ماذا سيقول الرئيس في الجنوب ؟
بقلم/ كاتب/لطفي شطاره
نشر منذ: 18 سنة و شهرين و 11 يوماً
السبت 09 سبتمبر-أيلول 2006 10:46 م

" مأرب برس - خاص "

لا شك أن زيارة الرئيس علي عبد الله صالح ومرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية الى محافظات الجنوب وأهمها محافظة عدن العاصمة سابقا ستكون أكثر المحطات سخونة ، وستكون المحطات التي ستفضح جميع ادعاءات حزب الرئيس الحالي حتى 20 سبتمبر الحالي إنشاء الله وسيكون وقعها مريرا حتى وان كذب .

بالفعل كل أنظار المراقبين تتجه الى تلك المحافظات التي تئن من ممارسات حزب الفساد الحاكم .. الحزب الذي شوه الوحدة وكل قيمها الإنسانية النبيلة.. الحزب الذي شرع استباحة مدن الجنوب لعسكره وقادته الأشاوس لنهب كل شيء تطال اليه أياديهم .. الحزب الذي دمر قيم المدنية بكل صورها التي ميزت محافظاتهم لانها حكمت وفق قوانين مدنية منذ أكثر من 100 سنة ، لتتحول وفي عهد الحزب الحاكم الى ساحة لتكريس قيم القبيلة وأعراف لم يتعود عليها أبنائها .. جعلوا التهجير والتحكيم عرفا بدلا عن القانون والمحاكم.. أحيوا لنا في كل شارع شيخا للحارة يرتزق مقابل ابتزاز المواطنين كمصدر شرعي من مصادر أسستها دولة الجباية..

ماذا سيقول الرئيس لأبناء محافظة حضرموت التي وقع أحد أبناءها " الاستاذ علي سالم البيض " على اتفاقية الوحدة الاندماجية وتنازل عن منصبة من أجل قيم وطنية أسمى ، ويوصف اليوم بأنه خائن وانفصالي ، بل وبكل تقزم يحذف أسمه وتلغى صوره من أشرطة الوثائق لاستغباء الجميع في أن للوحدة زعيم وقائد واحد لا سواه .. ماذا سيقول لأبناء حضرموت وهو ينعت أشرف أبناءها " الأستاذ فيصل بن شملان " مرشح المشترك بالمتآمر ، بل يجردوه من وطنيته ويشككوا من نظافة يديه ، وهي المحافظة التي أنجبت أفضل الكفاءات الإدارية والعلمية والثقافية للجنوب .. ماذا سيقول لأبناء المحافظة الغنية بالثروات وتحولت الى " غنيمة " وفيد حرب 94 للمتنفذين وعصابة السلطة التي شفطت حلم الازدهار والتنمية من أبار المسيلة الى جيوب القلة المتسلطة .. لن تخدعنا بمشاريع الإسفلت ، او الازدهار الذي حققه أبناءها المغتربين وتنسبوها لكم اليوم .. ماذا ستقول لهم والجميع يعرف هناك أن الخور لم يبنيه الا حضرمي والاستراحات شيدوها حضارمة ، والجامعات والمعاهد أقامها مستثمرين يجذبهم الحنين الى أرض إباؤهم وأجدادهم .. ولكن ما هي إنجازات دولة الوحدة وحكومتها .. أهي الأراضي التي ينهبها المتنفذين وقادة الجيش العتاة المرابطين هناك .. أهي الشركات الأجنبية التي تدمر ثروتنا السمكية هناك باسم تسهيل الاستثمار لتحرم أبناء المحافظة من أهم عنصر يعتمدون عليه في غذائهم .

ماذا سيقول في خطابه أمام أبناء شبوة ، المحافظة التي أحبها الله بثروة الغاز والنفط معا ومع هذا 90 في المائة من العاملين في الشركات الموجودة فيها عامليها من خارج المحافظة وأبنائها عاطلين عن العمل .. ماذا سيقول أن جاهره أحد العاطلين من ابناء المحافظة بحقيقة أن أحد المقربين من الرئيس يتحكم وعبر عقد احتكاري مع شركة توتال التي تبني مشروع الغاز هناك بتوفير الوظائف لها ، ولا يحق للشركة التوظيف من ابناء المحافظة الا عبر مكتبه في صنعاء .. ماذا سيقول الرئيس الأبناء شبوة الذي يتناحرون بفعل فتن السلطة ، وإحياء الثارات القديمة بين قبائلها بعد اندثرت تلك الثارات في زمن دولة الجنوب .. كيف سيدخل محافظة ومحافظها علي محمد المقدشي مطرود وممنوع من دخول المحافظة ، ليس بأوامر من فخامته بل من إحدى قبائل شبوة التي إستفزها استعلاء المقدشي على المحافظة وأبنائها .. ثم ماذا سيقول لمواطني المحافظة التي تعيش حرمان من الكهرباء ومستشفى المحافظة سرقت ميزانية بناؤه ومطارها مغلق ، وكأن شبوة تعيش وضعا استثنائيا بسبب ثروتها التي تدار من خارج حدودها ومن غير مشاركة أبنائها .

