الإضراب والعصيان المدني.. من سيتضرر من ذلك؟
بقلم/ همدان العليي
نشر منذ: 14 سنة و 11 شهراً و 6 أيام
الجمعة 18 ديسمبر-كانون الأول 2009 06:52 م

طالعتنا بعض وسائل الإعلام أخباراً مؤسفةً مفادها أن بعض سكّان وأصحاب رؤوس الأموال-تجار كبار أو باعة مُتجولين- الذين ينحدر أصلهم إلى المُحافظات الشمالية، قد نزحوا من بعض مديريات بعض المُحافظات الجنوبية بسبب المُضايقات التي تستهدفهم وتستهدف أنشطتهم التجارية، والتي تصدر من قِبل بعض أتباع ما يسمى بالحراك الجنوبي..

وحول هذا الأمر.. يصل الأمر ببعض شباب منطقة "ردفان" إلى التفاخر قائلين لثُلة من شباب عدن المُثقف: (ما عملتوا يا أصحاب عدن.. إحنا ما عاد بقّينا دحباشي في ردفان)..!

لا شك أن الُعقلاء من أبناء المُحافظات الجنوبية قبل الشمالية، يستنكرون هذه الأفعال ويستغربون هذا الأسلوب الأرعن في التفكير الذي جعل من بعض أبناء منطقة ردفان وبعض مناطق لحج بالتحديد يتفاخرون بمثل هذه الأفعال المُخجلة .!

ويبدو أن الحملة الإعلامية التي تبناها بعض المُجرمين في الخارج على مر السنوات الماضية، قد استطاعت أن تغسل أدمغة هؤلاء الشباب وتجريدهم من المبادئ الإسلامية والشيم اليمنية، وزرعت في عقولهم بدلاً عنها الكره والغل لكل شيء شمالي، فرجل الأمن "الشمالي" مُحتل، والتاجر الشمالي لص، والبائع المتجول الشمالي رجل مُخابرات، وسائق التكسي الشمالي يرفع سعر التوصيلة على الجنوبي، والمرأة الشمالية عاهرة ونشرت الفساد بين الجنوبيين-كما جاء في مقال لمريض من مرضاهم النفسيين- والكهل الشمالي سبب وجود الشاب الشمالي، والطير الشمالي مركِّب كمرات تجسس لصالح صنعاء، و"الزبيب" القادم من مزارع الشمال يُسبب عُقم للجنوبيين، والنسيم القادم من الشمال يحمل غازات سامة تقتل الجنوبيين فقط.. حتى وصل بهم الحال إلى عدم القدرة على التفريق بين أن يكون الرجل منهم لص يسطوا على حقوق الآخرين ويقتل، وبين أن يكون مُناضلاً.. ولا يفهمون بأن هناك فرق بين من يزرع الرعب في قلوب البسطاء والمساكين من الناس، وبين من يُطالب بالحقوق المشروعة..!!

بطبيعة الحال.. هؤلاء الغوغاء وقُطّاع الطُرق، لا يعلمون أنهم بأفعالهم التخريبية والترهيبية يضرون أنفسهم وأهليهم ومصالح السكان الأصليين لتلك البقع في تلك المُحافظات أيضاً..لأن هذه الأفعال الغير مسئولة والمرفوضة من العُقلاء في شمال اليمن وجنوبه وغربه وشرقه؛ قد تُجبر أبنا المُحافظات الشمالية الحرفي منهم والتاجر والبائع المُتجول والسائق والمُزارع وغيرهم؛ على مُغادرة هذه المناطق، في حين أن سكانها الأصليين في الغالب لا يمتهنون هذه المهن، ويعتمدون على القوى البشرية القادمة من مُحافظات الجمهورية الأخرى.. فإضافةً إلى عزل هذه المناطق عن باقي مناطق الجمهورية، تقوم هذه العمليات التخريبية بإضعاف أداء المنظومة لاقتصادية فيها.. فيقل البيع والشراء وتندر السلع والخدمات، ويخسر صاحب العقار-المؤجر- وتفشل المشاريع الاستثمارية الصغيرة، وهذا من شأنه يقلل من إجمالي دخل الفرد الذي لا يعمل في القطاع الحكومي في تلك المناطق، ولن تُلمس هذه الأعراض الجانبية لعملية التخريب والترهيب والفوضى دُفعةً واحدة، ولكن سيلمسها الناس-بالتحديد البسطاء والمساكين- تدريجياً.

من جهة أُخرى، يعمل قادة الحراك على تحريض الناس وإجبار بعضهم على عمليات الإضراب والعصيان المدني، وهذه الأفعال أيضاً لن تضر إلا البُسطاء، ولن توجع إلا الفُقراء من أبناء المُحافظات الجنوبية، لأنهم سيُجبرون على دفع الثمن مرتين، مرة بسبب الوضع الاقتصادي المُتدهور في اليمن، ومرةً ثانية عندما يحجمون عن الخروج للسعي خلف الرزق والقوت تلبية لمطالب قادة الانفصال في الداخل-المشايخ والسلاطين- الذين تكفيهم أموالهم ومزارعهم والحوالات الخارجية.. والمرتزقة في الخارج الذين يأكلون "الكبسة" و"البرجر".

نعم.. لن يتضرر قادة الحراك في الداخل كانوا أو في الخارج من عمليات الإضراب والعصيان المدني، في ذات الوقت لن ينجحوا في تأليب الرأي العام الدولي ضد الوحدة اليمنية بهذه الأفعال، لأن العالم يعلم مدى أهمية الوحدة اليمنية للمنطقة.. أيضاً يجب أن نعي بأنه لن يتضرر المفسدون في اليمن من هذه الأفعال، ولكن ضحايا هذه الأفعال هم: البقّال، والحدّاد، والبنّاء، وصاحب المطعم والبوفيه، وصاحب سيارة الأجرة، وصاحب الدراجة النارية، وغيرهم من الأفراد الذين يعتمدون على الأعمال الخاصة واليومية في جمع رزق أطفالهم.. فهل من مُتأمل؟ 

Hamdan_alaly@hotmail.com