مبادرة الرئيس حل ثالث والحوار من اجل التغيير
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
الإثنين 14 مارس - آذار 2011 03:04 م

"الصمت عار.. الخوف عار.. من نحن؟! عشاق النهار..

نبكي، نحب، نخاصم الأشباح... نحيا في انتظار

سنظل نحفر في الجدار.. إمّا فتحنا ثغرة للنور.. أو متنا على وجه الجدار

لا يأس تدركه معاولنا ولا ملل انكسار

إن أجدبت سحب الخريف.. وفات في الصيف القطار".

حذر الكثير من العقلاء في هذا البلد من خطورة استخدام ورقة الشارع وتجييش الناس مع أو ضد في بلد يعرف الجميع تركيبته السكانية القبلية وتنوع الولاءات. ونبهوا إلى أن ذلك سيؤدي إلى الانزلاق نحو العنف ولن يستطيع فرقاء العمل السياسي السيطرة على الشارع إذا انفلت، وما يجري في أمانة العاصمة والمحافظات يظهر بجلاء أن بوادر انقسام حاد في المجتمع مع أو ضد بدأت في البروز بشكل واضح فقد بدأت قرون الشيطان تطل من خلال استخدام العنف بأشكاله المختلفة في بلد ينتشر فيه السلاح في كل بيت وهيبة الدولة فيه غائبة من زمان.

وبرغم أن المبادرات والدعوات إلى الحوار والتحذيرات من عدم الوصول إلى حلول سيؤدي إلى تفجر الوضع في اليمن، لكنها تقابل بالرفض تارة بأنها لا تلبي مطالب الشارع وتارة بأنها متأخرة وكانت مقبولة قبل شهرين أو ثلاثة وهي مبررات غير منطقية وتؤدي إلى مزيد من التصلب وتعلن صراحة تمسك طرفي النزاع بوجهتي نظرهما وشعارهما منطق المتعصبين "حبتي والا الديك" وهناك إصرار عجيب على دفع البلاد نحو الهاوية وكأن لسان حالهما يقول سنتحارب والمنتصر يحكم، وهذا لعمري منطق يكشف تخلف وهمجية وعنف من يفكر فيه فاليمن ليس ملكية حصرية للطرفين المتنازعين اللذين يعملان على تجييش أبناء الشعب مع أو ضد استعداداً لجولات قادمة من الصراع الذي لن يبقي ولن يذر.

ومهما جرى الحديث عن حالة التثوير التي يعيشها الشارع وتجاوزه لطروحات المبادرات المطروحة فإن الجميع سلطة ومعارضة متواجدون في الشارع وإن قيل إن شباب الثورة مستقلون ولا علاقة لهم بالأحزاب لكن أغلبية المتواجدين في الشارع حزبيون في السلطة والمعارضة أو أنصار لهما، واستمرار المواجهات بين شباب الثورة والمعارضة ومن انضم إليهم من الناقمين والطامعين بكراسي الحكم من جهة وبين أنصار الرئيس من الحزب الحاكم وقيادات الدولة والحكومة والشخصيات العامة والمشايخ من جهة أخرى، سيؤدي إلى تفجر الأوضاع وانزلاق البلاد نحو العنف مهما قيل من مبررات تارة باسم حماية المتظاهرين وتارة أخرى باسم حماية الممتلكات والسكينة العامة والمحافظة على السلم الأهلي، في الأخير كل ذلك يصب في تثوير نصف الشعب اليمني ضد نصفه الآخر ودفع الجميع إلى الاحتراب.

وتمسك طرفي النزاع بوجهتي نظرهما لحل الأزمة ينذر بتصعيد خطير لا تحمد عقباه الأمر الذي دفع المجتمع الدولي إلى إطلاق تحذيراته والتعبير عن قلقه من خطورة انزلاق الأوضاع في اليمن نحو العنف بعد سقوط عدد من القتلى والجرحى وارتفاع منسوب الاحتقان وزيادة لغة التهديد والوعيد، واللجوء إلى استخدام القوة في مواجهة الإعتصامات والتعبير عن الرأي، فهذا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يبدي قلقه "الشديد" حيال تدهور الوضع في اليمن ورافق ذلك دعوات واشنطن وموسكو وباريس والاتحاد الأوربي بضرورة الحوار والتوصل إلى حلول للأزمة اليمنية وقد أشاد الجميع بمبادرة الرئيس الأخيرة واعتبروها تقديم تنازلات مهمة ينبغي على المعارضة الاستجابة البناءة لها.

والقراءة الهادئة لمبادرة الرئيس الأخيرة التي أعلنها في ملعب الثورة بصنعاء بعيداً عن التمترس وراء المواقف المتصلبة مع أو ضد التي تفقد صاحبها الحصافة والإنصاف تجعلنا نقول إنها قدمت حلاً ثالثاً بديلاً عن الرحيل فوراً والرحيل بنهاية الفترة الرئاسية 2013 ومضمون الحل الثالث يركز على انتقال صلاحيات الرئيس بنهاية 2011 وبداية 2012 إلى حكومة منتخبة بعد تعديل نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني وبقية النقاط مكملة لهذه النقطة وتخدمها، بمعنى أوضح قال الرئيس إنني بمجرد تعديل نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني أكون قد بدأت أهم خطوات الرحيل من الحكم وهذا في تصوري يفتح الباب لحوار من أجل التغيير بين السلطة والمعارضة بمشاركة كل مكونات المجتمع اليمني ولا يتناقض مع مطالب الشارع بالرحيل ويلبي شروط التغيير وانتقال السلطة سلمياً ويوفر ضمانات حقيقية للطرفين، أما منطق "ارحل وبس واللي يحصل يحصل" في بلد شعبه مسلح ومنقسم الولاء بين السلطة والمعارضة معناه الحرب والدمار وتشظي البلاد، فأين عقلاء اليمن يلتقطون اللحظة التاريخية ويقنعون الطرفين المتنازعين بالقبول بمبدأ مناقشة مبادرة الرئيس وتطويرها إن كانت تحتاج للتطوير ووضع الآليات الكفيلة بتنفيذها لتجنيب اليمن ويلات الصدام بعد أن استطاع الطرفان إحداث انقسام حاد في المجتمع ولم يتبق سوى إشعال الفتيل.

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد!