نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها 49 فيتو أمريكي في مجلس الأمن ضد قرارات تخص الاحتلال
يرى الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي ، وهو مثقف وسياسي له وزنه ، بأن لا شيء يشبه إسرائيل في التاريخ المعاصر مثل دولة جنوب أفريقيا في منتصف القرن الماضي ؛ هي أيضا كانت دولة قوية عسكرياً مدعومة من الغرب تهدد جيرانها من دول إفريقية أضعف منها بكثير وتسيطر على جزء من سكانها بسياسة الأبارتهايد ، كل هذا كان في إطار عنجهية عنصرية وإيمان بحق شعب بلا أرض في أرض بلا شعب .
وفي حوار مع " القدس العربي " الاثنين الماضي 18 كانون الأول / ديسمبر تمنى أن تنتهي المأساة الفلسطينية بدولة " مانديلا " نسبة للزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا (1918 - 2013) ، أي اللجوء لخيار " شعبان متعايشان في دولة واحدة " كحل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي . بحسب قوله .
لكن المرزوقي لم يقل لنا أن جنوب أفريقيا لم تستقر ويتم تفكيك نظام الفصل والتمييز العنصري فيها إلا بعد تسلم الثوار من الأغلبية المهمشة والسكان الأصليين للسلطة فيها ، لقد حدث ذلك في أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق مطلع التسعينيات من القرن الماضي وفاز فيها مانديلا ، وبدأ بتفكيك النظام العنصري .
فهل سيسلم قادة الاحتلال السلطة في الأراضي المحتلة للفلسطينيين لرئاسة دولة واحدة لكل الأعراق والأديان ؟!
إنه المستحيل بعينه .
وبخصوص مانديلا هناك حقيقة هامة تغيب عن أذهان الكثير من الناس اليوم ، حقيقة تفيدنا كثيرا حين نتذكرها فلها دلالات هامة جدا من وجهة نظري .
اليوم مانديلا يعد من رموز النضال الإنساني في العالم ؛ فضلا عن كونه بطلاً قوميا في جنوب أفريقيا ، هذا الزعيم الذي أمضى 27 عاما في السجن من أجل قضيته العادلة لا تمتلك إلا أن تضعه بين مصاف العظماء في العالم .
لكن العالم اليوم تناسى أن مانديلا كانت تصنفه حكومة الفصل العنصري والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بأنه " إرهابي " ، تماماً كما يصنفون اليوم قادة حماس .
في عام 1987م قرر ثوار المؤتمر الوطني الأفريقي " حزب مانديلا " التوجه نحو العمل العسكري ضد النظام العنصري بعد أن نفذت كل الخيارات ، وفي إطار النشاط العسكري أقاموا معسكرا في " أنغولا " حينها قامت القوات العنصرية بمهاجمة معسكر الثوار ، استمرت المعركة لأشهر من 1987م إلى 1988م ، أوقع الجيش العنصري خسائر كبيرة في معسكر الثوار لكنه لم يستطع هزيمة الثوار فأوعز للسياسيين بالحوار مع مانديلا .
يؤكد الكثير من المؤرخين أن هذا الهجوم على معسكر الثوار في 1987م يعتبر نقطة تحول استراتيجية للنظام الأبيض العنصري في جنوب أفريقيا ، تماماً كما كانت عملية " طوفان الأقصى " في 7 تشرين أكتوبر الماضي نقطة تحول استراتيجية في الصراع مع الاحتلال الصهيوني .
عندما أخرجوا نيلسون مانديلا من السجن للتفاوض معه على تسليم السلطة له ؛ والتي تمت بعد ذلك رفض أن يلقي الثوار أسلحتهم.!
الحقيقة أن مانديلا لم يدخل السجن لأنه كان من المناضلين السلميين فهو لم يكن يطالب بتحرير بلاده بالطرق السلمية ، ولم يكن من الناشطين المهذبين ، مانديلا أسس في عام 1961م الجناح العسكري للمؤتمر الوطني الإفريقي والذي أسمي حينها " رمح الوطن " وبدأ هذا الجناح يقوم بعمليات عسكرية ضد أهداف للحكومة العنصرية ، وحين تم إلقاء القبض على الخلية التي تقود هذا الجناح العسكري بقيادة مانديلا في عام 1963م تم توجيه تهمة التخريب وإشعال حرب العصابات ضد الحكومة ، وصدر الحكم عليه ورفاقه بالسجن مدى الحياة .
بعد خروج مانديلا من السجن بعد أن قضى 27 عاما رفض أن يتم تفكيك الجناح المسلح من المؤتمر الوطني الإفريقي أو تجريده من سلاحه ، وظل الجناح العسكري قائماً خلال المفاوضات مع السلطات العنصرية ، ولم يحل رسميا إلا في كانون الأول ديسمبر 1993م بعد أن تم الاتفاق على كل التفاصيل الخاصة بتسليم السلطة من العنصريين البيض إلى الأفارقة .
ورغم هذه التحولات فقد ظل مانديلا يصنف كـ " إرهابي " في كل دول الغرب ، حتى أنه في أمريكا ظلت وزارة الخارجية تصنفه كـ " إرهابي " إلى عام 2008م ، أي أنه بقي في قوائم الإرهاب الأمريكية حتى بعد مرور 14 عاما على انتخابه رئيساً لجنوب أفريقيا ، وكذلك عقب تسع سنوات من تخليه عن السلطة في عام 1999م.!
بريطانيا كذلك ظلت إلى سنوات قريبة تعتبر مانديلا " إرهابي " ، معظم الدول الغربية كذلك ظلت كذلك تعتبره " إرهابي " .!
لماذا ؟!
أنه ببساطة كان ثائرا ضد نظام التمييز العنصري الذي يدعمونه في جنوب أفريقيا ، أي ضد مصالحهم وأجندتهم ، وهذا هو معيار الإرهاب لدى الكثير من الأنظمة الغربية .!
وحين قرر مانديلا زيارة الولايات المتحدة الأمريكية ، شعر الأمريكان بالحرج ، فقاموا عبر الكونجرس بإسقاط اسم مانديلا من قوائم الإرهاب ؛ إذ كيف يستقبلونه ويصفونه بالبطل العظيم وهو لا يزال في قوائم الإرهاب ؟!
لقد ساعدت المخابرات الأمريكية نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقي في الزج بمانديلا ورفاقه في السجن ، وأدرجت المؤتمر الوطني الأفريقي وقادته حينها وعلى رأسهم مانديلا في قوائم الإرهاب ، كما أدرجت الإدارة الأمريكية الفصائل الفلسطينية في قوائم الإرهاب رغم أن أبناء فلسطين يعانون من احتلال اسرائيلي بحسب أدبيات ووثائق الأمم المتحدة ويحق لهم مقاومة هذا الاحتلال بموجب كل الشرائع والمواثيق، وفي الوقت نفسه قدمت للحكومة الصهيونية ، حكومة الفصل العنصري والاحتلال الاستيطاني في " تل أبيب " كل الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي ، رغم كل جرائمها بحق الفلسطينيين .!
الخلاصة :
مهما كنت على حق وقضيتك عادلة فستظل " إرهابي " ومجرم إن كنت تهدد مصالح الدول الغربية ، أو حتى مصالح حلفاء الغرب وأدواته .!
ومثلما صار مانديلا رمزا من رموز السلام والنضال ، وتم منحه جائزة نوبل للسلام ، والاحتفاء به في كل العالم كأحد رموز النضال الإنساني فسيأتي اليوم الذي يحتفي فيه العالم أجمع برموز المقاومة الفلسطينية أمثال : يحيى السنوار ومحمد الضيف وأبو عبيدة وغيرهم ، وسيتم تكريمهم كرموز للنضال والسلام ، فالغرب لن تدوم هيمنته على العالم إلى الأبد ، وموازين القوى ستتغير ، والأيام دول .