ما وراء تصعيد الانتقالي ضد محافظ شبوة والسلطة المحلية؟
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 3 سنوات و 9 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 27 يناير-كانون الثاني 2021 07:21 م
 

منذ تولي محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، في 26 نوفمبر /تشرين الثاني 2018، لم تتوقف وسائل إعلام الإمارات والانتقالي عن مهاجمته واتهامه بشتى التهم، لكن الحملة تزايدت مؤخرا بعد افتتاحه ميناء 'قنا' في 13 يناير /كانون الثاني الجاري، حيث شنّ المجلس الانتقالي "الموالي للإمارات" حملة إعلامية وسياسية ضده، متهما إياه بتهم شتى منها: "الإرهاب، والتهريب، والفساد"، وغيرها من الاتهامات، وسعى للترويج أن افتتاح هذا الميناء تم بشكل غير قانوني ومخالف للإجراءات الرسمية.

وعلى إثر اغتيال مسلحين مجهولين الجندي في قوات 'النخبة'، زكريا العاقل، في منطقة 'جول الريدة' ب'ميفعة'، الجمعة 22 يناير/ كانون الثاني الجاري، صعّد الانتقالي من حملته الإعلامية والسياسية ضد بن عديو والسلطات المحلية في المحافظة، التي اتهمها بممارسة "أعمال القمع والتنكيل والإرهاب والاعتقالات والمطاردة"، التي تستهدف قوات 'النّخبة الشبوانية'، متهما السلطات المحلية بعرقلة ما أسماها "عودة قوات 'النخبة الشبوانية' وانتشارها في المحافظة"، معتبرا إياها من ضمن "إجراءات تنفيذ اتفاق الرياض"، التي تصرّ ما يسميها "جماعة الإخوان" على عرقلتها، ملوحا باستخدام العنف والفوضى في شبوة، ومهددا بأنه "لن يقف مكتوف الأيدي أمام تواصل مسلسل الاستهداف لقوات النخبة".

ورغم أن "اتفاق الرياض" وآلية تسريعه لم يتضمنا أي ترتيبات عسكرية تنص على عودة قوات 'النخبة' "الممولة من الإمارات" إلى شبوة، ورغم أن قوات 'النخبة الشبوانية' تم إدماجها في القوات الحكومية بالمحافظة، إلا أن الانتقالي يصرّ على عودتها، ويدعو السعودية إلى إلزام هذه المليشيات الخارجة عن الاتفاق بتنفيذ ما عليها كشرط أساس للمُضي في تنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، بحسب ما نص عليه البيان الصادر عن الانتقالي، يوم الجمعة 21 يناير /كانون الثاني الجاري.

فما هدف الانتقالي من هذا التصعيد؟

إيقاف عجلة التنمية

بحسب السلطة المحلية في محافظة شبوة، فإن هذه الاتهامات تأتي "بسبب توحّد المحافظة ضد تمرد الانتقالي، وكذا استهداف عجلة التنمية التي يعمل على تعطيلها".

فمنذ افتتاح ميناء 'قنا'، صعد الانتقالي من حملته الإعلامية ضد محافظ شبوة، ساعيا لعرقلة عمل الميناء، من خلال إيقاف تصاريح دخول السفن من قِبل وزير النقل، المحسوب عليه، عبدالسلام حميد، الذي قاطع اجتماع عقده رئيس الوزراء معين عبد الملك، الأحد الماضي، في مدينة عدن، والذي ضم الوزراء ومسؤولي الهيئات المعنية بالإشراف على عمل المنافذ البرية والبحرية والجوية.

 

ويعتبر ميناء "قنا" أول ميناء يمني متحرر من الوصاية الأجنبية، ولا يخضع لسيطرة السعودية أو الإمارات، إضافة إلى مخاوف الإمارات من نقل التجربة "الشبوانية"، الناجحة في إرساء الأمن والاستقرار والنهوض والتنمية، إلى بقية المناطق التي تنظر إلى تجربة شبوة بإعجاب، وتتطلع للتحرر من الهيمنة الإماراتية، وتحرر مطاراتها وموانئها من سيطرتها، التي حولت هذه المطارات (كمطار الريان) إلى ثكنة عسكرية، وعطلت بقية الموانئ، ولذا فإن نجاح هذا الميناء، الذي استقبل تدشينه بحفاوة شعبية كبيرة، يعتبر خطرا على الإمارات وأدواتها.

هذا التصعيد من قِبل الانتقالي قوبل بتفاعل من قِبل الشرعية، فاستدعى الرئيس هادي المحافظ محمد بن عديو إلى لقائه في الرياض، الجمعة 22يناير /كانون الثاني الجاري، وحتى اللحظة لم يكشف عن فحوى اللقاء ولا عن نتائجه.

الانتقالي لم يكتفِ بالتصعيد الإعلامي والسياسي، ولكن عناصر تخريبية- تتهم السلطات المحلية الانتقالي بالوقوف ورائها- هاجمت، السبت 23 يناير/ كانون الثاني الجاري، مركز تحكم أعمدة الإنارة في الشارع العام بمدينة "عتق"، وقامت بتخريبها، ممّا أدى إلى توقف الإنارة في الشارع العام.

وهذا يعني أن تصعيد الانتقالي قد يتحول إلى أعمال عنف وفوضى وأعمال تخريبية، خلال الأيام القادمة.

"استثمار الدم"

من الملفت للنظر، أن الانتقالي سارع لاتهام السلطات المحلية في شبوة بالوقوف خلف اغتيال الجندي التابع لقوات 'النخبة'، في "ميفعة"، فور الحادث دون انتظار نتائج التحقيق، ودون أن ينتظر جهود الأجهزة الأمنية بالمحافظة في تعقب الجُناة، والقبض عليهم، وإحالتهم إلى العدالة للتحقيق معهم، كأنه كان ينتظر حدوث أمر كهذا، للتصعيد ضد المحافظ والسلطات المحلية، واستثمار هذا الحادث للحشد والتعبئة والتحريض ضد السلطات المحلية، وهو ما دفع مكتب إعلام محافظة شبوة ـ بحسب بيان صادر عنه ـ إلى اتهام الانتقالي بالاستثمار في دماء الضحايا، في محاولة للنيل من السلطات الشرعية ومؤسسات الدولة، والاستمرار في تمويل أعمال التخريب والقتل والتقطع، واستهداف أمن المحافظة وسكينتها.

يسعى الانتقالي من خلال هذا الاستثمار إلى الضغط على التحالف والشرعية لإعادة قوات 'النّخبة' إلى شبوة.

 الانتقالي في اللحظة الراهنة وضع سيطرته على شبوة بشتى السبل والوسائل على رأس أولوياته، وربط عدم التزامه بتنفيذ أي بند من بنود "اتفاق الرياض" بعودة قوات "النخبة" إلى شبوة، وتعيين محافظ جديد من الشخصيات التي يرشحها، رغم أنه لم ينفذ أي بند من بنود هذا الاتفاق، لكنه يتعامل معه بشكل انتقائي تكتيكي، ويعتبر عودة قوات "النخبة" المدخل لسيطرته على هذه المحافظة الغنية بالنفط وإخضاع موانئها ومطاراتها لسيطرة الإمارات، وإبقاء منشأة 'بلحاف' الغازية تحت سيطرة قواته، وتعطيل عجلة النهوض والتنمية فيها.