عم عبدالملك الحوثي يعترف بالوضع الحرج الذي تعيشه قيادات الصف الاول ويحذر من مصير بشار الأسد العالم مدهوشا ... الكشف عن مقبرة جماعية تحوي 100 ألف جثة على الأقل بسوريا دولة عظمى ترسل أسطولاً بحرياً جديداً إلى خليج عدن لحماية سفنها التجارية لوكمان يتربع على عرش الكرة الافريقية أول تحرك عاجل للبنك المركز السوري لكبح انهيار الليرة منظمة الصحة العالمية تعلن للعالم.. الأوضاع شمال قطاع غزة مروعة أردوغان يكشف عن الدولة الوحيدة في العالم التي هزمت داعش على الأرض عاجل إجتماع رفيع المستوى مع سفراء مجموعة بي 3+ 2 وبحضور كافة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قيمتها 4 ملايين دولار.. ضبط كميات كبيرة من المخدرات كانت في طريقها لمناطق الحوثيين طهران تايمز تحذر الحوثيين .. أنتم الهدف الثاني بعد بشار الأسد
استحدثت الهيئة العليا لمكافحة الفساد وذلك بغرض القضاء على الفساد, وبخاصة في أوساط الحكومة والمؤسسات التابعة لها, وقد استبشر الخلق في الداخل والخارج بهذه الخطوة, للسيطرة على الفساد الذي يرافق تنفيذ الأعمال الحكومية بواسطة موظفين كباراً وصغاراً, حتى أضحى الهبش من المال العام إحدى علامات الفحولة والبطولة والشجاعة والذكاء, كما استبشر المجتمع الدولي الذي يشكو دائماً من أنالأموال التي يمنحها للحكومة يذهب جزء كبير منها إلى جيوب الفساد.
وقد تم تعيين الأستاذ أحمد الآنسي الذي شغل منصب وزير المواصلات, والذي حقق نجاحات كبيرة في عمله بهذه الوزارة, ويحظى بإجماع من السلطة والمعارضة على نزاهته وكفاءته, وسارت الأمور بصورة جيدة والجميع يشعر بأن هذه الهيئة ستحقق نجاحات سريعة في اكتشاف ومحاسبة المفسدين, وتوفير المتطلبات والأدوات والأساليب التي ستطرد الفساد من اليمن وإلى غير رجعة, وعندما تأخر حدوث شيء من ذلك, وبدأ اللغط بين المواطنين المحبين لبلدهم ووطنهم, تحدث رئيس الهيئة للصحافة, وطمأن الجميع أن العمل جارٍ على قدم وساق لتصحيح مكامن الخلل بصورة هادئة ومسؤولة, دون التسرع والوقوع في الأخطاء, التي يخشى في حال وقوعها أن تمس سمعة الهيئة وتقلل من حجم الدعم الشعبي والرسمي والدولي الذي تحظى به, وقد تفهم الجميع ما قاله وأبدينا إعجابنا الشديد بمنطقه السليم, وذلك بسبب أن الهيئة جديدة وتحتاج لفترة تأسيس, وتحتاج لاستقطاب موظفين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والحزم على المستوى الوطني, وتحتاج في بادئ الأمر إلى تجهيزات كثيرة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات, وحتى المبالغ التي تم صرفها لتجهيز الهيئة لم تفت من عزمنا كمواطنين في ترقب الخير والصلاح من هذه الهيئة وخاصة أن من يرأسها إنسان رائع ومتواضع ويصلي الصلوات الخمس في الجامع مع عامة الناس.
وقد تم تجهيز المبنى الذي يقع في شارع جمال عبدالناصر (المبنى القديم لوزارة التربية والتعليم),وتم صرف الملايين في تجهيزه حتى يليق بالهيئة التي ستوفر على الدولة ملايين الدولارات من تلك الأموال التي كانت تذهب إلى جيوب الفساد, وشعرنا بأن تلك التجهيزات والأثاث الغالية الأثمان هي أصول في ملكية اليمن وليست ترف وبذخ لا داعي له.
