مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
الحاجة إلى وقود لثورة متواصلة
ربما كان على المعارضة القيام بهذا الأمر منذ زمن. لكنها – مع ذلك – قامت به الخميس الماضي على نحو أقل مما يجب.
ماذا لو اعتقلت السلطة الحاكمة العشرات بل المئات من أنصار المعارضة، وزجت بهم في السجون؟ وماذا لو جُرح الكثير منهم بنيران إخواننا في الأمن وهراواتهم؟
نحن ننتظر أكثر من هذا، ننتظر أن يقف قادة اللقاء المشترك [المعارضة] في الصف الأول متماسكي الأيدي في تظاهرات كبيرة دفاعاً عن حق الشعب في إصلاح مسار اليمن الديمقراطي.
ألم يكونوا هم القادة الذين اختاروا هذه الطريق الوعرة، اختاروها وقالوا إنها لن تكون مفروشة بالورود؟
أليسوا هم القادة الذين يجب أن يصنعوا التغيير؟ ماذا إذن ينتظرون بعد أن استُضعفنا، وطغى الاستبداد على كل تفاصيل حياتنا! ماذا بعد أن يصر النظام الحاكم على تحدي إرادة الشعب في التغيير الديمقراطي، ليفرض عليه ديمقراطيته المرتكزة على القوة: قوة السلاح (عبر القوة العسكرية)، قوة السلطة(عبر الحكومة والقضاء)، قوة المال(الصرف من الميزانية العامة للدولة دون رقيب أو حسيب)، القوة العددية (تمرير القوانين عبر الأغلبية بمجلس النواب)!
لم يعد هناك – مع المعارضة - سوى قوة واحدة وهي الأكثر تأثيراً من كل تلك القوى: قوة الشارع.
هل تدرك المعارضة أنها وصلت إلى النقطة الحرجة، التي عندها يبدأ التغيير عبر الشعب؟
* * *
عندما يجوع الشعب، ويمتهن، عندما يزداد عدد المتسولين، ويتصارع الشحاتون على المواقع الاستراتيجية في الجولات والمطاعم والمولات،عندما يكثر عدد النساء في الشوارع بحثاً عن لقمة العيش،عندما يقف المئات أمام بوابات السفارات العربية والأجنبية للحصول على تأشيرة هروب من هذا الوطن مستخدمين شتى الطرق، عندما يوقف الطلاب الجامعيون دراستهم بحثاً عن عمل في التكاسي والمطاعم حتى لا يسبقهم إليها الخريجون، عندما يموت فلذات الأكباد لعدم القدرة على علاجهم، عندما يكثر الانتحار، ويشيع القتل، وتزداد السرقات وتلجأ القبائل للتقطعات، وتمتلئ السجون بالمخطئين، عندما يزداد انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، وتنهب الأراضي، ويستجدي المظلومون حقوقهم عبر الدموع، عندما يتشظى الوطن وينقسم المجتمع، وتلجأ بعض فئاته إلى حمل السلاح وفتح جيوب العنف، عندما يحدث كل ذلك، إذ: ويزداد الجوع ويقل الأمن.. فيما ينتشر الفساد، وينهمك المسئولون في تأمين مصالحهم، وتخصيب ثرواتهم، وتسمين أجسادهم، عندما يحدث للمواطن والوطن كل ذلك فيما ينشغل المسئولون في تأثيث فللهم، وتبليطها بالرخام المستورد، وتسوير حدائقهم بأفخر الأحجار المنجورة والملونة، وتوسيع ممتلكاتهم من القصور والأراضي، والبحث عن منتجعات سياحية في أقصى العالم لقضاء الإجازة، والاستحواذ على البعثات الدراسية لأولادهم وذويهم، والسيطرة على الوظائف العليا وإدارة الشركات، واستنزاف النفط، وتبييض الأموال المسلوبة ، والتلاعب بالمناقصات والمقاولات العامة...الخ
عندما يحدث كل ذلك بفعل النظام، وتحت حمايته، ثم.. ليس فقط يصر على بقاء قوانينه الحامية له من يد الشعب، بل يسعى بين الحين والآخر لتدارك النقص فيعمل على فرض قوانين أخرى من شأنها أن تطيل من عمره على حساب فناء الوطن والمواطن، حينها..(عندما تصل الأمور إلى تلك التناقضات الصاخبة والمؤلمة)، يكون الشعب – فقط - بحاجة إلى قادة معارضين يمتلكون الشجاعة. قادة مستعدون للتخلي عن الخوف من إقلاق راحتهم. التخلي عن الخوف على أنفسهم أولاً، والخوف على أحزابهم ثانياً، ومصالحهم الخاصة ثالثاً. قادة مثل "غاندي" يواجهون طغيان النظام بقوة الإيمان بروح التغيير السلمي. يتركون منازلهم، ويستوطنون تراب الوطن الكبير. إلى الشارع يخرجون، يقفون متماسكين متراصين في الصفوف الأولى للجماهير المنهكة من طول الانتظار. يحملون اللافتات البيضاء وعليها رفضهم المخضب بالحبر الأسود. يرفعون الأعلام والرايات الوردية لانتفاضة سلمية متواصلة لا يمكنها أن تذوي أو تتراجع أمام أعتا قوة تعترضها..
قادة يكونون هم أول الشهداء، وأول الجرحى، وأول المعتقلين. حينذاك فإنهم سيضعون القضية أمام مكبر للصوت، ومكبر للصورة، ومكبر للمعنى. معنى أن تناضل من أجل قضية نبيلة. حينها سيصل المعنى إلى عقول وقلوب الجماهير. وحينذاك سيموت الخوف وينعم الأبناء بوطن جديد: وطن يحكمه الشعب ويحرسه الشعب.
