متجاوزا عرف أصبح أقوى من القانون، صور المؤتمر بافضل انه نكث بالعهد، والحقيقة ان قسمه كان تعبير عن إرادة جازمة لحل الإشكال الحاصل لصالح التوافق، صحيح أن أحزاب المشترك تعاني من أزمات كثيرة، يجعل من المقاطعة الرسمية ودخول بوابة الانتخابات من الخلف خيار مفضل.

إلا انه يمكن القول أن طريقة المؤتمر في إدارة اللعبة وضعته في موقع الخائف أيضا، وتعجله ليس إلا هروب من المواجهة، والسبب أن المؤتمر لا يدرك قوته ووضع المشترك الضعيف والصراعات التي يمكن ان تنتجها الانتخابات بين أحزابه، كما أن فقدان القيادة لا اقصد الرئيس هنا وتناقضات المصالح وصراع الدهاليز وبروز قيادات مغرورة ومتهورة جعلته يتخذ قرارات بلا حسابات منطقية وواقعية.

من جانب آخر المشترك يفكر بطريقة مثالية، ويطالب بأشياء لا يقبلها الواقع الراهن، مطالبه قد تبدو انها صحيحة لكنها ليست واقعية، أوراقه ضعيفة وفي اغلبها ضد مصالح أحزابه ومصالح اليمن، علي المشترك أن يدرك ان المقاطعة لن تؤثر على المؤتمر بل ستزيده قوة وسيدخل المعركة بشراسة وتحدي، والقوة التي يملكها بكافة أبعادها ستمكنه من بث الحماس والفاعلية في العملية الانتخابية لتبدو للمراقب كانتخابات حقيقية. ماذا يعني ان يردد المشترك ان النظام غير شرعي؟ فهو يردد هذا الكلام ليل نهار، وماذا يعني ان تعقد مؤتمرات وطنية تخرج ببيانات إدانة؟ أما الخارج فيدرك اللعبة من أولها إلى آخرها، لذا فإن المقاطعة لن تشوه إلا سمعة المعارضة.

ربما يلجأ المشترك إلى العنف لعرقلة العملية الانتخابية وهذا الخيار لن يؤثر على النظام بل يعطيه الحق في تحويل قوة الدولة إلى أداة قهر شرعية لإضعاف أحزاب المشترك، والثورة التي يحلم بها متهوري الإخوان ليست إلا أحلام طوباوية نتائجها الفعلية دماء تسفك لن تؤثر على الإسلاميين في اليمن فحسب بل ربما يتحول التهور الإخواني في اليمن إلى رصاصة مؤلمة وربما قاتلة للمشروع الاسلاموي في المنطقة.

هل المؤتمر بريء من هذه الأزمة؟

مشكلة المؤتمر ان الصراع في بنيته هي من أنتجت أزمة الانتخابات، صحيح أن المشترك جزء من الأزمة لكن نصيبه أقل من تنازع الإرادات داخل المؤتمر، التمرد الموجود داخل المؤتمر خطير، ربما يريد الرئيس ان يغدو المؤتمر حزب حقيقي وهذا ما يجعله يترك اللعبة تأخذ مسارات خارجة عن إرادته.

من يدير اللعبة في الراهن داخل المؤتمر قلة متحمسة تغلب عليها التنظيرات المتناقضة والساذجة وهي أقرب للمراهقة السياسية، وبعضهم يتعامل بسطحية مع السياسية ويعتمدون على تحليلات وهمية تضخم منها وريقات القات، لا يوجد نضوج سياسي وفكري في الراهن داخل المؤتمر، المؤتمر صار قوة خائفة من أصحاب الفكر ومن عقلانية المساومات.

القيادات الواجهة من الكرادلة المهيمنين فقدوا روح الإبداع، تدار اللعبة في الكواليس بعقول غيرهم، صراعاتهم العبثية تنتج الأزمات وتضعف المؤتمر وتضر بالمصالح الوطنية، كثير من قيادات المؤتمر مصالحهم هي كل شيء والوطن والمؤتمر قنطرة من خلالها يمرروا مصالحهم. المؤتمر يفقد روحه في لعبة قذرة تديرها قوى انتهازية الغنائم هي محور ومرتكز حركتها.

المؤامرات التي تدار في الشوارع الخلفية خطيرة ومدمرة للمؤتمر، الأزمات الوطنية بلغت مبلغ يهدد الوجود، والسادة الأفاضل في المؤتمر يتصارعون فيما بينهم. دعونا نكون أكثر وضوحا في الأزمة الحالية التيار الذي دفع لركوب القطار الانتخابي بدون المشترك يعتقد انه حقق نصرا عظيما، تيار آخر ليس مهموما بالمشترك او بالديمقراطية لكنه يريد ان يثبت أن التيار الأول على خطأ وتأجيل الانتخابات هي الضربة القاصمة التي ستضعف التيار الأول. لذا فأن التيار الأول يريد ان يسير القطار حتى النهاية ولا يهم ان يحترق الجميع في لحظات الاندفاع والتهور.

أين الرئيس من المشكلة كلها؟

الرئيس يريد المؤتمر حزب حقيقي وهذا حلم يراوده كثيرا، سيادة الرئيس لن يتحقق حلمك في ظل الوضعية التي يعيشها المؤتمر، المؤتمر يسير كالأعمى بلا فكر أو رؤية، إستراتيجيته ضائعة، حتى المشروع الوطني الذي تحمله تخلى عنه المؤتمر في معمعة صراعاته العبثية، مقارنة بسيطة بالحزب الوطني الحزب الحاكم في مصر بالمؤتمر ستتضح لكم سيادة الرئيس وضعية المؤتمر.

ما هو الحل؟

يمكن القول أن انتخابات بغير المشترك مغامرة غير مضمونة النتائج، ومبالغة المشترك بمطالبه تدمير للتحولات الديمقراطية وأضرار بالمصالح الوطنية، الواقعية السياسية تقول أن تأجيل الانتخابات ليست خيانة وطنية ولا يتناقض هكذا سلوك مع الديمقراطية، و27 إبريل ليس عيد ديني لا يمكن تغييره، والتأجيل لا يهدد هيبة المؤتمر، التأجيل سيجعل الرئيس أكثر قوة واقرب إلى الشعب، والجميع سيدرك أن المؤتمر مهموم بالوطن لا بمصالحه والمؤتمر مع التأجيل أقوى ولن يقوي من المعارضة بل ربما يضعفها. أما من يقول أن اليمن ستدخل مرحلة فراغ دستوري فكلام لا معنى له.

ختاما:

إذا أجلت الانتخابات واستمر المشترك يرفع سقف المطالب فهنا يمكن القول أن هناك أمر دبر بليل وأن التهور قد بلغ مداه، وأن المقاطعة ليست إلا جزء من خطة للانقلاب على الوضع الحالي، وأن ترك المؤتمر في القطار الانتخابي هدفه تبرير أي سلوك عنيف قادم لإسقاط النظام.

في المشمش