آخر الاخبار
جودة التعليم بين أطروحات التعليم العالي وطموح الطلاب
بقلم/ عبدالباسط نعمان الشاجع
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 9 أيام
الخميس 13 مايو 2010 04:41 م

"جودة التعليم" هو مستقبل بلد ما وهو الذي يحدد مستقبل الوطن لذلك توليه الدول والحكومات المتقدمة عناية وأهمية خاصة وكلما كانت الشعوب مدركة أهمية " جودة التعليم " ودوره في التنمية والاستقرار وواعية بحقوقها الدستورية كلما ازدادت هذه الأهمية لدى الحكومات الأمر الذي يدفعها إلى تطوير العملية التعليمية وخلق شراكة وطنية مع مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات العلمية والفكرية والاجتماعية وذلك للخروج برؤية وطنية تمكن المجتمع دون استثناء من الحصول على القيمة الكاملة للتعليم " جودة التعليم " ليس مبنى وكتاب ومدرس فقط بل هو أسلوب حياة وطريقة تفكير " جودة التعليم " ليس أطروحات ولا تصريحات ولا حبر على أوراق ولا أوراق تذهب إلى الأدراج بل هو حركة تغييريه حقيقية في عمق التعليم تبدأ من بوابة الجامعة وتنتهي برئاسة الجامعة تعمل على بناء قاعدة تنموية متينة وسليمة تلبي متطلبات ومتغيرات العصر والتعليم في بلادنا خاصة يحتاج إلى جودة عالية ومن هذا المنطلق عقدت وزارة التعليم العالي في الأيام المنصرمة مؤتمراً تحت شعار"تحديات جودة التعليم العالي والاعتماد الأكاديمي في دول العالم الثالث" ولكن هناك وقفات حاسمة حول ما يسمى "بالجودة" فحكومتنا تريد جودة في التعليم وإحداث تغيير لأنها ترى وجود أزمة وفجوة كبيرة داخل التعليم لكن لا تريد الاعتراف بهذه الأزمة وأيضاً فهي تعلم أن الإنفاق على التعليم تجاوز4% من إجمالي الميزانية العامة ومع ذلك فان ناقوس الخطر يدق بارتفاع معدلات الأمية والبطالة والفقر وغيرها من الأزمات المتفاقمة.

ولكن كيف يريدون جودة في التعليم وفي كل جامعات اليمن نسمع باستمرار أن طالبا تعرض للظلم والقهر فإما يرسب أو يفصل أو يحرم لخلاف شخصي أو لانتمائه السياسي.

كيف يريدون جودة في التعليم وما تزال أموال الجامعات الحكومية تصادر وتنهب وتصرف للسفريات والسياحة بمصادرها المختلفة"الإعتمادات الحكومية- إيرادات النظام الموازي- الرسوم والأنشطة- إيرادات الدراسات العليا- المنح الدولية" وغيرها من الموارد بالريال وبالدولار.

كيف يريدون جودة في التعليم والنظام لا يهتم بالطلاب ولا يعرف عددهم؟ يعرف أهمية الكدم ولا يعرف أهمية القلم يزور المعسكرات يوميا ولا يزور الجامعات حتى كل خمسة أعوام، يحضر حفلات التخرج في كلية الشرطة ولا يكلف نفسه حضور حفل تخرج طلاب الطب والهندسة أو الشريعة والإعلام وغيرها مع أنهم يعلموا أن الطلاب هم أصحاب المشروع الحضاري وهم خلاصة المجتمع وقادة البناء والمستقبل.

كيف يريدون جودة في التعليم وحقوق الطالب ما زالت مصادرة والتعامل معه حسب انتمائه السياسي وإفشال الأنشطة الطلابية الخاصة وعرقلة المهرجانات والفعاليات وإغلاق لمكاتب الإتحاد واعتقالات واختطافات وسجون وتهديد بالقمع والإغتيالات والتصفية الجسدية ومصادرة لوائح وأدبيات طلابية واعتداءات بالضرب والشتم وحجز وتحقيقات وإشهار للسلاح في وجوه الطلبة من قبل ما يسمى أمن الجامعة.

