قناة عدن اليمانية.. هل تنتظر دعم البيض؟
بقلم/ رياض الأحمدي
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 28 يوماً
الأحد 19 سبتمبر-أيلول 2010 11:00 ص

قبل حوالي عامين كنت في القرية في اللواء الأخضر (إب)، بدون رسيفر، ولم يكن أمامي سوى التقليب بين قناة "اليمن" (الأولى)، وقناة "يمانية" (عدن)، وبدا لي وكأن "يمانية"، وهي الأكثر مهنية، لا تزال تعمل بأجهزة قديمة ولم تواكب بعد، التقنيات الحديثة..

وفي أبريل العام الجاري، قمت بزيارة لتلفزيون عدن، والتقيت خلالها العديد من الزملاء والمسؤولين في القناة، وتحدثت معهم حول أوضاع القناة، واكتشفت لحظتها صوابية ما ذهبت إليه قبل عامين، وتفاجأت بضيق المبنى ووضعه الداخلي، الذي لا يتلائم مع أي إدارة حكومية حديثة، فما بالك بقناة اليمن الثانية "عدن".. الذي لا تمتلك حقيبة حالياً حقيبة إخبارية واحدة، بينما تلفزيون "صنعاء" مشترك بـ12 حقيبة اخبارية..

وعلى خلاف أي انطباع تخرج به بعد زيارتك لأي مؤسسة حكومية في اليمن ، من فساد وعراقيل ... الخ، ستتعرف في تلفزيون "عدن" على كوادر وطنية قمة في المهنية والإخلاص والعمل رغم كل الظروف.. وسوف تسأل نفسك: لماذا لا يكون المدير العام الفلاني في قناة عدن "وزيراً للإعلام"؟ أو لماذا كان حسن اللوزي وزيراً للإعلام؟.. لتعرف حينها ماذا تعني الحقيقة المرة المتمثلة في أن "اليمن الموحد لم يحصل على قيادة بحجمه"..

والعبارة الأخيرة قالها لي أحد الأساتذة والكوادر الوطنية في القناة أثناء محادثة عبر الانترنت (ماسنجرية) نهاية العام الماضي، جرى فيها نقاشا مطولا حول أوضاع اليمن المختلفة.. وبعد أخذ ورد، قال لي: أتعرف ما خلاصة المشكلة اليمنية؟ قلت: ماذا؟ قال: "اليمن الموحد لم يحصل على قيادة بحجمه".. وأدركت حينها أنه اختصر على الجميع من معنيين وباحثيين، أزمات اليمن وتفاصيلها الدقيقة بهذه العبارة.

وبالعودة إلى زيارة قناة "عدن"، سوف تتحدث مع الموظفين عن قصص ومحاولات فاشلة وناجحة للاقصاء والتوقيف وتدخلات "صنعانية" من قبل بعض أيادي السلطة.. ومعارك صاحبت تشعيبات "السلطة" في تغيير اسم القناة.. ولا ترقيات ولا حوافز.. وتبدو الطاولة الذي تجرى فيها المقابلات التلفزيونية وكأنها استعيرت من إحدى البوافي المجاورة..

موظفو القناة أكدوا أن هذا الوضع المزري والإهمال الحكومي كان أسوأ بكثير، بل أن القناة كادت أن تكون شبه منتهية، قبل تولي الأستاذ والإعلامي القدير عبدالغني الشميري رئاسة المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون.. إذ لم تكن قناة "عدن" تصل حتى إلى محافظة لحج المجاورة لولا "عبدالغني الشميري"، الذي أحدث نقلة نوعية للقناة تمثلت في إيصالها إلى كل محافظات الجمهورية.. ويصاحب ذكرهم لعبدالغني الشميري ومنجزاته التي لم تكمل بعضها، جراء صعود حسن اللوزي وزيراً للإعلام.. "تنهدات" معبرة عن حزنهم لرحيله، و"رضي الله عنه".. وأشياء أخرى.. تجعلك تحترم هذا الرجل.. وتصل إلى حقيقة مرة جديدة.. وهي "أن الوطن مليء بالرجال، لكنهم لم يصلوا، وبعضهم وصل وتم إبعاده"

إنها قناة "عدن" التي يجري عليها مخططو السلطة الفاشلة تجاربهم ومخططاتهم الوحدوية المؤدية حقيقة إلى الانفصال.. فتارة يغيرون اسمها إلى "22 مايو" دعماً لوحدة 90! وتارة يسمونها "يمانية" ليثبتون أن مدينة "عدن" جزء من اليمن!.. متناسين أن عدن هي الوحدة وهي اليمن، قبل ميلاد التاريخ، وقبل أن يصبح انفصاليو الأمس وأدعياء الوحدة اليوم ولاة عليها، وعلى إنسانها الطاهر "الحبّوب".. وأن الوحدة لم تصب بجروح خطيرة إلا لأنهم أصبحوا ولاة على اليمن الموحد.. وأي وحدة ستكون، إذا كانت شعاراً للمفسدين..

ومؤخراً وبفضل الانفصاليين الذين أطلقوا قناة فضائية باسم "عدن" من لندن، عاد لقناة "عدن" اسمها، ووجهت الحكومة ببثها على القمر الصناعي الأكثر انتشاراً "نيل سات"، ولولا الحراك لما كان ذلك.. وما ذكرني بكتابة هذه المادة الآن بعد شهور من الزيارة، هو أن "القرية" نفسها أثناء عيد الفطر المبارك، مكنتني من الوقوف مع قناة "عدن" ووجدت الفارق الحقيقي في إمكانياتها، مقارنة بالقنوات اليمنية "اليمن"، "سبأ"، "سهيل"، و"السعيدة"..

هذه قناة "عدن" جرح من جروح الوحدة الخطيرة، بانتظار نقلة جدية تليق بتاريخها وبكادرها بالتزامن مع خليجي 20.. وإلا فإن الزعيم الوحدوي علي سالم البيض سيتولى ذلك بنفسه بعد أن أصبح زعيماً لـ"لانفصال"، وربما أن السلطة تنتظر عودة بريطانيا لتقوم بتطوير القناة التي أنشأتها منتصف القرن الماضي.. وعندها سيقال "الاحتلال البريطاني" افضل من "الاحتلال اليمني" بكثير!.