ماذا سيقول الرئيس عندما يصل الى محافظة أبين .. هل سيعزف على نفس أسطوانة 13 يناير 86 وتورط جناح ما كان يسمى بـ " الزمرة " ، وكيف سيقول ذلك ونائبه الذي سبقه للتحريض هناك لانتخاب الرئيس هو أحد أقطاب ذلك الجناح ، لا بل أن مقدم حفلات خطب الرئيس " أحمد ناصر الحماطي " الذي يجلجل بصوته في حفلات الدعاية الانتخابية لمرشح المؤتمر هو من أبناء المحافظة وزمرة سابقا ، ويمارس نفس الدور وبنفس الصوت ، وسبحان الله بنفس الحماس المصحوب بعبارات شعرية أيضا لتمجيد الأفراد ، وهو الذي كان يجلجل وبنفس القوة لقادة الحزب الاشتراكي في الجنوب من عبد الفتاح إسماعيل الى علي ناصر محمد وعلي عنتر في كل احتفالات الدولة الجنوبية .. هل سيهاجم الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد في عقر داره وسيتهمه بارتكاب المجازر في تلك الأحداث، وعدد من وزراء حكومته الحالية هم ممن يصفون بالزمرة.. كيف سيذكر أبنائها بمواقفهم الشجاعة في حرب 94 التي يسميها بأنها جاءت لتثبيت الوحدة ، وأحد القادة ومن هذه المحافظة " السفير أحمد عبد الله الحسني " قد كشف عند لجوؤه الى بريطانيا كشف أبعاد تلك الحرب ، ونأى بنفسه عن النظام الذي قاتل معه بعد أن رأى أن نتائج الحرب لم تكن كما أعتقد بأنها من أجل تثبيت الوحدة .. وماذا سيقول الرئيس لآلاف العسكريين من أبناء هذه المحافظة وأصبحوا مرميين في الشوارع " عمالة فائضة “.. هل سيفاخر بأكبر إنجاز حققه للمحافظة ببنائه أضخم سجن في اليمن وهو " سجن البحرين " في جعار ، بل هل سيفاخر الرئيس بأكبر سجن بناه المؤتمر الشعبي العام في اليمن في منطقة الكود في أبين وهو أضخم مبنى يقابل الزائرين القادمين من عدن مرحبا بهم في سجن اليمن الكبير ، بدلا عن مشاريع تمتص شباب عاطلين ، ومنهم الشباب الذين استدرجوا عبر قيادات عسكرية وأصولية في صنعاء لتشكيل منظمة الجهاد ، و الذين أستخدمهم النظام في صراعاته السابقة قبل وبعد حرب 94 ، حتى أستحدث " بدعة " حوار المجاهدين لإخراجهم من السجون ورميهم في الشوارع يواجهون مصيرهم بأنفسهم .

ماذا سيقول مرشح المؤتمر عندما سيخطب أمام أبناء محافظة الضالع ، هل سيكرر أنهم عبارات المديح لهم لوقوفهم ضد الزمرة في حرب 86 ضمن سياسة فرق تسد ، بعد أن ألتم شمل الجنوبيين من " الطغمة والزمرة " عبر حركة " لقاء المصالحة والتسامح " التي خرجت من جمعية ردفان الخيرية بعدن ، وأزعجت النظام الذي سارع الى إغلاق تلك الجمعية بدلا من تشجيعها على عمل إنساني نبيل كهذا يهدف الى طي صفحات وصراعات الماضي .. ماذا سيقول الرئيس أيضا لعشرات الآلاف من العسكريين الذين شكلوا من هذه المحافظة جيش الجنوب السابق ، وأصبحوا اليوم قوى فائضة وخارج المعسكرات المنتشرة فيها .. كيف سيخاطبهم عن الوحدة الوطنية وكل جنود وقادة الألوية والمعسكرات من غير أبناء الضالع .. كيف سيبرر غياب الخدمات الماء والكهرباء والدواء في مناطق المحافظة التي يهددها الجفاف .

 بالفعل لا ادري كيف سيواجه مرشح المؤتمر أبناء عدن عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الذين اصطفوا له على جانبي الطرقات في نوفمبر 89 ، وهم يهتفوا باسمه وباسم نائبه علي سالم البيض لشروعهما في تنفيذ خطوات عملية لتحقيق الوحدة بين الدولتين في الشمال والجنوب ، وأصبحوا يعيشون الواقع بكل مرارته ويقارنون بين وعود الأمس ومرارة المعاناة اليوم .. بين وجود الدولة قبل الوحدة وبين غيابها بل وانهيارها بعد حرب 1994 ..فلن ينفع المؤتمر ولا مرشحه كل الرسل التي أرسلها الى هناك لتمهد الطريق لجولة يعرف الرئيس صالح أنها الأصعب والأكثر مرارة من كل جولاته السابق .. جولة لا يمكن من خلالها الا ممارسة مزيدا من الوعود ومواصلة سياسة التضليل وإستجرار الماضي .