* * *
إن ما حدث صبيحة الخميس الماضي، وحتى الظهيرة، حينما واجه النظام المهرجان السلمي للشعب بالقوة والسلاح والاعتقالات.. لهو أمر يزيد من حاجتنا في مواصلة النضال نحو التغيير.
إنها حقيقة تكشف لنا معالم الطريق والتوجه الذي قرر النظام أن يسلكه في مواجهة ثورة التغيير السلمية. حقيقة تقول: إن السكوت عن ممارسة الحق يزيد من الطغيان.
حينما لم ندافع عن حقنا في التظاهر السلمي، وحقنا في النزول إلى الشارع لرفض الظلم وأطر الظالم على الحق، وجدنا أنه ليس فقط استخدم القوات المسلحة والأمن في منعنا من ممارسة حقنا، بل ذهب يتهمنا بالتخريب، والفوضى، وطغى عن الحد ليقول إنه سيحاكمنا: لِمَ أردنا ممارسة حقنا؟ ولم قررنا استرجاع ما كان سلبه منا باسم الحفاظ على أمنه هو؟
إنه التحدي الأكبر أمام المعارضة. إذ باتت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط النضال لإصلاح النظام الانتخابي.. بل عليها أن تناضل من أجل استعادة آلياتنا الديمقراطية، وسائلنا في التعبير عن الرفض، حقوقنا الأساسية المنتهكة، إحياء روح القانون في تحييد الجيش ومنع تسييسه واستخدامه لحسم المعارك السياسية تحت تأثير خديعة "السمع والطاعة"، الحفاظ على أموالنا المسفوحة في وسائل الإعلام الرسمية التي استمرأت جلدنا، وتخويننا، ونزع وطنيتنا، وأكثر من ذلك ذهبت تطالب بسحلنا، وسجننا! ولا تستحي أن تتغنى بـ"سوط" الجلاد، وسطوته!
ماذا يعني أن تُستخدم قواتنا المسلحة والأمن كحائط صد ومنع، وآلة اعتقالات ضد أبناء الشعب العزل الذين خرجوا معلنين رفضهم لمنطق البقاء في الحكم بالقوة، مطالبين بقوانين عادلة تساوي بين كافة أفراد الشعب لاختيار ممثليهم في مجلس النواب!؟ ماذا يعني ذلك، مقابل أن يتم – في نفس اليوم - إخراج أبنائنا من مدارسهم بالقوة والتهديد، لحضور ما قيل أنه احتفال بالديمقراطية ونجاح عملية القيد والتسجيل، وتحت حراسة قوات الشرطة والأمن!
وماذا يعني أن تتحول القيادات الكبيرة في القوات المسلحة والأمن إلى دمى وآذان صاغية تتلقى الأوامر لتوجيه فوهات الأسلحة إلى صدر من خرجوا لتحريرهم من الاستعباد للشخص والفرد، والعائلة..؟
ماذا يعني أن يقف شخص ما أو مسئول كبير – ربما امتلك أبوه أو أحد أفراد عائلته تاريخاً نضالياً كبيراً ضد الظلم والاستبداد – ليكذب أمام الشعب و في وسائل الإعلام، من أجل أن يبرر للظلم والقمع والاستبداد؟
وماذا يعني أن لا يجد دكتور جامعي – يفترض أن يحترم نفسه – من وسيلة للتقرب من النظام، غير تزوير الحقائق الواضحة والتحدث بمنطق المتزلفين النزقين لتبرير القمع والاستبداد، والانجرار مع من هم أدنى منه علماً للتضحية بمكانته العلمية في الصراعات السياسية..؟
وماذا يعني أن يتحول عضو برلمان من باحث عن مصالح ناخبيه وممثليه، إلى مستميت لمصالح نظام الحكم، المتعارضة مع المصلحة العامة للشعب، دون أن يشعر بتأنيب الضمير، أو أدنى شعور بالمسئولية..؟
- وماذا يعني أن يكرس رجل القانون معظم جهده، ووقته، للتلاعب بنصوصه، من أجل تبرير جرائم النظام، وإدانة الضحايا؟
إنه لتحد عظيم أمام المعارضة في إيقاف سلخ معاني الولاء والوطنية والضمير الحي. تحد في إيقاف مسخ معاني: العدالة، الحق، المواطنة، والمساواة! وهو تحد كبير في النضال لإحياء ضمائر الوطنيين والشرفاء.
تحد في إيقاف النزيف المتواصل للوطن جراء سقوط رجال كلمة الحق الشجاعة..وإنه تحد في إيقاظ الحواس الوطنية وتفعيل أداء قرون الاستشعار للإحساس بالأخطار المحدقة بالوطن من كافة الاتجاهات..
وفي نهاية الأمر، هو تحد لإعادة الاعتبار للشعب، ليكون هو المالك الحقيقي للسلطة، وهو القوة المهابة من المسئول كفرد في النظام أو من النظام كجزء من قوة الشعب.
إن الشعب اليوم أكثر فقراً من أمس، وأكثر ألماً من أمس، وأكثر غضباً من أمس. ولذا فهو أكثر استعداداً للتضحية من أي وقت مضى. إنه فقط مازال يقف في الانتظار. وعلى الأرجح أنه ينتظر من يحرك فيه الثورة.