كيف يريدون جودة في التعليم وما زالت هناك مبان قديمة متهالكة تكاد تسقط على رؤؤس الطلاب وقاعات بلا ميكات مليئة بالأتربة مزدحمة بالطلاب وفي القاعة الواحدة 250 طالباً وطالبة ومن يصدق فبعض الكليات فيها 500 طالب وأكثر, وكليات تنقصها معامل ومعامل بلا موارد وكوادر مرورا بالمنهج المهدد بالتحديث.

كيف يريدون جودة في التعليم ورؤساء الجامعات الحكومية هم أنفسهم رؤساء لفروع المؤتمر الشعبي العام داخل الجامعات ومعظمهم ينتمون للأجهزة الأمنية مما أدى إلى تحطيم حاضر ومستقبل التعليم وتحويل الجامعات الرسمية إلى أوكار حزبية ضيقة .

كيف يريدون جودة في التعليم وبعض الجامعات الأهلية لا تستطيع أن تقول عنها جامعة فهي عبارة عن بيت وفيه مجموعة من الغرف ومن ثم تعلق لافتة ويسمونها جامعة.

ماذا تريد الحكومة من "جودة في التعليم" وكل هذا غيض من فيض من الانقلاب على العملية التعليمية داخل بلادنا، ماذا تريد الحكومة من"الجودة", فربما تعني لهم الجودة بممارسة التجهيل وإعداد خطة إستراتيجية لذلك، وما تفشي الأمية والجهل رغم الجهود ووجود الميزانية العملاقة للمؤسسات التعليمية مقارنة بما تقوم به من أداء اليوم عنها ببعيد, وربما تعني لهم الجودة شل العملية التعليمية من عمقها وجذورها إلى مستنقع للنهب والسطو والتسييس، وما شدة الفقر والجوع والتفنن في ممارسة الفساد ومصادرة حق الطالب الجامعي عنها ببعيد.

هل هذا ما يعرفون عن مصطلح الجودة وهذه كلها أطروحاتهم حسب ثقافتهم ونظرتهم إلى الوطن بعين "الفتك والاستبداد" ولكن ما تعني لنا الجودة في التعليم تختلف تماما عن نظريات "الجودة السلطوية" فجودة التعليم تعني لنا عدم عودة التخلف من جديد في التعليم والعودة إلى ما قبل الثورة تعني إعداد أجيال تعمل بقدراتها ومؤهلاتها لتلبي حاجات المجتمع والعمل على رسم خطة مدروسة شاملة تنطلق من أهداف تربوية لتعزز الثوابت الوطنية والقيم الأخلاقية والدينية وجودة التعليم تعني لنا الكثير من النهوض بالعملية التعليمية وتطوير العلاقة بين التعليم والتنمية كعلاقة متوازية وغيرها وهذا ما يوافقني عليه الاتحادات الطلابية وهذا ما يسعى إليه الاتحاد بعمق ودراسة وعلاقة الجودة بالاتحاد علاقة حميمة ومتينة فالجودة عندهم هي الحصول على تعليم جيد بمعايير عالية ومشتملة على جميع العناصر من أساتذة ومناهج دراسية ومكتبات ووسائل تعليمية وكافة متطلبات البيئة التعليمية الحديثة وحصول الطالب على الرعاية والخدمات والدعم المادي والمعنوي وحق الطالب في الإسهام في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وحقه في إبدآء الرأي في التقييم والتغيير وحق الطالب في سلامة شخصيته وحقه في المشاركة في إعداد وصياغة السياسات والقوانين واللوائح المرتبطة بشؤونهم الطلابية وغيرها فعلى كل حال لابد من الخروج عن نطاق الأقوال والأطروحات إلى ميدان الممارسة والتغيير والعمل على تفعيل أوراق المؤتمرات والندوات وإخراجها من الأدراج إلى ساحة التطبيق والعمل، وطموحات الاتحادات الطلابية لابد أن تظل وتستمر وليس هناك طموح فقط بل يصاحبه عمل وجهد ومقارعة الفساد لنيل الحقوق وتحقيقها على أرض الواقع لتكوين بيئة تعليمية ناجحة.