أعرف ويعرف أبناء عاصمة الجنوب ورمز دولتهم التي استدرجت الى وحدة حققها شرفاء الجنوب والشمال للتحول الى ساحة مستباحة للنهب والتدمير النفسي والاخلاقي ماذا سيقول الرئيس صالح هناك .. لن يزيد عن كل المغالطات التي يروجها إعلام حزبه .

ستقول قضينا على الانفصاليين ومؤامرتهم لتقسيم الوطن .. سنقول لا بل لقد قضيت على الوحدويين ودمرت حلمنا في وطن للجميع وزرعت الانفصال في نفوسنا بممارساتك وصقور الفساد في الحزب الحاكم .. ستقول إن هذه المدينة بنيناها واعدنا للمواطن فيها كبرياؤه.. سنقول لك أتينا بالدلائل بأن ماخريه خبرتك في عدن هي إنجازات حقا لحزبك .. 16 عاما من الوعود الكاذبة بتحويل عدن الى منطقة حرة وعاصمة اقتصادية لدولة الوحدة .. 16 عاما من تدمير منظم وطمس هوية عاصمة الجنوب باسم الوحدة .. 16 عاما على تأسيس حزب " خليك في البيت " أعضاؤه كبار المسئولين الذين أداروا وزارات الجنوب سابقا واستبدلوا بمسئولين من خارج المدينة بل وأقل كفاءة .. ماذا ستقول لنا وأنت وحزبك من وزع ميناء عدن على المتنفذين وأعد اتفاقية لبيع الأجزاء المتبقية منه لشركة وهمية بغطاء دبي .. ماذا ستقول لنا وقد نهب عسكركم على الأراضي وتفيدوا كل مباني ومؤسسات دولة الجنوب سابقا .. دمرتم أخلاق البشر بالفساد .. استبحتم واستوليتم وحزبك أملاك الدولة باسم الخصخصة .. نهب أنصارك وأعوانك مصفاة عدن وحولوها الى موقع لاستحلاب أموال عامة لجيوب خاصة .. ماذا ستقول لهم عن المستشفيات التي أفرغت من الدواء والعلاج الآدمي .. ماذا ستقول للأسر الذين فقدوا أولادهم هناك على يد عساكركم ولا يزال قاتل طفلة الخيسة يسار طليق حر .. عن أي أمن ستفاخر بعد أن أرهبت قواتكم هناك وزرعت الرعب في نفوس المواطنين ، وتحول الأمن الى جهة للابتزاز وترهيب السكان .. هل ستكرر ما قلته قبل 12 عاما بأن عدن ستستعيد موقعها على خارطة التجارة العالمية .. فلن يصدقك أحد والشواهد على الأرض تنفي خطاباتكم السابقة .. مطار عدن أغلقتموه وتحول الى أصغر من مطار داخلي .. الميناء دمرتم سمعته وصار العسكر يتدخلون في شؤون الإداريين فيه ، المحاميين الدوليين يعجون في الميناء لفض منازعات سببها احتجاز للسفن هدفه الإساءة الى عدن وميناءها العريق .. أشغلتم الناس في قضايا يومية ومتابعة راتب ومحاكم وحل منازعات ووووو ليتفرغ قادتكم العسكريين لأعمال البسط والنهب والاتجار بالأراضي .. ماذا ستقول وماذا ستكرر .. لم يعد أحد يرغب السماع لوعود كاذبة .. لقد سئم عبارات التخوين التي تطلقونها على قادة الجنوب السابقين ، وهم أصحاب المشروع الوحدوي وصناع الوحدة الحقيقيين .. وعن أي أحلام ستتحدث لاستعطاف المواطنين هناك .. ولكن ليثق مرشح المؤتمر بأنه لن تجد بعد ألان أذانا صاغية تستطيع أن تتقبل مزيدا من الوهم ومزيدا خطابات التضليل وقلب الحقائق ، لان الناس وبكل بساطة قد فقدت الأمل بالحياة وبالمستقبل وبالوحدة أيضا اذا بقي هذا الحزب " المؤتمر الشعبي العام " ومرشحه بعد 20 سبتمبر الجاري في السلطة .. فمرارة 16 عاما من الوحدة لن يمحيها من ذاكرة ووجدان الناس في الجنوب الا إزالة وإبعاد أسبابها ومسببيها .. و لتكون البداية من 20 سبتمبر القادم وعبر رجل نزيه وشريف ووحدوي وجنوبي أيضا .