ومرت الأيام والشهور والسنون ونحن نسمع عن تزايد موظفي الهيئة وقطاعاتها ومكاتبها وسياراتها وميزانيتها وأثاثها ومصروفاتها, وشيئا فشيئاً تحلق حولها الذباب الذي لا يتجمع سوى في الولائم والحفلات التي تغلب على أكلاتها الحلويات ورغد العيش, ومع الوقت تسلل اليأس إلى قلوب المواطنين من خيرها.
لسنا بصدد توجيه مثل تلك الاتهامات التي تستمري توجيهها للحكومة "معارضة شركة الأشخاص" التي شكلها معارضي اليمن, ولسنا ببغاوات تردد ما تدبجه هذه الجماعة المتطرفة التي تسمي نفسها المشترك لأننا نعلم تمام العلم بحقيقتهم وبأهدافهم التي لا تخرج عن أهداف شركة تجارية تسعى إلى التربح والمكاسب الشخصية, ونحن لسنا معهم على طول الخط ولسنا ممن يصدقون فبركاتهم الإعلامية وأخبارهم المزيفة وصياح من يكتب منهم عن الفساد ويبالغ فيه وهدفه ليس الفساد وإنما رأس الحكومة والكرسي المذهب الذي تصور عليه الرئيس على عبدالله صالح إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ولكننا مع ذلك لسنا ممن يصف الحكومة بأنها "الحكومة الرشيدة" وعن مسؤوليها بأنهم ملائكة الرحمة والريح المرسلة.
فالمشترك - نعي وكل أبناء الشعب أنها - جمعتهم المصلحة وستفرقهم القيم والأفكار والأهداف والتنشئة المتباينة, وعن الحكومة نعلم تمام العلم بأنها حكومة ضعيفة ليس لديها رؤية وأن هناك ممن يعملون فيها لا تهمه سوى المصلحة الشخصية, ولكننا نطمئن إلى من يعمل منهم بصمت في سبيل خدمة أبناء الشعب ورفع معاناته والارتقاء به وهم أغلبية, ونطمئن بوجود الرئيس على عبدالله صالح على رأس سدة الحكم كرئيس منتخب ويحظى بالإجماع الشعبي.
وفي الهيئة العليا لمكافحة الفساد مثل واضح على جدية الرئيس "والحكومة" على محاربة الفساد وتجفيف منابعه, ولكن كل ذلك كما نرى لا يعدو أن يكون مجرد أمالاً وأحلاماً, فالفساد هو الفساد والديمة هي الديمة, فلم نسمع عن انجازات للهيئة سوى مطالبتها موظفي الدولة بالإقرارات المالية وحصر ممتلكاتهم, ومن حين لآخر يتم الإعلان عن رقم محدد من الموظفين الذين لم يسلموا إقراراتهم, والى هذا الحد فالهيئة محلك سر, فيما عدا استكمال التجهيزات والمكاتب والحواسيب المكتبية والمحمولة والتلفونات الحديثة وشاشات البلازما والمسطحة والثلاجات المكتبية وهلم جرا, وقد حدثني أحد الزملاء الأساتذة في جامعة حكومية بأن موضوع أطروحة الدكتوراه خاصته كانت عن برنامج محاسبي يهدف إلى مكافحة الفساد أو المراجعة, يمكن استخدامه في السيطرة والرقابة على الأموال العامة, وعندما ذهب للهيئة ليعرض عليهم خدماته بصورة مجانية لم يجد منهم سوى استقباله في أكثر من مكتب فخم وشرب العصير.., وخرج وهو متشائم بخصوص الوضع وما يحدث داخل هذه الهيئة.
من جهة أخرى نراقب بشيء من الفخر والاعتزاز جهود نيابة الأموال العامة التي استرجعت مليارات الريالات وملايين الدولارات من جيوب المفسدين واتخذت إجراءات قوية تجعلنا نعيد التفكير في مدى جدوى بقاء هيئة مكافحة الفساد في ظل تواجد نيابة الأموال العامة والجهاز المركز للرقابة والمحاسبة.
إن نيابة الأموال العامة هي جهة رسمية وقانونية وذات تاريخ حافل في مقاضاة وفضح الفساد وليس المفسدين, بدليل استرجاعها لمليارات من الأموال دون أن نعثر على مفسد واحد ذو رأس كبيرة تجعل المواطن يحس بالاطمئنان إلى مستقبله ومستقبل أولاده, ولكنها في جميع الأحوالأحسن بكثير من الهيئة العليا لمكافحة الفساد التي يقول عنها معارضوها وهم كثر بأنها أُنشئت فقط تلبية لمطالب المنظمات والدول المانحة, بدليل أنها حتى الآن توجه عنايتها للخارج وتعمل كعلاقات عامة للحكومة لتجميل الصورة التي نقر بضرورة تجميلها أصلاً بعد التشويهات التي تلحقها بها المعارضة المشتركة غير الوطنية وغير المسؤولة, ولكن غرض إنشاء الهيئة منذ تأسيسها كان محدداً بالقضاء على كل مظاهر الفساد في أجهزة الدولة وتحقيق العدالة والكفاءة في الأداء, وهي مهام ضخمة وليست بحاجة إلى أن تحيد عن هدفها وتتحول إلى مجرد علاقات عامة للحكومة أمام الخارج, في حين أن الحكومة في أمس الحاجة إلى نجاحات الهيئة وانتصاراتها على المستوى الداخلي حتى تستمد منها مشروعية بقاءها.
للأردن تجربة فريدة في محاربة الفساد, وهي إنشاء قسم لمكافحة الفساد ضمن جهاز المخابرات العامة, وقد حققت التجربة نجاحات فريدة, وتم فضح الأسماء والرؤوس الكبيرة دون الحاجة إلى بناء المباني وتوفير التجهيزات وتوظيف المئات من الموظفين وصرف الميزانيات الضخمة لهيئة مستقلة مثلما هو الحاصل لدينا, وقد حققت الأردن- التي هي لا شك من أفضل الدول العربية في الإدارة الحكومية - نجاحات كبيرة من حيث تجفيف منابع الفساد من جهة, وتشغيل أفراد المخابرات لما فيه المصلحة العامة ومصلحة الأردن بدلاً من أن يضيعوا أوقاتهم في كتابة التقارير وتدبير النكايات وإزعاج المواطنين والصحفيين.
ونحن هنا نتمنى على الهيئة العليا لمكافحة الفساد أن تعلم أن انتظارنا لها قد طال,وأنها لم تكن على مستوى التحدي, وأنها بإمكاناتها الحالية تستطيع عمل الكثير لو توفرت النيات الحسنة ونفذت تعليمات رئيس الجمهورية الذي بح صوته وهو يدعو إلى عدم التهاون مع المفسدين والى تجفيف منابع الفساد, ولكن الهيئة لم تنفذ من توجيهات الرئيس شيء, ولم تطالعنا بانجازات تحلل لهم مصروفاتهم الضخمة, ولم ينفذوا من توجيهات فخامة رئيس الجمهورية سوى ما صدر عنه أثناء زيارته الأخيرة لمحافظة حضرموت الوادي, حيث دعا رئيس الجمهورية –استجابة لمقترح من أحد المواطنين- إلى إنشاء فروع للهيئة في المحافظات, وفي هذه المرة حصلت المعجزة فقد تحركت الهيئة في نفس الليلة لتكوين اللجان التنفيذية لذلك, ولم تمر ساعات حتى كان لديهم تصور للإمبراطورية الجديدة التي سيؤسسونها في المحافظات, والهدف معروف..., مزيد من المصروفات والأموال والأثاث والسيارات والتجهيزات وكلها لن يكون لها أي هدف سوى ترسيخ هذه الهيئة وزيادة مشروعية بقاءها وتضخم بنود ميزانيتها, وبدلاً من تقليل الترهل الذي تعاني منه أجهزتنا الحكومية فهيئة مكافحة الفساد ستسهم في استفحاله, ولك الله يا وطن.
abdtwaf@hotmail.com
*أستاذ مساعد ادارة الاعمال بكلية التجارة - جامعة عمران